الاعجاز العلمي في آية ” يَخْلُقُكُمْ في بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ “
الإعجاز العلمي في آية ” يَخْلُقُكُمْ في بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ “
الإعجاز العلمي في قوله تعالى ” {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ(6)} ” [الزمر] ، يبين الله تعالى أنه خلق الجنين في ثلاث ظلمات ، وعند بيان العلماء لهذه الظلمات وقع بينهم خلاف ، وذهب بعضهم إلى أنها ظلمة الرحم ، وظلمة البطن وظلمة المشيمة ، ورفض أخرون هذا التفسير ، ولكي نقوم بتوضيح هذا الأمر علينا الوقوف على مفردات ، ومعاني الآيات ، وتفسير آراء العلماء فيها .
المعنى اللغوي لأية ” يَخْلُقُكُمْ في بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ “
قال ابن منظور في لسان العرب ، أن كلمة الظلمة بضم حرف اللام تعني ذهاب النور، والظلمة هي عكس النور ، وجمعها ظلمات ، أو ظلم بفتح اللام ، وحرف الجر المذكور في الآية (في) دليل على ظرفية المكان ، ودليل أيضا على الاحتواء ، وكلمة بطن تعني الجارحة، وجمعها بطون ، قال تعالى ، (وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ) [النجم/32[ ، وهذا دليل على احتواء البطن للمكان الذي يوجد فيه الجنين وهو البطن ، ويقال على كل شيء خفي باطن ، وكل شيء واضح ظاهر .
مكان خلق الجنين في الرحم داخل البطن
دلت الكثير من الآيات القرآنية على أن خلق الجنين يتم في رحم المرأة ، ومن هذه الآيات :
- قال تعالى (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، (6) آل عمران .
- قال تعالى (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ (8) ، سورة الرعد
- قال تعالى (وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ (34) ، سورة لقمان .
جميع هذه الآيات توضح أن مكان خلق الجنين وتكوين ، ومعيشته طوال التسعة أشهر في بطن أمه تكون في الرحم ، وأثبت العلم ذلك ، ودل أيضا على أن بقاء الجنين خارج الرحم قبل اكتماله قد يسبب موته وهلاكه . [1 [
أقوال المفسرين حول يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ
- تفسير ابن جرير الطبرى : وقوله : ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ ) ، يقول أن الله تعالى يخلقنا في بطون أمهاتنا خلقا بعد الخلق ، حيث يجعل في الرحم في بداية الأمر نطفه ، ثم يجعلها بعد ذلك علقه بأمره ثم مضغة ، ثم يخلق له العظام يم يكسو العظام باللحم ، والجلد ، ثم يجعله إنسان كامل الحواس ، والأعضاء قادر مجهز المعيشة على كوكب الأرض ، وبهذا الرأي قال عكرمة ، والضحاك ، وقتادة ومجاهد .
- وقال آخرون : بل معنى ذلك: أن الله يخلقكم مرة ثانية في بطون أمهاتكم بعد أن خلقكم أول مرة من ظهر آدم لما روي عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” إن الله لما خلق آدم مسح ظهره ، فأخرج كل نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة ، ثم أسكنه بعد ذلك الجنة ، وخلق بعد ذلك حواء من ضلع من أضلاعه ، وقالوا أن هذا ما يعني خلق من بعد خلق .
- وبه قال ابن زيد قال : أنه يخلقكم في الرحم في بطون أمهاتكم من بعد أن خلقكم أول مرة من ظهر آدم .
- وأكثر الأقوال صوابا هو رأي عكرمة ومجاهد والضحاك ، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى أخبر في كتابه العزيز أنه يخلق الإنسان خلق ثاني من بعد الخلق الأول في بطون الأمهات في ثلاث ظلمات .
- ولم يخبر أن الخلق الأول قبل خلق خلقنا في بطون أمهاتنا هو خلقنا من ظهر آدم ، وذلك في قوله تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ، (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ (15)} ، [المعارج]
-
وقوله تعالى في سورة الزمر : يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ [الزمر :6] المقصود من
الظلمات الثلاث
، ظلمة البطن ، وظلمة الرحم ، وظلمة المشيمة ، وهذا ما قال ابن عباس وعكرمة وقتادة ومجاهد والضحك ، كما نقل هذا أيضا عن بعض المفسرين أمثال الطبري ، ان الظلمات الثلاث تعبر عن ظلمة كل من الرحم والبطن والمشيمة . [2]
الأحاديث الدالة على إعجاز المولى عز وجل في خلق الإنسان
لم يرد إعجاز اللع عزو وجل في خلق الإنسان في القرآن الكريم فقط بل أيضًا ورددت الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدل على هذا الإعجاز ، ومن الأحاديث الدالة على الإعجاز في خلق الإنسان أيضًا
عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال ، حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ، ((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا ، نطفة ثم يكون علقةً مثل ذلك ، ثم يكون مضغةً مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلماتٍ ، بكَتْبِ رزقه وأجله وعمله ، وشقي أو سعيدٌ، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه ، وبينها إلا ذراعٌ ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) ؛ رواه البخاري ومسلم .[3]
وقوله خلقا من بعد خلق أي طورا من بعد طور
- الطور الأول ، وهو النطفة وهي عبارة عن جسم مستدير صغير يشبه الدودة .
- الطور الثاني ، وهو طور العلقة وتكون في حجم نملة كبيرة ، وتتكون بعد النطفة بما يقدر ثلاثة وثلاثون يوما .
- الطور الثالث ، هو المضغة وهي عبارة عن قطعة من اللحم حمراء يشبه حجمها حجم النحلة .
- الطور الرابع ، يصبح الجنين بطول ثلاثة سنتيمتر .
- الطور الخامس ، يصبح طوله حوالي 15 سنتيمتر في الشهر الثالث.
- الطور السادس ، تزيد أعضاء البطن ويظهر على جسده ما يشبه الزغب ، وتزيد أعضاء البطن ، وتظهر الأظافر .
- الطور السابع ، يزيد طوله الضعف وتقوى أظافره .
- الطور الثامن ، يكون الشهر السابع ، ويقل الاحمرار ، ويتكاثف الجلد ، ويزيد طول الشعر ، وتبرز عظام جمجمته. [4]