ما موقف الشعراء من الحضارة الغربية
كيف كان موقف الشعراء من الحضارة الغربية
بعد الحرب العالمية الأولى تأثر الشعراء العرب بثقافة الغرب (الاحتلال) كثيراً اللذين عملوا على تهميش اللغة العربية ونقل ثقافتهم للعرب فكتبوا تبعاً لقوانين الاحتلال مما أضعف موقف اللغة العربية أما هذه الثقافة ومع كل ذلك بقيت اللغة العربية صامدة على مر العصور رغم كل محاولات دول الغرب من طمس معالم هذه اللغة العريقة رغم كل ذلك برز الكثير من الشعراء الوطنين الذين استبسلوا في الدفاع عن لغتهم وتاريخهم مثل العقاد الذي نسج شعراً معبراً عن أصالة العرب وفصاحتهم وتأثيرهم ببلاد الغرب وعن عادات وتقاليد العرب قائلاً:
وابنُ خلدونُ إذا صحَ وصابا
إن للفصحى زماماً ويداً
تجلبُ السهلَ وتقتادُ الصعابا
لغةُ الذكرِ لسانُ المجتبى
كيفَ تعبا بالمنادينَ جوابا
كلَّ عصرٍ دارها إنْ صادفْتَ
منزلاً رحباً وأهلاً وجنابا
إيةِ بالعمرانَ روضاً يانعاً
وادعها تجردُّ ينابيع عذابا
كما قام الشاعر العربي الوطني الكبير حافظ إبراهيم في استبساله في الدفاع عن العروبة وتاريخ العرب ويتغنى باللغة العربية في زمن الاستبداد قائلاً:
رَجعتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي
وناديت قَوْمِي فاحتسبتُ حياتِي
رَمَوني بعقمٍ في الشَّبابِ وليتَني
عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَولِ عِداتي
وَلَدتُ ولمَّا لم أجِدْ لعرائسي
رِجالاً وأَكفاءً وَأدْتُ بناتِي
وسعتُ كتابَ الله لَفظاً وغاية
وما ضقتُ عن آيٍ به وعِظاتِ
فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلةٍ
وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ
أنا البَحْرُ في أحشائه الدر كامِنٌ
فهل سَألوا الغَوَّاصَ عن صَدَفاتي
فيا وَيحكُم أبلى وتَبلى محاسِني
ومنكمْ وإنْ عَزَّ الدّواءُ أساتِي
فلا تَكِلُوني للزّمانِ فإنّني
أخافُ عليكم أن تَحينَ وَفاتي
أرى لرِجالِ الغَربِ عِزّاً ومَنعَة ً
وكم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لُغاتِ
أتَوْا أهلَهُم بالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً
فيا ليتَكُمْ تأتونَ بالكلِمَاتِ
أيُطرِبُكُم من جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ
يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي
ولو تَزْجُرونَ الطَّيرَ يوماً عَلِمتُمُ
بما تحتَه مِنْ عَثْرَةٍ وشَتاتِ
سقَى اللهُ في بَطْنِ الجزِيرةِ أَعْظُماً
يَعِزُّ عليها أن تلينَ قَناتِي
حَفِظْنَ وِدادِي في البِلى وحَفِظْتُه
لهُنّ بقلبٍ دائمِ الحَسَراتِ
وفاخَرْتُ أَهلَ الغَرْبِ والشرقُ مُطْرِقٌ
حَياءً بتلكَ الأَعْظُمِ النَّخِراتِ
أرى كلَّ يومٍ بالجَرائِدِ مَزْلَقاً
مِنَ القبرِ يدنينِي بغيرِ أناة ِ
وأسمَعُ للكُتّابِ في مِصرَ ضَجّةً
فأعلَمُ أنّ الصَّائحِين نُعاتي
أَيهجُرنِي قومِي-عفا الله عنهمُ
إلى لغةٍ لمْ تتّصل برواةِ
سَرَتْ لُوثَة الافرنجِ فيها كمَا سَرَى
لُعابُ الأفاعي في مَسيلِ فُراتِ
فجاءَتْ كثَوْبٍ ضَمَّ سبعين رُقْعةً
مشكَّلةَ الأَلوانِ مُختلفاتِ
إلى مَعشَرِ الكُتّابِ والجَمعُ حافِلٌ
بَسَطْتُ رجائِي بَعدَ بَسْطِ شَكاتِي
فإما حياة ٌ تبعثُ المَيْتَ في البِلى
وتنبِتُ في تلك الرمُوسِ رفاتي
وإمّا مَماتٌ لا قيامة َ بعده
ممات لَعمري لمْ يقسَ بمماتِ
موقف شعراء المهجر من الحضارة الغربية
شعراء المهجر هم شعراء عرب هاجروا إلى بلاد الغرب وقطنوا فيها من منتصف القرن التاسع عشر، عاشوا هؤلاء الشعراء في الغرب وألفوا الشعر وكتبوه هناك، أصل هؤلاء الشعراء من بلاد الشام ولبنان خصوصًا الذين هاجروا إلى أمريكا الجنوبية والشمالية، قام الكثير من شعراء المهجر بإنشاء العديد من النوادي والروابط الأدبية التي جمعتهم على شكل ثلة في مهجرهم، فكر أدباء المهجر بإنشاء رابطة أدبية سميت القلمية عام 1916م وتم تأسيسها بشكل رسمي عام 1920م في نيويورك من قبل كبار الأدب المهجري وشعراء الأدب العربي المعاصر اللذين من أبرزهم: جبران خليل جبران، إيليا أبو ماضي، نسيب عريضة، ميخائيل نعيمة وغيرهم
،
كان جبران خليل جبران قد انتخب كعميدٍ للرابطة القلمية وميخائيل نعيمة المستشار و وليم كاتسفليس خازنها اتسمت هذه الرابطة بالوطنية والإنسانية وتأثرها بالحضارة الغربية إلى جانب الحنين للوطن وانحلت هذه الرابطة بموت جبران خليل جبران عام 1932م.
موقف شعراء الرابطة من الحضارة والشعر الغربي
اتسم شعر شعراء هذه الرابطة بالتأثر بالبلدان التي عاشوا فيها من خلال كتاباتهم وشعرهم وهذا كان أحد أسباب تشكيل هذه الرابط لنقل هذا النوع الجديد من هذه الحضارة للعرب كما ساهم شعرهم في التأثير في الغرب فكان لهم دور كبير في نقل ثقافة اللغة العربية إلى بلاد الغرب استخدموا اللغة السهلة البسيطة التي تعد من أهم سمات الشعر الحديث وابتداع أسلوب الشعر الحر والتحدث في الشعر عن الجوانب الإنسانية والفرط في ذكر الوطن والتغني بالحنين إليه ووصف الطبيعة وتشخيصها والتأمل في الحياة وأسرار الكون والوجود والدعوة لقيم الخير والجمال والحب والحق واستخدام الرموز الإيحائية فقد كتب عميد الرابطة القلمية جبران خليل جبران قصيدة عن تأثير الغناء على الحياة البشرية وغنتها السيدة فيروز وهي:
أعطنِي النَّاي وغني *** فالغنَا سرُّ الوجُود
وأنينُ الناي يبقى *** بعد أنْ يفنى الوجودْ
هل تَخِذتَ الغابَ مثلي*** منزلًا دونَ القصورْ
فتتبَّعتَ السواقي *** وتسلَّقتَ الصخورْ
هل تحمَّمتَ بعطرٍ *** وتنشَّفتَ بنورْ
وشرِبتَ الفجر خمرًا *** في كؤوسٍ من أثير
هل جلست العصر مثلي *** بين جفنات العنبْ
والعناقيد تدلَّتْ *** كثريَّات الذهبْ
فهي للصادي عيونٌ *** ولمن جاع الطعامْ
وهي شهدٌ وهي عطرٌ *** ولمن شاءَ المدامْ
هل فرشتَ العشب ليلًا *** وتلحَّفتَ الفضا
زاهدًا في ما سيأْتي *** ناسيًا ما قد مضى
وسكوتُ الليل بحرٌ *** موجهُ في مسمعكْ
وبصدر الليل قلبٌ *** خافقٌ في مضجعكْ
وميخائيل نعيمة الذي كان مستشار الرابطة الأدبية كتب متغنياً بنفسه مستخدماً الرموز المستوحاة من الحضارة الغربية فقال:
أنا هو المنوال والخيط والحائك
وأنا أحوكُ نفسي من الأموات/الأحياء
أموات الأمس واليوم والأيَّام التي ما ولدت بعد
والذي أحوكُه بيدي
لا تستطيع قدرة أن تحلَّه حتَّى ولا يدي.
وإيليا أبو ماضي أحد أعضاء الرابطة القلمية الذي كتب قصيدة عن محاكاة يشخص فيها السماء ويوصفها بإنسان يبكي من حنينه إلى الوطن فقال:
قال: السماءُ كئيبةٌ وتجهَّما
قلت: ابتسم، يكفي التجهُّم في السَّما
قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتــسِمْ
لن يرجعَ الأسفُ الصبا المتصرِّما
قال: التي كانت سمائي في الهوى
صارت لنفسي في الغرام جــهنَّما خانت عــــهودِي بعدما ملكـتها
قلبي، فكيف أطيق أن أتبسَّــما! قلـــتُ: ابتسم واطرب فلو قارنتها
لقضيتَ عــــمرك كــلَّه متألما قال: الــتجارة في صراع هائل
مثل المسافرِ كاد يقتله الـــظَّما أو غادة مسلولة محــتاجة
لدم، وتنفثُ كلَّما لهثَتْ دما قلت: ابتسِم ما أنت جالب دائها
وشفائها، فإذا ابتسَمت فربَّما أيكون غيركَ مجرِمًا وتبيتُ في
وجلٍ كأنَّك أنت صرت المجرما؟
الوضعية النقدية من موقف الشعراء من الحضارة الغربية
كان ملك بن نبي يعيش في عهد الاحتلال فانتقل للعيش في فرنسا مما أدى إلى تأثره بالحضارة الغربية فكانت حضارة الغرب فارغة من الجانب الروحي خلاف الحضارة العربية وبدأ بنقد حضارة الغرب في الأربعينيات من القرن الماضي كما يوجد نقاد آخرين مثل (محمد عبده بالاتجاه الديني وجمال الدين الأفغاني مثل الاتجاه السياسي) في النقد بينما هو وجد أن مشكلة العالم الإسلامي ليست دينية ولا مشكلة سياسية بل كانت مشكلته غياب الحضارة الإنسانية ونبذ هذا الناقد المقارنة بين حضارتين من زمنين مختلفين فعد مالك بن نبي كارل ماركس وشبنجلر وأرلوند توينبي وشوبرت دعائم الحضارة الغربية وركز عليهم في النقد كما تقد الحضارة الغربية وكتب مدخل لفهم الحضارة الغربية.[1]