فوائد سورة المعارج الروحانية

روحانيات سورة المعارج

الآيات الأولى من سورة المعارج تناولت أهمية الصلاة، ودورها في المحافظة على ثبات الإنسان عند تعرضه للمشكلات، حيث إن من كانت صلاته صالحة أصبح باقي عمله صالح، وهو ما ذُكر في قوله تعالى: “إِنَّ ٱلۡإِنسَـٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعࣰا وَإِذَا مَسَّهُ ٱلۡخَیۡرُ مَنُوعًا إِلَّا ٱلۡمُصَلِّینَ ٱلَّذِینَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَاۤىِٕمُونَ” [المعارج:19- 23]، كما تجمع سورة المعارج صفات الأشخاص الصادقين والمؤمنين بأسلوب بديع وصياغة حسنة، وذلك حتى ترتقي بالإنسان وصولًا إلى درجة الكمال في الإيمان، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه: [إنّ الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها]، بالإضافة إلى أن المعارج تم ذكرها حتى ينتبه الإنسان إلى دقة المعنى، وهو أن يكون حريصًا على الوصول إلى المراتب العُليا، إلى جانب جعله متذكرًا درجات الجنة التي أعدها الله للمؤمنين من أهل الجنة.


لطائف

سورة المعارج

تم إطلاق ذلك الاسم على سورة المعارج، لأنه يعبر عن الحالة التي يعرج بها الملائكة في السماء، كما أن نزول هذه السورة كان بعد سورة الحاقة، والتي هي سورة مدنية من المفصل، ويبلغ عدد آيات سورة المعارج 44 آية، بالإضافة إلى أن تلك السورة العظيمة موجودة في الجزء التاسع والعشرين من المصحف الشريف، وبالنسبة لترتيبها فهو سبعون في المصحف العثماني، والجدير بالذكر أن أول آية بدأت بها تلك السورة المباركة كانت تحمل عبارة (سأل سائل بعذاب واقع).

ذُكرت سورة المعارج في مجموعة من كتب الأحاديث، كتب السنة النبوية، وكتب التفسير باسم (سأل سائل)، كما عُرفت بذلك الاسم أيضًا في بعض المصاحف التي كُتبت بخط القيروان والخط الكوفي، وهي مصاحف يرجع تاريخها إلى القرن الخامس، وكذلك عرفها البعض بسورة الواقع، حيث إن تلك الثلاثة أسماء مأخوذة من كلمات ذُكرت في أول السورة، والجدير بالذكر أنها من السور المكية ما عدا قوله تعالى: “وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ” [المعارج: 24] فهي آية مدنية، وبالنسبة لترتيبها في القرآن الكريم فهو الثامن والسبعين، وتقع ما بين سورة الحاقة وسورة النبأ. [1]

فوائد سورة المعارج

للاطفال

عند التعرف على فوائد سورة المعارج للأطفال، ينبغي أن يتم شرحها بطريقة بسيطة، وذلك حتى يتم مراعاة الفئة المستفيدة من هذا، إذ أن فوائدها تكمن في تعرف هؤلاء الصغار على أهمية طاعة الله ورسوله، حيث تناولت أولى الآيات من سورة المعارج أهل مكَّة المكرمة الذين خرجوا عن طاعة رسول الله عليه الصلاة والسلام، كما ذكرت استهزاء أهل قريش بما توعدهم الله به يوم القيامة من عذاب، بالإضافة إلى تحدثها عن طرق العذاب المتنوعة التي سوف يتعرض لها المجرمين والمشركين، لذلك يجب أن يتعلم الأطفال منها ضرورة صبر المسلم على الأذى الذي يراه من الناس من أجل تبليغ الرسالة مثلما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم. [2]

يمكن للأطفال كذلك معرفة أن سورة المعارج تناولت الطبيعة البشرية للإنسان، وأنه يخاف ويشعر باليأس حينما تصعُب عليه الأيام، كما أنه يتوقف عن شكر الله عند وصوله إلى النعمة والرخاء، بالإضافة إلى أن المؤمنين الذي يحمدون الله في الفرح والحزن تم ذكرهم في سورة المعارج أيضًا، ومن ثم خُتمت بالتحدث عن الطمع المتأصل في قلوب الكفار حول دخول الجنة.

ولكن الله تعالى كتب لهم شدة العذاب وليس الجنة التي يتوقعونها، إلى جانب أن الأطفال يجب أن يستفادوا من تلك الآيات الكريمة في معرفة أن طبيعة الإنسان هي الخوف، الفزع، التفاخر، الصحة، التكبر، والمال، وذلك ما يجعل الإنسان يبتعد عن شكر الله، لذا ينبغي على المسلم أن يكافح فطرته وطبيعته بالمبادئ العظيمة للإسلام، وكذلك المؤمنون الذين يكونون على حق، هم الذين يجاهدون أنفسهم الضعيفة، ولا يخشون المصائب بل يلتزمون الصبر وشكر الله تعالى على كل ما قدره. [2]


فضل

سورة المعارج

عند أهل البيت

ذكرت الكثير من الأحاديث النبوية فضل سورة المعارج إذا إلتزم بها أهل البيت، وذلك يرجع إلى كونها تحتوي على العديد من القيم الواجب اتباعها في الحياة، ومما يُشير إلى فضلها قول أبي عبد اللّه عليه السلام: [أكثروا من قراءة : (سأل سائل) فإنّ من أكثر قراءتها لم يسأله اللّه تعالى يوم القيامة عن ذنب عمله ، وأسكنه الجنّة مع محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم إن شاء اللّه تعالى]، كما أنه من خواص القرآن ما روي عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: [من قرأ هذه السورة كان من المؤمنين الذين أدركتهم دعوة نوح عليه السّلام ، ومن قرأها وكان مأسورا أو مسجونا مقيدا فرّج اللّه عنه ، وحفظه حتّى يرجع]، بالإضافة إلى أنه من فضل سورة المعارج على الناس قول النبي صلى الله عليه وسلم: [من قرأها وهو مسجون أو مأسور فرّج اللّه تعالى عنه ورجع إلى أهله سالما]، ومن الدلائل على فوائد سورة المعارج المتعددة قول الصادق عليه السلام: [من قرأها ليلا أمن من الجنابة والاحتلام ، وأمن في تمام ليله إلى أن يصبح بإذن اللّه تعالى].

سبب نزول سورة المعارج

نزلت أول آية من سورة المعارج وهي “سأل سائل بعذاب واقع” في النضر بن الحارث، حيث إنه قال: (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليم)، وبعدها وقع به ما سأل، وتم قتله في يوم بدر صبرًا وكان معه عقبة بن أبي معيط، كما قيل أن السائل هو الحارث بن النعمان الفهري.

فحينما سمع حديث نبي الله عليه الصلاة والسلام عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يقول: [من كنت مولاه فعليّ مولاه]، فقام


بالذهاب له وقال: (يا محمد، أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله فقبلناه منك، وأن نصلي خمسًا فقبلناه منك، ونزكي أموالنا فقبلناه منك، وأن نصوم شهر رمضان فقبلناه منك، وأن نحج فقبلناه منك، ثم لم تكتف بهذا حتى فضلت ابن عمك علينا! أفهذا شيء منك أم من الله؟!) فكانت إجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [والله الذي لا إله إلا هو ما هو إلا من الله]، فسار الحارث وهو يردد: (اللهم إن كان ما قاله محمد حقًا فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليم)، فعند وصوله إلى ناقته رماه الله بحجر وقع على رأسه حتى قتله. [3]