خصائص الوحي وأنواعة
ما هي خصائص الوحي
الوحي الإلهي له كتاب وسنة، وخصائص العصمة والكمال والشمولية والتوازن وصلاحيتها لكل زمان ومكان، وغيرها من الخصائص التي بحثها العلماء عبر القرون، والتي تؤكد خواص الإعجاز للنصوص الإسلامية، وأنها نزلت من عند الله سبحانه وتعالى.
ونذكر في هذا المقال بعض الخصائص الأساسية التي من المفترض أن يكون المسلم على علم بها، حتى يخرج من هذا الكتاب العزيز بـ
تعريف الوحي
وفهمه، ويصبح نقطة انطلاق له لمصاحبة هذا الكتاب، وزيادة معرفته وهدايته، وهي:[1]
المصدر الإلهي
هذا هو أكثر ما يميز
مهبط الوحي
، فهو اليقين الوحيد والمعرفة التي لا تشوبها شائبة، حيث أن المعرفة البشرية ناقصة وغير مكتملة لأن البشر قصار وخطائين، وإذا سُمح للناس بأخذ مناهجهم في الحياة من المعرفة الوضعية التي تأتي من الجهد البشري، فمن الأولى ان تكون هذه المناهج مأخوذة من النصوص الإلهية والسنة النبوية.
الإعجاز
القرآن إعجاز في شكله ومعناه، والسنة إعجاز في معناها، وهذا الإعجاز له جوانب أخرى كثيرة، فبالإضافة إلى الإعجاز التشريعي هناك إعجاز في سرد الغيبات، وإعجاز علمي في وصف قوانين الكون، قوانين الطبيعة، وآيات الروح، إلخ.
العالمية
جميع الأنبياء والرسل بعثوا برسالة خاصة إلى أقوامهم، إلا أن الرسالة ختامية بُعثت للعالم أجمع.
العروبة
القرآن نزل بلغة العرب وطرقه في الخطاب ولا يمكن فهمه إلا بالتعرف على لغتنا العربية وفهم مقاصدها في الاحاديث، مثل استخدام الاستعارات والتشابهات وغيرها.
الخلود والهيمنة
لا يجوز تعديل القرآن أو تقليصه أو زيادته بحرف واحد، هكذا أنزله الله وضمن حفظه، كما أن القرآن جامع لكافة الشرائع والأديان السابقة.
الرحمة والخير
جاءت الوحي بالدين الإسلامي ليخفف الضغط على الإنسان، ويريح الناس ويجنبهم المتاعب، وتجنب الفساد ، وتحقيق الخير والمصلحة.
استخدام الحواس
أنعم الله علينا بالحواس وأمرنا باستعمالها لاكتساب العلم، فالتعليمات الآلهية لا تنحي الغرائز الطبيعية جانبًا وتدعوا إلى تلبية الحاجات الإنسانية الأساسية وفق قواعد صادقة تتماشى مع الشريعة حيث لا توجد رهبنة في الإسلام.
رضاء العقل
في الدين الإسلامي لا تجمد للعقل، ولكن لا يجوز للعقل أن يسبق الوحي، كما لا يجوز القول إن الوحي ينكر العقل، لأن العقل هو أداة للتأمل والتفكير والتدبر في والكون للحصول على المعرفة.
تدرج الأحكام
من سمات الوحي أنه في قراراته يأخذ في الحسبان حالة الناس، فهو لا يفاجئهم ولا يخيفهم، لكن الأحكام تنخفض تدريجياً لتسهيل قبولها وتطبيقها، وخير مثال في هذا الأمر تحريم الخمر وإن كان الذنب الرئيسي وسبب كثير من الجرائم، لكن منعه مر بأربع مراحل، لأنه راسخ في المجتمع العربي، وظنوا أنه يساعدهم في فضيلة الكرم والإنفاق.
فأول ما وقع في ذلك كان تلميحًا إلى أنه ليس من الزرق الجيد، ثم ترجيح أن ضررها أكبر من نفعها بعد ما سأل الصحابة عنها وأكدوا أنها تذهب العقل وتبدد المال، ثم حدث أن أصيب أحد الصحابة بالاضطراب أثناء قراءة القرآن بسبب شرب الخمر فربط النهي بوقت الصلاة، ثم جاء المنع النهائي بعد واقعة تسبب فيها الخمر في شجار بين بعض الصحابة.
وأصبح الكحول فيما من الذنوب الجوهرية التي لا يستطيع حتى أن يفكر فيها أي مؤمن، وهو ما يشير إلى رحمة المنهج الإسلامي، ودفع الناس إلى سبل الهداية بهذا اللطف التدريجي والحكيم.
عمومية الأحكام ووجوبيتها
لا حصانة في الشريعة الإسلامية وأحكامها مفروضة على أي شخص، ويشهد المسلم بالحق حتى لو على نفسه أو أقاربه، والحدود ملزمة للجميع دون استثناء في أي وقت.
أنواع الوحي
منذ أن أمر الله سبحانه وتعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بتوصيل رسالته الإلهية للناس، وُجهت إليه العديد من الاتهامات بأنه ساحر، ومجنون ، ولم يكن هذا جديدًا على الرسل والأنبياء، فقد وُجه لإخوانه من الرسل السابقين نفس الاتهامات، وكانت هناك طرق عديدة للوحي منها: [2]
- التواصل مع الله سبحانه وتعالى مباشرةً وتكليمه من وراء حجاب مثلما حدث ليلة الإسراء والمعراج.
- النفث في الرُّوح، ويعني ما يوحي الله به في قلب النبي صلي الله عليه وسلم.
- الرؤى الصادقة، حيث كانت أول مراتب الوحي على رسول الله، فلم يكن يرى رؤية في الليل إلا وتأتي مثل فلق الصبح.
- وأخيرًا عن طريق الملك الموكل بالوحي جبريل عليه السلام، وكان يأتي للنبي على عدة صور، فإما أن يكون على هيئته الحقيقية التي خلقه الله بها، أو مثل الصوت الذي يصدر عن الحديد عندما يتحرك وكان هذا أشدهم على الرسول صلي الله عليه وسلم، أو أن يظهر في صورة رجل قد يراه الصحابة.
علامات الوحي
وكان يظهر على النبي صلى الله عليه وسلم، بعض العلامات عند نزول الوحي، أبرزها ظهور عرق غزير على جبهته وجبينه حتى وإن كان في يوم شديد البرودة، ومن هذه العلامات أيضًا: [2]
- كان الصحابة يسمعون صوتًا يشبه دوّي النحل عند وجه النبي صلي الله عليه وسلم، وكان هو يسمع هذا الصوت كالحديد المتحرك.
- ظهور العرق الغزير على جبهته وجبينه، وهو ما يدل على أن النبي كان يعاني من التعب والاضطراب عند نزول الوحي، حيث كان يشعر بوجود أمر عاجل يتجاوز طبيعة البشرية.
- ثقل وزن النبي صلى الله عليه وسلم، لدرجة أنه إذا كان على ظهر البعير يكاد يبرك.
- الإصابة بالبرد الشديد أو الحمى، كما كان يحدث بعض التغيرات على وجه النبي فيبرد حتى يصل إلى لون الرماد ثم يعود لحُمرَته.
- كان النبي يقوم بتنكيس رأسه عند نزول الوحي وتغطيته بالثوب، كما كان يُحرّك لسانه بشكل سريع حتى يحفظ ما يقوله له جبريل عليه السلام، إلى أن أمره الله سبحانه وتعالى بالتوقف عند ذلك لأنه سيحفظ له القرآن في قلبه.
أسلوب الوحي
يعتبر أسلوب القرآن من علامات إعجازه، وتحدى الله به البشر والجن في أن يأتوا بمثله، أو بسورة واحدة، وما كان لأحد منهم أو كلهم القدرة على فعل شيء من ذلك، وقد أوتي النبي صلى الله عليه وسلم مجامع الكلام، لأنه جمع معاني كثيرة ومحفزات بليغة في ألفاظ معدودة، وحفظها عنه أصحابه، ثم يخبرونها بها، ليكون النبي أفصح من نطق بلغة الضاد، وتتميز أقواله بالبلاغة والدقة في التعبير ووضوح المعنى، ولذلك يمكن الجمع بين أساليب الوحي في ثلاث أنواع وهي:[1]
- الطريقة التفصيلية : وهي أكثر ما نجده في المواقف التعبدية حيث لا يوجد مكان للاجتهاد، مثل تحديد عدد الصلوات وعدد الركعات في كل صلاة ونسبة الزكاة ووقت الصيام والفطر، ووقت الحج، وعدد الحدود والعقوبات المطبقة، عدد النساء المسموح بالزواج بهن، الأشهر المقدسة، إلخ، حيث جاءت السنة لتوضيع ما أجمل في القرآن من أحكام وعبادات.
- الطريقة الكلية : فمثلاً العدل والإحسان وما في حكمهما من المعاني التي تُترك للعقل لتعريفها وفق أحكام الشريعة، ثم تطبيقها على كل تفاصيل الحياة الإسلامية مثل العمل والقضاء ومعاملة الأبناء وتوزيع الميراث، وغير ذلك من الأمور التي لا يمكن حصرها والتي تدعم صحة الوحي لأي زمان ومكان، لاحتوائه على قواعد شمولية يمكن الشروع فيها لتغطية معظم جوانب الحياة.
- الأسلوب المتعمد : الذي يمكن التعبير عنه بروح الشريعة، أو الحكمة من شرعية الأحكام أو المقاصد العامة التي تتوخاها الشريعة وتهدف إلى الأحكام الصادرة، مثل حكم القصاص، على سبيل المثال، الهادف إلى حماية الروح، لأنه إذا علم القاتل بأنه سوف يُقتل انتقاما فسوف يمتنع عن ارتكاب جريمته، لذلك فقد بحث العلماء هذا الموضوع وجمعوا أسباب الأحكام، واكتشفوا أن جميع نصوص الشريعة لها خمسة أغراض عامة، وهي: الحفاظ على الدين، المحافظة على الذات، المحافظة على العقل، المحافظة على النسل، الحفاظ على المال.