فوائد سورة النحل وفضلها
فضل سورة النحل
سورة النحل هي السورة السادسة عشر في ترتيب المصحف الشريف، وعدد آياتها 128 أية، وفي الحديث الشريف ” من قرأ سورة النحل في كل شهر دفع الله عنه المغرمة في الدنيا وسبعين نوعًا من أنواع البلاء أهونه الجنون ، والبرص الجزام والبرص وكان مسكنه في جنة عدن ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن يواظب على قراءة تلك السورة الكريمة مرة واحدة في الشهر دفع الله عنه البلاء في الدنيا وأسكنه وسط الجنان في الآخرة، وسورة النحل من السور المكية باستثناء 3 آيات ( من الأية 126 حتى 128) ، وقد أنزلت سورة النحل في مناسبات مختلفة، والموضوع الأساسي للسورة الكريمة هو الحديث عن مكارم الأخلاق، والعقيدة الإسلامية، كما أن السورة الكريمة قد أوردت عدة أمور علمية عن النحل في غاية الدقة، وهذا دليل شمول وكمال القرآن الكريم.[1]
سميت سورة النحل بهذا الاسم لأنها تتحدث عن النحل ،تسمى سورة النحل أيضًا بسورة النعم، وذلك لأنها تحتوي على الآية الكريمة ” وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها، إن الله لغفور رحيم ” [النحل اية 18] ، ومن المعاني التي وردت في سورة النحل إقامة حجة الوحدانية وذكر ما في الأنعام التي خلقها الله عز وجل من الفوائد، وبيان بعض أحوال الأنبياء مع الأمم السابقة.
وقد ورد في كتب السير أن التابعي هرم بن حيان عند اقتراب وفاته طلب منه أن يترك وصية، فقال أن الوصية تكون بالمال ، وهو لا يملك منه شيئًا لكنه أوصى أهله بقراءة خواتيم سورة النحل.
مقاصد سورة النحل
الأمر بالعدل والإحسان
“إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون” هذه الآية تحمل مجموعة من الأحكام الشرعية العامة مثل إقامة العدل والإحسان، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام عن تلك الآية حين أنزلت عليه أنها أجمع أية في القرآن للحث على المصالح كلها والزجر عن المفاسد منها، فلا يبقى من دقيق العدل إلا وجد في قول الله تعالى ” إن الله يأمر بالعدل والإحسان” فالعدل هو أن تعطي ما عليك وتأخذ مالك والإحسان هو أن تعطي أكثر مما عليك وتأخذ أقل ما لك ، فالإحسان فوق العدل وتحري العدل واجب أما تحري الإحسان فهو تطوع، لذلك فإن ثواب أهل الإحسان عظيم .
ذكر سيدنا إبراهيم عليه السلام وصفاته
في الأية 120 حتى الأية 123 من سورة النحل ذكر الله تعالى صفات سيدنا إبراهيم عليه السلام وأنه كان خاشعًا مطيعًا للمولى عز وجل ، ولم يكن مشركًا، وقد ذكر سفيان الثوري أن معنى ” أمة ” في الآية الكريمة أنه كان معلم الخير، والقانت هو المطيع لله ورسوله، وكان الخليل رضي الله عنه من القائمين بشكر نعم الله عليه
ذكر بعض النعم التي أنعمها الله علينا
في الأيات الكريمة من سورة النحل ” هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون، ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون” وحتى قوله تعالى في الأية وإن تعدوا نعمة الله لغا تحصوها ، ذكر الله لنا مجموعة من النعم التي أنعم على الإنسان بها والتي منها الماء الذي ينزل من السماء فينبت لنا الشجر والزرع ، وهو أيضًا سخر البحر للإنسان.
عرض نموذج بشري
في الأيات 53 وحتى 54 عرض للطريقة التي يتصرف بها أكثر البشر حين يصيبهم الضر يلجأون إلى الله ، ثم إذا كشف هذا الضر عنهم يجحدوا نعم الله التي أنعمها عليهم، وهو الذي يعطي النعم ويكشف الضر.
أسباب نزول سورة النحل
تبدأ سورة النحل بالأية الكريمة ” أتى أمر الله فلا تستعجلوه، سبحانه وتعالى عما يشركون” ، وسبب نزول تلك الآية أنه لما أنزلت الآية الكريمة من سورة القمر ” اقتربت الساعة وانشق القمر” قال الكفار لبعضهم أن محمد يزعم أن القيامة اقتربت، فاتركوا بعض ما كنتم تفعلون حتى نرى ماذا يحدث، فلما رأوا أن الساعة لم تقم، قالوا أن شيئًا لم يحدث.
فأنزل الله تعالى الأية الكريمة من سورة الأنبياء ” اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ” ، ولما أنزلت تلك الآية على النبي خاف المشركون وارتقبوا أن تقوم الساعة، فلما مرت عدة أيام ولم تقم الساعة، قالوا للنبي عليه الصلاة والسلام، لم نرى شيئًا مما تخوفنا به يا محمد، فأنزل الله تعالى قوله ” أتى أمر الله” ولما سمع النبي عليه الصلاة والسلام هذه الأية وثب ونظر الصحابة إلى السماء، فأنزل الله تعالى قوله ” فلا تستعجلوه” فاطمأن الصحابة والنبي.
وقد قال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام عن تلك الآية ” بعثت أنا والساعة كهاتين- وأشار بإصبعيه- وإن كادت لتسبقني” صدق رسول الله صلى الله عز وجل، وأتى في الأية أتت في صيغة الماضي للدلالة على تحقق وقوع الساعة لا محالة، ويفسر بعض المفسرين أمر الله بأنه ” فرائضه وحدوده”، لكن هذا التفسير فيه رأي أخر لأن الصحابة لم يستعجلوا فرائض الله أو حدوده أبدًا.
وقد ورد أن النبي عليه الصلاة والسلام قال ” تطلع عليكم عند الساعة سحابة سوداء من المغرب مثل الترس ، فما تزال ترتفع في السماء ، ثم ينادي مناد فيها يا أيها الناس ، فيقبل الناس بعضهم على بعض هل سمعتم ؟ فمنهم من يقول نعم ، ومنهم من يشك ، ثم ينادي الثانية يا أيها الناس ، فيقول الناس بعضهم لبعض هل سمعتم؟ فيقولون نعم ، ثم ينادي الثالثة يا أيها الناس ، أتى أمر الله فلا تستعجلوه ، فوالذي نفسي بيده ، إن الرجلين لينشران الثوب فما يطويانه أبدا ، وإن الرجل ليمدن حوضه فما يسقي فيه شيئا أبدا، وإن الرجل ليحلب ناقته فما يشربه أبدًا، ويشتغل الناس.[2]
سبب نزول الأية 4 من سورة النحل
يقول تعالى في الأية 4 من سورة النحل” خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين” ،ومعناها أن الإنسان خلق ضعيفًا فلما اشتد واستقل خاصم المولى عز وجل وكذبه، وقد أنزلت تلك الأية في المشرك أبي بن خلف الجمحي وكان من سادات قريش وهو الذي عذب بلال بن رباح رضي الله عنه وهو الوحيد من المشركين الذي قتله النبي عليه الصلاة والسلام بيده ، وقد أتى أبي إلى النبي عليه الصلاة والسلام بعد نزول الأية [77 و 78] من سورة يس ، والتي يقول فيها المولى عز وجل ” من يحي العظام وهي رميم ” وهو يحمل عظم رميم، وقال له يا محمد هل يحي ربك هذا بعد أن أصبح رميم، فنزلت الأية الكريمة سورة النحل.
سبب نزول الأية 38 من سورة النحل
يقول تعال ” وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت، بلى وعدًا عليه حقًا، ولكن أكثر الناس لا يعلمون” فالكافرون قد أغلظوا الأيمان أن الساعة لن تقوم وأن الناس لن يبعثوا بعد الموت، ويروى في سبب نزول تلك الآية أن رجلًا من المشركين أتى لرجلًا مسلمًا وكان على المسلم دين للمشرك، فقال المسلم وهو يحدثه ” والذي أرجوه بعد الموت فرد المشرك بأن الله لا يبعث بعد الموت ، وأقسم بالله فنزلت الأية.