فضل سورة سبأ واوقات قرائتها
التعريف بـ سورة سبأ
نزلت سورة سبأ في العهد المكي، وهو ما يعني أنها ترجع إلى ما قبل هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام، ولذلك فإن المسلم، حينما يقرؤها يجد الاهتمام الكبير فيها وتركيزها على العناصر وأركان العقيدة الإسلامية، وهذا مثل ما نراه في جميع الأحيان في السور التي يرجع تاريخ نزولها إلى قبل الهجرة، حيث إن العقيدة هي عبارة عن الأساس، وفي حين كان الأساس جيدًا أصبح البناء قويًا،.
وهذا يشير إلى ضرورة التركيز على أهمية العقيدة، بالإضافة إلى كافة المسائل التي تتعلق بها، من الإيمان بالله عز وجل، الإيمان بالنبي عليه الصلاة والسلام، والإيمان بالقرآن الكريم على أنه رسالة عظيمة، وكذلك الإيمان بالحساب ويوم القيامة، حيث إن سورة سبأ تجعل المسلم يُفكر في أهمية تعديل المسار إلى الطريق الصحيح، إذ أن العقيدة إن كانت قد شغلت جزءًا كبيراً في المصحف الشريف للأهمية التي تدل عليها، فقد جاء غالبيتها في سورة سبأ. [1]
متى تقرأ سورة سبأ
لقد شاركت سورة سبأ في الإشارة وإظهار من هو الله عز وجل، حيث إن بدايتها قول الله تعالى: “الْحَمْدُ لِلَّهِ”، ومن ثم التعريف بالله فيقول سبحانه وتعالى: “الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ * يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ” [سبأ: 34]، وحتى يصل إلى قول الله تعالى: “قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ * قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ” [سبأ: 22- 25]، إلى الآية الكريمة: “قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ” [سبأ: 27]، بمعنى عدم وجود آلهة مما يزعمون، بالإضافة إلى أنها من السور العظيمة التي يُفضَل أن يقرأها المسلم في أي وقت من اليوم. [1]
فضل سورة سبأ الروحانية
كما أنه من فضل سورة سبأ أيضًا حديثها عن الرسالة النبوية وتوضيحها، مثل قوله تعالى في الآية الكريمة: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ” [سبأ: 28]، بالإضافة إلى ذكر الله للكافرين في قوله عز وجل: “وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ” [سبأ: 43]، إلى جانب مناقشة الله سبحانه وتعالى من خلال نبيه صلى الله عليه وسلم، بل يعتبر الأمر أقرب إلى التحدي والتعجيز مثل قوله تعالى: “قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ” [سبأ: 46].
حيث يقول لهم كذلك أنه ينصحهم ويدعوهم إلى أمر واحد يعملون به، إذ يقول سبحانه وتعالى: “أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا” [سبأ: 46]، حيث يدعوا الله المسلمين إلى عدم العصبية في أمور الحياة، سواءً كانوا مثنى أو جماعات من أكثر من هذا حتى يتشاورون ويتحاورون، وأيضًا لو كانوا كل فرد على حدى، ومن ثم يتفكرون حول النبي محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام وما أرسله الله به، وهو التفكر في كونه رسول على حق أم هو عبارة عن كاذب مفتر.
فيجب عليهم أن يتفكروا، وألا يتكلموا دون علم ولا يردوا دون فهم، ومما يدل على ذلك قول الله عز وجل: “مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ” [سبأ: 46] ليس مجنوناً، لأنه كان من ضمن صحبة القوم قبل بدء الرسالة بأربعين عامًا، وأنه لم يجهر بالنبوة قبل مرور 3 سنوات، ثم بقى في قومه ثلاثةً وأربعين عاماً ولم يلحظ عليه أحدًا جنونًا، ولا حتى تلبسه جني، مثلما جاء في ذكر الله سبحانه وتعالى: “إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ” [سبأ: 46]. [1]
أسباب نزول سورة سبأ
ذُكر في سورة سبأ قوله تعالى: “
لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور” [سبأ: 15] [2]، حيث إنه
لم يَرِد في فضل هذه السورة أي من الأحاديثُ الصحيحة المأخوذة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
ولكن يجب أن يتم الإشارة إلى أنه من فضل سورة سبأ أنها أحد السور الخمس التي تم افتتاح آياتها بحمد الله وهما: الفاتحة، الكهف، سبأ، الأنعام، وفاطر، بالإضافة إلى أن فضلها مثل غيرها من السور التي وردت في القرآن الكريم من حيث الأجر في تدبر تلاوة كل حرف، إذ أنه بحسنة والحسنة تساوي عشرة أضعافها، وغير ذلك الأجر الذي يحصل عليه المسلم في الآخرة، وذلك لأن قراءة القرآن تؤدي إلى رفع درجات المؤمن عند ربه [3].
كما ذُكر عن
ابن أبي حاتم
عن علي بن رباح قال: (حدثني فلان أن فروة بن مسيك الغطفاني قدم على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال يا نبي الله إن سبأ قوم كان لهم في الجاهلية عز وإني أخشى أن يرتدوا عن الإسلام أفأقاتلهم فقال ما أمرت فيهم بشيء بعد فأنزلت هذه الآية
لقد كان لسبإ في مسكنهم
الآيات). [2]
الحكمة في
سورة سبأ
يجدر ذكر أن سورة سبأ قد تحدثت عن يوم القيامة من بدايتها إلى نهايتها في الكثير من المواضع، حيث تعتبر مختصة بالحديث عنها فقط، إذ أنه في البداية كان قوله تعالى: “وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ” [سبأ: 3]، ومن بعدها قال الله عز وجل: “وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ” [سبأ: 7].
ومن الحِكم الأخرى التي تناولتها سورة سبأ، أنه في بدايتها قوله عز وجل: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْض” [سبأ: 1]، بالإضافة إلى نهايتها والتي تتمثل في قوله سبحانه وتعالى: “وَحِيلَ بَيْنَهُمْ” [سبأ: 54] بمعنى ما بين الكافرين، مثلما تذكر الآية الكريمة: “وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ” [سبأ: 54].
وما يعنيه ذلك أن الكافرون في الغالب لا يستطيعون الوصول إلى هدفهم لأنهم أضلوا دينهم فيضلهم الله في حياتهم، مثل قول الله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ” [يونس: 81]، وأيضًا قول الله عز وجل: “الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ” [محمد: 1]، إذ أنهم يستمرون في العمل حتى يزيد ضلالهم، مما يجعلهم لا يصلون لما يرغبون فيه، حتى ولو ازدادوا علمًا يومٌ بعد يوم. [1]