فضل سورة طه وفوائدها الروحانية
روحانيات سورة طه وفضلها
في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في سور ثلاث: في البقرة وآل عمران وطه ” [1] .
وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” اعملوا بالقرآن أحلوا حلاله وحرموا حرامه واقتدوا به ولا تكفروا بشيء منه ما تشابه عليكم منه فردوه إلى الله وإلى أولى العلم من بعدي كما يخبروكم وآمنوا بالتوراة والإنجيل والزبور وما أوتي النبيون من ربهم وليسعكم القرآن وما فيه البيان .
فإنه شافع مشفع وما حل مصدق وإني أعطيت سورة البقرة من الذكر الأولى وأعطيت طه والطواسيت والحواميم من ألواح موشي وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة من تحت العرش وأعطيت المفصل نافلة ” .
وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه ضيف أمره بالصلاة ثم قرأ من سورة طه الآية الكريمة ” وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ” ، ومن فضائل تلك السورة الكريمة أيضا أن عمر ابن الخطاب أسلم بفضل قراءة الآيات الأولى منها .
مقاصد سورة طه
جاء في افتتاح السورة الكريمة بملاطفة الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم وإخباره بأنه لم ينزل عليه القرآن ليشقي ولكن أراد الله أن يذكر بالقرآن عباده ومن يخاف لقياه .
كما بين الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أنه من أولى العزم مثل سيدنا موسي عليه السلام ، كما يأمره الله سبحانه وتعالى ألا يكون مفرطاً في العزم ، كما يذكر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن رسالته دعوة للناس وتذكرة لهم ودعوتهم لعبادة الله الواحد الأحد .
ثم جاءت خاتمة السورة ببالغ الكلام فكما بدأت السورة بالآية الكريمة ” ما أنزلنا عليك القرآن لتشقي إلا تذكرة لمن يخشي ” ، فقد ختمت بتوضيح أن النبي صلي الله عليه ويلم قد بلغ الرسالة وما أمر به وهو ما يريح صدره سواء أمنوا به أو كذبوه .
وقد تضمنت السورة عدة قصص منها قصة سيدنا موسي عليه السلام والتي جاءت مفصلة بكامل مواقفها ، كما بينت قصة آدم ورحمة الله به وغفرانه لخطيئته .
كما استملت السورة على مشاهد يوم القيامة وكأنها تكملة بقصة سيدنا آدم ، وكيف يعود العباد الصالحون الطائعون إلى موطنهم الجنة، ويدخل الكافرون النار .
وقد جاءت السورة الكريمة في سياقين:
- الأول: وهو مطلع السورة الكريمة الموجة إلى النبي صلي الله عليه وسلم بقوله تعالى ” ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى ” ، ثم سرد لقصة سيدنا موسي عليه السلام والتي تأتي كنموذج لقصة كامله تظهر فيها رعاية الله لأنبيائه ورسوله .
- الثاني: وهى قصة سيدنا آدم والتي تتبعها مشاهد يوم القيامة ، وتختتم السورة الكريمة بتأكيد أن مهمة الرسل هي الإبلاغ والدعوة إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وتذكرة المؤمنين .
قصة سيدنا موسي في سورة طه
أرسل الله سبحانه وتعالى موسي عليه السلام لبني إسرائيل ليدعوهم إلى عبادة الله ، قاله الله سبحانه وتعالى في سورة إبراهيم ” ولقد أرسلنا موسي بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله ” [2] .
وقد وقب الله سبحانه وتعالى لموسي أخاه هارون ليرسله معه إلى فرعون قال تعالى في سورة مريم ” ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ” ، وحين أرسل الله سبحانه وتعالى موسي إلى بني إسرائيل بمصر تحت حكم فرعون .
وقد كان فرعون يستعبدهم هو وأطفالهم ونسائهم ، قال تعالي ” يستضعف طائفة منهم يذبح أبنائهم ويستحى نساءهم إنه كان من المفسدين ” .
وعن موسي فقد قص علينا الله أنه ولد في مصر وقد نشأ في بيت فرعون، بعد أن أوحي الله سبحانه وتعالى لأم موسي بأن تلقي به في إلي م، ليلتقطه فرعون ويربيه في قصره، حتى بلغ أشده ليأتيه الله بعده العلم والحكمة .
وذات يوم استغاث رجل بموسي ليعينه على عدوه فوكزه سيدنا موسي فقتله ، ثم عاد موسي ليتوب إلى ربه ويستغفره ، وذاع هذا الخبر في المدينة حتى وصل إلى فرعون فأمر فرعون بقتله .
فذهب رجل صالح إلى موسي ليخبره بما يدبره قومه ونصحه بالذهاب خارج مصر كما جاء في سورة القصص ” فخرج خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين ” ، ثم توجه موسي إلى مدين وتزوج وعد ثمانية أعوام عاد إلى مصر .
حتي جاء إلى طور سيناء فأراد الله أن يخصه بمعجزة فكلمه عز وجل ، قال تعالى ” فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى فلما أتاها نودي يا موسى إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى .
وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى ” .
ثم أتبع ذلك بمعجزة أخري حين أمره بأن يلقى عصاه فتحولت إلى حية ، وأدخل يده في جيبه فخرجت بيضاء ، وأمره الله أن يذهب إلى فرعون ، قال تعالى ” اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علنا أو أن يطغى .
قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى ” .
وبعد أن ذهب موسي إلى فرعون سأله ما ربك قال تعالى ” قال فرعون وما رب العالمين قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين ” ، وطلب فرعون أية من موسي تشهد بصدق كلامه .
قال تعالى ” قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين ” ، فاتهمه فرعون وحاشيته بالسحر وجمع فرعون الجميع ليوم الزينة ليثبت كذب موسي .
قال تعالى ” فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم ” وقد نصر الله موسي في هذا اليوم ، قال تعالى ” وأوحينا إلى موسى أن الق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين وألقى السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ” .
وظل موسي يدعو فرعون وقومه، ولم يجد منهم سوي طغيانا وكبرا وتعذيبا لمن آمن بالله ، يأتي عقاب الله لهم قال تعالى ” وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين ” .
ولما زاد طغيان فرعون وتعذيبه للمؤمنين أمر الله موسي ومن معه بأن يخرجوا من مصر ، قال تعالى ” وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون فأرسل فرعون في المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون .
فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بني إسرائيل فأتبعوهم مشرقين فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وأزلفنا ثم الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم ” .