موضوع عن حرف ومهن الانبياء
مهن الأنبياء جميعهم
تعد المهنة الأولى والأساسية لجميع الرّسل هي مهنة دعوة الناس إلى الله سبحانه وتعالى وتوحيده، وتبشير المؤمنين منهم بالجنة التي تنتظرهم، وتنذر الكافرين بعذاب النّار.
وكان لهم المهن الدنيوية مثل باقي البشر، التي منها ينفقون على أنفسهم وأهلهم وزوجانهم وأبناءهم.
وعندما نقول أنّ وظيفتهم هي تبليغ الرسالة ودعوة النّاس فهذا ما وظّفهم الله من أجله في الدنيا، ومهنتهم لها علاقة بما يكسبونه من قوت يومهم، ومن هنا كان
الفرق بين المهنة والوظيفة
.
وجاء في كتاب الله القرآن الكريم العديد من
أسماء الأنبياء ووظائفهم
، وكان منهم على سبيل المثال نبي الله نوح عليه السّلام الذي كان يعمل نجّارًا وصنع السفينة بنفسه، كما وجاء في السنة النبوية الشريفة أنّ محمدًا صلّى الله عليه وسلّم اشتغل في رعي الأغنام، ومن بعدها عمل في التجارة.
وجاء عن النّبي محمد أنّه قال:”بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري” رواه أحمد.
حثّ الاسلام النّاس جميعًا إلى العمل وأنْ يكون هذا العمل عملًا طيبًا فيه من الكسب الحلال الطيب وهذا ما نلحظه من كافة الأنبياء حيث يتضح من
شجرة الانبياء والرسل
أنّهم جميعهم كانت لهم حرفهم الخاصّة بالإضافة لما كلّفهم به الله عز وجل في الدنيا من دعوة الناس إلى الحق.
وينفق مما يكسب من عمله وجاءت الكثير من المواضع التي حث الله فيها النّاس والمؤمنين على العمل واتقان العمل، يقول الله سبحانه وتعالى:”وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون”.
مهنة سيدنا زكريا
كان مما جاءنا في السنة النبوية الشريفة أنّ جميع الأنبياء عملوا في حرفة رعي الأغنام في صغرهم، ومنهم نبي الله زكريا عليه السلام، و
الفرق بين الحرفة والمهنة
هو الأدوات التي يتم استخدامها في العمل.
وجاء هذا في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم، فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة.”
والمهن التي عمل بها الرسل هي نفسها المهن التي كان يعمل بها باقي النّاس، منهم من عمل في الحدادة، ومنهم من عمل في النّجارة وكان نبي الله زكريا منهم.
نبي الله زكريا وهو من نسب يعقوب بن إسحاق عليهما السلام، وروى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:”كان زكريا نجاراً”. [2]
مهنة سيدنا محمد
اعتز كل نبي من أنبياء الله بمهنته وما يتقنه من عمل، وكانت
حرف ومهن الانبياء
نفسهم نفس بقية البشر، واذا عملوا عملًا يتقنوه.
روى الحافظ البزار عن رِفاعة بن رافِع: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم سُئِل: “أيُّ الكسب أطيبُ؟ قال: عمَلُ الرَّجلِ بيده، وكُل بيْع مبرور”
وروى البخاري والترمذي وأحمد عن الأسود بن يزيد، وهو من كبار التابعين قال: “سئلت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله، أي في خدمة أهله.”
حيث أنّ النبي محمد عليه الصلاة والسلام كان منذ صغره ومنذ بلوغه سن التاسعة يعمل ويسافر مع عمه أبي طالب وتعلّم مهنة التجارة وأدرك قيمتها وأصبح لديه الخبرة في البيع والتجارة ولما عرف عن بالنبي الصادق الأمين وما اشتهر به من أمانة وصدق بين الناس فقد عرضت عليه فيما بعد السيدة خديجة للعمل معه في مهنة التجارة، ووافق النّبي وتزّوجها فيما بعد.
ومن قبل مهنة التجارة مثله مثل باقي الأنبياء والرسل فقد عمل في رعي الأغنام وهي
الحرفة التي عمل بها جميع الانبياء
، ومنذ صغره حتى قبل بلوغه سن السادسة كان يرعى الغنم صلوات الله عليه، وأكثر ما نفعه في هذا العمل حياته وعيشه في بيئة الصحراء التي أعطته صحة في البدن، وتعلّم منها الصبر وقوة التحمل والتصرف بحكمة وتأني. [1]
مهنة سيدنا عيسى
وأمّا عن نبي الله عيسى عليه السّلام فقد كان طبيبًا يبرئ الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى بإذن الله سبحانه وتعالى، وجاء ذلك في القرآن في سورة آل عمران، يقول الله تعالى:”وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ”
مهنة سيدنا موسى
سيدنا موسى مثله مثل باقي الأنبياء والرسل عمل في رعي الأغنام، وجاء في كتاب الله، حيث يقول الله سبحانه وتعالى في سورة طه:”وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى، قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى”.
مهنة سيدنا يوسف
وأمّا عن نبي الله يوسف عليه السلام فقد اتضح من القرآن الكريم أنّه كان يعمل وزيرًا على خزائن الأرض، وجعله الله على خزائن الله، يقول الله عزّ وجل، عن يوسف عليه السلام: قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ”
ومن قبلها طلب منه ملك مصر أن يكون محظيًّا عنده، ولكن يوسف لم يقبل فقد منحه الله سبحانه وتعالى قوة وأعطاه علمًا وخبرة تمكنه أن يكون ملكًا على خزائن الأرض.
مهنة آدم عليه السلام
كان يعمل نبي الله آدم أبو البشر عليه أفضل الصلاة والسلام في الفلاحة وحرث الأرض، والزراعة، وذلك بمعاونة زوجته حواء في كافة ما تتطلبه مهنة الزراعة.
كما وكان يقوم بتصنيع ما يلزمه من أدوات ومعدات تساعده وتعينه في عمل الزراعة بنفسه، فقد كانت تسهل عليه حرفته والقيام بعمله.
مهنة داوود عليه السلام
عمل نبي الله داوود في الحدادة، وجاء هذا في القرآن الكريم، يقول الله سبحانه وتعالى:”وألنا له الحديد، أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير”.
عمله في الحدادة كان في صنع الدروع؛ قال الله عز وجل: “وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ، أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” (سبأ 10 – 11)
كما وجاء عن النسفي في تفسيره لهذه الآية:
أنّ الله جعل لداوود الحديد لينًا كالطين المعجون، يصرف بيدِه كيف يشاء مِن غير نار ولا ضَرْب بمطرقة، بسبب أنّ الحديدَ لانَ في يدِه لِمَا كان عليه من القوة الشديدة، فكان يصنع الدرع ويبيعه وينفق من هذا المال.
مهنة سيدنا نوح
عمل نبي الله نوح في النّجارة أيضًا وجاء هذا في القرآن الكريم، فقد قال الله سبحانه وتعالى:”وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ” (هود:38)، وكانت
اعمار الانبياء والرسل
وحياتهم كلها مكللة بالعمل والتعب لايصال الرسالة التي أرسلهم الله من أجلها.
مهنة سيدنا إبراهيم
كان عمل نبي الله إبراهيم عليه السلام في أعمال البناء، و
اعمار الأنبياء
وحياتهم جميعهم كانت مليئة بالعمل المتقن، حيث أنّه من بنى الكعبة البيت الحرام، وساعده في البناء ابنه إسماعيل عليه السلام فقال الله عز وجل: “وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (البقرة: 127) [3]