اجمل قصائد من ديوان “مريد البرغوثي”
مريد البرغوثي
هو شاعر فلسطيني ولد في قرية تدعى دير غسانة، وهي قريبة من الرام الله في الضفة الغربية، ولد عام 1944 في 8 تموز، التحق بمدرسة رام الله الثانوية وتلقى تعليمه فيها، ثم سافر إلى مصر عام 1963، والتحق في مصر بالجامعة في مدينة القاهرة، ودرس اللغة الإنجليزية وتخرج عام 1967، وعام التخرج هو نفسه العام الذي قامت إسرائيل باحتلال الضفة الغربية، وقامت بمنع الفلسطينيين الذين خارج البلاد من الدخول إليها، ولشدة تأثره كتب مريد البرغوثي في كتابه المشهور الذي هو بعنوان رام الله عن هذا الموضوع، وبقي يتنقل بين البلاد العربية والأوروبية لمدة طويلة، حتى تمكن من العودة إلى رام الله بعد مدة من الزمن قاربت الثلاثين عاماً.
وتزوج مريد البرغوثي من روائية مصرية الجنسية رضوى عاشور، فهي أستاذة في الأدب الإنجليزي في جامعة عين شمس الموجودة في مدينة القاهرة، وقد أنجبا ولداً واحداً فقط وهو الآن شاعر وأكاديمي اسمه تميم البرغوثي.
ديوان مريد البرغوثي
-
في عام 1972 قام مريد البرغوثي بنشر ديوانه الأول الذي دارت أفكاره عن دار العودة في بيروت، فكان عنوانه الطوفان وإعادة التكوين، وفي عام 2005 نشر أحدث دواوينه الذي تمحور حول دار رياض الريس في بيروت، وعنوان منتصف الليل، وفي عام 1997 قامت المؤسسة العربية للدراسات والنشر بإصدار مجلد
شعر مريد البرغوثي
التي كتبها. - وقد كان لمريد البرغوثي صداقة عميقة مع الرسام الفلسطيني الراحل ناجي العلي حيث أنه تعرف عليه في أواخر الستينات، وقد كتب مريد البرغوثي عن شجاعة ناجي وعن استشهاده في كتابه الذي بعنوان رأيت رام الله، بعد أن تم اغتياله في لندن عام 1987، ورثاه شعراً بعد أن زار قبره قرب لندن بقصيدة استمد عنوانها من إحدى الرسومات التي رسمها ناجي أكله الذئب.
-
وتعرف مريد البرغوثي على الشاعر غسان كنفاني في بيروت، وكان مريد البرغوثي أحد منتقدي اتفاقيات أسلو، وقد عُرف بدفاعه عن الدور المستقل للمثقف وقام دائماً بالاحتفاظ بمسافة بينه وبين المؤسسة الرسمية ثقافياً وسياسياً، ولكن السلطات المصرية قامت بسجنه وترحيله عام 1977، في ظل زيارة الرئيس المصري أنور السادات لإسرائيل، وقد كتب ديوان بعد طرده من مصر بعنوان قصائد الرصيف عام 1980 وهناك
اقتباسات مريد البرغوثي
التي أُخذت من دواوينه وأشعاره.
أجمل قصائد مريد البرغوثي
أنتِ وأنا من ديوان طال الشتات
أنتِ جميلة كوطن محرر
وأنا متعب كوطن محتل
أنتِ حزينة كمخذول يقاوم
وأنا مستنهض كحرب وشيكة
أنتِ مشتهاة كتوقف الغارة
وأنا مخلوع القلب كالباحث بين الأنقاض
أنتِ جسورة كطيار يتدرب
وأنا فخور كجدته
أنتِ ملهوفة كوالد المريض
وأنا هادىء كممرضة
أنتِ حنونة كالرذاذ
وأنا أحتاجك لأنمو
كلانا جامح كالانتقام
كلانا وديع كالعفو
أنت قوية كأعمدة المحكمة
وأنا دهش كمغبون
وكلما التقينا
تحدثنا بلا توقف، كمحامييْن
عن العالم.
موسيقى بلا نُحاس من ديوان استيقظ كي تحلم
أعرف أنها لا تجيب لكني بين غارتين سألتُ الحرب أسئلةً بسيطةً من أين تأتين بهذه الهمة؟ تعلمين أنك لم تطلبي إجازة من عملك على أرض البشر منذ كان البشر ألا تفكرين ببيت يخصُّك له باب ينجره نجارون حقيقيون من خشبٍ مألوف باب إذا انفتح يستطيع كأمثاله أن ينغلق ونافذة حين تطل على مشهد فإنها لا تُغيره؟ ألم تُصادقي يوماً مخدة؟ ألا تفكرين بغرفة استقبال تقدمين فيها لضيوفك شاياً غير مهدد وموسيقى بلانحاس؟
باب العامود من ديوان استيقظ كي تحلم
باب العامود
قوس من صمت يوشك أن يحكي
ضجة أحفاد وهدوء جدود
حجر صارم
حجر شفاف يمكن للعين
مشاهدة الدهر من خلاله!
حجرٌ يتأمل حاله!
باق لا يرحل إلا للتاريخ وللذكرى ويعود باب العامو
باعة كعك بالسمسم
عالون وأطفال مدارس
جدات يسترون الرأس بشالات سود
لغة عربية
موسيقى العود
وسلاسل التين المقطوف على ضوء الفجر
وعيد لا يأتي في موعده
قلعة خوف وبسالَه
سحر يتأمل حالأخلاط من طيب
روح للروح وعاصمة للقلب
ووقت لفتوحات الخيل الأولى
يتعثر في وقت الدبابة
كل الصلوات بكل لغات السياح
المنهمكين بضبط الكاميرا
خدش الرونق في صوت الوحي
بضوضاء الميراج
سماء عكرها شيٌ غير الغيمِ
وأرضٌ فيها أسماء سيئة
بجوار الأسماء الحسنى
والعشب النابت في الأحجار
نوافد تاريخ مهدود
باب العامود
تطريزٌ فلاحيٌّ وبساطير جنود.[1]
قصيدة رضوى مريد البرغوثي
رضوى
يا قمح الخابية الذهبى لكل الجوعى
تنضجك الشمس المصرية
خبزًا للفلاحين يقوتهم
كى تبذر أيديهم قمحًا آخر
وتصيره أيديهم خبزًا
وتصيرين.
قومى يا دائرة الأشكال
وضمى هذا الكون الطفل وقوديه إلى الرشد
تلثمه شفتاك حنانًا
وتعالى نتبادل حمل الكون الطفل بكفينا
فالكون جميل، وثقيل، فتعالى
إنى وحدى.
لو ألقاك على جبل فى التيه، وما فيه
إلا أشواك الصحراء ووهج الشمس الشريرة
ورمال.. ورمال.. ورمال..
حتى سقف الأرض النائى
لانبعث الناس من الرمل وجاء الأطفال
وأتت آلاف صبايا الدنيا
ورجال وشيوخ وقبائل
وامتدت فى التيه صفوف من خيمات الآتين
وستجرى فى الصحراء الأنهار
يتعمد فيها الأطفال
وتسقى العطشى
يصبح وهج الشمس ضوءًا للعشاق
وعينًا ترعى الأولاد اللاهين
يبرق فى الأفق البرق الفضى وينهمر المطر
تترامى غابات الورد
وينبعث البشر
وأصير أنا
وتصيرين!
وإذا أمشى عند حفافى الشمس
أوقفنى النيل جوار الشارع
قاسمنى حفنة فستق
وتحدثنا
أخبرنى أنك ذات صباح
قدمت له وردة
فحملها بين الشطين على كفيه
وأتى بجميع الأطفال يحدثهم عن رضوى
ذات العينين الواسعتين
أخبرنى أن الوردة كبرت فى وهج الشمس
صارت غابات ظللت الشطين
سكنتها كل عصافير الوطن الجوعى
وبنت أعشاشًا ذهبية
غنت، طارت، عادت تحمل قمحًا من أبعد بيدر
حدثنى النيل وقال:
سألتنى عنها الأشجار
سألتنى عنها قطرات الأمطار
سألتنى عنها أطيار الفجر
سألتنى عنها مصر
حين ذهبت
مالت أزهار اللوتس نحو الماء
ومدت كفيها تستبقيك!
حين ذهبت
حقل من عباد الشمس تلفت نحوك
وتخلى عن وجه الشمس
حين ذهبت
صعدت كل الأفراس البيضاء لأعلى التل
تنتظر تفتح زهرات الوادى
كى تعرف أنك عدت
حين ذهبت
تغير معنى الطرق على الباب
وتغير عنوان البيت
يا رضوى إني والقمر والنجمات نسير إليك الليلة
وأنا والقمر الراعي والنجمات تعبنا ونعسنا
هل تأتين يا رضوى الغائبة بعيدًا
بعد البحر
ها نحن حملنا باقات الورد الأحمر
وتوزعنا
فى كل مداخل بلدتنا
ننتظر خطاك
صوت صهيل حصانك
وجهك يبزغ شمسًا فوق الزرع الطالع
يا رضوى
الزرع الأخضر طفل
القمر الأحمر طفل
والعالم طفل
فتعالى
ها نحن توزعنا فى كل مداخل بلدتنا
ها نحن حملنا باقات الورد الأحمر
.
وفاة مريد البرغوثي
توفي مريد البرغوثي 14 فبراير عام 2021، حيث أن العاصمة الأردنية عمان أعلنت عن وفاة الشاعر مريد البرغوثي عن عمر يقارب 77 سنة، وإن نجله الشاعر تميم البرغوثي كتب اسم والده على صفحته الفيس بوك، واكتفى بذلك لإعلام خبر وفاته للآلاف من الناس المتابعين لسيرة والده ولأشعاره وحياته الأدبية.
وقام عاطف أو سيف وزير الثقافة الفلسطيني بنعي الأديب الراحل، وعبر عن حزنه برحيل البرغوثي وصرح أن الثقافة الفلسطينية قد خسرت علماً من أعلامها، وأكمل أن الشاعر البرغوثي كان رمزاً من رموز الإبداع والكفاح، وقال أيضاً في بيان صحفي بأن الشاعر الراحل مريد البرغوثي هو من الشعراء والأدباء الذين عملوا على تكريس كتاباتهم وأشعارهم دفاعاً عن القضية الفلسطينية، وكانت أعماله الشعرية والنثرية تتخلل تخليد حكاية الكفاح والنضال الوطني بالإضافة إلى تعزيز الفكر الإنساني.[2]