قصص عن فضل ” ربي لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين “

قصص عن فضل ربي لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين

خُلق البشر على حب إنجاب الأولاد ، فكل إنسان يتمنى أن يكون له ولد من نسله ويكون سند له في الحياة ، وقد وضع الله في قلب الأب تجاه ولده أن يرى أبنه أفضل الناس ، ولا يتمنى أحد أن يكوون أفضل مكانة ومنزلة إلا ولده .

ولكن لا يرزق جميع الناس بهذه النعمة فهناك من قد يحرم منها ويرضى بقضاء الله عز وجل وقدره ويتسلم لحكمته في ذلك ، ويوجد الكثير من الأشخاص يسعون وراء تحقيق حلم الأبوة ، والبحث وراء الأسباب الذي تمنع الإنجاب ، وتناول العلاجات والأدوية لتحقيق ذلك الحلم .

ونجد أن الأنبياء أيضًا وهم أكثر الناس كمالاً وإيماناً كانت فطرتهم ، مثل بقية البشر ترغب في أن يكون لهم ذرية صالحة ، وقد عايرت قبيلة قريش النبي محمد صلى الله عليه وسلم لعدم إنجابه الولد ، وقد رد عليهم القرآن الكريم بقول الله تعالى : “إِنَّا أَعْطَيْنَاك الْكَوْثَر فَصَلِّ لِرَبِّك وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَك هُوَ الْأَبْتَر “.

وكان للنبي محمد صلى الله عليه وسلم من الأبناء سبعة ، وجميعهم من السيدة خديجة رضي الله عنها وهما القاسم ، وعبد الله ، وزينب ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة الزهراء ، ما عدا إبراهيم ، فإنه من مارية القبطية وجميع أولاده ماتوا في حياته ما عدا فاطمة الزهراء .

وقد أنجبت السيدة فاطمة الزهراء من الإمام على أربعة أولاد هم الحسن ، والحسين ، وأم كلثوم وزينب .

ونجد أن سيدنا زكريا عليه السلام دعا ربه بأن يرزقه الله الولد كما جاء في القرآن الكريم “وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ”.

فقد كبر سيدنا زكريا عليه السلام ، ولم ينجب فلما شاهد رزق السيدة مريم وقدرة الله عز وجل في ذلك قد دعا ربه بأن يرزقه بالولد ” هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدعاء” ، وقد خاطب سيدنا زكريا ربه قائلاً : “رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الوارثين” . [1]

شرح دعاء ربي لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين

تعتبر تلك الدعوة لسيدنا زكريا عليه السلام من الدعاوي الطيبة المباركة فتلك الدعوة ، قد جاءت بلفظ الحصول على المطلوب الذي يريده ، وهو الولد بصيغة الطلب ، وهذه جاءت بطلب عدم وقوع ما يكرهه في أن يكون فرداً دون ولد ، وذلك متضمن لسؤال الله عز وجل أن يرزقه الولد .



اللهم لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين


دعا سيدنا زكريا عليه السلام ربه دعاء خفي قائلاً ربي لا تتركني وحيداً بلا ولد ولا وارث وذلك الجزء الأول من الدعاء ، ثم استكمل وأنت خير الوارثين أي أن الله سبحانه وتعالى خير من يبقى بعد كل من يموت فهو الحي الذي لا يموت سبحانه وتعالى .

وبالفعل استجاب له الله سبحانه وتعالى ورزقه نبي صالح سماه يحيى عليه السلام وجعل امرأته تلد بعد أن كانت عاقرا ، وذلك يدل على قدرة الله سبحانه وتعالى ، وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، ويدل على أهمية وقوة الدعاء ، وبعد ذلك بين الله عز وجل سبب إجابته لدعاء زكريا عليه السلام فقال سبحانه وتعالى “إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ” . [2]

فضل دعاء اللهم لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين

يشير دعاء سيدنا زكريا عليه السلام ربي لا تذرني فرداً ، وأنت خير الوارثين إلى أن يهبه الله سبحانه وتعالى ذرية صالحة ، ومعنى الدعاء أن يهبنا الله من أزواجنا وذريتنا قرة أعين ، واجعلنا للمتقين إماماً .

ويعتبر فضل ذلك الدعاء عظيم فقد استجاب الله سبحانه ، وتعالى لسيدنا زكريا عليه السلام ورزقه بيحيى ، وكانت امرأة سيدنا زكريا عاقراً ، ولكن الله سبحانه وتعالى لا يصعب عليه شيئاً في الأرض أو في السماء استجاب لدعاء زكريا ، ورزقه بالذرية الصالحة .

ودعا زكريا ربه خفياً، حيث يعتبر الخفاء ، هو إشارة إلى أن الله تعالى قريب من عباده يسمع دعاءهم ويعلم ما يدور في عقولهم فهو لا يغيب عنه شيء من أحوال عباده . [3]

لماذا تعجب سيدنا زكريا عليه السلام لـ استجابة الله عز وجل له

يقول الله عز وجل في كتابه الكريم “هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ” ، وذلك يدل أن سيدنا زكريا عليه السلام لم يدع الله إلا وهو واثق من أن الله سبحانه وتعالى قادر على تحقيق الدعاء ، وبيده ملكوت السماوات والأرض ، ولكن لماذا تعجب زكريا لما استجاب الله له .

وقد جاءت الآيات كالآتي: “فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِين ٣٩ قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ٤٠”

وقد أشار المفسرون حول ذلك الأمر بالعديد من الأقاويل حيث قال البغوي في معالم التنزيل أن زكريا عليه السلام لم يشك في وعد الله له إنما شك في كيفية تحقيقه ، فقد احتار زكريا حول الأمر وبدأ يتساءل أتجعلني يا الله أنا ، وامرأتي شابين أم ترزقنا ولداً على الكبر أم ترزقني بولد من امرأة أخرى ، فكان سيدنا زكريا في حيرة من أمره .

وقد قال ابن جزي في التسهيل أنى يكون لي غلام ذلك يعتبر تعجب واستبعاد أن يكون له ولد مع شيخوخته ، وعقم امرأته وأن زكريا طلب ذلك الأمر ، وهو شاب وأجيب وهو شيخ أي رجل كبير في السن لذلك استبعد زكريا الأمر .

وقد قال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن إنه في معنى ذلك الاستفهام وجهان أحدهما ، أنه سأل هل سوف يرزق بالولد ، وهو وامرأته على حالهما هذا أو يردان إلى حال من يلد ، والوجه الثاني أنه سأل هل يرزق الولد من امرأته العاقر ، أو من غيرها ويشبه ذلك التفسير تفسير البغوي في معالم التنزيل . [3]