ما هو مهبط الوحي


الوحي ومفهومه


أشار علماء اللغة فيما تعنيه كلمة وحي أنها إشارة ، وذلك في المعنى اللغوي ، وقيل أن معناها الإلهام، أما المفهوم الشرعي الاصطلاحي للكلمة فهو يعني الاصطفاء والاختيار والانتقاء لعبد من العباد دون غيره ، حتى يختص الله سبحانه وتعالى  بما أراد التبليغ به من رسائل ، وتعاليم ، وأحكام ، أمام المفهوم الذي ورد في آيات القرآن في


تعريف الوحي


، فهو في القرآن الكريم جاء بمعنى الإبلاغ بالسر سريعاً. [1]


وبذلك يختلف الوحي عن غيره من المشاعر ، التي قد تنتاب الفرد أحياناً ، مثلاً قد يجد الشخص نفسه في حالة من معرفة لأمور لا يتقن فيها من سبب المعرفة ومصدره ، وهذا ما يسمى بالإلهام ، وقد يصادفه ، شعور بأمر بلا أسباب ملموسة ، ويسمى حدس ، وغيرها من المتشابهات ، إلا أن


خصائص الوحي


هي ما تميزه عن غيره من المصطلحات ، والمفاهيم التي قد تشتبك معه. [1]


شبه الجزيره العربية مهبط الوحي


يشار إلى شبه الجزيرة العربية على أنها مهبط الوحي ، وهي منطقة واقعة في قارة من قارات العالم القديم كما يسميها المؤرخون ، وهي قارة آسيا، وتشمل تلك المنطقة عدة دول عربية مكونة هذا المفهوم ، شبه الجزيرة العربية ، وهي دولة المملكة العربية السعودية،  وما حولها.


احتلت تلك المنطقة من العالم اسمها ومكانتها بعد ظهور الإسلام ونزول الوحي فيها ، ولم تكن من قبل تعرف باسمها الحالي شبه الجزيرة العربية ، و ما كان لها تلك المكانة قبل دخول الإسلام ، فقد كانت مجرد قبائل متجاورة ينظر لها باقي العالم ، على أنهم قبائل متفرقة، تشير إلى هوية مختلفة عن هوية حضارتهم في اليونان وروما، والهند ، وبلاد فارس ،  لكن ليست هوية محددة الملامح كما حولها الإسلام لاحقا.


كان العالم في وقت ظهور الإسلام إما تابع لدولة الفرس ، أو تابع لدولة الروم ، حيث كانت كل منهم قوة عظمى متصارعة ، أو الهند واليونان ، ولم يكن في كل تلك القوى المتواجدة دين توحيد حقيقي، فهم ما بين تحريف للمسيحية ، وعبادة للنار ، و بين تقديس للطبيعة أو غيرها، وكانت شبه الجزيرة العربية ، في الجانب الآخر ، أقل تطرفا، وأبعد عن الصراع والنزاع الدائر في العالم ، يعيش بها القليل من اليهود والأقل بكثير من المسيحيين ، وتنتشر فيها عبادة الأصنام.


وكان من أسباب اختيار الله لها لتكون مهبط للوحي ما يلي :


  • لم تكن شبه الجزيرة العربية غارقة في ضلال النصارى.

  • كانت منطقة بعيدة عن شتات اليهود وضياعهم.

  • لا يسودها صراع الفرس والروم.

  • يجمع أهلها لغة واحدة وهي اللغة العربية.

  • فيها بيت الله الحرام ، أول بيت وضع للناس كمركز للعبادة.

  • بيئة خالية من الصراعات الفكرية للفلاسفة ، والكنائس ، و سطوة الرهبان.

  • احتفاظ الجزيرة العربية بشخصيتها وعدم تأثرها بالديانات والعبادات من حولها ، لا أهلها إعتنقوا اليهودية ، ولا أصبحوا نصارى ، بل حرفوا الحنيفية ، وكان الأمر الطبيعي هو عودتهم لها.

  • الموقع الجغرافي المتفرد، بين قارتي أسيا و أفريقيا.

  • صفات عربية أصيلة مثل الكرم والشجاعة ، وغيرها من الصفات التي لم تتأثر بالخصال السيئة التي اكتسبها العرب.


ولكل تلك الأسباب كانت شبه الجزيرة العربية اختيار من الله  سبحانه وتعالى، واصطفاء لتكون مهبط الوحي ، و تتشرف بنزول رسالات وأنبياء مثل قوم عاد وأرسل فيهم النبي هود عليه السلام ، صالح عليه السلام لقوم ثمود ، وإسماعيل ، وشعيب وغيرهم ، حتى كان خاتمة الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم.


المملكة العربية السعودية مهبط الوحي وقبلة المسلمين


حبا الله أرض المملكة العربية السعودية، بما لم يكن لغيرها من عزة وقيمة وشرف ، واصطفى أرضها بالخير والبركات ، ورزقها بخير من خلق من البشر نبي الأمة صلى الله عليه وسلم، وخير رسالة رسالة التوحيد ، ودين الإسلام ، و خير الكلام كتاب الله القرآن الكريم، يتنزل به الروح الأمين جبريل عليه السلام، وتتجه الأعناق والأبدان والوجوه في كل يوم خمس مرات على الأقل تجاه قبلة المسلمين ، مكة المكرمة.


نزل جبريل عليه السلام على نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، في غار حراء ، وتوالت بعدها زيارة أمين السماء لأمين الأرض ، يبلغه وينقل له أوامر ربه ، وأحكامه ، و مع انتقال النبي بالهجرة من مكة إلى المدينة ، انتقل الخير إلى أرجاء جديدة يتنزل فيها بالوحي ، لينتشر الإسلام في جميع أنحاء العالم.


إن للمملكة العربية السعودية في قلوب العرب والمسلمين من شتى بقاع الارض وفي نفوسهم مكانة لا ينازعها غيرها من بقاع الأرض ، فهي مهبط الوحي، وهي التي تتوق لها النفوس شوقاً كل عام ، لزيارة بيت الله الحرام، حجاً أو عمرة.


تتوجه القلوب لها ، وهي تحمل الإجلال والتقدير ، والحب ، تتشوق إلى ركعتين في الحرم ، أو لسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في مسجده بالمدينة المنورة. [1] ، [2]


تحمل المملكة العربية السعودية على عاتقها ، خدمة حجاج بيت الله الحرام كل عام ، وترعى الآثار والمقدسات على أرضها، تهيء المرافق كل عام لاستقبال الزوار.


وجعل الله سبحانه وتعالى أحد أركان الإسلام لا تتم إلا على أرضها ، و ربط قلوب المسلمين وأفئدتهم بها ، وجعل من مكة و المسجد النبوي ، هدف القلوب ، والارواح ، وتقدر المملكة العربية السعودية ذلك فتنعم على كل من يزور بيت الله الحرام أو يدخل أراضيها حاج أو معتمر ، تنعم على الزائر بالأمان ، وتحقيق الراحة ، واليسر ليتم زيارته في خير حال ، حتى عودته إلى دياره سالماً.


صور الوحي


  • كلام الله جل جلاله بشكل مباشر، ومن وراء الحجب ، وهو ما تم في حادثة الإسراء والمعراج.

  • ما يسمى بالنفث في الروع ، وهو من الله سبحانه وتعالى في قلوب الأنبياء.

  • الرؤى الحق ، ويراها النبي في نومه ، مثل ضوء النهار ، كما جاء في رواية السيدة عائشة.

  • الوحي عن طريق أمين الوحي جبريل عليه السلام، و ذلك ما يتنزل به على النبي صلى الله عليه وسلم ، بوحي من الله. [2]


وعرف على النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه كان وقت نزول جبريل عليه السلام، يظهر عليه العرق ، وذلك لا يستثنى فيه من برودة الجو أو حرارته، وكان جبريل عليه السلام يظهر في بعض الأوقات على هيئة شخص، و أحياناً كان نزول الوحي على هيئة صوت الجرس ، ويستمع لذلك الصوت من كان قريب من النبي، ولكنه يظنه صوت النحل. [2]


قصة نزول الوحي


كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الغار يتفكر في الكون وخلقه ، جاءه جبريل عليه السلام ، ثم قال له اقرأ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، ما أنا بقارئ ، فأعاد الوحي على النبي القول مرة ثانية ورد النبي ذات الرد.


أعاد عليه السلام للمرة الثالثة الطلب فأجاب النبي متسائل ماذا أقرأ ، فقال له جبريل عليه السلام بدايات سورة العلق ، وأولى آياتها ، وعاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته ، وهي يرتجف فطمأنته زوجه السيدة خديجة رضي الله عنها ، وعددت خصاله الكريمة التي من أجلها لن يضيره الله أبدا. [1] ، [2]