ما هي خصائص مدرسة أبولو

ما هي مدرسة أبولو

حدث خلاف بين جماعة الأحياء وجماعة الديوان، خلف خصومة كبيرة ومعركة أدبية في أربعينات القرن الماضي، وكان بداية المعركة أن عارض المازني والعقاد ديوان عبد الرحمن شكري الملقب بأزهار الخريف وحدثت الفرقه عام 1918، ولم يبقى في الشعراء الديوانين أي أصحاب الدواوين سوى العقاد، وبدأ العقاد في مراحل متأخرة أن ينفذ ما كان ينتقده في الماضي من رثاء ومدح وشعر المناسبات وغيره، وفي نفس الوقت كان المحافظين أو الأحياء في تجمدهم الشعري[1].

مما استدعى في تلك المرحلة إلى الخروج من الجمود الذي عند المحافظين، والمبالغة الذهنية المتواجدة في أشعار الديوانين، بإنشاء مدرسة شعرية جديدة، تسمى مدرسة أبولو لمؤسسها أحمد زكي أبو شادي، وضمت المدرسة العديد من الرواد القدامى الذين يعتبروا من مؤسسين المدرسة، وهم محمود عماد وكامل كيلاني ومحمد عبد المعطي الهمشري وإبراهيم ناجي ومحمود طه.

سميت مدرسة أبولو بهذا الاسم إلىة إله الأغريق أبولو، والتي كانت تعرف بالفلسفة والتمسك بالمبادئ والأخلاق والتمسك بالقيم والمبادئ، فأبولون هو إله الجمال عند اليونانين.

وأهتم شعراء مدرسة ابولو بالتعبير عن ذاتهم وتصوير مشاكلهم وهمومهم، فكانت أشعارهم وكتاباتهم، دائماً ما تعبر عن الحياة التي يحيوها والمشكلات التي يعاصروها، كما أن الأشعار بدت وكأنها ندب وتألم على الواقع والحاضر الذين يحيوه، ليس فحسب بل كان لتجاربهم العاطفية نصيب كبير من الكتابة الشعربية، حيث إن مدرسة أبولو تميل إلى المدارس الرومانسية، التي تهتم بالعاطفة.

أهتمت مدرسة أبولو في المقام الأول بالشعر الوجدان والشعر الصوفي والشعر الذي يصف الطبيعة والأشعار الفلسفية، فكانت تجربة مميزة من الاشعار، وضمت المدرسة العديد من الشعراء المميزين ومن بينهم محمد عبد المعطي، وعلى العناني، وكامل الكيلاني وصلاح أحمد إبراهيم، وصالح جودت.

تأثرت مدرسة أبولو بشكل كبير بأدب المهجر، حيث أطلقوا العنان والخيال لأنفسهم فتغنوا بالأشعار التي تمس الوجدان، كما أنهم تأثروا بالأشعار الرومانسية الغربية، وهو المؤسسين الحقيقفين للرومانسية العربية بشكلها الخاص المتعرف عليه الأن في الأدب العربي، وكان من أهم دوافع تكوين مدرسة أبولو الحاجة لدم جديد في الشعر العربي بعيد عن الجمود أو شعر المناسبات.

أهداف مدرسة أبولو

سعت مدرسة أبولو لتحقيق مجموعة من الأهداف السامية، وكانت على مستوى رفيع جداً في تقديم الشعر ولوحظ

الفرق بين مدرسة الديوان ومدرسة أبولو

، وتمثلت تلك الأهداف في[2]:

  • هدفت مدرسة أبولو لوضوح الأفكار، وقرب الفكرة من اللفظ.
  • هدفت لمنح الشعراء الحرية الكاملة، حيث من حقه أن يطلق العنان لنفسه وروحه لكي يبدع، فالشعراء كالعصافير من حقهم التلحيق بحرية.
  • سعت مدرسة أبولو بتشجيع جميع التخصصات الفنية في كافة الأتجاهات الفنية.
  • هدفت لإطلاق أشعار تنبع من الوجدان، يتوفر فيه الحرية والإخلاص.
  • محاربة التمذهب وتؤيد التمرد على القوالب الفكرية.
  • الأرتقاء بمستوى الشعر والأدب، واستحداث أساليب جديدة في الشعر والكتابة.
  • الابتعاد عن الجمود والكلكات الحادة مثلما كان الأمر عند المحافظين.

الخصائص الفنية لمدرسة أبولو

هناك العديد من الخصائص التي ميزت مدرسة أبولو، وتمثلت تلك الخصائص في[3][4]:

الميل للألفاظ الخفيفة

ميزت مدرسة أبولو الميل إلى الكلمات الخفيفة الناعمة، مبتعدة عن اللفظ الحاد والكلمات الثقيلة، حيث كان من مبادئها الرغبة في أختيار ألفاظ خفيفة لها واقع حسن على المسامح وتتميز بنطق موسيقي مميز، مبتعدة عن صخب الالفاظ الصعبة والكلمات المعقدة.

التعبير المصور للوصف والأحداث

تميزت مدرسة أبولو برغبتها في البساطة والوضوح في توصيل المعنى، ويتراوح التصوير في المعنى بين القوي والبسط، ومن أمثلة ذلك قول احمد ذكي أبو شادي” هيفاء ينبض بالملاحة جسمها، فترى الحياة من الثياب تطل”.

من خصائص مدرسة أبولو التجريد

ويقصد بالتجريد هو تحويل الأشياء المحسوسة أو الملوسة المادية إلى أشياء معنوية، من خيال الشاعر وعمق شعوره، ومن أمثلة ذلك قول الشاعر محمد حسن إسماعيل”كأنها والدجن يلهو بها، أمنية في يأسها فانية”، وهو يصف شمعة غرفته.

من خصائص مدرسة أبولو التعاطف الشديد مع الأشياء

حيث يصل الأمر إلى الأمتزاج بالأشياء والوحدة معها، والتفكير من خلالها فيجعل الأشياء تنوب عنه، ومن أمثلة ذلك قصيدة للصيرفي يتحدث فيها عن عقب السيجارة، ويجسد مآساتها، وكأنه وضع نفسه مكانها، في حالة عجيبة إذ يقول

  • في الأرض ملقاه مذهبة، هذي البقية من سجارتها
  • منبوذة كانت مقربة، من ثغرها تفني لسلوتها
  • كانت تؤانسها فتخلق من، موج الدخان عوالما شتى
  • كانت تؤانسها فتعبث من، قبر الحياة حوادثا موتى

سعت مدرسة أبولو إلى تجسيد الأشياء

يقصد به تحويل الأشياء المعنوية بدلاً من المجال التجريدي إلى مجال مادي ملموس ومحسوس، غذ يهتم بنقل نبض الحياة للأشياء، وجعلها أكثر حيوية لكي يبرز المعنى ويجمله، ويقول في هذا المجال ناجي إبراهيم

  • ذوت الصبابة وانطوت، وفرغت في آلامها
  • عادت إلى الذكريات بحشدها وزحامها

حيث جعل الصبابة تنطوي وتبسط وكأنها كائن حي، والذكريات بث فيها الروح لتكون قادرة على تحريكه.

بثت الروح في الجمادات وشخصتها

منحت مدرسة أبولو للأشياء الجامدة الحياة، وجعلتها تستطيع التعبير عن نفسها ووصف من تمر به، كما سمحت بالحرية لجميع الأشياء فلم تتجسد الحرية في كلماتهم وأفكارهم فقط، بل في الأشياء التي ناقشوها وتحدثوا عنها فيقول الهمشري

  • صور المغربي الذكي رباها، فهي تحكي مدينة الأحلام
  • ووراء السياج زهرة فل، غازلتها اشعة في المساء

استخدام المجاز الحديث

في الماضي كان يستخدم الأدباء المجاز المبني على العلاقات التي تعرف عن البلاغيون،  ولكن في هذا العصر استخدم الأدباء بالتوسيع الكبير بشكل أبداعي ومبتكر، فبنيت المعاني على الحربة في التعبير والطلاقة البيانية الشديدة.

ظهور النزعة الرومانسية عند شعراء مدرسة أبولو

يشبه لحد كبير شعر أبولو الشعر القديم، الذي كان أساسه عند الكلاسيكيون من الاغريق، وكان شعر يتميز بالفصاحة في التعبير والألتزام بالقواعد الأدبية واللغوية، وتمثلت الرومانسية في الأدب عند أبولو في :

  • وصف الطبيعة والأهتمام بالريف والبيئة.
  • الخروج من العالم المادي إلى العالم المثالي، وترك الواقعية.
  • اختيار البساطة مقابل الكلمات المعقدة، كما أن البساطة كانت منهج لديهم في كل شيء، في الذوق والكلمات والتعبير ووصف الأشياء.
  • تحطيم القيود والتوابيت القديمة والميل للتجديد واستخدام قواعد فنية جديدة.

وصف الطبيعة والبيئة الساحرة

ركز شعراء مدرسة أبولو بوصف البيئة وجمالها، والبعد عن جمود المدينة، فركزوا في وصف الخضرة والسماء الصافية التي يبدوا عليها الريف الساحر، والحياة البسيطة، التي كانت تشبه فكر شعراء أبولو.

الأهتمام بالوحدة العضوية للقصيدة

أهتم شعراء أبولو بالوحدة العضوية للقصيدة، والانسجام الموسيقي وهذا احد طبائع الشعر الرومانسي عند الغرب، وكان من الواضح بشكل كبير تأثر شعراء مدرسوى أبولو بالأدب الغربي، وشعراء الاغريق القدامى.

التخلص من القوالب الشعرية التقليدية

مال شعراء مدرسة أبولو إلى الكلمات البسيطة والأشعار الحرة التي تكون من وحي تفكير الكاتب، فحرص الشعراء على أن تكون الكلمات بسيطة ناعمة، تلمس الأشخاص وتصل للقلوب، فعمل رواد مدرسة أبولو على توضيح المعاني ببساطة شديدة، متخلين عن القوالب التقليدية المعقدة القديمة ، على عكس

مدرسة الديوان

.