جهود الحكومة السعودية في تعزيز الحوكمة
الجهود السعودية في توجيه حوكمة الشركات
يعتبر مفهوم الحوكمة ، من أكثر المفاهيم الشائعة في أجندات الحكومات للدول المتقدمة حول العالم ، حيث أصبحت قضية النزاهة ، مصدر قلق للجمهور ، و الرأي العام ، كما شغل موضوع الحوكمة مساحة واسعة في أجندة الحكومة السعودية على وجه التحديد ، خاصة في رؤية السعودية 2030 ، التي تسعى لتحقيق التنمية المستدامة وتوسيع نطاقات اقتصادياتها في شتى المجالات .
حيث أن الحوكمة ، هي مجموعة القواعد التي تقرها الشركة لضبط أداء مجلس إدارتها ، في التعامل مع المساهمين ، والموظفين ، وأصحاب المصلحة المرتبطين.
كما تقوم الحوكمة في الشركات ، على تفعيل سياسات داخلية مهنية ، تساهم في اتخاذ القرارات الأخلاقية ، مما يضمن تحقيق أنشطتهم ، و بناء الثقة مع أصحاب المصلحة ، حيث أن الحكم الجيد ، يساعد بشكل كبير في تعزيز ثقة أصحاب المصالح ، و حتى المستثمرين الأجانب الذين يبحثون دوماً عن أفضل الشركات ، التي تقوم بتطبيق معايير الحوكمة.
ولهذا السبب ، فقد أقدمت الحكومة السعودية على تفعيل عدد من الخطوات ، التي من شأنها تعزز الحوكمة في المنظمات المختلفة ، في القطاعات الخاصة والعامة ، حيث قامت الحكومة السعودية ، بتفعيل الأطر القانونية لتعزيز الحوكمة ، أو الحكم الجيد كما يطلق عليها في مختلف الأدبيات.
بدافع تحقيق استقرارية العلاقة ، بين المواطن السعودي وبين الحكومة السعودية ، حيث قامت المملكة ، بإصدار قانون الشركات ، الذي يقوم على تحديد عدد من الخطوات والتوجيهات في مجال الشركات العامة ، و تهتم هذه التوجيهات بمنع أوجه تعارض المصالح ، الذي يحدث ، و الذي من شأنه قد يضر بالشفافية والنزاهة.
وعليه قامت الحكومة السعودية ، في هذا السياق بتفعيل هذه الأطر القانونية الفعالة في مجال حوكمة الشركات بصفة عامة ، والعمل على توجيه مجالس الإدارة العليا ، والتنفيذية في هذه الشركات ، لتحقيق معايير الشفافية والإنصاف في أعمالها.
كما قامت الحكومة السعودية بتفعيل خطوات التدريب والتعليم للعاملين ، في هذه الشركات عبر الاعتماد على عدد من المؤسسات المعنية بمجال التدريب ، وذلك بهدف زيادة الوعي بالسلوك المهني والأخلاقي داخل الشركة.
حيث تقوم المعاهد الدولية والعالمية في مجال مكافحة الفساد ، مثل المعهد الأمريكي لمكافحة الفساد ،AACI ، و الذي له دور كبير في تحقيق المنظومة المعرفية في الشرق الأوسط ، فضلاً عن دور المعهد الأمريكي للمحققين في الاحتيال ACFE ، بالتعاون مع معهد المحققين السعودي لتدريب العاملين ، و تهيئتهم علمياً لزيادة مستوى المعرفة حول مخاطر الفساد.
و حول أهمية النزاهة والشفافية التي تعود على الموظف ، و تعود على المنظمة في النهاية ، إيماناً من الحكومة السعودية ، بأهمية نشر المعرفة حول الوقاية من الفساد ، و منع تضارب المصالح ، وهو ما ينعكس على سلوكيات الأفراد داخل الشركات ويضمن ولائهم للمنظمة أو الشركة التي يعملون بها. [1]
تحديد مسؤوليات الإدارات في الشركات السعودية
جاءت مساعي الحكومة السعودية ، في مجال تعزيز الحوكمة في الشركات ، لتضمن حقوق الملاك والمساهمين ، حيث تقوم أطر الحوكمة المفعلة في هذا القطاع ، على تحديد أدوار أعضاء مجالس الإدارة بدقة عالية ، لضمان تحقيق الشفافية والنزاهة ، من خلال تحقيق المعاملة العادلة وفق مبدأ الانصاف ، وتلقي الحصص المخصصة من صافي أرباح الشركات ، وضمان عمليات التصويت في اجتماعات الجمعية العمومية.
فضلاً عن أهمية ضبط مواقف تضارب المصالح ، التي قد تظهر بشكل ملحوظ في عمليات التصويت ، على وجه التحديد حيث قد يكون للمساهمين في بعض المواقف ، تأثير من شأنه كسب أصوات الاجتماع لصالح مصالحهم الخاصة.
ولهذا السبب ، يتم استبعاد المساهمين خاصة الذين يكون لهم أغلبية الأصوات في أعضاء المجلس ، كما يتم بدقة ، تحديد أعمال المساهمين ، و صلاحياتهم ، وفق عدد من الأحكام ، و القواعد التي تقرها مجلس الإدارة في الشركة.
حيث يناط بمجلس الإدارة تحديد مهام الإدارة العليا ، و التنفيذية ، و تفويض بعض اللجان. كما يتطلب من أعضاء مجلس الإدارة العمل وفق معايير الاخلاص ، و موائمة أدائهم مع النظام الأساسي للشركات ومنظومة الحوكمة المفعلة بداخلها.
جهود المملكة تجاه الحوكمة وفق رؤية 2030
وكانت قد أصدرت هيئة السوق المالية السعودية ، لائحة حول حوكمة الشركات ، و ذلك تماشياً مع تغير السوق العالمية ، و توقع زيادة الاستثمارات المستقبلية ، في ظل التوقعات حول امكانية ضخ العديد من الاستثمارات الأجنبية , و الدولية ، التي تترقب ضخ مشاريعها ، في المملكة قريباً.
حيث سيكون هناك مزيد من المنافسة ، بين الشركات التي يكون بها افضل ممارسات الحوكمة ،و ذلك للمفاضلة بين أكثر الشركات ، التي تطبق معايير الشفافية والنزاهة ، وهو ما يجعلها تتحمس لاختيار هذه الشركات التي تقوم بالتعامل معها ، و الوثوق في أدائها للتعاون في مجال الاستثمارات.
ولهذا السبب أقدمت الحكومة السعودية ، على تفعيل خطوات الحوكمة ، وفق رؤية 2030 ، بدافع تحقيق بيئة تنافسية مستقرة ، و التي تجعل السعودية تتجه بمسار اقتصادها ، إلى مجالات متنوعة بعيداً عن مجال النفط.
وفي هذا الإطار ، تم في عام 2017 ، تعديل مجموعة اللوائح الخاصة بحوكمة الشركات ، من أجل تعزيز المساءلة ، و السلوك الأخلاقي ، و الشفافية ، والإشراف على رأس مال المستثمرين.
علاوة على ذلك ، كانت أهداف أطر الحوكمة الرشيدة ، للشركات في السعودية ، مدفوعة بتحقيق حوافز مناسبة ، لمجلس الإدارة ، لتحقيق مصلحة الشركة ومساهميها.
كما اتجهت الحكومة السعودية ، في مجال جهود الحوكمة ، حول صياغة لائحة هيئة أسواق المال ، لتحقيق ما يسمى بالمسئولية الاجتماعية ، و ذلك ضماناً لتحقيق استفادة الجميع.
غير أن الخبراء المتخصصون في هذا المجال ، أوصوا بضرورة أن يتم تفعيل الحوكمة في الشركات السعودية ، و ذلك من خلال خطوة أساسية لا غنى عنها ، و هي العمل على تحقيق منظومة التفعيل ، والتطبيق ، بجانب منظومة التشريع ، و الصياغة ، للوائح المعدلة أو الجديدة .
فلا يقف دور الشركة ، عند الترويج عن أطر الحوكمة في وسائل الإعلام وحدها ، ولكن لابد وأن يكون هناك تطبيق فعال ورصد للنتائج النهائية ، لتقييم درجة نجاح العمليات ، أو فشلها ، ثم تحديد أوجه القصور التي ينبغي العمل على اصلاحها.
وفي حالة نجاح الاطر الحاكمة لقواعد الحوكمة ، و منع تضارب المصالح ، يحتم ضرورة العمل على مراجعتها ، بصفة مستمرة وفق ما أقره خبراء الحوكمة ، و العمل على تحديثها ، وفق المستجدات والتحديات التي تحيط بالمنظمات ،و الشركات في العالم الخارجي ، لتحديد للمتطلبات التنظيمية. [2]
الحوكمة في مجال المشتريات الحكومية السعودية
يعد مجال المشتريات الحكومية ، من أكثر المجالات التي استدعت من الحكومات ، حول العلم حتمية ضبط مواقف التضارب فيه ، و الرقابة عليه.
نظراً لكونه أكثر المجالات ، التي قد تتحقق فيه العديد من المكاسب الخاصة غير القانونية ، حيث قام مؤخر مجلس الوزراء السعودي ، بإقرار لائحتين ، حول منع تضارب المصالح في هذا المجال ، لضبط السلوكيات الأخلاقية بين العاملين ، و تحقيق الانصاف والعدالة في التنافس حول المشتريات الحكومية.
وتم ذلك ، من خلال تشكيل وصياغة لائحة تنفيذية ، تضمن مبادئ الحوكمة بها ، و أطر تنظيم تضارب المصالح على وجه التحديد ، خاصة في ظل الوضع الحالي لأزمة الكوفيد ، التي أدت إلى تفاقم مظاهر الفساد ، في العديد من القطاعات حول العالم، لعدم وجود وسائل رقابية كافية ، تضمن عدالة توصيل الموارد إلى الجمهور ، دون تحقيق مكاسب خاصة من قبل العاملين.
ونظراً لتطلع الحكومة السعودية ، إلى تحقيق الثقة في الاقتصاد السعودي ، أقرت عدد من التوجيهات والقواعد القانونية ، التي من شأنها تعزيز بيئة تنافسية تراعي معايير الحوكمة ، وتتوافق مع النظرة التطلعية للحكومة السعودية ، التي ستجعلها في قائمة الدول والحكومات ، التي حققت نتائج ملموسة في المجال الاقتصادي لا سيما في ظل التحديات الحالة. [3]