الفجوة المعرفية بين العالم المتقدم والعالم الثالث

ما هي الفجوة المعرفية

إن الفجوة المعرفية هي الفجوة التي تكون في المقاييس المعيشية وتكون بين من يستطيع أن يعثر على المعلومات و المعرفة ويعمل على تكوينها ومعالجتها بالإضافة إلى نشرها، وبين من يعجز عن القيام بذلك، وممكن أن نعرف الفجوة المعرفية هي الهوة الكبيرة التي تفصل بين من يمتلك المعرفة وأدواتها ويعمل على استخدامها واستغلالها وبين من لا يملك هذه المعرفة أو هذه الأدوات، وتصبح هذه الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية أي دول العالم الثالث.[1]

وإن

نظرية فجوة المعرفة

هي التي تظهر بسبب المحتويات العامة والعلمية، فهذه النظرية أدت إلى إحداث تغيير اجتماعي وقام بدوره بالتأثير على الأسباب التي عملت وساعدت على تطوير وزيادة الفجوات المعرفية في الوسائل الإعلامية، ويجدر بالذكر أن نظرية الفجوة المعرفية تتأثر بالخصائص المتعلقة بالفئات المجتمعية، وتكون هذه الخصائص إما سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.

نشأة نظرية فجوة المعرفة

ظهرت الفجوة المعرفية في فترة السبعينات، حيث أن علماء الإعلام والاتصال الجماهيري قاموا في تحديد الفجوة المعرفية، كما أن وجود المعلومات بكمية هائلة يؤثر  تأثيراً كبيراً على النظام الاجتماعي ككل، حيث أن نظرية الفجوة المعرفية تسعى إلى زيادة المعارف بدلاً من السعي في نقصانها، فهي في النهاية تسعى إلى استقطاب الكثير من الشرائح المجتمعية التي تهدف للوصول السريع إلى جميع المعلومات الاجتماعية العلمية والدينية بالإضافة إلى المعلومات الاقتصادية والثقافية، ونجد أن هناك علاقة تعمل على الربط بين زيادة الفجوة المعرفية وانخفاض الأوضاع الاقتصادية في البلدان.

فلفجوة المعرفية

أسباب الفجوة المعرفية

التي ساهمت في التعامل مع جميع المعارف المتنوعة، حيث أنها تعتبر هذه المعارف وكأنها سلع لا تُنشر ولا تُوزع في كل المناطق.

تحديد الفجوة المعرفية بين العالم المتقدم والعالم الثالث

في عام 1999\ 1998 نشر البنك الدولي تقرير التنمية في العالم حول المعرفة والتنمية وإن تضييق الفجوة المعرفية بين البلدان غدت هدفاً رئيسياً لوكالات التنمية الدولية وأيضاً لبعض الحكومات الوطنية، فيميز تقرير البنك الدولي نوعين من المعرفة:

  • معرفة السمات التي تؤدي إلى مشاكل المعلومات والمعرفة حول التكنولوجيا، حيث أن البلدان النامية أو بلدان العالم الثالث عادة ما يكون لديها قدر أقل من هذه المعلومات مقارنة بالبلدان المتقدمة، فتسمى هذه التوزيعات الغير المتكافئة عبر الفجوات المعرفية داخل البلدان بفجوة المعرفة الدولية، فنجد أن المعرفة تحققت في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، وعلى الرغم من أنه لا يتم تحديد معنى المعرفة بشكل واضح ولكن يمكننا أن نستنتج أن التعليم والإنفاق على البحث والتطوير وتكنولوجيا المعلومات تعتبر البنية التحتية للمتغيرات الحاسمة.
  • الرفاهية وانعكاساتها على ثورة المعلومات والتنمية، وهذا الجانب أدى إلى ظهور وجهات نظر متعارضة حيث أن البعض يعتقد أن المعلومات و تقنيات الاتصال يمكن أن تمكن البلدان النامية من القيام بمراحل التطوير، ولكن يرى آخرون أن البنية التحتية العالمية للمعلومات الناشئة هي بسبب الاختلاف الاقتصادي بين الدول النامية والبلدان الصناعية.[2]

اتساع الفجوة المعرفية

تحدث الفجوات المعرفية بين الدول أو مجموعات الدول وبين المناطق أو الطبقات أو المجتمعات داخل الأمم، حيث أن الفجوة المعرفية تشير إلى وجود فرق كبير بين المؤشرات وقياس خصائص مجتمعات المعرفة، وإن هذه المؤشرات تقيس متوسطات البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات وتنمية الموارد البشرية بالإضافة إلى الاستثمارات في البحث والتطوير والمجالات ذات الصلة، فإن هذه المؤشرات تشير إلى الهياكل والمؤسسات الأكثر تعقيداً وبالتالي يتعين عليها أن تعمل علىل استكمال البيانات ببيانات وصفية نوعية تحليلية.

إن هناك بعض آراء لبعض المعلقون المتفائلون حيث أنهم يجدون أن هذا التوسع السريع في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات حسَّنت كثيراً الوصول إلى المعرفة، وإن انتشارها عمل على ربط أجهزة الكمبيوتر الشخصية لملايين الأشخاص بالإنترنت وبالتالي تم ربطهم بالمعرفة، فعلى سبيل المثال ارتفع عدد أجهزة الكمبيوتر في ماليزيا بنسبة 37.3 لكل ألف شخص عام 1995، إلى 103.1 عام 2003، وإن عدد مستخدمي الإنترنت ارتفع من أربعين الف إلى 3.7 مليون في نفس الفترة.

حيث أن كان رأي الأستاذ اسحق شاري بأن سياسات التنمية العامة المنفذة في إطار السياسة الاقتصادية الجديدة كان لها تأثير كبير على الحد من عدم المساواة في الدخل في ماليزيا منذ أواخر السبعينات، ومع ذلك فإن منذ عام 1990 كان هناك اتجاه نحو  الزيادة في عدم المساواة في الدخل بشكل عام وبين الأعراق، وكان هناك أيضاً تفاوتات الدخل بين المناطق الحضرية والريفية، وأشار إلى أن سياسة الحكومة كانت عكس ذلك واتجهت تحو التحرير وإلغاء الضوابط والخصخصة منذ أواخر الثمانينات، فكان هذا الاتجاه لزيادة عدم المساواة.

وهنا نجد أن الفجوة تتسع لأن بعض المناطق داخل البلدان تتطور بشكل أسرع من غيرها، وإن بعض البلدان تسير على مسار أسرع نحو مجتمع المعرفة مقارنة بالدول التي تكون أقل وفرة وهناك العديد من الحجج تدعم هذا الغرض منها:

  • عند التوصل إلى أن المعرفة هي العامل الرئيسي للإنتاج قامت الدول المتقدمة ولا سيما الولايات المتحدة بتوسيع نطاق حماية الحقوق الملكية الفكرية وخاصة براءات الاختراع، حيث مُنع الوافدون المتأخرون في الاقتصاد من استخدام المعرفة الأساسية أو يجب عليهم أن يدفعوا المبالغ الباهظة لاستخدامها.
  • استغلال الدول المتقدمة التي تعتمد على المعرفة والقوة العسكرية قوتهم في تعزيز مصالحهم الاقتصادية بما يتجاوز نتائج السوق الحرة وقد أدى ما يسمى بالحرب التي تقودها الولايات المتحدة على الإرهاب إلى زيادة هذا الاتجاه.
  • استيعاب الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات المعرفة المحلية وخاصة في مجال النباتات الطبية والمنتجات الناتجة حاصلة على براءة اختراع وبيعها، وبالتالي تقليل القيمة المحلية للمعرفة في البلدان النامية.
  • إن التداول الآجل الذي ظهر في الأسواق المالية قام بزيادة الفجوة بين البلدان الصناعية والبلدان النامية، ففي عام 1990 إلى عام 1994 كان الاقتصاد الكوري لم يبدأ في الظهور بعد، وحققت أسواق الأسهم الناشئة عوائد بنسبة 117 في المائة لرأس المال المستثمر، وفي نفس هذه الفترة كان المستثمرون الأميركيون قد خسروا حوالي 2 بالمائة من استثماراتهم في أسواق البلدان الصناعية، وفي المقابل انخفضت أسهم السوق بنسبة 27 بالمائة بين عامي 1995 و 2000 وتراجعت في الأسواق المتقدمة وارتفع 43 في المائة بشكل رئيسي بأسهم التكنولوجيا والأسواق الناشئة، وهذا ما يسمى باقتصاديات النمور التي حققت عوائد عالية خلال أوائل التسعينيات بسبب التصنيع الناجح.

الفجوة المعرفية في الواقع المعاصر

نجد أن النداءات تزايدت في السنوات الأخيرة التي طالبت في ضرورة الاهتمام بالتعليم وجودته وفي جميع المراحل، حيث أنه تم اعتباره مصدر الطاقة البشرية وهو المكون الفعال لرأس المال الاجتماعي والفكري بالإضافة إلى أنه رأس المال البشري والثقافي للفرد، وإن من خلال الكفاءات والكواد العلمية يستطيع المجتمع أن يلج إلى مجتمع المعرفة بنجاح.

فإن حسب التقارير العالمية يشهد العالم اليوم نمواً اقتصادياً فريداً من نوعه، حيث أن هذا النمو هو نتيجة النمو السريع للتكنولوجيا الرقمية، بالإضافة إلى التطور الهائل في البحوث العلمية والابتكارات، فهذه الأسباب أدت إلى ظهور عدد من البلدان بصورة متميزة في الساحة العالمية، وإن الكثير من الدول تربعت على عرش التقدم والتطور كاليابان والولايات المتحدة الأميركية بالإضافة إلى السويد والصين وغيرها من الدول.

نجد أن هذا التطور والتميز أدى إلى ظهور فجوة معرفية بين العالم المتقدم والعالم النامي وخاصة بين الدول العربية، فعلى الرغم من وضعها لاستراتيجيات طموحة خاصة بالعلوم والتكنولوجيا بالإضافة للبحث العلمي للحاق بالركب إلا أنها ما زالت بعيدة جداً عن مؤشرات التقدم والتطور في المعرفة.[3]