ما معنى الايلاء وشروطه
معنى الايلاء
من إحدى العادات التي كانت موجودة في العصر الجاهلي أنه إذا حصل خلاف بين الزوج وزوجته وغضب منها كان يحلف ألا يطأ زوجته لفترة زمنية طويلة قد تكون عاما، أو حتى عامين وفي بعض الأحيان تصل إلى مدى الحياة، ليس هذا حسب بل يكمل الزوج حياته دون حرج وتقضي المرأة اي زوجته عمرها كالمعلقة تماما.
ومن هنا ينطلق مصطلح الإيلاء فيعرف بلغتنا لغة الضاد على انه حلف الزوج بالله جل جلاله على ترك وطء زوجته أكثر من أربعة أشهر وقد يكون للأبد، يأتي كذلك الايلاء بمعنى الحلف بالله تعالى على ترك اي شيء سواء وطئ الزوجة واي شيء اخر ،حيث ان كلمة ايلاء تأتي من الفعل آلى أي أدى اليمين وحلف بالله سبحانه. اما عن تعريفه في الاصطلاح وعند الفقهاء وعلماء الدين هو ان يحلف الزوج بالله سبحانه وتعالى أو بأي صفة من صفاته ك(الرحمن،الرحيم……) بأن لا يقرب زوجته كما ذكر سابقا اربعة اشهر فما فوق كذلك ولا يشمل الحلف لشأن اي شيء اخر كما عرف باللغة مثل الحلف على الطعام والشراب وما إلى ذلك.
ومن هذا اليمين الذي أداه الزوج على زوجته تصبح المرأة معلقة لا تتمتع بحقوق الزوجة وفي الوقت عينه ليست مطلقة فلا تستطيع التزوج برجل اخر فيغنيها الله من سعته، ومن هنا يأتي ديننا الإسلامي الحنيف دين الرحمة فيعمل على إنصاف المرأة واعطاءها كل حقوقها دون اي تقصير، حيث اصبح للايلاء حكم خاص بعد مجيء سيد المرسلين محمد ابن عبد الله-صلى الله عليه وسلم تسليما- الا وهو التحريم شرعا لما فيه ضررا وايذاءا للمرأة.
مدة الايلاء
قال الله تعالى : { للذين يولون من نسائهم تربص أربعة أشهر فان فاءوا فان الله غفور رحيم* وإن عزموا الطلاق فان الله سميع عليم} [سورة البقرة اية :٢٢٦] يتبين في هذه الآية الكريمة ان مدة الايلاء تكون فوق الاربعة اشهر، هذا ما فسره جمهور العلماء. فإن حلف الرجل على زوجته شهرا الى اربعة اشهر دون زيادة عليها ولو يوما واحدا لا يعد مواليا.
ان مدة الايلاء تبدأ من الحلف، ولكن يوجد العديد من الحالات التي يعتقد الناس ان الايلاء يشملها ولكن قد تكون عكس ذلك ولا تعد ايلاءا من الأصل، فمن هذه الحالات:
١. قول الرجل أي الزوج انشاءالله بعد حلفانه على زوجته الا يقترب منها ويطأها مباشرة، فهذا لا يعد ايلاءا؛ لأن اليمين(الحلف)المعلقة بالمشيئة لا يوجد حنث اي ايقاع باليمين فيها ، وذلك يعود إلى قول رسولنا الكريم-صلى الله عليه وسلم- في قصةسليمان بن داوود عندما اراد الطواف في ليلة واحدة فقط على سبعين امرأة من نسائه حيث قال له خليله وصاحبه قل انشاءالله فلم يقلها فقال النبي ” لو قال: ان شاء الله لم يحنث، وكان دركا له في حاجته”
٢. امتناع الزوج من قربان زوجته دون يمين ايضا لا يعد ايلاءا سواء كانت المدة اقل من اربعة اشهر او اكثر، بل تعتبر هذه الحالة عند أغلب الفقهاء حالة تبين سوء العشرة بين الزوج وزوجته مما يبيح لها بطلب الفرقة والطلاق منه؛ نظرا لعدم وجود اي عذر يمنع الزوج من الاقتراب لزوجته.
٣. ان يحلف الرجل المتزوج بغير الله جل جلاله كمن يحلف بالرسول عليه افضل الصلاة والسلام بان لا يقرب زوجته فهذا لا يعد يمينا مشروعا قط ونسبة الى ذلك لا نعتبره ايلاءا، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-:” من كان حالفا فليحلف بالله أو فليصمت”صحيح البخاري.
٤. وأخيرا أن يكون الإيلاء وتعليق القربان ليس به مشقة على النفس كصلاة ركعتين وغيره،حيث اجمع جمهور الفقهاء على ان الايلاء لا يكون الا بالحلف على زوجته بان لا يقربها لمدة تزيد عن اربعة اشهر وان يكون التعليق فيه مشقة على النفس.
الايلاء بعد مرور اربعة اشهر
روى البخاري عن نافع ان ابن عمر رضي الله عنها قال:” إذا مضت أربعة أشهر يوقف حتى يطلق، ولا يقع عليه الطلاق حتى يطلق”رواه البخاري. يتبين من الحديث اعلاه ان مدة الايلاء اذا انقضت اي انتهت يخيّر القاضي المولي(الزوج) بين أمرين اثنين : أولهما إما أن يأتي زوجته، والأمر الآخر ان يطلقها. فاذا اختار الزوج ان يأتي زوجته هنا وجبت عليه كفارة اليمين الذي كان قد اداه الزوج على زوجته وتكون هذه الكفارة بإطعام عشرة مساكين من أوسط ما يأكله الزوج أو تحرير رقبة، وكما ذكر في القرآن الكريم فمن لم يجد اي لم يستطع فليصم ثلاثة ايام، اما اذا اختار الرجل الأمر الثاني ورفض ان يأتي زوجته في هذه اللحظة يطلب القاضي من الزوج ان يطلق زوجته طلقة واحدة بحيث تكون طلقة مرجعية؛ دفعا للضرر الذي يوقع بالزوجة ،فأما إذا كانت طلقة ثالثة فلا تحل له زوجته حتى تنكح زوجا غيره.
شروط الايلاء
في شروط الايلاء اختلف العديد من علماء الدين والفقهاء المسلمون حول هذه الشروط التي ينعقد بها الايلاء وذلك كان حسب الاتي :
أولا : أن يكون زوج يمكنه الوطء والاقتراب من الزوجة ، فلا يصح لعاجز عن الوطء لمريض لا يرجى شفاؤه اي لا امل من شفاؤه، كذلك اصابته بشلل كامل او جب عافانا الله وعافاكم. فاذا كان الزوج مصابا بعلة تمنعه من القيام بواجباته الزوجية اتجاه زوجته لا يستطيع الفيء بالقول حسب مذهب الحنفية. اما عن مذهب المالكية والحنابلة فقد اختاروا عدم صحة ذلك وان الزوج يستطيع الايلاء اذا كانت مدة مرضه اي الفترة الزمنية التي يعاني بها من المرض لا تتجاوز المدة الزمنية للايلاء. ويبقى المذهب الرابع الا وهو المذهب الشافعي حيث اختاروا قول عدم صحة ايلاء المجبوب ولكن يصح ايلاء غيره.
ثانيا : كما ذكر سابقا ان يكون الحلف بالله تعالى وحده او تأدية اليمين على الزوجة بصفة من صفاته جل جلاله وهذا ما قاله الحنابلة. اما مذهبي الحنفية والشافعية فاتجهوا إلى القول بأن الايلاء يتم بالتعليق على طلاق، عتق، او حج مما يشق على المولي. وأضاف هنا المذهب المالكي بأن الايلاء قد يتم وينعقد بالتعليق على امر لا يوجد به اي مشقة على الزوج اي المولي.
ثالثا : اتفقت جميع المذاهب الاسلامية على ان الايلاء يقع على المولي اذا أدى اليمين على زوجته بأن لا يطأها مدى الحياة او فترة زمنية تزيد عن اربعة اشهر.
رابعا : أن يقصد الزوج الحاق الضرر بزوجته فهذا ما اختاره المذهب الامامي، المالكي وايضا الحنبلي، فقالوا انه اذا اراد المولي الاصلاح بينه وزوجته لم يكن ايلاء وفي هذا القول استندت هذه المذاهب الثلاثة الى ما روي عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي الله عنه و ارضاه عندما اتاه رجلا فقال له” يا امير المؤمنين ان امرأتي ارضعت غلاما واني قلت لها: والله لا اقربك حتى تفطميه فقال: ليس في الاصلاح ايلاء”، اما عن مذهب الحنفية فاتجهوا الى قول عدم اشتراط الاضرار بالزوجة للوقوع بالايلاء فيقع الرجل بالايلاء سواء اراد اصلاحا ام اضرارا.
خامسا: اما الشرط الاخير فهو ان تكون الزوجة محلا للايلاء، فالمرأة المتعذر وطؤها مثل الرَّتقاء والقرناء فلا يصح الايلاء منها.