ما هي الفطرة الانسانية
تعريف الفطرة الانسانية
اختلف العلماء في البدايات على اعطاء معنى للفطرة وذلك بسبب عدم دلالة قطعية ألفاظها ، انما يجب فهمها من سياقها التي وجدت عليه ، ولكن اجمع علماء النحو ان الفطرة لغة تعني الخِلْقةُ ، اما بالمعنى الاصطلاحي فتعني الطَّبع السَّويُّ، او الجِبلَّة المُستقيمةُ التي وضعت بداخلنا من قبل الله سبحانه وتعالى في اول الخلقة.
واوضح القران الكريم المعنى الجلي للفطرة ، فيقال ما يزال على فطرته الاولى اي طبعه ، وصفته التي اوجده الله عليها في بداية حياته أي بداية خلقه ، وهي الفطرة الانسانية.
فالله سبحانه وتعالى قد خلق الانسان بفطرة سوية محبة ومهيأة لفعل الخير الدائم والميل باتجاه الحق ، ومن هنا نؤكد على أن طبيعة فطرتنا الانسانية تبتعد تمام البعد عن السلوك الانحرافي ، اي مهما برر الانسان او اوجد حجج لاي سلوك سيئ قد ارتكبه فهو يعلم في قرارة نفسه ميزان الصواب والخطأ ، وبالتالي لا يسلم هذا الميزان ان لم يسلم القلب ولا يصح ايضا الا بصحة قلبه .
والقلب ايضا لا يصح الا اذا كان ارتباطه بالدين ارتباطا سليما ، فملة الاسلام قائمة على الفطرة السليمة لذا قيل ان الاسلام هو دين الحنفية ، حيث يعني مفهومها عند العرب بالمستقيم، اي الدين المستقيم ، ولكن تعمل العوامل والتغيرات البيئية على تغيير ، واختلال تلك الفطرة او الحفاظ عليها .[2]
اسباب اختلال الفطرة الانسانية في مفهوم الدين
أشار الرسول الكريم في أحد أحاديثه الشريفة على أن الفطرة وارد تغيرها بتغير البيئة المحيطة ففي قوله “فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه” ، أي أن البيئة التى ينشأ ، ويوجد فيها الفرد تكون سببا من
أسباب انحراف الفطرة الانسانية
التي فطر عليها.
وبالتالي يتغير سلوك هذا الفرد ، وذلك حتى يرشد ، ويعقل ، ويعلم الصواب والخطأ ، فبداية من هنا يرفع عنه العذر ، ولا يجب ان يتحجج ببيئته التي نشأ فيها لانه اصبح مدرك تمام الصواب من تمام الخطأ ، وقد اشار الرسول الى ذلك ايضا فقال صلى الله عليه وسلم ” ، حتى يعرب عن لسانه ويصله العلم الصحيح” ، وهذا يوضح انه اذا ما وصل المرء لمرحلة التمييز يكون مسؤل تمام المسؤلية عن تصرفاته صواب كانت ام خطا.
وتم توضيح هذا التغيير الفطري من قبل الرسول على النحو التالي ، حيث أشار الرسول أن البهائم تولد كاملة الهيئة وسليمة البنية لا نقص فيها ، ثم بعد ذلك تنضج وتخصى ، فمن هنا علم ان التغيير قائم على الفطرة السليمة والسبب في ذلك البيئة التي تمثل فى الاباء والمجتمع المحيط ، وعلى نفس الصعيد ، الشياطين.
فاذا سلمت البيئة ينشط دور الشياطين في محاولة لتغيير طبيعة الفرد السوية وجعلهم ينحرفون عن فطرتهم السليمة ، ودفعهم لارتكاب الاخطاء والمعاصي ففي صحيح مسلم روي عن النبي عن رب العزة ، فيما معناه ، ان الله قد خلق عباده كلهم حنفاء مستقيمين فشتتهم الشياطين حيث احلت لهم ماحرمه ، وحرمت لهم ما احله وامرتهم ان يشركوا به وبما انزل وان يتبعوا كافة
أنواع الغرائز الانسانية
الغير سوية.
وروي ايضا فى مسند الامام احمد من حديث بن سريع ، أن الرسول الكريم كان قد أمر بارسال سرية لقتال بعض المشركين، فأفضى بهم الحال الى قتل طفل من ابناء المشركين ، فحين علم الرسول بهذا غضب وقال لهم : ما أوصلكم الى قتله ؟ فاستعجبوا وقالوا : يارسول الله أليس من ابناء المشركين ؟ ، فاجابهم الرسول : وهل كان خيارهم ان يولدوا لاباء مشركين؟ ، ومن ثم نهض مخاطبا فيهم أن كل مولود يولد على فطرة الاسلام حتى يعرب لسانه ويميز السئ من الطيب .ومن هنا وجب الاعتبار ان الفطرة هي ميزان لسلوكنا الداخلي. [2]
علاقة الفطرة بالغريزة
عرفت الغريزة من الاتجاه العلمي على انها المعالجة اللا شعورية للمعلومات شديدة التعقيد فى الفكر العقلاني، وذلك عند كافة الكائنات الحية ، وهي مرتبطة ارتباط وثيق بالحدس ، حيث يتم اكتسابها فهي من المحركات الاولية للسلوك، ويستعمل مصطلح غريزة بشكل اكبر مع الحيوانات منه عن الانسان .
فالغريزة عند الحيوانات ليست شعورًا ، لكنها نزعة فطرية “متأصلة” نحو سلوك معين، ومن المعروف ايضا ان الغرائز ما هي الا ردود فعل تلقائية للمحفزات البيئية التي لا يمكن قمعها وتحدث في كل فرد من النوع.
ومثل جميع الحيوانات ، لدى البشر غرائز وسلوكيات جينية صلبة تعزز قدرتنا على التعامل مع الطوارئ البيئية الحيوية، فمثلا لدى الناس خوف غريزي من الثعابين، حيث نخاف من الأفاعي لأن البشر تطوروا جنبًا إلى جنب مع هذه المخلوقات ويعلمون طبيعتها ، ويعلمون ان كثير منها خطير ، ونتيجة لذلك أنقذ هذا الخوف حياة أسلافنا وأصبح سلوكًا فطريًا متأصلًا ، والذى يُعرف أيضًا باسم الغريزة.
نحن نستخدم الكلمات كغريزة والحدس الفطري بالتبادل ، وعلى الرغم من وجودهما على نفس الطيف ، لا يزال هناك فرق حاسم بين الفكرتين ، و
الفرق بين الغريزة والفطرة
يكون كالاتي ؛ وذلك بالمعنى المصطلحي فقط ، حيث تأتي الغريزة من كلمة غرس ، أو “الدافع” ، مما يعني أنها ميل بيولوجي ، اي إنه رد الفعل العابر الذي يحدث في أجسادنا ، لاقتراح قد حدث فجأة ، فالهدف منها هو اشباع حاجات داخلية للانسان ، كالهروب من مواقف الخطر ، او التماس الطعام عند الجوع الغريزة الجنسية وغيرها.
وعلى النقيض يأتي معنى الحدس الفطري من كلمة الحدس ، أو “مراعاة” ، مما يعني أنه اعتقاد متراكم، أي المجموعة المستمرة والمتراكمة من الخبرات ، والتي تتعلق بكل شيء حدث له حتى الان ، وللتخصيص اكثر تندرج نحو الميول والمعارف التي ركزت فى اعماق الانسان ، والتي يسعى في استعمالها من اجل الوصول الى الكمال في هذه الحياة.
في النهاية يجب ان نعلم ان الفطرة التي اوجدنا الله عليها هي نتاج ميثاق الله على مخلوقاته عامة ، وعلى بني البشر خاصة ، حيث جمعهم الله جميعا قبل خلقهم واشهدهم على انفسهم ، ألست بربكم قالوا بلى ولهذا يجد كل انسان بداخله صوت الحق الذي ندعوه بالضمير الحي ، حيث يعلوا هذا الصوت داخل البنية السوية اكثر من غيرها ، وذلك لان الانسان قد يحكم على هذا الضمير بالموت اذا امات قلبه بالانسياق في جرار الذنوب والمعاصي واتباع خطى الشيطان والانحراف عن اوامر الله وهدي رسوله.
فسلامة الفطرة تعني سلامة القلب ، والطباع ، والاستقامة على ملة الاسلام وشرع الله ، ولا نجد هذا الا في البشر المستقيم ، اما السلوك الغريزي المدعو بالغريزة يكون لضمان بقاء استمرار النوع ، وهو سلوك قائم في الحيوانات والبشر ، ويكون الرقيب ، والمتحكم في الغريزة هو السلوك العقلي ، حيث يعمل العقل على تهذيب غرائزنا حتى نسمو لتتماشى مع منهج الله. [1]