معاني تحملها الاية ” هل اتى على الانسان حين من الدهر”
معنى آية ” هل اتى على الانسان حين من الدهر”
آية “هل اتى على الانسان حين من الدهر” هي آية من سورة الإنسان التي تتألف من واحد وثلاثين آية كريمة وحيث أنها تقع بعد سورة القيامة وقبل سورة المراسلات وهي من السور المكية، وهنا جاءت الآية بصيغة الاستفهام ويستخدم الاستفهام في اللغة العربية للتشويق وليبعث الله في الإنسان تشويقاً ليعرف ماذا سيأتي بعدها وقد ورد حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “يا علي من قرأ (هل أتى على الإنسان) أعطاه الله من الثواب مثل ثواب آدم، وكان في الجنة رفيق آدم وله بكل آية قرأها مثل ثواب سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين”.
تسمى سورة الإنسان بسورة هل أتي أو الأمشاج أو الدهر بحيث أن مقص هذه الآية ترهيب الإنسان استعداداً للقيامة والتذكير بعذاب العاصي في النار والنعم التي سيحصل عليها المؤمن في الجنة بعد أن يتم جمع الخلائق كلها الإنس والجن والملائكة والجان وسائر المخلوقات الأخرى للحساب فعلى الإنسان تأمل آيات الله عز وجل وتدبر مبدأه وغايته وهذا يفسر تسمية هذه السورة بهل أتى والدهر والأمشاج من غير ميل أو اعوجاج.
كما إن المقصود من السورة بيان مدة خلقة آدم وهداية خلق الله تعالى لمصالحهم وذكر ثواب الأبرار في دار القرار كما ذكرت الآيات المنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره بالصبر على الشدائد والخشوع وقيام الليل وتنبيه البشر بإحكام خلقهم والإيمان بكلية المشيئة لله عز وجل، وجاء في فوله تعالى: “يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعدَ لهم عذاباً أليماً”.[1]
ما سبب نزول سورة ” هل اتى على الانسان حين من الدهر
“
لقد ورد سبب نزول سورة الإنسان في حديث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عن علي بن أبي طالب كان أعبد الناس فقال: “يصوم النهار ويقوم الليل ومنه تعلمَ الناس صلاةَ الليل ونوافلَ النهار وأكثر العبادات والأدعيةِ المأثورة عنه تستوعب الوقت ولن يخلَّ في صلاة الليل حتى في ليلة الهرير”.
وقد جاء في حديث ابن عباس إن رسل الله صلى الله عليه وسلم قال: “رأيته في حربه وهوَ يرقبُ الشمسَ، فقلت: يا أميرَ المؤمنينَ ماذا تصنع؟، قالَ: أنظرُ إلى الزوالُ لأصلي. فقلت: في هذا الوقت؟، فقال: أنما نقاتلهم على الصلاة. فلم يغفل عن فعل العبادات في أول وقتها في أصعب الأوقات. فجمع بين الصلاة والزكاة وتصدقَ وهو راكع”.
بعدها نزلت في الإمام علي بن أبي طالب آية كريمة “هل أتى على الإنسان حين من الدهر” وهذا هو سبب نزول سورة الإنسان على الإمام علي بن أبي طالب لكثرة تهجده وإيمانه بالله عز وجل.[2]
فضل سورة الإنسان
تتعدد فضائل سورة الإنسان من الناحيتين السلوكية والإيمانية وتتلخص الفضائل بما يلي:
الفضائل الإيمانية
- فضل منة الله تعالى على الإنسان الذي خلقه بعد أن لم يكن شيء يذكر فقد خلقه الله من عدم (من تراب وماء).
- وقد وفر الله عز وجل للإنسان كل سبل الهداية ووضع فطرة التوحيد في قلبهم وأرسل لهم الرسل والأنبياء وإنزال الكتب السماوية لهدايتهم فقد أمتنَّ سبحانه وتعالى على الإنسان بأدوات الإدراك التي تساعده على تحديد الخير والشر وهما (السمع والبصر) لكي يدرك عقله مراد الله تعالى من كتبه السماوية ويستشعر بقلبه الحق ويتبعهُ.
- لقد كانت الحكمة من خلق الله تعالى للإنسان هو ابتلاءه من ثمَّ تكليفهُ بعبادته سبحانه تعالى حتى يظهر مدى امتثاله لأوامر الله تعالى والتزامه بها.
- إن انقسام الناس إلى مؤمن وكافر مسير لإن جميع أعماله تدخل في قدرة الله سبحانه تعالى ومخير لأن له المشيئة والقدرة على إدارة أعماله ولكن حتى مشيئته وقدرته تقع تحت مشيئة وقدرة سبحانه تعالى.
الفضائل السلوكية
- التواضع لله سبحانه تعالى وشكر آلاءه ونعمه وعلى الإنسان استشعار فضل الله عليه وعدم الجحود والكفر فيها والشكر الدائم له والحذر من سوء الأدب معه والعجب بنفسه والكبرة على الحق.
- إن قراءة سورة الإنسان في الركعة الثانية من صلاة الفجر يوم الجمعة سنة نبوية شريفة يجب الاقتداء بها فهي من الآيات التي تهذب خلق الإنسان والتي يجب عليه الاطلاع على معانيها أسبوعياً وعرضها على قلوبنا لتهذيبها.
- يجب أن نتفكر في آيات الله الكونية والشرعية وندعو الله تعالى إلى الهداية إلى السراط المستقيم وأن نستعين بذكر الله ونشكره ونحسن في عبادته.[4]
فوائد سورة الإنسان الروحانية
يوجد بسورة الإنسان الكثير من الفوائد التي تعود على الإنسان ومن هذه الفوائد:
- توجب سورة الإنسان الإخلاص في الأعمال إلى الله تعالى.
- فضل الآية في الإحسان والأمر بالإحسان والندب إليه.
- فائدة إخفاء أعمال الخير وسترها، العمل الصالح لا يعقبه مدح وثناء، كما بينت الآيات صفات الأبرار، وبيت الأعمال الصالحة والصفات التي يقتدي بها الناس ليصبحوا من الأبرار، التعوذ من الكبر أهله لأنهم أبعد الناس إلى الخير، والتشبه بالأبرار والحذو حذوهم.
- أعمال البر الخالصة لله عز وجل تعمل على صلاح القلوب وخشوعها، والجزاء من جنس العمل، إن أعمال البر سبب من أسباب الدخول إلى الجنة وإن فضل مجالس البر وأهله سبب من أسباب طاعة الله تعالى.
- فضل الإيثار والأمر به وندب الناس وحثهم إليه، وإن فضل الله عز وجل أحسن وأوفر للإنسان وفضل الإنفاق فالإنسان لا ينال البر إلا بالإنفاق مما يحب فكلما كان الإنفاق أكثر حاجة إليه كان أعظم وأفضل وأبر من الله عز وجل.
- لا يوجد أمام الإنسان سوى طريقين طريق الفجار (الكفار) وطريق الأبرار (المؤمنين) ولكل من الفجار والأبرار علامات ودلائل تدل عليهم وترشد الناس إليهم.
- وقد وردَ في الآيات ذم البخل والشح وأهلهما فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون أهل الشح والبخل من أهل البر والتقوى.
- وقد أوجبت الآيات الوفاء بالنذر فهي سبب من أسباب البر والتقوى ودخول الجنة كما أن الوفاء بالنذر من علامات أهل البر الدالة عليهم.
- وردَ فضل إطعام الطعام سبب من أسباب البر والتقوى ودخول الجنة ومن علامات أهل البر وعلامة عظمة يوم القيامة وأهواله وكما أكدت الآيات إلى الندب إلى التذكير بيوم القيامة والخوف منه.
- وردَ في الآيات فضل الجنة وبيان نعيمها على سبيل الترغيب إلى الأعمال الصالحة لدخولها والتخويف من أهوال يوم القيامة على الكفار لترهيبهم والخوف من عقاب الله هي صفة من صفات الأبرار.
- للفجار والأبرار علامات وسيم خاصة بهم في الدنيا وفي الآخرة فإن وجوه الفجار عابسة وكالحة ومغبونة أما وجوه الأبرار ناضرةٌ ومسرورة في يوم القيامة.
- إن أساليب القرآن الكريم تحث على القيام بالأعمال الصالحة ولا سيما أعمال البر بحيث يقوم الإنسان بالثناء عليها والاقتداء بها بحيث تم البيان على ثوابها دون الإلزام إلا بالنذر ليقدم العبرة والعظة للناس من أجل السير عليها.
-
حضت أساليب القرآن الكريم على التحذير من الأعمالِ السيئةِ التي يقوم بها الفجار والتحذير منها والقيام بتوبيخ فاعلها من باب النصيحة وليس التشهير فهذه هي أساليب الوعاظ التي يجب الاقتداء بها. [3]