ما سبب اعراض الكفار في سورة الفرقان
السبب في اعراض الكفار بسورة الفرقان
هناك العديد من التساؤلات التي تكون هامة عند كافة المؤمنين، إذ يعلمون أن القرآن الكريم يحتوي على العديد من كلمات الله عز وجل والكثير من السور القرآنية والآيات التي تشتمل على أحكام لا بد من أن يتعلمها المسلمون، وبعد نزول القرآن على نبي الله صلى الله عليه وسلم سعى العلماء إلي محاولة التوصل إلى تفسيرات الآيات والسور لمساعدة الناس على تدبر القرآن وأحكامه، وفي سورة الفرقان كان السبب في اعراض الكفار يأتي في قوله عز وجل (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُواْ ظُلْماً وَزُوراً) [سورة الفرقان، الآية: 4]، وهذا دليل على أن الكفارين لديهم تمام اليقين بأن القرآن الكريم هو كتاب الله ومعجزة من عنده.
وعلى الرغم من ذلك ازدادوا في كفرهم وكذبهم بالله تعالى، وأنزل الله عز وجل فيهم آيته (إنهم يكّذبون بالرحمن وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً) [الآية 60]، وظلوا يكذبون بالله، ويجلبوا لذاتهم بعض الأدلة التي تؤكد على صحة كذبهم. [1]
مقاصد سورة الفرقان
كان نزول سورة الفرقان بالعهد المكي، والقرآن المكي تركيزه يكون حول أمر العقيدة وبنيانها وتأسيسها أول شئ، إذ أن ذلك يكون الأساس المتين، وهو نقطة الانطلاق التي سوف ينطلق منها المؤمنون لكي يقولوا لله ورسوله صلى الله عليه وسلم كذلك في كافة الأشياء وفي كل الأمور التي دعوا إليها: “سمعنا وأطعنا”، فلا يقدر الأشخاص على أن يقولوا لأحد أمور الشريعة ولكل النواهي “سمعنا وأطعنا”، إلا بعد أن يحصلوا في المقام الأول على الجرعة التي تكفيهم من العقيدة وهذا ما نبهت السور المكية عليه كسورة الفرقان، وهناك
فوائد تربوية من سورة الفرقان
يمكن اكتسابها ، ويمكنا تلخيص مفهوم سورة الفرقان في النقاط التالية: [2]
بداية سورة الفرقان
في بداية السورة الحديث عن الله تبارك وتعالى، إذ كانت بدايتها الأولى هي تعظيم الله عز وجل وتوحيده {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الآية 1، 2].
وبعد ذلك تحدث الله عن نفسه كذلك في ثنايا السورة بمناسبةٍ أخرى، ولكنها في البداية كانت لتعظيم الحقيقة العظمى، والتأكيد على وحدانية الله سبحانه وتعالى، فلا إله إلا الله من البداية وهذه هي نقطة الانطلاقة، أي يؤمن الأشخاص بأن لا أحد يُنظم لهم حياتهم غير الله، ولا يأخذون الأمر والنهي في الحركات والوقوف في حياتهم من أحد غير الله إذ أنه الخالق وهم العباد، وله كافة الأشياء وليس لهم شيء بغير إذنه عز وجل، إذ أنه سبحانه وتعالى الإله، توجد عنده البركة كلها والخير كله.
وبعد ذلك وعن طريق ذكر كلمة (الفرقان) وهي تدل على (القرآن) في الآية: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ}، فينفتح الحديث وينساق تجاه الحديث عن القرآن، وما قاله عنه الكافرون {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ} أي كلام مُفترى {وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} أي قصص من السابقين وهي قصص خيالية {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا} [الآية 5]. [2]
الكلام عن الرسالة
وقد قام الكلام عن الرسالة باستدعاء الكلام عن نبي الله صلى الله عليه وسلم فأدي إلى انسياق الحديث حتى يقص الكلام الذي قاله الكافرون كذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم {لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ} [الآية 7]، {أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا} [الآية 8] إلى آخر ما قالوه من كلام فارغ وباطل لا حاجة له ولا يؤهل إطلاقًا للنبوة، إذ أن النبوة ليست لأعز الناس مالًا ولا لأكثرهم وأعلاهم منصبًا ومكانةً ولا لأقواهم جسدًا، بينما أنها لشخص مُحدد لديه مؤهلات مُعينة في الخلق والقيم يُحدده الله ويصطفيه {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [سورة الحج: الآية 75].
ولذا قال الله عن ما قاله الكافرون على نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى يبطله كله: {انظُرْ} أي انظر يا رسول الله وتعجب من حالهم {انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ} أي الأوصاف {انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا} [الآية 9]، أي لا يهتدون إلى إدراك الحق إلا أن يتجردوا لله ويخلصوا لله ويطلبوا فعل الحق والنور الإلهي بصدق. [2]
التذكير بالآخرة
وبعد هذا تسير الآيات حتى تقوم بذكر يوم القيامة {بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا * إِذَا رَأَتْهُم} [الآية 11] أي السعير {إِذَا رَأَتْهُم مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا * وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [لآية 12] إلى آخر الآيات وهي تتحدث عن يوم القيامة في حديث طويل، وتقوم بذكر مثال يحدث مع العديد من الكافرين حتى ولو حدثت مع واحدٍ منهم فقط، في حين أن لفظة القرآن عامٌة لا تخص أحدًا دون الآخر {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} [الآية 27] موقفٌ رهيب {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} [الآية 27]، ذلك الندم يحدث في يوم القيامة بعد أن يفوت الأوان وتأتي ساعة الندم، أي الحين والساعة والوقت لا ينفع فيه الندم فهو ندمًا بعد فوات الأوان، {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا} [الآيات 27، 28، 29].
وبتلك الطريقة اعترف الكافرون بالحقيقة، أصحابهم من حولهم، الأحباء الذين ضاعت محبتهم في قلوب بعضهم البعض، بعد أن كانوا مثل الفرد وكالرجل الواحد في الدنيا ولكن كانوا كذلك في الباطل، ويندمون على صحبتهم في يوم الساعة وإذا رآوهم تبرأوا منهم واشتكوهم إلى الله عز وجل حتى يحملوا وزرهم وذنوبهم، {الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}، يقول {يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا} [الآية 28] بعد أن كان فلانًا ذلك من وجهاء الناس ومن أصحاب الأموال والمناصب العالية واليوم يندمون على صحبتهم وخلتهم إذ أنهم أبعدوهم عن الذكر {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا} [الآية 29]. [2]
نهاية سورة الفرقان
وتمضي الآيات إلى أن تقوم السورة بتذكير بعض كفار تلك الأمة بالعديد من الكفار السابقين، فتحدثت السورة عن موسى عليه السلام وذكرت قوم عاد وثمود وأصحاب الرث وغيرهم، بطريقة سريعة وبإيجاز، في حين أنها تم تفصيلها وذكر أحداثها قي غيرها من السور.
وقبل نهاية السورة تسوق جملة طويلة مجموعة كبيرة من آيات الله في كونه والتي لو تدبر فيها الإنسان صاحب العقل قبل أن ينزل الشرع إليه لكان توصل إلى أصل الحقائق في أن ذلك الكون تم خلقه من خالق عظيم حكيم يقدر على كل شئ، وعلى ذلك فإن العقل يهتدي إلى أن أعظم شيء في الوجود وهو الله تعالى ويجب الانصراف إليه وأن يُعبد وحده دون غيره فليس له كفوًا أحد. [2]