خصائص النزعة الانسانية في الشعر المهجري
خصائص النزعة الإنسانية في شعر المهجر
النزعة الإنسانية تعد مركزية إنسانية ، ضرورية ، تنطلق من معرفة الإنسان ، حيث يكون موضوعها هو تقويم الإنسان ، وبقيمه ، واستبعاد كل ما من شأنه تعريبه عن ذاته ، سواء كان بإخضاعه لقوى خارجه للطبيعة البشرية ، او بتشويهه من خلال استعماله دونيا ، دون الطبيعة البشرية.
وتتميز النزعة الإنسانية في
الشعر المهجري
بالعديد من الخصائص ، التي اتجهت نحو الاهتمام بالجانب الإنساني ، وهي كما يلي : [2]
- الاحتفاء بالذات والأخر والناس من حيث تقديم الذات ، بإزاء السلطة ، والمجتمع المثقف ، والاحتفاء بالثقافة ، الإنسانية ، من خلال اعطائها المدى الواسع والقيمة العليا ، وكذلك الاحتفاء ، بالكتابة ، والكتاب ، والعنوان.
- تجسيد مركزية الحب المبني عليها باقي التفاصيل ، وتدور حولها الأفكار ، والأحداث من خلال مواجهة الحب للمجتمع ، وقيادته للاتجاه الإنساني في الحياة في الحياة ، وتكريس قيمة الحب ، وكتابة تفصيلاته بعيدا عن استثمار الجسد ، وتفصيل الحب الجسدية.
- الاحتفاء بالتأريخ ، من خلال توظيفه في تاريخ الناس ، والاشخاص العاديون ، والتاريخ الرسمي للبلد ، والناس والسلطة ، والتأريخ الشخصي للمبدع ، وكذلك تاريخ الحضارة العريقة.
- الاحتفاء بالمكان ، مثل أماكن التغريب ، والتي كثرت في شعر المهجرين ، نظرا لاغترابهم ،وبعدهم عن الوطن ، وتتجلى في علاقة المبدع بالمكان ، بين المكان الأول وهو وطنه ، ومكان الاغتراب والمنفى.
- الاحتفاء بالنص ، وما يتضمنه منه دلالة الأسماء ، واللغة الشعرية ، والاهتمام بها ، وكذلك العتبات النصية ، ودلالات العناوين التي تمثل بعدا مهما ، وأكثر حساسية ، وايضا وظيفة الوصف ، والنهايات المفتوحة للنص الأدبي.
مبادئ النزعة الإنسانية في الشعر المهجري
شعر المهجر والذي نشأ في المدرسة المهجرية ، التي قامت بعمل مجموعات ، وروابط ، كانت من اشهرها
الرابطة القلمية
، وتعد النزعة الإنسانية هي طريقة التفكير ، والعمل التي يمكن الإنسان العادي من أن يحيا حياة سعيدة ، ومثمرة.
كما أن النزعة الإنسانية من أهم خصائص الشعر المهجري ، وتتبع عدة مبادئ تجعلها رائدة في خصائص شعر المهجر ، وهذه المبادئ هي ان : [2]
- الادب العظيم يحتفظ بقيمته عبر الزمان ، والمكان.
- النص الأدبي يحمل معناه في داخله ، وتكون الطريقة المثلى للتعاون معه ، هي عن طريق قراءته وتحليله ، من دون افكار مسبقة ، او تحفيزات فنية ، او أيديولوجية.
- النص الأدبي يشتمل على حقائق إنسانية خالدة ، كما أنه يمكنه مخاطبة الحقائق الجوهرية ، التي تعرفها الروح والنفس.
- غاية الادب هي تنمية الحياة البشرية ، ونشر القيم الإنسانية النبيلة ، بين الناس في مختلف المجتمعات.
النزعة الإنسانية في الشعر المهجري
لقد حظي الشعر المهجري بعناية الدارسين ، ونقاد الادب العربي ، ليس قديما فقط ، وانما إلى الآن ، حيث أنه أعطى للأدب العربي بعد أن كان نائما ، متعة الحياة ، وإغراء الحرية.
ولقد اعتبر الشعر المهجري أحد أعمدة التي رفعتها عاليا ، لما فيه من صدق الشعور ، ونزهة التجديد ، ولما يحمل من قيم إنسانية ، ومثال على النزعة الإنسانية في الشعر المهجري ، ابيات من قصيدة للشاعر ندرة حداد ، حيث يقول فيها :
راض بالعصا يا أيها الحامل رمحك
و سأرضى أنا خبزك الأسود في الحب وملحك
و سأنسى جرح قلبي كلما شاهدت جرحك
و إذا أخطأت نحوي فأنا أطلب صفحك
ولقد تطورت فكرة النزعة الإنسانية بشكل كبير من عصر النهضة ، إلى عصر التنوير ، ثم القرن التاسع عشر ، وبعده القرن العشرين ، فأصبحت اتجاها متبلورا بين الادوات ، والأفكار ، كما أنها أصبحت تمثل رؤية فلسفية مستقلة.
وتعرف النزعة الإنسانية في شعر المهجرين على أنها افكار تهتم بجميع جوانب الطبيعة الإنساني ، مثل ؛ الجوانب العقلية ، والجمالية ، والشعورية ، والخشية ،وما يترتب عليها من احتياجات ، ومواقف.
كما أن النزعة الإنسانية تبنى على افكار مهمة وهي أن ؛ محور الاهتمام هو الانسان ، وخبرته الإنسانية ، كما أن الفرد الإنساني يكون ذو قيمة إنسانية في حد ذاته ، وأنه مصدر كل القيم.
وتقدم النزعة الإنسانية قيمة كبرى للأفكار ، وبالتالي فهي لا تكون بمعزل عن سياقها الاجتماعي ، والتاريخي ، كذلك ، فهي لا يتم اختيارها من أجل أن تصبح مجرد عقلية للمصالح الطبقية ، او الاجتماعية.
لقد تحدث شعراء المهجر في العديد من قصائدهم عن النزعة الإنسانية ، التي برز جمالها في المعاني السهلة ، والأفكار والصور الواضحة ، فمثلا العنصرية ، والتي تختص بها النزعة الإنسانية ، كما في مطولة ” على بساط الريح ” للشاعر فوزي المعلوف ، حيث يقول :
أنا عبد الحياة والموت أمشي * مكرها من مهودها لقبوره
عبد ما ضمت الشرائع من جور * يخط القوي كل سطوره
بيراع ، دم الضعيف له حبر * ونوح المظلوم صوت صريره
والحرية ، التي تعتبر من أهم القيم التي يؤدي غيابها إلى عبثية الوجود بل ، وهي قيمة تستحق أن يضحي الإنسان من اجلها ، ولقد أخذت من اهتمام أدباء المهجر ، فكثيرا ، ما لجأوا إلى العالم الجديد ، هروبا من أغلال الاستعمار ، ونرى ذلك في شعر نعمة قازان المغترب بالبرازيل ، حيث يقول :
هي النفس تحيا بإحساسها * وليس على الحس من قدرة
ربيت طليقا على فطرتي * وما أحيلى طفولتي
وكذلك يقول الشاعر السوري نسيب عريضة ، مخاطبا وطنه :
مشت القرون وكل شعب قد مشى معاً * وقومك واقفون ونوم
لم ترتفع كف لصفعة غاشم * فيهم ولم ينطق بتهديد فم
كما أن هناك التأملات الشعرية ، وما تنطوي عليه من معاني إنسانية ، تبحث في الحرية الكاملة ، نبالة الحس ، فيقول فوزي معلوف :
بين روحي وبين جسمي أسير * كان بعد ذقت مره
أنا في التراب وهي فوق الأثير * أنا عبد وهي حرة
عبد عصر من التمدن نلهو * ظلة عن لبابه بقشوره
عبد اسمي أذيب نفسي وجسمي * طمعا في خلوده وظهوره
وكذلك نزعة التسامح ، التي تدل على النزعة الإنسانية ، فيقول الشاعر مسعود سماحة :
كأني لم اترك للغير شؤونه * كأني عالجت غير شؤوني
وكم من صديق لم أخنه فخانني * ومؤتمن قد بات غير أمين