تعريف الميزانية التشاركية

المصطلح الرسمي للميزانية التشاركية

يعتبر مفهوم الميزانية التشاركية ، من المفاهيم التي يختلط بها التعريفات التي تتعلق بـ

الفرق بين الموازنة والميزانية

، فهناك مصطلحين أساسيي في القواميس الأجنبية ، التي تقوم على الفارق المفاهيمي بين كل من مفهوم ” الميزانية budget ” ، وبين مفهوم الموازنة budgeting ، حيث يتم الاشارة إلى هذا المفهوم المرتبط بالميزانية التشاركية في الأدبيات الأجنبية على أنه  participatory budgeting.

وربما يكون ترجمته هو الموازنة التشاركية التي ترتبط بوضع خطة قائمة على تقدير المواد المتاحة في المنظمة ، أو الشركة ، ومن ثم تصبح على المستوى الكلي في علاقة المواطن بالحكومة ، هو مشاركة المواطنين في تقدير الخطة المالية للشركة ، إلا أن هذا لا يعبر عن التعريف الاصطلاحي للميزانية التشاركية التي تقوم على مشاركة المواطنين ، كجزء من العملية الديمقراطية ، وبالتالي سيصبح المصطلح الرسمي بالأجنبية للميزانية التشاركية هو participatory budgeting ، وليس العكس .

مفهوم الميزانية التشاركية participatory budgeting

يتساءل البعض حول تعريف ، و ماهية الميزانية التشاركية ، وتاريخ ظهور هذه الكلمة ، التي تحوي في الشق الثاني منها ” كلمة ” التشارك ، أو المشاركة ، والمشاركة هنا مختلفة الأبعاد ، وذلك باختلاف البيئات التي تظهر بها ، فإذا كنا نقصد الحديث عن مصطلح ، الميزانية التشاركية في شركة ما ، إننا نعني مشاركة أفراد الإدارات المختلفة في هذه الشركة ، لوضع تقدير طويل الأجل حول الموازنة التي تقوم على التقدير ، أو الميزانية التي تقوم على تحديد حجم الأصول بعد خصم المستحقات المطلوب دفعها ، وتحديد أصول أرباح وحقوق المساهمين.


كما يؤكد المتخصصون ، على أن عملية الميزانية التشاركية قد أصبحت بمثابة موضوعًا أساسياً ، مطروح على طاولات المناقشة الأكاديمية في مجالي السياسة ، والإدارة المحلية ، وصنع السياسات العامة ، فهو عبارة عن مجالًا هامًا ، يستدعي الابتكار ، من اجل تحقيق الديمقراطية والتنمية المحلية ، وإذا أردنا الحديث عن الميزانية التشاركية في المجال السياسي ، فإننا معنيين بالأساس بالحديث عن مشاركة المواطنين مع الحكومة ، تحت سقف الديمقراطية.

ومما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق ، أن مفهوم الميزانية التشاركية ، قد أصبحت عملية منتشرة بشكل كبير ، في مؤسسات الدولة ، و مشروعات الديمقراطية ، فقد أصبح تفعيل هذا المفهوم أمراً واقعياً ، في بعض الدول التي تنتهج الديمقراطية ، و هي عملية تحقق اندماج المواطن مع الحكومة ، لمعرفة كافة المعلومات التي تتعلق بمشروعات الدولة ، و ل

تعريف ميزانية الدولة ومبادئها

، وخططها المستقبلية لتنفيذ المشروعات ، واستغلال الموارد العامة ، التي تعتبر في الأساس ملكاً للشعب ، حيث يتم تثبيت دعائم الديمقراطية في الدولة ، من خلل تفعيل عمليات الميزانية التشاركية في المجتمعات المتقدمة.[1]

أساسيات ومبادئ الميزانية التشاركية

تقوم الميزانية التشاركية على مجموعة من الأساسيات ، والأصل في هذا العملية أنها مرتبطة بعملية صناع السياسات العامة ، التي تخص المجتمعات ، وتخدم مصالح المواطنين في الدول ، فهي تعتبر بمثابة أداة إبداعية ، يشترك المواطنين بها بشكل مباشر ، مع الحكومة المفوضة بتخصيص الأموال العامة ، حيث تتم هذه العملية على مستوى الإدارة المحلية ، في كل محافظة ، أو مقاطعة ، وفق مطالب السكان في كل محافظة.

وهي باختصار تقوم على طلب حكومات المدن ، من المواطنين الانخراط في تحديد المجالات التي تظهر بما مطالب واضحة للجمهور ، و رصد مجموعة القضايا ، و المشكلات ، و التحديات التي تهم المواطن في هذه المحافظة ، مع مراقبة أفضل الفرص التي يمكن للمواطنين في هذه المدينة ، أو المحافظة كسبها في ميزانيتها المالية ، يما يلبي مطالبهم الملحة.

والجدير بالذكر أن مختلف الأدبيات التي ناقشة موضوع الميزانية التشاركية ، قد أرجعت أصول هذا المفهوم إلى ظهوره للمرة الأولى في البرازيل عام 1989.

حيث قامت الحكومة البرازيلية في تلك الفترة ، بتفعيل هذه العملية ، وتنفيذها من قبل المجالس المحلية ، ثم أعقب ذلك انتشار فكرة الميزانية التشاركية من قبل غالبية الحكومات ، حيث ظهرت أكثر من 1500 ميزانية تشاركية ، إلى أن تم اعتمادها كأداة أساسية ، يتم تفعيل أدواتها ، وخطواتها على نطاق واسع في كل دول العام.

حيث جاء الهدف من هذه العملية ، ليس فقط لترجمة مبادئ الديمقراطية على أرض الواقع ، ولكنها تمنح المواطنين فرصة حقيقية ، للتعبير عن رأيهم في تشكيل ، وصياغة السياسات المحلية ، وتقوم الحكومات المحلية بعدد من الخطوات التي يتم من خلالها ، تفعيل علميات الميزانية التشاركية في البلديات ، التي تقوم على هدفين هما معالجة المدخلات ، و تنفيذ النتائج ، حي تتواجد حوالي ثماني خطوات أساسية ، لتحقيق الميزانية التشاركية التفاعلية.

تطبيقات الميزانية التشاركية حول العالم

تحقيق تمكين المجتمع من أكثر الآليات التي سعت إليها بعض الحكومات في الدول الافريقية لتعزيزها هي توطيد العلاقة بين المواطن الافريقي وبين الحكومة الافريقية ، من خلال تحقيق النهج التشاركي بين الطرفين ، وقد اتضح ذلك بتجلي في آلية ” الميزانية التشاركية ” التي نفذتها بلدية بيلينجانا ، الواقعة في منطقة سيغو في مالي ، حيث قامت البلدية بتحقيق نهج الإدارة الشاملة من خلال الميزانية التشاركية منذ عام 2014 ، بقيادة ديابات مامو بامبا ، التي منحت على إثرها جائزة في النسخة الأولى من مسابقة الشفافية لبرنامج الحكم المحلي (PGLR) في مايو 2018.


قامت حكومة بينالولين ، وهي بلدية تنتمي إلى دولة تشيلي ، بتفعيل عملية الميزانية التشاركية ، عبر دمج نحو 24450 مواطنًا ، في عمليات تحديد أهداف ، ومطالب البلدية التي ينتمون إليها ، لاقتراح المبادرات المحلية ، وذلك بما يتيح تخصيص الموارد في الموازنة التشاركية ، وتحديد أولويات السياسات العالمة على المستويات الاجتماعية ، فضلاً عن تحقيق معيار الشفافية للجمهور ، الذي يحق له التعرف على كل المعلومات في مجال مراقبة الإنفاق العام ، و لذلك ، يمكن القول أن الميزانية التشاركية هي عبارة عن أداة فعالة ، لتعليم ، و اشراك المجتمعات على مستوى الإدارة المحلية.

كما تجدر الإشارة إلى أن عملية الميزانية التشاركية ، التي تتم على مستوى المحافظات ، والقرى ن والمدن ، والتي تعتبر قابلة للتفعيل على المستوى المحلي ، إلا أنها تظهر صعوبات بالغة إذا ما أردنا تفعيلها على المستوى الأكبر ، الذي يمثل للمدن الكبرى ، أو العاصمة ، لكن بالرغم من ذلك يمكن ادرجات الحكومات المحلية في تنفيذ هذه العملية على المستوى الكلي ، حيث يمكن لأي حكومة محلية الانضمام إليها ، ويتواجد حوالي 250 مدينة تطبق عملية الميزانية التشاركية ، و المبادرات الجديدة الحالية ظهرت في مناطق متعددة حول العالم مثل بيرو والإكوادور ، و كولومبيا ، و دول المخروط الجنوبي ، وكذلك في بعض المدن الأوروبية.[2]