هل تعلم “من هم المؤلفة قلوبهم ؟”

من هم المؤلفة قلوبهم

هل تعلم إن لفظ المؤلفة قلوبهم يُطلق على الأسياد والكبار في القوم الذين يُتقى شرهم بإعطاء الزكاة، أو هم من يُرجى إسلامهم، أو يهدف بعطيتهم الزكاة أن يتم تأليف قلوبهم ولتقوية إيمانهم، لأن


على من تجب الزكاة


، فهي تجب على عدة أصناف من الناس ومنها المؤلفة قلوبهم ويهدف إعطائهم الزكاة للأسباب التالية:

  • إما لدفع أذاهم عن الناس.
  • أو لتقوية إيمانهم.
  • أو أن تكون الزكاة عون على أخذها من الذين يمتنعون عن دفعها.[1]

حكم إعطاء المؤلفة قلوبهم

إن من


أوجه صرف الزكاة


هي إعطاء المؤلفة قلوبهم حيث أنها من مصارف الزكاة الثمانية، وإن حصتهم باقية إلى يوم القيامة فلا تُسقط ولا تُلغى، وتكون حسب الحاجة والمصلحة، ويُعمل بهذه الزكاة حيثما وُجدت وحسب الحاجة التي تدعو إليها، فهذا ما يقره المذهب الشافعي ومذهب الحنابلة بالإضافة إلى مذهب الظاهرية والمالكية، ونسبة إلى هذا تم صدور قرار المجمع الفقهي بهذا الخصوص التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ومن الأدلة :


  • في القرآن الكريم

    فقد قال الله سبحانه وتعالى:(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، وهذا دليل على أن المؤلفة قلوبهم من


    شروط وجوب الزكاة


    حيث أنه لا يجوز ترك النص إلا بنسخ، وإن النسخ لا يتم إثباته بالاحتمال ولا يمكن أن يكون إلا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس في زمن انتهاء زمن الوحي.

  • من السنة الشريفة

    فهذا دليل عن رسولنا الكريم فعن صفوا قال:

    ((واللهِ لقدْ أعطاني رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ما أعطاني، وإنَّه لأبغضُ النَّاسِ إليَّ، فما برِح يُعطيني، حتى إنَّه لأحبُّ النَّاسِ إليَّ )، وعن أنسِ بن مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((ما سُئِل رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم على الإسلامِ شيئًا إلَّا أعطاه. قال فجاءه رجلٌ فأعطاه غنمًا بيْن جَبلينِ، فرجَع إلى قومِه، فقال: يا قومِ، أسلِموا؛ فإنَّ محمَّدًا يُعطي عطاءً، لا يخشَى الفاقةَ).
  • وفي حالة أنه إذا أُعطي الرجل حتى يحفظ بدنه وحياته، ولكن إن إعطائه ليحفظ دينه وإيمانه يكون أولى من الحالة الأولى.

وإن في العادة ما يهتم بدفع الزكاة هي الدولة أو أهل الحل والعقد أي هم من يملكون القدرة على تحديد الحاجة لتأليف القلوب في الدولة، وكان رسولنا الكريم قد أعطى بعض المشركين المؤلفة قلوبهم، ولكن إن الفقهاء قد اختلفوا في حكم الزكاة في حق المؤلفة قلوبهم وخاصة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.

من هم المؤلفة قلوبهم في سورة التوبة

فقد تم ذكر على من تجب الزكاة في القرآن الكريم وقد تم بيان هذا الأمر في سورة التوبة فقد جاءت الآيات الكريمة بقول الله سبحانه وتعالى: ۞ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، وهنا نجد التفاسير التالية لهذه الآية الكريمة كما يلي:


  • تفسير الطبري

    تجلى في أن أهل التأويل قد اختلفوا في صفة الفقير والمسكين فقال بعضهم الفقير ألا وهو المحتاج المتعفف عن المسألة أما المسكين فهو المحتاج السائل، أما المؤلفة قلوبهم فهم القوم الذين كانوا يُتألفون على الإسلام والذين ممن لم تصح نصرته، أي استصلاحاً به نفسه وعشيرته، مثل أبي سفيان بن حرب والأقرع بن حابس بالإضافة إلى نظرائهم من رؤساء القبائل، وهم قوم كانوا يأتون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقد أسلموا وكان رسولنا الكريم يقدم لهم الصدقات فإذا أعطاهم منها منها خيراً فقالوا هذا دين صالح ولكن إن كان غير ذلك عابوه وتركوه.[2]

  • تفسير السعدي

    قال أن المؤلف قلبه هو السيد المطاع في القوم، والذي يرجى إسلامه أو يخشى شره، أو ممكن أن يرجى بعطيته قوة إيمانه لهذا يعطى ما يحصل به التأليف والمصلحة.

  • تفسير ابن كثير

    فإن المؤلفة قلوبهم في تفسير ابن كثير هو أنه إما يُعطى ليسلم مثل صفوان بن أمية عندما أُعطي من غنائم حنين وقد كان شهدها مشركاً، ومنهم من يعطى ليحسن إسلامه وليثبت قلبه على الإيمان، ومنهم من يُعطى لما يرجى من إسلام نظرائه، ومنهم من يكون الهدف في إعطائه هو ليجبي الصدقات ممن يليه أو ممكن أن يكمن السبب حتى يدفع عن حوزة المسلمين الضرر من أطراف البلاد.

  • تفسير البغوي

    الذي قال إن المؤلفة قلوبهم هم قسم مسلم قد كانوا قد دخلوا في الإسلام ولكنهم لم يلبثوا عليه لهذا أعطاهم الرسول صلى الله عليه وسلم من الزكاة حتى يؤلف قلوبهم مثل الأٌقرع بن حابس، أما القسم الثاني قد أسلموا وثبتوا على الإسلام ولكنهم كانوا رؤساء على أقوامهم مثل عدي بن حاتم فالهدف من إعطائهم هو لتحبيبهم بالإسلام، أما القسم الثالث فهم المسلمون يكونون بإزاء قوم الكافرين أي في موضع بعيد لا تستطيع الجيوش الإسلامية أن تطالهم وهم لا يجاهدون مع المسلمين لأسباب تخصهم.

  • تفسير الرازي

    فقد نقل الرازي عن ابن عباس أن المؤلفة قلوبهم هم كبار القوم الذين تم إعطائهم الزكاة من قِبل الرسول الكريم يوم حُنين، وهم خمسة عشرة رجلاً حتى يرغبون ويحبون الإسلام وتقوى قلوبهم، وقيل بأن كان السبب في إعطائهم هو استخراج الزكاة من غيرهم.

كم عدد الصحابة المؤلفة قلوبهم

إن من الصحابة المؤلفة قلوبهم والذين أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم من الزكاة التي تجب عليهم هم :

  • أبو سفيان بن حرب من بني أمية .
  • الحارث بن هشام  وعبد الرحمن بن يربوع من بني مخزوم.
  • صفوان بن أمية من بني جُمَح.
  • سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى من بني عامر بن لؤي .
  • حكيم بن حزان من بني أسد بن عبد العزى.
  • سفيان بن الحاربن بن عبد المطلب من بني هاشم.
  • عيينة بن حصن بن بدر من بني فزارة.
  • الأقرع بن حابس من بني تميم .
  • مالك بن عوف من بني نصر.
  • العباس بن مرداس من بني سليم.
  • العلاء بن حارثة من بني ثقيف.

فإن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام قد أعطى كل رجل منهم مائة ناقة ماعدا عبد الرحمن بن يربوع وحويطب بن عبد العزى فقد أعطى كل واحد منهم خمسين ناقة، ونجد أن عدد الصحابة المؤلفة قلوبهم هو 13 صحابي.[2]

أقسام المؤلفة قلوبهم

إن المؤلفة قلوبهم يقسمون إلى قسمين هما:


  • الغير المومنون

    وهم الرؤساء في أقوام الكافرين من ذوي السلطة حيث أنهم لهم الهيبة ويُخشى منهم على المسلمين من أن يتسببوا بأذيتهم في حال عدم إعطائهم، فيتم إعطائهم من هذا المال أو الغنائم حتى يكف شرهم عن المسلمين.

  • المؤمنون

    ويتم تقسيمهم إلى أربعة أنواع :

    1. السادة المطاعون في الأقوامو هم حديثي الإسلام و الذين لم يقوَ إيمانهم، لهذا تُدفع لهم الزكاة بهدف تقوية إيمانهم.
    2. رجال ذو سيادة وقيادة في أقوامهم حيث أنه إعطائهم الزكاة تكون بهدف ترغيب الكفار والمشركين أن يدخلوا في الإسلام.
    3. النوع الثالث هم من يُقصد بتأليفهم واستمالتهم حتى يجاهدوا الكفار الذين يجاوروهم ويعملون على تأمين الحماية للمسلمين.
    4. تُعطى الزكاة للمؤلفة قلوبهم بهدف أن يعملوا بجباية الزكاة وخاصة من الذين لا يقومون بتأديتها.[3]