فوائد سورة الرعد الروحانية
روحانيات سورة الرعد
لا يختلف اثنين على فضل قراءة الآيات القرآنية كلها ، وليست سورة بعينها ، او اية معينة ، حيث أن الله سبحانه وتعالى انزل خير الكلام على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
وحديثنا اليوم عن سورة الرعد ، وفوائدها الروحانية ، حيث أنه ذُكِر أكثر من حديث شريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في روحانيات سورة الرعد ، ومنها ما يلي : [1]
توضيح النبي أن الإكثار ، والمواظبة على قراءة سورة الرعد لم يصبه الله تعالى بصاعقة ابدا ، وإن كان فاسقا ، وان قام المؤمن بالاكثار ، والمواظبة على قراءتها ، فإن الله تعالى يُدخله الجنة بغير حساب ، كما أنه يكون شافع لأهل بيته ، وإخوانه المؤمنين.
كما أنه في حديث شريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن من قرأ سورة الرعد ، أثابه الله تعالى بعشر حسنات ، تكنّ بوزن كل السحاب الذي مر ، وما زال يمر ، كما أن الله تعالى يبعث قارئها يوم القيامة من الموفين بعهد الله تعالى.
وفي حديث آخر عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، أن من قام بكتابة سورة الرعد في ليلة مظلمة ، بعد صلاة العشاء ، وتركها على باب الظالم ، فإن الله تعالى يبتلي هذا الظالم بقصر العمر ، وضيق الصدر ، كما يقوم الله سبحانه وتعالى بإهلاكه مقابل ظلمه.
سورة الرعد مدنية ام مكية
إن سورة الرعد من السور المدنية ، وهي السور التي تم انزالها على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة ، ما عدا الآية الكريمة : ” ولا يزال اللذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة… ” ، وعدد آياتها ثلاثة واربعون آية.
وقد سميت سورة الرعد بهذا الاسم ، في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث نسب سبب تسميتها إلى ورود ذكر الرعد في قول تعالى : ” ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال “.
مقاصد سورة الرعد
لم يأتي القرآن الكريم عبثا ، ولم يتم ذكر آية من آياته بدون سبب ، إن كان تحذيرا ، او اطمئنانا ، او غيره ، وسورة الرعد من السور التي شملت الكثير من المعاني والمقاصد كما يلي : [2]
تأتي بداية سورة الرعد في المجمل بإحدى القضايا العامة من قضايا العقيدة الإسلامية وهي ؛ قضية الحق الذي اشتمل عليه الوحي المنزل على الرسول بالقران الكريم ، والتي تعتبر القاعدة العامة لباقي القضايا ، أما من الناحية الخاصة ، فتضمنت سورة الرعد المقاصد التالية : [2]
- عمق تأثير القران الكريم ، المُنزل من الله تعالى في النفس البشرية ، وما فيه من قوة ، وسلطان.
- التأكيد بأن القرآن الكريم هو الحق من عند الله سبحانه وتعالى ، وان لا شيء يقوم بتغيير حقيقة هذا الأمر.
- توجيه الله تعالى لرسوله الكريم بالجهر بالنبوة في مواجهة تكذيب ، وتحدي الكفار ، والمشركين له ، ولما جاء به ، فالله تعالى هو الواحد القهار ، ولا إله غيره ، وان الخلق اجمعين مردهم لله تعالى ، أما يدخلهم الجنة ، او يدخلهم النار.
- جمع المنهج القرآني بين الحديث عن القران الكريم ، وكتاب الكون المفتوح ، بما يتضمنه من أدلة تشهد بوحدانية الله تعالى ، وسلطانه.
- بيان طبيعة النبوة ، وحدود الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وان مهمته هي بلاغ ما اُنزِل إليه من الله تعالى ، كما أن ليس له شأن بهداية الخلق ، فالله يهدي من يشاء ،ويضر من يشاء.
- تخليص العقول البشرية من رواسب الوثنية ، وتحرير افكار البشرية من الخرافات التي تغلغلت إليهم عن طريق الوثنية.
- نفاذ مشيئة الله تعالى ، وان حاول الدعاة ، والمرسلين تغيير مصائر الناس ، فالله تعالى هو المتحكم في حركة الحياة ، وتقرير ما يحب حدوثه.
- هدى الله تعالى لمن يتجه إليه ، فالله يهدي من ينيب إليه ، ويصل من لا يستجيب لكلامه سبحانه وتعالى ، بالهداية ، او الضلال هما من شئون الله تعالى ، ولا تحدث عبثا ، بل الإنسان هو الذي يختار الهدى ، او الضلال.
- توثيق العلاقة بين السوء الذي يصيب البشر ، وبين العمى عن الحق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الله تعالى ، لهداية البشر إلى الصراط المستقيم ، والحق ، والايمان بوحدانية الله سبحانه.
- فساد من لا يستجيب لأوامر الله تعالى في الأرض ، وإصلاح المؤمنون بالله تعالى ، والمصداقية رسوله الكريم في الأرض.
لطائف سورة الرعد
لا يوجد على وجه الأرض ، افضل من كلام الله تعالى ، فلقد جاء من الواحد القهار ، ومن روعة سورة الرعد أنها تجعل قارئها يتأمل في ملكوت الله سبحانه وتعالى ، بداية من السموات إلى الشمس ، والقمر ، ثم الأرض ، والجبال ، والأنهار ، وبعد ذلك نهبط إلى تقسيم الأراضي الزراعية ، وتنوع الثمار بها.
في سورة الرعد يأمرنا الله تعالى بالنظر إلى خلقه ، وقدرته ، وابداع آياته من اعلى نقطة في الكون ، إلى الأرض ، حيث أن السموات رُفِعت بلا أعمدة ، والماء واحد ، وان كان يروى به مختلف أنواع النباتات.
ثم بعد ذلك يعقب الله تعالى ، باستغراب البشر من ملكه في الكون ، وقدرته سبحانه وتعالى على أحياء ، واماتة الخلق ، فكيف لمن ينكر كل هذا أن يكون صاحب عقل سليم ، إلى أن ننتقل إلى قدرة الله تعالى على الجمع بين المتناقضات في الكون.
حيث تستعرض سورة الرعد اثنان وثلاثون ظاهرة كونية متناقضة ، لا يقدر على جمعهم الا الله تعالى وهي ؛ الليل والنهار ، الخوف والطمع ، الكوع والكره ، الظلمات والنور ، الحق والباطل ، البسط والقدر ، الدنيا والآخرة ، وغيرها.
فسورة الرعد تعتبر مثالا لقدرة الله عز وجل ، وحقيقة وحدانية الله تعالى ، وارسال رسوله صلى الله عليه وسلم ، بالحق ، والدعوة بالهداية. [3]