ما هي عبادة الجوارح وأنواعها
العبادة
أن العبادة هي السبب و الحكمة التي من أجلها خلق الله الإنسان، فقال الله تعالى في كتابه العزيز : ” وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ” {الذاريات:56}
ومعناها العام أنها كلمة تجمع بين كل ما يحبه الله سبحانه وتعالى من أفعال وأقوال ظاهرة كانت أم باطنة، وهذا التعريف قد أطلقه عليه شيخ الإسلام ابن تيمية.
وتنقسم العبادة إلى قسمين عبادة واجبة وعبادة مستحبة، ثم تندرج إلى عدة أقسام وهي :
- العبادة القلبية وتلك التي يكون محلها القلب.
- والعبادة البدنية وتلك التي تكون بالأعمال البدنية ويطلق عليها أيضا عبادة الجوارح.
- والعبادة المالية وتلك التي تكون عن طريق إنفاق المال في سبيل الله الصدقات.
- وهناك العبادة البدنية والمالية معا مثل المؤسسات الخيرية التي تساعد الناس.
وقد تحدث شيخ الإسلام ابن تيمية عن العبادات وأنواعها بأدق التفاصيل في كتاب الفتاوى الكبرى الجزء الخامس.
وإن كان المقصد من العبودية الخضوع لأوامر الله سبحانه وتعالى، فقد تحدث ابن القيم في كتابه مدارج السالكين، وذكر جميع أحكام العبودية قائلا : ” وبيانها أن العبودية منقسمة على القلب واللسان والجوارح وعلى كل منها عبودية تخصه” .
وأحكام العبودية خمس أحكام وهم :
- واجب.
- ومستحب.
- وحرام.
- ومكروه.
- ومباح.
وتلك الأحكام تخص كلا من القلب واللسان والجوارح. [1]
ماذا يقصد بالجوارح وما وظيفتها
الجوارح لفظ جمع ومفرده جارحة، وهو يطلق على أعضاء الجسم التي يستخدمها الإنسان، قال في مختار الصحاح: جوارح الإنسان أعضاؤه التي يكتسب بها.
وفي لسان العرب: وجوارح الإنسان أعضاؤه وعوامل جسده كيديه ورجليه، واحدتها جارحة، لأنهن يجرحن الخير والشر أي يكسبنه.
ومن هنا يتضح أن كل عمل ينسب إلى العين والأذن واللسان هو أ
مثلة على أعمال الجوارح
، لأن كل عضو من تلك الأعضاء هو أعضاء جارحة، وقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: لا أعلم شيئاً من الجوارح أكثر عملا من اللسان، اللهم إلا أن تكون العين أو الأذن. إنما يقصد به المعنى العام للجوارح الذي يدخل فيه سائر أعضاء البدن.
ووظيفة أعضاء الجوارح الطبيعية، النطق لأعضاء الفم مثل اللسان والشفتان والأسنان واللثة واللهاة والحنك والحلق، والنظر كما يعرف وظيفة العينين، والسمع الذي هو وظيفة الأذنين.
ووظيفة أعضاء الجوارح العبادية ، مثل الصلاة، والحج، والجهاد، والنذور، أما العبادات اللسانية وهي التي تكون باللسان، وتكون بنية التقرب من الله سبحانه وتعالى، مثل الشهادتين والدعاء وتلاوة القرآن الكريم، والثناء على الله تعالى، والدعوة إلى الله عز وجل، والنصيحة للغير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [3]
المقصود بعبادة الجوارح
المقصود بعبادة الجوارح هو كل عمل صالح، يكون بأعضاء الجسد، مثل” اللسان وهو من أهم أعضاء الجوارح التي تقوم بالعديد من العبادات مثل ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن وأن تقر بوحدانية الله عز وجل، وتعليم الناس العلم الذي ينفعهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغيرها من الأعمال الصالحة التي تقساعدنا وتسهل لنا الطريق في التقرب إلى الله عز والرجل، والعين، واليد، والرجل، والبطن، والأذن والفرج”، فقد جاء لفظ الجوارح في القرآن الكريم في قول الله تعالى في : ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ). {الآية الرابعة من سورة النور}
أنواع عبادة الجوارح
تشمل أنواع عبادات الجوارح، جميع العبادات التي فرضها الله تعالى على عباده سواء كانت هذه العبادات نوافل أو غيرها من الأعمال الصالحة، ومن مظاهر عبادات الجوارح خضوع تلك الجوارح لأوامر الله سبحانه وتعالى، واستقامتها، وامتثال الشخص بجوارحه لجميع أوامر الله عز وجل وابتعاده عن كل نواهيه، وهناك أمثلة على أعمال الجوارح :
- تلاوة القرآن الكريم .
- و الصلاة وهي تعد كعماد الدين الإسلام.
- و الجهاد في سبيل الله.
- وترك المحرمات والمعاصي.
- وصيام شهر رمضان.
- والتوكل على الله عز وجل .
- و حج بيت الله الحرام.
- و أداء العمرة في بيت الله الحرام.
وجميع الأعمال الصالحة بمختلف انواعها، الأهم أن يقصد منها الإخلاص بالنية إلى الله تعالى بالعمل واللفظ والإحساس، فقال صلى الله عليه وسلم: الإيمانُ بضع وسبعون – أو بضع وستون شعبة – فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان”.
المقصود بعبادة القلب
أن مظاهر العبادة بالقلب، هو أن يكون القلب محبا لله تعالى يرجو مغفرته ويشكره على كل حال، ويخاف منه.
وفي النهاية يكون العمل الصالح هو الإيمان بالقول بإستخدام اللسان، والاعتقاد بإستخدام القلب، والعمل بإستخدام الجوارح، مع الإخلاص الكامل بالنية في كل هذه الأمور، فكل تلك الأمور ترتبط ببعضها ولا يمكن تجزأتها أو العمل ببعض منها وترك البعض حتى يكون الإيمان كامل، فلا يكون العمل، عمل صالح ولا يصح إلا عند توافر كل تلك الشروط فيه، فحقيقة الإنسان تتكون من جسد و روح، بالإضافة إلى الوجدان و العقل، ويجب أن يتناسب عملهم مع الطبيعة التي أوجدها الله تعالى عز وجل عليها. [2]
أنواع العبادات القلبية
العبادات القلبية توجد في أي طاعة فهي توجد في الصلاة والصيام والحج والصدقة، فإن اعتماد تلك العبادات يكون على الحب في طاعة الله تعالى، والخوف من معصيته، والرجاء في غفرانه، مع وجود الرهبة والإنابة، والرغبة والتوكل، فتلك هي الأساسيات لأي طاعة، فإن العبادات القلبية أثر كبير في النفوس، حيث أن العبد يتقرب إلى الله عز وجل من خلالها ويرجوه الثواب، فهو يقوم بعبادة الله تعالى حبا فيه ورغبة في ثوابه وخوفا من عقابه، وهذا يسمى روح العبادة.
تكون العبادة القلبية في :
- بر الوالدين : وهو طاعتهما في كل شئ عدا ما يغضب الله عز وجل، تنفيذا لأوامر الله سبحانه و تعالى.
- الصلاة : يجب أن تكون الصلاة بنية صادقة لله عز وجل مع وجود الرجاء لله تعالى.
هل العبادات القلبية أعظم من عبادات الجوارح
نعم في العبادات القلبية، قد تعوض العبد عن جزء من عبادات الجوارح أحيانا.
أثر العبادات
إن العبادة فرضت على الجميع فيقول الرسول- صلى الله عليه وسلم- في حديث شريف سأل معاذ بن جبل- رضي الله عنه- فقال: (هلْ تَدْرِي ما حَقُّ اللَّهِ علَى عِبادِهِ؟ قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: حَقُّ اللَّهِ علَى عِبادِهِ أنْ يَعْبُدُوهُ ولا يُشْرِكُوا به شيئًا ثُمَّ سارَ ساعَةً، ثُمَّ قالَ: يا مُعاذُ بنَ جَبَلٍ قُلتُ: لَبَّيْكَ رَسولَ اللَّهِ وسَعْدَيْكَ، قالَ: هلْ تَدْرِي ما حَقُّ العِبادِ علَى اللَّهِ إذا فَعَلُوهُ قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: حَقُّ العِبادِ علَى اللَّهِ أنْ لا يُعَذِّبَهُمْ).
والعبادات أثر في بناء شخصيات العباد، فهي تنجي العبد من النار ومن عذاب الله، وتدخل العبد الجنة، ويرضى الله سبحانه وتعالى عليه، وهذا يجعل العبد ينسجم مع الكون من حوله فكل شيء حولنا يعبد الله سبحانه وتعالى بطريقه، ويقول الله تعالى في كتابه العزيز :” (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أو كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ).
الخلاصة أن عبادة القلب، تتعلق بكل شئ يعتقد به الإنسان بوحدانية الله عز وجل، وأنه سبحانه هو القادر على كل شئ واي شئ.