أسباب انحراف الفطرة الإنسانية
ما اسباب الانحراف عن الفطرة الانسانية
ولد كل ابن ادم على فطرة الانسانية ، وهي الفطرة التي خلق عليها الانسان ، ففطرة الانسان لا تنفصل عن ذاته الخارجية او الداخلية ، لانها تعتبر بداية معرفة ، وشعور ، واحساس الفرد بالحياة ، ولكن تعمل التغييرات الحادثة في بيئة الفرد على جعل تلك الفطرة تميل عن الطريق السوي كحب المال ، او حب الحياة ، او حب الولد ، وغيرها.
كما تعمل على جعله ينفر من ذكر الاشياء الصحيحة كذكر الموت ، فترى من يبكي عند ذكر الموت امامه رغم انه لم يجربه ولكن ذلك الميل جعله يجبل على النفور من تلك الاشياء، وهناك عدة اسباب ودوافع تدعو الانسان الى الانحراف عن الفطرة التي خلقه الله سبحانه بها ، وهي كما يلي : [1] ، [2]
النفس البشرية
وتعتبر النفس من اهم الاسباب وان لم يكن اخطرها في التحكم في سلوك الانسان، فهي التي تعمل على تحديد سلوك الانسان ، ووضعه في نصاب الطريق ، ففي رواية أحد الصحابة أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان اذا قرأ قوله تعالى “قد أفلح من زكاها” ، أتبعها بقوله “اللهم آت نفسي تقواها، أنت وليها ومولاها، وزكها فأنت خير من زكاها”.
وهذا أقوى دليل على ان النفس بيدها ان تاخذ بصاحبها الى الهلاك وبيدها ايضا ان تنجيه، وذكر أيضا في القرآن الكريم أن النفس تعرف طريق التقوى كعلمها بطريق الفجور، وانه ايضا ألهمها الزهد عن الفجور، كما رغبها في التقوى ؛ ومن هنا وجب الاعتبار ان النفس تلعب دورا لا يستهان به في تحديد مصير الانسان ، ولا نهول حين نقول عنها انها العدو الاول له ، فبمقدرتها غرز النفس في شتى
أنواع الغرائز الانسانية
السيئة ، كما تستطيع تهذيب النفس وجعلها شخصية سوية مستقيمة.
الشيطان
أوضح لنا الله من خلال اياته في القران الكريم ان الشيطان هو عدو لنا ، وذلك منذ بدء الخليقة ، فكما كان سببا في عدول سيدنا آدم عن أمر الله ، وهو ساكن في جنته ، فلن يوفر جهدا ايضا في انحرافنا عن اوامر الله ونحن في أرضه ، حيث أقسم على اغوائنا وابعادنا عن الطريق المستقيم ، وأكدت آيات الله ان الشيطان لا يمتلك سلطة علينا ، وذلك اذا توكلنا على الله ، فقرار الانحراف في بادئ الامر يكون بيد صاحبه.
الشهوات
من منا لم ينجرف في طريق الشهوات ، والمعاصي فنحن كبشر لسنا معصومين من الخطأ ، والانجراف في اتجاه الملذات الدنيوية ، ولكن اذا لم يتم التحكم في تلك المشاعر الغير صائبة فنحن بذلك نؤدي بأنفسنا الى التهلكة ، حيث يحدث انحراف للشخصية خاصة اذا كانت هذه الشخصية مريضة ، لا تستطيع التحكم في اندفاعاتها ، فتبقى حبيسة للخطأ ، وكباقي دوافع الانحراف ذكرت الشهوة ايضا في القران ولكن بمصطلح “الهوى” ، واوصانا الرسول الكريم ايضا بمجانبة الهوى ، أي مخالفته ، لان الهوى يدعو الي العمى ، أي الى الضلال في الدنيا والاخرة.
وفي رواية عن الامام علي “رضى الله عنه ” أن الله يرحم النفس التي تنزع عنها شهوتها، وتقمع الهوى بداخلها، فان ذلك أبقى للنعمة.
معنى الانحراف
يعرف الانحراف في اللغة على انه الميل والعدول والمجانبة ، اما معناه الاصطلاحي، فهو البعد عن الطريق المنشود، او الاختلال مع قواعد ، ومعايير المجتمعات ، بالاضافة الى انه وصلة خزي وعار تلتصق بالافراد الذين يرتكبون الافعال الغير مستقيمة ، والتي تبعدهم عن طريق الجماعات السليمة ، ليمتد الى الابتعاد والخروج عن حدود المجتمع أي التسامح العام .
أما تعريف الانحراف بالنسبة للشريعة فهو الابتعاد ومجانبة الفطرة السوية واتباع طريق الضلال المنبوذ الذي حذرنا منه الله ورسوله ، وبالتالي الانقياد وراء الطبيعة الانسانية وبدون حدود.
كما يتم النظر الى الشخصية المنحرفة من قبل الاخرين ، على انها الشخصية التي تعمل على افساد النظام والحول دون اتباعه وبالتالي يقع الضرر الناجم على المصلحة الشخصية والمصلحة العامة.
وتعتبر كل المظاهر الخاطئة في السلوك ماهي الا ثمرة الجهد المبذول لتدمير وسلب عقل الانسان وفطرته وبالتالي السيطرة على انسانيته.
اوضح الله لنا في سورة ” الإنسان” ، اننا ما إلا نطفة أمشاج ، أي خلائط ، فنحن ما إلا نتاج المادة والروح ، ثم أعطانا الله إرادة التوجيه للخير والشر ، أي مقدرتنا على التحكم في أفعالنا ورسم الطريق للروح سواء كان طريق صلاح أم طريق فساد فالقرار يرجع للنفس ، حتى يمتحننا الله في الشدائد ، وبارادتنا نختار اما الاستقامة واما الانحراف.
ويرجع الاصل في فطرتنا الانسانية على الاستقامة وليس الانحراف، والخير وليس الشر ،والاصلاح وليس الفساد، ولكن على حسب طبيعتنا ننشد ونتجه الى الشهوات او نبتعد عنها فالاختيار متروك لنا، فعلى كل حال يخالف الانحراف الفطرة والحدس ولكن لايستطيع مخالفة الارادة والطبيعية الانسانية.
مراحل الانحراف عن الفطرة
لا يأتي الانحراف عن
الفطرة الانسانية
دفعة واحدة فبطبيعة الحال نولد كبشر بفطرة سوية خالية من الشوائب وبالنسبة للغرائز الفطرية المكتسبة فتكون هذه الغرائز ايضا سوية الحال، ف
الفرق بين الغريزة والفطرة
ليس بالكبير فعلى كل حال هما يعملان على حمايتنا وجذبنا الى طريق الاستقامة ، ويتم توضيحه فيما يلي : [2]
- تعتبر التربية السليمة هي العامل الاساسى الاول في حماية النفس من الانجراف الى طريق الانحراف، فبارشاد الاباء للابناء يعدل الابناء دائما الى الطريق الصحيح، فالتربية السليمة هي اساس الصلاح واساس الحفاظ على الفطرة السوية، ولذا فان فقدان هذا العنصر الاساسي يكون بداية الطريق الى الانحراف.
- المجتمع الفاسد ايضا يعمل على تسهيل طريق الانحراف ،مهما كانت النفس سوية، فالذي يعيش في بيئة الصلاح ليس كالذي ينغمر وسط مستنقع من المعاصي كانتشار الخمور ، وموبقات الفساد.
- الظروق الحياتية السيئة ايضا تفتح الطريق امام صاحبها الى سلك طرق الانحراف، فالفقر في بعض الاحيان قد يجبر صاحبه على فعل مالا يناسب فطرته كالسرقة على سبيل المثال.
ولكن لا يجب على المرء التبرير لنفسه ، فالانحراف ليس قدرا بل هو اختيار لشخص كامل الارادة والعقلية ، وبالنهاية ستندرج عواقب هذا الانحراف على صاحبه، لذا وجب على الاشخاص الذين ينحرفون لمجرد الحاجة أن يراجعوا أنفسهم حتى لا يميلوا كل الميل ولا يجدون طريق رجعة، أما بالنسبة للذين ينحرفون لمجرد الانحراف فأولئك الذين قال عنهم رب العزة بأنهم “أئمة الكفر” الذي ليس لهم في انحرافهم غاية بل يساعدون ايضا على اضلال الناس ، لذا لا يقل الوصف لهم عن وصف ابليس، فهم يعملون عمله ، فكما يسعى ليجعلنا نبتعد عن طريق الله المستقيم، فهؤلاء السالكون طريق الانحراف بغير غاية يحذون حذوه .
في النهاية وجب على كل نفس ان تراجع خطاها وتزن أعمالها وتحكم على افعالها قبل ان يأتي اليوم الذي يتم فيه الحكم عليها وهنا يكون قد فات الاوان ، فكل راعي يجب عليه أن ينتبه الى رعيته ويقوم سلوكهم حتى لا يميلوا عن الفطرة الانسانية الطبيعية التي فطرنا عليها .