أنواع القلوب في القرآن
القلوب في القران
لم يترك القرآن الكريم في ثنايا آياته المباركة ، موضوع ، أو مجال ، أو شيء ، غلا وخصص الله لها ذكر في متن آيات السور ، و أكثر ما اهتمت به الشريعة الإسلامية ، هو القلب ، مصدر الإيمان ، والتي حدد الله لها أنواع متعددة في كتابه المبارك ، ليصف أنواع البشر ، وسماتهم ، و أخلاقهم . و يسعى هذا المقال إلى عرض
أنواع القلوب
، وسمات البشر الذين يحملون هذه القلوب ، وقد ذكر القرآن الكريم القلب عدة مرات ، ولهذا يحتم التساؤل حول
كم مرة ذكر القلب في القرآن
.
كما تجدر الإشارة إلى أن الله تعالى لم يرد ذكر القلب في القرآن بمعنى العضو الأيس في جسم الانسان ، ولكن التفسير القرآني في بلاغته ، والتي تتحقق من خلال الاستعارات المكنية ، تفسر في بعض الآيات القلب على أنها ” النفس ، وفي آيات أخرى تفسر على أنها ” الروح ” .
القلب المنيب
أناب تعني رجع إلى الله ، وأخلص العبادة له ، ولهذا السبب ذكر الله القلب المنيب ، الذي يتصف صاحبه بكثرة الرجوع إلى الله ، وهم أقرب إلى من وصفهم الله تعالى بأصحاب النفس اللوامة ، التي أقسم الله تعالى بها في كتابه الكريم ، وهذا القلب دائما ما يحاسب صاحبه ، وإذا قام بمعصية ما ، رجع وتاب ، ورجع و أناب ، ولهذا السبب أطلق القرآن الكريم عليه بالقلب المنيب . كما في ذكر الله تعالى في سورة ” ق” في الآية رقم 33 في قوله تعالى ” مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ” . [1]
القلب المخبت
يرجع أصل صفات هذا القلب إلى كلمة ” خبت ” وهو مخبت ، بمعنى اطمئن ، وسكن ، وبالتالي يكون سمات القلب المخبت هو القلب المطمئن ، وتكون سمات هذا القلب خضوعه ، وامتثال لأموار الله جل وعلا ، وتسليمه بالقدر خيره وشره ، ولا يكون من صاحبه إلا الرضا ، بل تمام الرضا ، بما قدره الله من بلاء ، حيث يكون مطمئن لما كتبه الله وان كان شراً ، فيصبر ، ويحتسب ، و يكون طمأنينته نابعة من قول الله تعالى ” كن فيكون ” .
القلب المطمئن
ذكر الله تعالى في متن ذكره الحكيم ، القلب المطمئن ، و وهو يتشابه في سماته من القلب المخبت ، لكن القلب المطمئن هو القلب الذي يطمئن لسبب ، وهو ذكر الله ، وهي حالة القلوب التي شغلها الهم ، والغم ، والحزن ، ومن ثم يكون ذكر الله هو الشافي لها ، و مرحلة القلب المطمئن هي مرحلة مستمرة ، يكون صفة القلب الاطمئنان الدائم ، لكن القلب المطمئن هي الحالة التي تحدث بعد مسبب وهو ذكر الله تعالى ، حيث ذكر اله تعالى في كتابه ” ألا بذكر الله تطمئن القلوب ” .
القلب السليم
كلمة سليم ، أصلها من ” سلم ” ، والسلم بمعنى الصحيح ، الخالي من أي عيوب أو شوائب قد تضر به ، أو تخل به ، وكذلك في وصف الله تعالى للقلب السليم ، و أصحاب القلب السليم ، ويصف الله تعالى
علامات القلب السليم
، حيث يكون هؤلاء ذوو قلوب نقية ، خالية من صفات النفاق ، والتي ورد ذكره في الآيات رقم 87 إلى 89 من سورة الشعراء ” ولا تُخْزِني يومَ يُبْعَثُونَ يومَ لا يَنفَعُ مالٌ ولا بَنونَ إلاّ مَن أتى اللهَ بقلبٍ سليم “.
حيث يفسر الله تعالى في متن هذه الآية أهمية القلب السليم الذي ينجي صاحبه يوم القيامة ، ويؤكد أن المال ، و البنون لا ينفعون أصحابه ، وأن القلب السليم هو منجاة للمؤمن ، حيث يكون هذا القلب خالياً من الشرك ، خالياً من النفاق ، خالياً من كل الصفات التي تهلك صاحبها ، وتؤدي به إلى نار جهنم . وأن صلاح القلب ، وسلامته يكون من صلاح الجسد كله ، وصلاح المجتمع بأسره ، حيث أقرت السنة النبوية في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ” أن في القلب مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ” . [2]
القلب المريض
القلب المريض هو العكس تماماً من نوعية القلب السليم ، فالسلامة تعني الصحة ، و خلو القلب من كل الصفات السيئة مثل النفاق ، و الشرك ، وغيرها ، وعندما يتصف قلب الشخص بالمرض ، فهذا يعني اعتلال القلب ، بسبب احتوائه على النفاق ، والصفات السيئة ، التي تؤدي به إلى سلوكيات يرفضها الدين ، حيث أكد الله تعالى في كتابه على نوعية هذا القلب قائلاً جل جلاله ” فيطمع الذي في قلبه مرض ” .
القلب الأعمى
الأعمى هو الكفيف الذي لا يبصر ، وعندما شبه الله في كتابه القلب بالعين التي لا تبصر ، كان المقصد منها هو البصيرة ، وهو عمق المعنى الذي أوضحه القرآن الكريم ، وهو اعجاز البلاغة ، حيث يصف الله تعالى بعض البشر ، بأن لهم قلوب عمياء ، فقد يكونوا مبصرين ، لكن قلوبهم عمياء ، ولا بصيرة لهم ، وإن كان لهم بصر ثاقب ، و البصيرة دائما تشير إلى بعد النظر ، والحكمة التي يتحلى بها الشخص ، حيث يرى أشياء على حقيقتها دون أن يدرك البصر نفسه هذه الحقائق .
القلب الغليظ و القلب القاسي
هناك فرق بين معاني القسوة ، و الغلظة ، و الفظاظة ، حيث أن القسوة معناها الشدة ، والشدة تعني الصلابة ، وهو ما يدل على شدة ، و صلابة الشيء ، وعندما يتصف القلب بوجود القسوة ، وذلك وفق ما أكد عليه ابن منظور فإنه يكون في هذه الحالة خالياً من معاني الرحمة ، و العطف . وهناك بعض الاراء التي أكدت على أن القلب القاسي ربما يجمع بين الشجاعة وبين القسوة.
في حين يشار إلى الغلظة بأنها عكس الرقة ، وهي خلو القلب من الاشفاق ، و عدم انفعاله إلى الخير ، كما أكد الشوكاني على أن معنى الفظاظة من باب فظ ، تعنى القسوة في الكلام ، وقد فسرها الفيروز آبادي بأن الفظ هو سيء الخلق ، غير أن جميع هذه المعاني و إن اختلفت لغويا في تحليلها ، فهي كلها تؤكد على شيء واحد ، وهو أن القلب عندما يتواجد به هذه الصفات التي تم ذكرها ، فإن ذلك يعني بأن صاحب هذا القلب لا يكون رحيما ، و لا يكون حسن التعامل مع غيره ، ولا يكون من المندفعين الى عمل الخير ، ويكون من حولهم بعيدين تجنباً من الاصطدام في التعامل معهم ، حيث أكد الله تعالى في كتابه في الاية ” ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ” . [3]