الموازنة بين الكتابة في العصر الاموي والعصر العباسي

الموازنة بين الكتابة في العصر الأموي والعصر العباسي

دائما ما تكون الموازنة بين أديبين أمر يسير ولكن الموازنة بين أدباء عصرين فهذا من الأمور السيرة حيث أن كل شخص يختلف بطباعه وتفكيره عن الآخرين ، ولكن بالطبع يتأثر مجموعة الأفراد التي تعيش في نفس العصر بالأحداث والتطورات التي تحدث حولهم لذلك سوف نوازن بين تطور فن الكتابة بين كلا من العصر الأموي والعصر العباسي والعوامل التي أثرت على كلا منهم .

الأدب في العصر الأموي

كان ظهور الأدب الإسلامي أحد أبرز نتائج نشأة الدولة الإسلامية ، ويختلف كثيرا عن الأدب في العصر الجاهلي من حيث خصائصه وموضوعاته ، وبسبب قصر فترة الدولة الإسلامية لم يستطيع الأدب الإسلامي الظهور جيدا وفرض سيطرته وسماته وأغراضه الشعرية الجديدة ، ونشأة الدولة الأموية ساعدت على ازدهاره عن طريق العديد من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالإضافة إلى طابع التدين لدى أفراد العصر الأموي .

العوامل التي ساعدت على ازدهار الأدب في العصر الأموي

  • وبرزت المؤثرات السياسية بشكل واضح في هذا العصر ، وذلك نتيجة نقل الأمويين للعاصمة الخلافة بعيدا عن الحجاز إلى الشام مما أدى إلى تعرض الشعراء لبيئة مختلفة عن بيئتهم التي اعتادوا عليها في الحجاز وكان ذلك مصدر إلهام لهم .
  • تأسيس بنو أمية ملكهم الخاص الذي توارثوه بينهم فيما بعد ، واستطاعوا قمع كل معارضة من شأنها سلب الملك منهم ، وساعد على ذلك المقدرة السياسية لخلفاء بنو أمية التي مكانتهم من توارث مقاليد الحكم ، وكانت الردود المعارضة لتوارثهم الحكم واستيلائهم عليه كثيرة وعنيفة من الأهالي والجهات المختلفة ، خاصة الخوارج حيث كانوا يرغبون في جعل الخلافة عن طريق الشورى لا يتم حصرها في قريش فقط بل من حق أي شخص تتوافر فيه مؤهلات الحكم أن يتولى الخلافة ولو كان عبدا حبشيا . [1]

الكتابة في العصر الأموي

اشتهرت الكتابة بين العرب منذ العصر الجاهلي وذلك لحاجتهم إليها فكانوا يكثرون من كتابة المواثيق والعود والصكوك التجارية ، وفي كتابة الرسائل أيضا، وقد أشار القرآن الكريم في أكثر من موضع إلى القلم والكتابة نحو قوله تعالى (ن ، والقلم وما يسطرون) (سورة القلم) ، كما نجد في أشعار الجاهلية الكثير مما يدل على معرفتهم بأن الكتابة ولكنه لم يكن فن شائع حينها ، حيث كان أكثر العرب أميون، وكانت الكتابة تنتشر بين أفراد الحضر عن أفراد البدو ، وعند قيام الدولة الإسلامية واتساع رقعتها أصبح الأمراء بحاجة للكتابة أكثر من السابق لكتابة الأوامر والمواثيق والمراسلات ، كما كان يكثر كتابة الوحي أيضا حينها ، وازدادت الحاجة للكتابة أكثر في الدولة الأموية لاتساع رقعة الدولة ، وإنشائها للدواوين مما أدى إلى تنشيط حركة التدوين حينها .

وكان في عصرهم الكتاب المحترفون وزاد تعينهم حيث أن كل خليفة أو وال يحتاج لكتاب خاصين به ، وكانوا يكتبون بلغات مختلفة أيضا فمنهم من كان يكتب بالفارسية ومنهم من كان يكتب العربية ومنهم من كان يكتب بلغة الروم وهكذا ، ولكن ديوان الرسائل منذ نشأته كان لا يكتب إلا بالعربية ، وكان من أبرز الكتاب العرب في هذا الوقت عمرو بن نافع الكاتب الخاص لعبيد الله بن زياد ، واللي بن الرقية الكاتب الخاص بالملك عمر بن عبد العزيز .

خصائص الكتابة في العصر الأموي

  • كانت تشبه الكتابة في العصر الأموي كثيرا ما كانت عليه في عصر صدر الإسلام لذلك كانت تتميز بالإيجاز والبساطة والبعد عن التكلف والتنميق ، ولكن بعد أن تطورت حياتهم الإجتماعية والسياسية وأصبح الفرس يتولون وظائف الكتابة تغيرت الأساليب تماما وتطور فن الترسل والأدوات الخاصة به .
  • تتميز الكتابة في العصر الأموي أيضا بتطويل الرسائل وتكرار الألفاظ وتكرار المترادفات ، و الإسراف في الصنعة .
  • تميزت أيضا بإطالة التحميدات في أوائل الرسائل ، وزيادة التصوير الفنية ، إختيار ألفاظ جديدة ومتنوعة ، توازن الجمل ويعتبر هذا ضمن


    الفرق بين الكتابة في العصر العباسي والعصر الأموي


    .

    [1]

الأدب في العصر العباسي

ازدهر الأدب بشدة في العصر العباسي وانتشرت مؤلفاته الأدبية ، وتوسع الأدباء والعلماء في تعريفهم للثقافة حيث جعلها تشمل المعرفة بأكملها ، وهنا أصبح الشخص الأديب هو الشخص الذي يعرف اليسير عن كل شيء ، وتنوعت الأغراض الأدبية المؤلفات التي ظهرت في هذه الحقبة الزمنية ، وأهم ما ميز الأدب في العصر العباسي هو قيامه وانتشاره بشكل واسع مما أدى إلى تكوين نهضة أدبية قوية ، وكان أكثر أنواع الأدب انتشار حينها هو الشعر ويتساءل الكثير عن


الفرق بين الدولة العباسية والدولة الأموية


، وهذا ما قمنا بتوضيحه في السطور السابقة .

العوامل التي ساعدت على ازدهار الأدب في العصر العباسي

  • اتساع رقعة الدولة في الحكم العباسي نتيجة حروبهم المستمرة وخروجهم لمحاربة الصينيين، وأطلق على هذه المعركة اسم معركة گلاس وبالرغم من عدم احتدام المعركة، وأنها كانت مجرد مناوشات صغيرة إلا أنها حققت إنجازات مهمة ، منها معرفة العرب سر صناعة الورق من بعض الصينيين الذين تم أسرهم .
  • اهتم خلفاء الدولة العباسية برعاية العلماء والأدباء وإغدافهم بالأموال وتلبية احتياجاتهم .
  • قامت الدولة بترجمة العديد من النصوص المختلفة اللغات للغة العربية في مجالات متنوعة كالطب والفلك ، مما أدى إلى ازدهار ونشاط الحركة الأدبية في العصر العباسي. [2]

الكتابة في العصر العباسي

من البديهي في ظل هذا التطور الأدبي الملحوظ الذي شهدته الدولة العباسية، أن تظهر الكتابة وتتطور تطورا ملموسا ، بدلا من فن الخطابة ، مما أدى إلى قيام الكتاب المتخصصين في كتابة الدواوين ، والذين يقومون بتدبيج الرسائل ، بإعداد تقارير عديدة وتحبير القراطيس ، ثم تنوعت الأشكال الخاصة بالتعبير فأصبحت أكثر قدرة على استيعاب جوانب الفكرة الكثيرة المختلفة ، والنزاعات الحياتية الجديدة .

ومن البديهي أيضا أن تصبح الترجمة أحد أهم ضروريات الحياة الفهمية التي كان للأعاجم الفضل في تنشيطها ومن هؤلاء الأعاجم ، السريان والفرس، مما أدى إلى تنوع مذاقات الأدب نتيجة تنوع الثقافات القادمة ، كما ازدهرت أغراض الشعر المختلفة الأخرى أيضا، كالنثر الفني والأدبي والفهم والفلسفي ، وأصبحت الكتابة أحد أهم وسائل حفظ هذه العلوم المتنوعة لضمان سلامتها وعدم ضياعها ، وليس الهدف هنا هو الكتابة التدوينية فقط بل ازدهرت أيضا أنواع أخرى من الكتابة منها التوقيعات وهي نوع حديث من الأدب ، يستخدمه الملوك لإثبات مسئوليته لشئ معين ، من هذا القبيل ما سقط به الخليفة أبو جعفر لأهل الكوفة في ذيل رسالة تظلم تجاه واليهم : «كما تكونوا يولَّ عليكم»، وما سقط به هارون الرشيد إلى عامله في خراسان وقد شكا إليه سوء الأحوال : «داوجرحك لا يتسع»، وما سقط به المأمون لوال فاسد : «قد كثر شاكوك ، وقل شاكروك ، فإما اعتدلت، وإما اعتزلت…».[3]