لماذا يستحيل ان يكون للعالم اكثر من اله ” بالأدلة “

إن وحدانية الله تعالى أمر لاشك فيه لأصحاب الفطرة السليمة والعقول الواقعية، والتوحيد أمر موجود في كل الكتب السماوية وليس في القرآن الكريم فقط، ويروى أن المشركين قد أتوا للنبي عليه الصلاة والسلام وطلبوا منه أن ينسب لهم ربه، فنزلت سورة من أبلغ الكلام ، وهي سورة  الإخلاص ” قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد”، وهذه السورة رغم صغرها فهي تعادل ثلث القرآن الكريم، لما بها من معنًا عظيم، فهي تحمل صفات الرحمن عز وجل، فهو الواحد الأحد والسيد الذي كمل في سؤدده، والذي تلجأ إليه كل الخلائق، وهو لم يلد يومًا ولم يولد، ولا شبيه ولاند له.

لماذا يستحيل ان يكون للعالم اكثر من اله

إذا كان للكون أكثر من إله فسوف يأخذ كل واحد منهم نصيبه

يقول الله عز وجل في سورة المؤمنون [أية 91] ” ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون”.

ويقول المولى عز وجل في سورة “لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا، فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ” صدق الله العظيم، ونحن كمسلمون نؤمن جميعًا أن القرآن كلام الله عز وجل، وأنه أنزله على محمد عليه الصلاة والسلام وقد بلغه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام كما أنزل، لذلك فإن القرآن الكريم وحده دليل كافي على أن الله تعالى هو الإله الواحد خالق الكون ورب كل شيء ورب العرش العظيم، ولأن المولى عز وجل يأمرنا دائمًا بالتفكر والتدبر ، لم تخبرنا الآية الكريمة فقط أن الله هو الإله الواحد لكنها تأتي أيضًا بدليل منطقي على وحدانية المولى عز وجل،وهذا الدليل يدركه أي عقل يفكر بطريقة منطقية سليمة وليس المسلمين فقط.

إذا كان هناك أكثر من إله لحدث نزاع بينهم

فحتى في الثقافة الشعبية يقال ” أن المركب التي لها قائدان سوف تغرق لا محالة ” ولله المثل الأعلى وحاشا أن يكون له شبيه، لكن هذا الأمر مجرد تبسيط لفكرة بديهية وقد أوردها الله تعالى في الآية الكريمة بكل بساطة وبلاغة، فالكون بأكمله من السموات والأرض وما فيهما يسيران بنظام دقيق ليس له شبيه ولا يمكن حتى إنشاء أي نظام بشري شبيه له أو حتى يقترب من دقته، وهذا لأن من ينظم الكون هو الله الواحد ، فانتظام الكون وانسجامه هو دليل منطقي على وجود منظم واحد، لأننا لو افترضنا أن هناك منظمين اثنين للكون او ثلاثة أو عدة آلهة كما يدعي البعض ، فإنهم إما:

  • سيتنازعون الكون حتى يعلو بعضهم على الأخر، وبالتالي سيختل نظام الكون من أثر هذا النزاع (فنحن لم نرى من قبل حرب بدون خسائر).
  • وإما سيقتسمون السموات والأرض ويذهب كل فرد بنصيبه (وهذا لم يحدث).
  • وإما سيسيطر أقواهم على البقية، ويكونوا عبادًا له طائعين وهم بذلك لا يكونوا آلهة بل مجرد عبادًا لله.

يقول تعالى في سورة الإسراء [أية 43]”قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلًا”.

وهذه الآية الكريمة أيضًا هي حجة دامغة على الكافرين الذين يدعون وجود آلهة غير الله جل وعلا، فإذا كانوا موجودين لكانوا لابتغوا إلى صاحب العرش الذي استتب له الأمر طريقًا لينازعونه ويحاربونه ويبطلوا دعوته ويجلبوا براهينهم وأدلتهم أو حتى يطلبوا أن يكونوا في رعايته إذا لم يستطيعوا محاربته، وقد يبغي بعضهم على بعض، وهذا ما نراه من صفات جميع المخلوقات على الأرض، فإذا نظرنا للبشر على سبيل المثال نجد أن الحروب بينهم لم تنتهي منذ أن قتل قابيل أخيه هابيل لأنه كان يطمع في شيء منحه الله لأخيه وهو لا يملكه، وحتى في عالم الحيوان نجد أنها تعيش في قبائل لها زعيم واحد، فإذا أتى زعيم آخر ليحاول أن يسيطر على القبيلة فيجب أن يقاتل الزعيم الحالي قتالًا شرسًا جدًا وهذا الصراع لا ينتهي إلا بقضاء أحدهما على الآخر أو فرض سيطرة أحدهما على الآخر.

والله تعالى منذ أن خلق الإنسان كان يرسل الرسل ليبلغونا رسالته ويأمرونا بفعل ما يرضيه، وينهونا عن فعل ما يغضبه وكان أخر ما أنزله الله تعالى من كلمات لهدي الأرض هي القرآن الكريم الذي أنزل منذ 1442 سنة وهو الذي أخبرنا الله فيه أنه هو الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لا مثيل له ولا شبيه له وأنه جل وعلى أحسن الخالقين، فلو افترضنا وجود آلهة أخرى فلماذا لم نرى منهم أي رسالة لدحض رسالة الإسلام طوال تلك الفترة، وأيًا لنفي ما أخبرنا به المولى عز وجل.

ومما أخبرنا به المولى عز وجل أيضًا أنه سبحانه وتعالى فطر الإنسان على الإيمان بوجوده ففي قوله تعالى ” قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى”، وهذه الآية تعني أن الاعتقاد الراسخ بوجود الخالق هو أمر فطري داخل كل إنسان، هو أمر منطقي أيضًا، فمثلا إذا استيقظت يومًا من نومك ووجدت أمامك مائدة عامرة بكل ما لذ وطاب، فمهما كان اعتقاد سوف تفكر أن هناك شخص ما قد وضعها وأنها لم توجد من تلقاء نفسها، وأكثر من سيبحث عن صانعها هم الملحدون أنفسهم فهم لا يؤمنون أبدًا وجود صنعة بدون صانع، فما بالهم بهذا الكون الشاسع الذي يسير بنظام محكم لم يختل ولو لحظة، فلا الشمس تسبق القمرولا الليل يسبق النهار.

وحتى الوثنيون الذين يصنعون آلهة من تماثيل وحجارة أو يعبدون النار أو أي آلهة وثنية أخرى هم أيضًا دليل على صدق كلام المولى عز وجل، فهم لا يحتاجون للحجارة لأنها لا تنفعه ولا تضرهم وقد علموا ذلك يقينًا مثل قوم سيدنا إبراهيم الذين شاهدوا بأعينهم الحجارة التي يعبدونها وقد تحطمت دون أن تحرك ساكنًا، لكن عندما نفكر ما الذي دفعهم من البداية لصنع هذه الأصنام أو التفكير في عبادتها لن نجد أي دليل عقلي ولا منطقي، لكننا يمكن أن نجد في القرآن الكريم تفسيرًا وهي الفطرة التي خلقها عليهم الله عليها جعلتهم يعتقدون يقينًا أن لهذا الكون صانع ، لكن فطرتهم قد تشوهت فأطاعوا الشياطين التي سولت لهم سوء أعمالهم، وهذا ما دفعهم لصنع تلك التماثيل والإشراك بالله الحق جل وعلا.

وحتى أصحاب النظرية الداروينية الذين يزعمون أنهم يعتقدون أو يؤمنون فقط بالعلم، لم يقدر أحدًا منهم حتى اليوم على ذكر اسم مخلوق واحد مهما كان متناهي في الصغر أو كان الكائن الأكثر تطورًا على الأرض قد تحول من كائن لكائن آخر.

و قد كشفت لنا الدراسة المتعمقة والمستفيضة لجميع الكائنات الحية التي نعرفها، أن بعض الكائنات تمتلك إمكانيات متقدمة لدرجة لا يمكننا استنساخها بأعقد النظم التقنية المتوفرة لدينا اليوم،مثل نظام السونار الدقيق الذي تمتلكه الدلافين و الحيتان والإمكانيات الديناميكا الهوائية و كفاءة الطائر الطنان، و نظم التحكم و المقذوفات الداخلية و غرفة الاحتراق عند الخنفساء القاذفة وغيرها الكثير والكثير من الأمثلة التي تدل على أن هذا الخلق لم يوجد أبدًا بشكل عشوائي أو عن طريق الصدفة كما يدعون.