شرح قصيدة الرأي قبل شجاعة الشجعان


شرح نص الرأي قبل شجاعة الشجعان للمتنبي

تلك القصيدة قام بكتابتها الشاعر الحكيم المتنبي والذي كان يعد هو شاعر العصر العباسي، وقد قام بإنشاد نونيّته يستهدف بها مدح سيف الدولة العباسية وقتما توجه لفتح بلاد الروم، إذ قام بوصفه في القصيدة بشدة البأس،  وقوّة القلب، والذي قد سبقت شجاعته عقله وحكمته، ويقول فيها المتنبي: [1]

الرَأيُ قَبلَ شَجاعَةِ الشُجعانِ

هُوَ أَوَّلٌ وَهِيَ المَحَلُّ الثاني

فَإِذا هُما اِجتَمَعا لِنَفسٍ مِرَّةٍ

بَلَغَت مِنَ العَلياءِ كُلَّ مَكانِ

وَلَرُبَّما طَعَنَ الفَتى أَقرانَهُ

بِالرَأيِ قَبلَ تَطاعُنِ الأَقرانِ

لَولا العُقولُ لَكانَ أَدنى ضَيغَمٍ

أَدنى إِلى شَرَفٍ مِنَ الإِنسانِ

وَلَما تَفاضَلَتِ النُفوسُ وَدَبَّرَت

أَيدي الكُماةِ عَوالِيَ المُرّانِ

بدء المُتنبّي القصيدة من خلال الإشارة أنّ العقل دوماً ما يتم تقديمه على الشجاعة؛ وذلك لكون الشجاعة إذا لم تصدر عن منطق وعقل أدت لهلاك صاحبها إذ يأتي العقل بالمَقام الأوّل ثمّ الشجاعة، ويقول المتنبي بالبيت الثاني أنّه في حالة اجتمع الشجاعة والعقل لنفس تأبى الظلم و الذلّ لا يمكن للأعداء أن تستعطفها، بلغت من العُلى أعلى المراتب.

وفي ثالث الأبيات يشير المتنبي نحو تفضيل العقل على الشجاعة، وفي الأبيات البيت الرابع والخامس يرى أن الإنسان أفضل لعقله من البهائم، لذا دوماً ما يتفاضل بني آدم بعقولهم، وقوله ودبّرتْ؛ بمعنة أنّ الإنسان توصّل لاستخدام الرّماح بالحروب بواسطة عقله ولاوله ما أدركت الأيدي بالرماح تدبير الطّعان، إذ أن الشجاعة لا تُستعمل سوى بالعقل، ومعنى عبارة (عوالي المُرّان) حمل الرماح.

شرح قصيدة المتنبي لَولا سَمِيُّ سُيوفِهِ وَمَضاؤُهُ

يقول المتنبي في قصيدة شرح قصيدة الرأي قبل شجاعة الشجعان الأبيات التالية: [1]

لَولا سَمِيُّ سُيوفِهِ وَمَضاؤُهُ

لَمّا سُلِلنَ لَكُنَّ كَالأَجفانِ

خاضَ الحِمامَ بِهِنَّ حَتّى ما دُرى

أَمِنِ اِحتِقارٍ ذاكَ أَم نِسيانِ

وَسَعى فَقَصَّرَ عَن مَداهُ في العُلى

أَهلُ الزَمانِ وَأَهلُ كُلِّ زَمانِ

تَخِذوا المَجالِسَ في البُيوتِ وَعِندَهُ

أَنَّ السُروجَ مَجالِسُ الفِتيانِ

وَتَوَهَّموا اللَعِبَ الوَغى وَالطَعنُ في ال

هَيجاءِ غَيرُ الطَعنِ في المَيدانِ

في تلك الأبيات يستكمل الشاعر مدحه لسيف الدولة، وبالبيت الثاني القائل (خاضَ سيف الدولة الموت من خلال سيوفه حتَّى ما أدرك النّاس هل هذا الخوض الذي خاضه وهذه الشجاعة كانت من احتقاره للموت، أم جاءت بسبب نسيانه له؟)، حيث يوضح بكل من البيت  الثالث والرابع أن سيف الدولة الحمداني سار حتَّى لم يبلغ في سعيه للعلياء أحد غيره من العالمين اللاّحقين والحاضرين والسابقين.

وذلك نتيجة أنّ جميع النّاس اتّخذوا لهم مَجالسًا من بيوتهم، وجعل سيف الدولة الحمداني من سروج الخيول مجلسًا له دائمًا، ويقول بالبيت الخامس إنّهم توهّموا وظنُّوا أنَّ اللّعب بالرماح بالحالات التي يسود بها السلم قريب من ضرب الطعن بساحات القتال، وفي الواقع هو خلاف ذلك.

شرح قصيدة المتنبي قادَ الجِيادَ إِلى الطِعانِ وَلَم يَقُد

يقول المتنبي في قصيدته الرأي قبل شجاعة الشجعان:

قادَ الجِيادَ إِلى الطِعانِ وَلَم يَقُد

إِلّا إِلى العاداتِ وَالأَوطانِ

كُلُّ اِبنِ سابِقَةٍ يُغيرُ بِحُسنِهِ

في قَلبِ صاحِبِهِ عَلى الأَحزانِ

إِن خُلِّيَت رُبِطَت بِآدابِ الوَغى

فَدُعاؤُها يُغني عَنِ الأَرسانِ

بالبيت الأوّل يقول المتنبي إنّ سيف الدولة قام بقيادة الخيول لساحة القتال والحرب إلا أن اعتادَت خيله على الحرب وكأن وطنها هو ساحات المعركة، وبالبيت الثاني يذكر إنّ كلّ فرس ولدته الخيول السابقة إذا نظر صاحبه إليه سرّه وأسعده بحُسنه فزال حزنه عنه، وفي البيت الثالث قام بوصف الخيل بالأدب وإن كانت غير مُقيّدة برباط، فهي مربوطة بما تمتلكه من الأدب وهي مخلاةً، وإذا دعاها صاحبها للمجيء أتته مسرعة، فلا حاجة لجذبها بالرسن.

شرح قصيدة المتنبي في جَحفَلٍ سَتَرَ العُيونَ غُبارُهُ

يقول المتنبي في أبياته:

في جَحفَلٍ سَتَرَ العُيونَ غُبارُهُ

فَكَأَنَّما يُبصِرنَ بِالآذانِ

يَرمي بِها البَلَدَ البَعيدَ مُظَفَّرٌ

كُلُّ البَعيدِ لَهُ قَريبٌ دانِ

فَكَأَنَّ أَرجُلَها بِتُربَةِ مَنبِجٍ

يَطرَحنَ أَيدِيَها بِحِصنِ الرانِ

حَتّى عَبَرنَ بِأَرسَناسَ سَوابِحًا

يَنشُرنَ فيهِ عَمائِمَ الفُرسانِ

يَقمُصنَ في مِثلِ المُدى مِن بارِدٍ

يَذَرُ الفُحولَ وَهُنَّ كَالخِصيانِ

وَالماءُ بَينَ عَجاجَتَينِ مُخَلِّصٌ

تَتَفَرَّقانِ بِهِ وَتَلتَقِيانِ

الجحفل هو الجيش العظيم، القويّ، وتشير الأبيات إلى الجيش الذي غباره يستر الأعين ويملأ المكان لا تبان به الخيل، مع قوة نظرها وإن شعرت بشيء نصبت آذانها كأنّها تبصر بها، وهو ما يعبر عن خطوات الخيل بالعدْو، كأنّ أيديها بالرّوم وأرجلها بالشّام.

فمعنى المنبج الشام والمقصود بحسن الرانبها بالروم، أي كأنّها تَصِل للرّوم بخطوة واحدة، بينما البيت الثالث فيقول إنّ الخيول من سُرعتها الشديدة بالسّباحة تعبر نهر الروم (أَرسَناس) والذي ماؤه بارد للغاية، فتُسرع بالسباحة وتنشر عمائم فرسانها.

بالبيت الرابع يَصِف المتنبي الخيول ويقول إنّها تثب عن طريق ذلك النّهر الذي يمثل المدى لضرب الريح إلى أن جعلته مثل الطرائق فتمرّ بسرعة عليه لشدّة بُرودته، وبالبيت السادس ينقسم الجيش إلى فريقين حين عبور النهر، ففريق منهم عبروا النهر وآخر لم يعبروه، ويميّز كل منهما عن بعضهما عجاج الماء، وتفترقان تلك العجاجتان وتلتقيان بالماء.

شرح قصيدة المتنبي رَكَضَ الأَميرُ وَكَاللُجَينِ حَبابُهُ

رَكَضَ الأَميرُ وَكَاللُجَينِ حَبابُهُ

وَثَنى الأَعِنَّةَ وَهوَ كَالعِقيانِ

فَتَلَ الحِبالَ مِنَ الغَدائِرِ فَوقَهُ

وَبَنى السَفينَ لَهُ مِنَ الصُلبانِ

وَحَشاهُ عادِيَةً بِغَيرِ قَوائِمٍ

عُقمَ البُطونِ حَوالِكَ الأَلوانِ

بالبيت الأوّل يقول المتنبي ركضت خيول سيف الدولة نحو الرّوم والماء فضي، وحين قتلوا وجرت دماؤهم خلاله احمرّ لونه كالذّهب، وبالبيت الثاني يشير إلى إنّه قد اتّخذ من ذوائب الذين قتلهم حبال سفنه، واتّخذ من أعواد الصلب خشبها لكثرة ما غنم منها، وبالبيت الثالث قال إنّ حشا الماء سفنًا لا يوجد لها قوائمَ تعدو  وبطونها لا تنجب؛ وهي ذات لون أسود.

تَأتي بِما سَبَتِ الخُيولُ كَأَنَّها

تَحتَ الحِسانِ مَرابِضُ الغِزلانِ

بَحرٌ تَعَوَّدَ أَن يُذِمَّ لِأَهلِهِ

مِن دَهرِهِ وَطَوارِقِ الحَدَثانِ

فَتَرَكتَهُ وَإِذا أَذَمَّ مِنَ الوَرى

راعاكَ وَاِستَثنى بَني حَمدانِ

البيت الأوّل يوضح إتيانها بالجواري السبايا وكأنّهن غزلان مرابضهن تحت الحسان، ويقول بالبيت الثاني إنّ ذلك الماء الذي قام سيف الدولة الحمدانيّ بعبوره هو بحر اعتاد في ذمّته على أن يجعله من وراء، فلا يقدر أحد على الوصول لهم وهو بجواره من حوادث الدهر، ويقول مُخاطبًا لسيف الدولة بالبيت الثالث أنه قد ترك بعبوره ذلك النهر بالغ الأثر كما يجير أهله من أي أحد فيما عدا بني حمدان فلا يجيرهم منك.

شرح قصيدة المتنبي المُخفِرينَ بِكُلِّ أَبيَضَ صارِمٍ

يقول المتنبي في أبياته:

المُخفِرينَ بِكُلِّ أَبيَضَ صارِمٍ

ذِمَمَ الدُروعِ عَلى ذَوي التيجانِ

مُتَصَعلِكينَ عَلى كَثافَةِ مُلكِهِم

مُتَواضِعينَ عَلى عَظيمِ الشانِ

يَتَقَيَّلونَ ظِلالَ كُلِّ مُطَهَّمٍ

أَجَلِ الظَليمِ وَرِبقَةِ السَرحانِ

خَضَعَت لِمُنصُلِكَ المَناصِلُ عَنوَةً

وَأَذَلَّ دينُكَ سائِرَ الأَديانِ

وَعَلى الدُروبِ وَفي الرُجوعِ غَضاضَةٌ

وَالسَيرُ مُمتَنِعٌ مِنَ الإِمكانِ

المخفرين هُم من ينقضون على الملوك عهود الدّروع عن طريق سيوفهم، إذ تحصّنوا بالدّروع وكأنّهم باتوا في ذممها ثمّ تقول سيوف هؤلاء بنقض هذه الذمم عن طريق هتك دروعهم إلى جانب بلوغ أرواحهم، والتصعلك بالبيت الثاني يقصد به التشبُّه بالصّعاليك وهم من يتلصّصون بما يملكه غيرهم، ويقول هُم على الرُّغم كالصعاليك من عظم ملكهم لكثرة غاراتهم وأسفارهم وهم على الرغم من عظم شأنهم يتواضعون من أجل التقرّب من الناس.

في البيت الثالث يقصد المقصود بيتقيّلون ينامون في ظلال خيولهم وقت الظّهيرة، فلا ظلّ لهم وإذا جاؤوا أفياء خيلهم ولجؤوا بشدة الحرّ يصفهم هذا بالتغرّب، أما بأجل الظليم وربقة السرحان يقصد بها أنّها في حالة سعت نحو طرد الذياب والنّعام لحقت بها لمنعها من العدو وقتلتها، وبآخر بيتين يشير إلى إنّنا وقت كنّا على الطرق والدّروب ويقصد بذلك مضايق الروم واشتدّ بهم الأمر إلى أن تعذر التقدم والانصراف.

وَالطُرقُ ضَيِّقَةُ المَسالِكِ بِالقَنا

وَالكُفرُ مُجتَمِعٌ عَلى الإيمانِ

نَظَروا إِلى زُبَرِ الحَديدِ كَأَنَّما

يَصعَدنَ بَينَ مَناكِبِ العِقبانِ

وَفَوارِسٍ يُحَيِ الحِمامُ نُفوسَها

فَكَأَنَّها لَيسَت مِنَ الحَيَوانِ

بالبيتين الأول والثاني يقول المتنبي قد ضاقت الطّرق من كثرة الرماح وإحاطة أهل الكفر بأهل الإيمان، حيث نظروا لكافة المُسلمين وهم مقنعون بالحديد، كأنهم قطع من الحديد، فيركبون كالعقبان في سرعتها وخفّتهاخيولًا، ويشير إلى السيف بزبر الحديد خلال صعودها بالهواء حنما يرفعها للضرب الأبطال، ويقول بالبيت الثالث إنّهم في حالة نظروا للفوارس وقتما يقتلون بالحرب يَشاهدون في هلاكهم حيوتهم، وكأنهم غير منتميين للحيوانات، كالغزاة ومن يستشهد بالحرب منهم يصبح عند الله تعالى حيًّا يُرزق.

شرح قصيدة المتنبي ما زِلتَ تَضرِبُهُم دِراكًا في الذُرى

ما زِلتَ تَضرِبُهُم دِراكًا في الذُرى

ضَرباً كَأَنَّ السَيفَ فيهِ اِثنانِ

خَصَّ الجَماجِمَ وَالوُجوهَ كَأَنَّما

جاءَت إِلَيكَ جُسومُهُم بِأَمانِ

فَرَمَوا بِما يَرمونَ عَنهُ وَأَدبَروا

يَطَؤونَ كُلَّ حَنِيَّةٍ مِرنانِ

يَغشاهُمُ مَطَرُ السَحابِ مُفَصَّلًا

بِمُثَقَّفٍ وَمُهَنَّدٍ وَسِنانِ

حُرِموا الَّذي أَمِلوا وَأَدرَكَ مِنهُمُ

آمالَهُ مَن عادَ بِالحِرمانِ

يوضح البيت الأوّل أنّك ما زلت تضربهم في أعالي أبدانهم ضربًا شديدًا مُتتابعًا، وذلك الضّرب يعمل فيهم السيف مثل عمل السّيْفين، ويُوضّح بالأبيات الثاني والثالث إنّ الحنية والقوس والمرنان المسموع رنينه رموا بالقسي ممن رموا عنها وأدبروا في الهزيمة فجعلوا يطؤونها.

وبرابع بيت يقول إنّ ما وقْع بهم من السّلاح يأتي دفعةً واحدة مثل وقع المطر، والسّحاب هو الجيش ويشير بالمطر وقعاتهم من تلك الأسلحة المذكورة، وبالبيت الخامس يرى إنّهم فقدوا أملهم بالظفر به ومن رجع من الحرب يكون قد بلغ أمله بحرمان الغنيمة؛ إذ أنه يكون قد نجا بحياته.

وَإِذا الرِماحُ شَغَلنَ مُهجَةَ ثائِرٍ

شَغَلَتهُ مُهجَتُهُ عَنِ الإِخوانِ

هَيهاتَ عاقَ عَنِ العِوادِ قَواضِبٌ

كَثُرَ القَتيلُ بِها وَقَلَّ العاني

وَمُهَذَّبٌ أَمَرَ المَنايا فيهِمِ

فَأَطَعنَهُ في طاعَةِ الرَحمَنِ

قَد سَوَّدَت شَجَرَ الجِبالِ شُعورُهُم

فَكَأَنَّ فيهِ مُسِفَّةَ الغِربانِ

وَجَرى عَلى الوَرَقِ النَجيعُ القاني

فَكَأَنَّهُ النارَنجُ في الأَغصانِ

بالبيت الأول يقول المتنبي إذا تناوشت الرّماح طالبَ ثأر شغلته صيانةُ حياته حول إدراك ثأر إخوانه، وهو ما يقصد به أنهم شغلوا بأنفسهم ولم يعيروا اهتماماً لثأر قتلاهم، بالبيت الثاني عقب ما تأمّلوا من الرجوع للحرب عاقهم في هذا السيوفٌ التي كثرت القتلى بها منهم وقلّ من أسروا لأنّ أغلبهم قتلوا، وتعني في البيت الثالث بالمُهذّب سيف الدولة وأطاعته في الروم المنايا.

وفي رابع بيت اسودّت بشعورهم الأشجار التي طيرتها الريح بكلّ مكان، فكانت قد اقتربت الغربان منها، وفي آخر بيت، النجيع يعني دم الجوف أما القاني فهو ذو الحمرة الشديدة ، ومعنى البيت أنّهم على مواقع الجبال قتلوا فاسودّت بشعورهم أشجارها واحمرّت بدمائهم أوراق الشجر التي سالت عليها.

إِنَّ السُيوفَ مَعَ الَّذينَ قُلوبُهُم

كَقُلوبِهِنَّ إِذا اِلتَقى الجَمعانِ

تَلقى الحُسامَ عَلى جَراءَةِ حَدِّهِ

مِثلَ الجَبانِ بِكَفِّ كُلِّ جَبانِ

رَفَعَت بِكَ العَرَبُ العِمادَ وَصَيَّرَت

قِمَمَ المُلوكِ مَواقِدَ النيرانِ

أَنسابُ فَخرِهِمِ إِلَيكَ وَإِنَّما

أَنسابُ أَصلِهِمِ إِلى عَدنانِ

يا مَن يُقَتِّلُ مَن أَرادَ بِسَيفِهِ

أَصبَحتُ مِن قَتلاكَ بِالإِحسانِ

فَإِذا رَأَيتُكَ حارَ دونَكَ ناظِري

وَإِذا مَدَحتُكَ حارَ فيكَ لِساني

تُظهر تلك الأبيات بلاغة المتنبي في الشعر؛ إذ قال بالبيت الأول: إنّ السّيوف تُعين من الشّجعان من لا يخاف بالحرب مثلما لا تخاف هي، وبالأبيات الثاني والثالث يَصِف الشاعر سيف الدولة بإنّه يُمسك سيفه بجرأة ويلقاه وقد شرفت العرب به فكان شريفًا رفيع العماد، إذا قاتلته الملوك أوقدوا نار الحرب على رؤوسهم، وبالأبيات الأخيرة الثّلاثة يُستكمل مدحه لسيف الدولة مادحاً نسبه الذي بلغ امتداده إلى عدنان، كما يمدح إقدامه على القتال وشجاعته، وقد احتار المتنبي بما يمدحه من مناقبه الكثيرة.