أين تقع مدينة ” مدين “
موقع مدينة مدين
أن المشهور عن أرض مدين قوم سيدنا شعيب علي نبينا وعليه السلام ، فقد قال أهل العلم عنها بأنها تقع في منطقة يطلق عليها اسم البدع [1] .
وقد جاء في كتاب رحلات في بلاد العرب لعاتق البلادي ، عن موقع مدين فلا يوجد خلاف بأنها تقع بغرب تبوك التي تقع بين خليج العقبة وبينها .
وإن كان المقصود مدينة شعيب فهي معروفة بوقتنا الحالي باسم البدع ، وهي تبعد عن تبوك مسافة مسافة 220 كم، وقد يصل لبينهما طريق معبد .
وإذا كان يقصد ديار القبيلة فإن الموقع وحدوده يؤثر فيه القبيلة وما يرتبط بها من انتشارها وتقلصها ، وإن ثبت أنهم ينتمون لجذام فهي ممتدة بساحل البحر لقرب تبوك ، وهي تقرب من ضبة جنوبا لشرارة شمالا .
وقد ذكر سامي المغلوث بأطلس تاريخ الأنبياء والرسل ، بأن الله بعث النبي شعيب عليه السلام في قوم مدين بشمال غرب الحجاز بمنطقة البدع .
أما في المختصر عن أنساب الأنبياء فيرى الأستاذ محمد الخياري بأن معان بالأردن هي التي تخص المساكن لقوم مدين أما في جغرافية القصص القرآني لمحمود قاسم فرأى فيه هي أن البدع العاصمة لمدين ، ويتفق هذا الرأي مع ما ذهب له أغلبية المؤرخين .
وقد جاء في كتاب في شمال غربي الجزيرة للعلامة حمد الجاسر ، بأن الأيكة التي جاءت في كتاب الله تعالى فهي تبوك التي غزاها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، بأخر الغزوات التي قام بها وأهل تبوك يعرفون ذلك ، وإن كان لا يوجد بكتب التفسير ذلك .
ويقولون أن الأيكة فهي غيطة ملتفة حول الأشجار وجمعها أيك ، ويراد بأصحابها ( الأيكة) هم الأهل لمدين وتبوك ومدين يجاور بعضهما البعض ، ولا يزال الاسم للأيكة يطلق على واد بروافد عفال بمنطقة مدين وهي مغايرة لشعيب كمل في قصة
اصحاب الأيكة
.
من هم أهل مدين
يقول الحق تبارك وتعالى في سورة الأعراف أية ( 85 إلى أية 95)
بسم الله الرحمن الرحيم
أما أهل مدين فهم قوم عرب يسكنون في مدينة بأرض معان ، وهي بأطراف الشام ناحية الحجاز ، وهي تقع بالقرب من بحيرة قوم لوط ومدين هي القبيلة التي عرفت بهم ، وهم بني مدين بن مديان بن ابراهيم الخليل [2] .
والنبي شعيب هو من بعث فيهم وقد آمن سيدنا شعيب عليه السلام بنبي الله إبراهيم عليه السلام ، أما أهل مدين فهم كانوا كفار يقومون بترويع المارة ويقطعون السبيل ، وكان يعبدون شجرة من الآيك وكانت تعاملاتهم سيئة للغاية فكانوا يغشون الميزان .
فأرسل الله تعالى نبيه شعيب عليه السلام لهدايتهم ، من حيث عبادة الله تعالى وحده والنهي عن المنكر ، ولكن قليل من آمن منهم وأكثرهم كانوا كافرين فحل بهم بأس الله تعالى عليهم .
وقد حذرهم نبيهم عن الاستمرار في أفعالهم السيئة ، فيمحق الله تعالى البركة التي في أيديهم، ويفتقرون بعد غناهم بالإضافة إلى عذاب يوم القيامة وظل ينهاهم عن المنكر ويعنفهم .
ولكنهم استهزئوا بدعوة نبيهم لعبادة الله تعالى ، ورفضوا أن يتركوا ما كان يعبد أسلافهم الأقدمون وأن يتركوا المعاملات السيئة التي يقومون بها ، وكان سيدنا شعيب يتلطف بهم ويدعوهم لعبادة الله تعالى .
رحلة سيدنا موسى إلى مدين
أن الله تعالى يخبرنا بقصص الرسل مع قومهم، وحال الكافرين والذين آمنوا ونجاتهم ، وتلك الأخبار لأصحاب العقول الواعية وأصحاب الفهم الصحيح .
وجميع أخبار القران يجب أن نصدقها لأنه من عند الله تعالى وأن كتاب الله ليس به أي كذب أو اختلاق وجميع الكتب السماوية هي من عند الله وحده تعالى [3] .
وفي أحد الأيام استغاث رجل من بني إسرائيل بسيدنا موسى عليه السلام ، على عدو بقوم فرعون ولكن سيدنا موسى عليه السلام قام بوكز الرجل ففاضت روحه .
وكان هذا الفعل آثم للغاية عند فرعون ومن واله ، لأن الشخص الإسرائيلي حقير بالنسبة لهم وهم مستعبدون ومذللون .
وهذا الفعل يعتبر تحدي لفرعون وقومه لذا أتفق قوم فرعون بعد موافقة فرعون على قتل موسى ، ولكن الله تعالى كان يحفظ النبي موسى عليه السلام منذ أن ولد .
فقدر أن يكون هناك رجل يأتي لسيدنا موسى عليه السلام لينصحه ، ويخبره بضرورة ترك البلدة لأن القوم يريدون قتله ، وأن هناك خطورة كبيرة حال عدم مغادرته .
فأضطر سيدنا موسى عليه السلام في أن يغادر بلده مصر الذي تربى ونشأ فيها ، وكان حال سيدنا موسى عليه السلام مثل حال باقي الأنبياء من حيث أن يضطروا لمغادرة بلادهم ، وسيدنا إبراهيم عليه السلام كان قد هجر من أرضه .
وسيدنا موسى عليه السلام فقد هاجر إلى مدين وأخرى قد هاجر للطور ، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد ترك وطنه وذهب للمدينة ، وهكذا كان حال الأنبياء وهددوا جميعا بإخراجهم من بلادهم .
وكان خوف سيدنا موسى في ترك بلده هو خوف طبيعي وفطري ، فذهب سيدنا موسى عليه السلام إلى المكان البعيد في مدين وهي قارة أخرى غير قارته تقع بين الشام والحجاز ، وكان في رحلته ليس لديه سوى ورق الشجر .
ولكنه استسلم إلى أمر الله تعالى فسلمه ربه في الطرق الصحراوية في رحلته البعيدة وما فيها من الصعاب وكان فرعون وجنوده يطاردونه ويبحثون عنه بكل مكان ،ولكن الله تعالى مد له يد النجاة والعون .