متى انتهى عصر الجواري
هل انتهت العبودية
يحتفل العالم في اليوم الثاني من شهر ديسمبر من كل عام (باليوم العالمي لتحرير الرق)، وكان قد بدأ الاحتفال بتلك المناسبة منذ عام 1949م، وهو التاريخ الذي تم به اعتماد الجمعية العامة لاتفاقية الأمم المتحدة من أجل قمع الاتجار بالأشخاص، وقد قامت الأمم المتحدة بوضع أمثلة لأشكال الرق المعاصر، ومنها (الاستغلال الجنسي، الاتجار بالأشخاص، التجنيد القسري للأطفال لكي يتم استغلالهم بالنزاعات المسلحة، والزواج القسري”. [1]
ووفقًا لما ذكرته منظمة العمل الدولية، يوجد ما يزيد عن 40 مليون شخص بمختلف أرجاء العالم هم ضحايا للرق المعاصر في العالم الذي نحيا به اليوم، كذلك فإن ما يتجاوز 150 مليون طفل يجبر على العمل، وهو ما يمثل ما يقرب من واحد من كل عشرة أطفال بمختلف أنحاء العالم، وقد أكدت أيضاً منظمة العدل الدولية أن ما يزيد عن أربعمائة ألف شخص بالولايات المتحدة يعانون مما يعرف بـ(العبودية الحديثة)، ويوجد حوالي مائة ستة وثلالثون ألفًا آخرين في بريطانيا.
وقد تحدث في ذلك الصدد الشيخ (أحمد وسام) حول الرق والجواري وملك اليمين وما إذا كان ذلك الشكل من العبودية ما زال موجود بالعصر الذي نعيشه وقد قال في ذلك الصدد إن من يُحلل لنفسه معاملة خادمته بعتبارها من الجواري والعبيد التي ينطبق عليها أحكام مِلك اليمين التي ذكرها الله تعالى في قولهكما ورد في كتاب الله بالآية الكريمة : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ)، [المؤمنون: 6]، هو رجل جاهل وآثم، وقد أكد الشيخ أن العلاقة فيما بينهما ما هي إلا علاقة محرمة.
فقد انتهى ملك اليمين منذ توقيع الاتفاقية العالمية بتحريم الاتجار بالبشر والتي كان المسلمون أحد أطرافها، وحتى إن قيل أن مِلك اليمين ما زال قائمَا؛ فإن تلك الخادمة التي تعمل بخدمة المنزل؛ هي امرأة حرة لا ينطبق عليها حكم العبيد والجواري الذي كان موجود في قبل الإسلام وفي بدايته.
فلا تمتلك المرأة الحرية في أن تهب نفسها لكي تكون ملكًا يمينًا لأحد،لذا يبنغي الابتعاد التام عن تلك العلاقة المحرمة؛ حيث تعد صور الزنا التي ورد فيها قول الله تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا)، [الإسراء: 32]، وهنا وفيما يتعلق بالسؤال حول
الفرق بين الأمة والجارية
فإن كليهما مصطلحات تشير إلى الجارية أو الأمة أو ملك اليمين
.
الأشكال الرئيسية للعبودية الحديثة
لقد تطورت وتجلت العبودية بالعديد من الطرق المختلفة على مر التاريخ،
في حين
لا تزال هناك بعض أشكال العبودية التقليدية قائمة حتى اليوم بأشكالها السابقة، في تحول البعض الآخر إلى أشكال جديدة، وقد سعت
هيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بتوثيق حالة استمرار أشكال الرق القديمة المتأصلة بالعادات والمعتقدات التقليدية،
تلك الأشكال من الرق ناتجة عن التمييز طويل الأمد ضد الفئات الاقل قوة بالمجتمعات، مثل التي تعتبر من الطبقة الدنيا والأقليات القبلية والشعوب الأصلية. [1]
العمل القسري
إلى جانب أشكال العمل الجبري التقليدية ، مثل عبودية الديون والسخرة، هناك في الوقت الحالي أشكال من العمل الجبري أكثر معاصرة، مثل العمال المهاجرين، ممن تم الاتجار بهم بسبب مايعرف بالاقتصاد المستغل في الاقتصاد العالمي مثل الدعارة القسرية، القطاع الزراعي، صناعة الأغذية والملابس، صناعة البناء، العمل في الخدمة المنزلية
.
تشغيل الاطفال
وفقاً للإحصات العالمية هناك واحد يعمل من كل عشرة أطفال كما أن معظم عمالة الأطفال التي تقع اليوم تتم في سبيل الاستغلال الاقتصادي، وهو ما يتعارض مع اتفاقية حقوق الطفل، التي تقر بـ(بحق الطفل في الحماية من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يحتمل أن يكون خطيراً أو يتعارض مع تعليم الطفل، أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو نموه البدني أو العقلي أو الروحي أو الأخلاقي أو الاجتماعي).
الإتجار بالبشر
وفقًا لبروتوكول قمع ومنع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وخاصة الاتجار بالأطفال والنساء، فهو ما يشير إلى أن الاتجار بالأشخاص ما هو إلا تجنيد الأشخاص أو إيواؤهم أو نقلهم، أو استقبالهم عبر التهديد بالقوة أو استخدامها وما إلى نحو ذلك من أشكال الإكراه بغرض الاستغلال، ويشمل ذلك الاستغلال بغاء الغير أو مثل ذلك من أشكال العمل القسري، والاستغلال الجنسي أو نزع الأعضاء أو الممارسات المشابهة للعبودية أو الخدمات أو العبودية أو الاستعباد، وبها لا يلزم صدور موافقة من الشخص الذي يتم الإتجار به بغرض الاستغلال، وفي حالة كان الشخص المتجر به طفلًا، فإنها تمثل جريمة حتى إن لم يتم استخدام القوة.
لماذا لم يحرم الإسلام الجواري
كان الاسترقاق مشروعاً في عصر ما قبل الإسلام حتى بدين النبي إبراهيم عليه السلام، والسيدة هاجر إسماعيل هي كانت جارية عند إبراهيم عليه السلام، وقد جاء محمّدٌ صلى الله عليه وسلم من نسل إسماعيل، ولم يُحرّم الدين الإسلامي ملك الجواري أو الاسترقاق فيما بعد، ولكنّه حرّم إشاعته، بمعنى أن تكون الجارية مملوكةً لأكثر من رجلٍ يمكنهم جميعاً الاستمتاع بها ووطؤها، وكذلك جعل الإسلام للجارية العديد من الحقوق التي تجب لها على مالكها، وهو ما يدل على أن الإسلام لم يحرم الجواري وامتلاكهم ولكنّه هذّبه ووضع له أحكاماً، حيث يكون مشروعاً حين توفر أسبابه. [2]
كما حرص الدين الإسلامي على القضاء بشكل تدريجي على أسباب الرق حتى انتهت، حيث إن الأصل في الإنسان أنه حر، وفيما يلي بيان لبعض مما شرعه الإسلام من الحلول للقضاء على الرق: [3]
- شرع الدين الإسلامي للمملوك والجواري المكاتبة، فيمكنه مكاتبة مالكه على اتّفاقٍ مُعيّنٍ أو مبلغٍ من المال بينهما، بموجبه يتم فِكاك رقبة المملوك من العبودية، وقد حثّت الشريعة الإسلامية المسلمين أن يساعدوا أخاهم المسلم من العبيد على سداد ما تحدد لحريته بذلك الميثاق.
- أعتق الرسول صلى الله عليه السلام الكثير من العبيد، وجعل ذلك سنة، ورغّب وحبب المسلمين فيه، ووعد لهم في مقابل ذلك عظيم والثواب الأجر من الله سبحانه.
- جعل الدين الإسلامي عتق الرقبة كفّارةً للكثير مما قد يرتكبه المسلم من ذنوب، كما جعل عتق الرقاب واحد من مصارف الزكاة.
وصايا رسول الله بالعبيد
كان الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة في ذلك؛ حيث أعتق كل مَنْ كان عنده من العبيد، وكانت وصاياه الإنسانيَّة بالعبيد بمثابة مِفتاح تأهيل المجتمع حتى يتقَبُّل فكرة تحرير العبيد وعتقهم، فأوصى رسول الله على المعاملة الحسنة لهم، حتى فيما يتعلق التعبيرات والألفاظ، وفي ذلك قال رسول الله: (لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي. كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ، وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إِمَاءُ اللَّهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: غُلاَمِي وَجَارِيَتِي، وَفَتَايَ وَفَتَاتِي). [3]
كما وقد وأوجب الرسول صلى الله عليه وسلم إلباسهم وإطعامهم من لباس وطعام أهل البيت ذاته، دون أن يُكَلَّفوا بما لا يقدرون عليه ولا يطيقون، وقد ورد عن جابرُ بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: (كان النبي يوصي بالمملوكين خيرًا، ويقول: (أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِنْ لَبُوسِكُمْ، وَلا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللهِ)، وومثل تلك الحقوق وغيرها هي التي جَعَلَتْ من العبد إنساناً يتمتع بكرامة لا يحق لأحد أن يعتدي عليها. [3]