بماذا كرم الله الانسان
خلق الإنسان
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان ، وجعله خليفة له في الأرض ، وقد منح الله الإنسان العقل القادر على اكتساب المهارات ، والعلوم المختلفة ، وميز الإنسان بأن اعطاه الروح ، وهي هبة ربانية قد خص الله بها الإنسان وذلك لمساعدته على الارتقاء بنفسه ، وتحفيزه على السعي في الأرض ، وكل ذلك يتم كي يقوم الإنسان بغايته التي خلق من أجلها ، وهي السعي والتفكير وعبادة الله سبحانه وتعالى ، كما جعل الله الإنسان محور الخطاب الديني ، وعلى الإنسان البحث واكتشاف الأسرار وابداعات الله في الكون ، الذي يعيش فيه ، واكتشاف عجائب الدنيا والسماء وجميعها تبين عظمة الله وقدرته سبحانه وتعالي ، بل انها دليل واضح علي ان الله خلق الإنسان لغاية ، لذلك أكرم الله الإنسان ورفع منزلته ، وفضله على الكثير من المخلوقات التي خلقها الله ، وقال الله تعالى في كتابه العزيز (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) [الإسراء:70].
منزلة الإنسان عند الله سبحانه وتعالى
يريد الجميع معرفة
بماذا ميز الله الإنسان على باقي المخلوقات
التي خلقها في الكون ، ورفع الله قدر ومنزلة الإنسان ، فترفع عن حدود التكاثر ، والأكل ، والشرب ، والتي تعد هذه الصفات مشتركة مع الحيوانات ، فرفع الله قدر الإنسان ، وشأنه بأن ميزه بالعقل الذي من خلاله يستطيع معرفة ، وإدراك عظمة الخالق عن طريق البحث والمعرفة ، ومن لم يجعل عقله مفكرا ، ومدبرا لأمر الخالق وبديع ما صنعه فهو يتشبه ، بما وصف الله تعالى في القرآن : {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [محمد: 12] ، وذلك يعني أنه يرضى على نفسه النزول إلى مستوى البهائم ، ويكون جزاؤه في الآخرة هو نار جهنم .[1]
بماذا كرم الله الإنسان
لو تفكر الإنسان وتدبر في خلق الله من حوله ، سوف يجد الاجابة المتكررة عن كيف كرم الله الإنسان ، فهناك العديد من المظاهر التي قام العلماء بتوضيحها ، وذلك وفقا للعديد من الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية الشريفة الواردة على لسان الله سبحانه وتعالى ، ولسان نبينا محمد -صلّ الله عليه وسلم ، وفيما يلي سوف نناقش هذه
مظاهر تكريم الله للإنسان
:
إيجاد الإنسان من العدم وحسن الخلق
حُسن الخلق وايجاد الله الانسان من العدم ، وجعل الله إخراجه تشريفا له وتكريما ، وذلك بإكمال مهمة إعمار الأرض ، فالإنسان هو خليفة الله في الأرض ، فقال تعالى في كتابه العزيز : {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30] ، ثم سوي الله الانسان في أحسن واجمل صورة ، حيث خلق الله الإنسان من طين ، ونفخ فيه من روحه ، ويعتبر ذلك تكريم آخر للإنسان لم يحظى به مخلوق آخر على الأرض ، وذلك لقول الله تعالى : {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين : 4]
سجود الملائكة للإنسان
قد أمر الله سبحانه و تعالى الملائكة بالسجود ، لآدم عليه السلام أبو البشرية جميعاً ، وذلك تكريم إلهي للإنسان يدل علي عظمة مكانة الإنسان ، وقد سجدت جميع الملائكة لسيدنا آدم إلا إبليس الذي عصى أمر الله سبحانه وتعالى ، وتوعظ له الله بحساب عسير يوم القيامة ، وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم : {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [ص:71-72]
خلافة الانسان في الارض
قد كرّم الله سبحانه وتعالى الإنسان وسخر له كل النعم الموجودة على الأرض ، ويسر له مأكله ومشربه وجميع الطيبات في الأرض ، وأنزل الأمطار لينبت الزرع ، وفجر الانهار وسخر له الشمس والقمر ، وذلك لتعاقب الليل ، والنهار وفصول السنة ، وسخر له كل ما في البر والبحر ، والعديد من الأمثلة التي لا تعد ولا تحصى ، وذلك بهدف استمر الحياة والبقاء على الغاية التي خلقه الله من أجلها ، وللتأكيد على ذلك قول الله سبحانه وتعالى : {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} . [الإسراء: 70].
الفطرة السليمة والعقل
ميز الله الانسان بالعقل والفطرة السليمة ليلتمس الانسان احساس استشعار الله ، وتوحيده ، وعبادته على اكمل وجه ، ولضمان ذلك أنزل الله الرسل والانبياء ، وقد ايدهم بوحي من السماء ، وذلك لتوضيح سبل النجاة في الدنيا وطرق عبادة الله ، ومعرفة طرق الحق ، ولذلك قد منح الله الإنسان عقلا مناط التكليف ، وذلك بهدف التدبر ، والإدراك ، والتفكير ، واستيعاب ما يدور حوله ، ومن خلاله يعرف المقاصد والدلالات والغايات ، فالعقل البشري هو أصل التكيف ، والاجتهاد مع الخطاب الشرعي وهو أساس عمارة الأرض . [2]
حقوق الإنسان في الإسلام
لقد أعطى الإسلامُ الإنسان الكثير من الحقوق لضمان أداء مهمّته في الحياة ، وذلك وفق منهج الله سبحانه تعالى ، ومن أهمّ ما شرعه الإسلام للإنسان من حقوق :
وجّه الإسلام الإنسان إلى حُسن اختيار الزوجة ؛ وذلك لتكون ذريّتها من بعد ذلك نسب طاهر ، وقد أعطى الإسلام أحكام خاصة للجنين وهو في بطن أمه ، كما دعا الإسلام إلى حسن اختيار الاسم ، وأوجب له حسن الرعاية والنفقة ، وكل ذلك دليل على حرص الإسلام على حفظ حقوق الإنسان حتى قبل ان يولد ويخرج إلى الدنيا ، حيث ينص الإسلام على حفظ حقه في حياة آمنه خالية من اي ترويع ، فجعل نفس الانسان معصومة ودمه محرم ، وذلك لقول الله تعالى : (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ) .
وقد جعل الاسلام الاعتداء عليه جريمة حيث قال الله سبحانه : (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) ، وكذلك حفظ الله كرامة الانسان وحرم الاعتداء عليه سواء بالغيبة أو النميمة فقال الله عزّ وجلّ : (وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ) ، وقد فرض الإسلام حقّ الإنسان في التملّك ، ونَظّم التشريعات ، والأحكام والحدود التي تضمن للإنسان ماله وأملاكه ، وقد منحه حرية التصرّف في ماله بأي وسيلةٍ مباحةٍ .[3]