الفرق بين المدرسة الكلاسيكية والرومانسية
المدرسة الرومانسية والمدرسة الكلاسيكية
هناك العديد من
اسباب ظهور الرومانسية في الشعر العربي
، حيث كانت أهم حركة أدبية في تاريخ الادب ، ويرجع ذلك إلى كونها تضمنت الكثير من المبادئ ، وكانت خطوة في سبيل نشأة المذاهب الأدبية المختلفة مثل السريالية ، والرمزية ، وغيرها.
ولقد كان إحدى أسباب ظهور المدرسة الرومانسية هو معارضتها لمبادرة المدرسة الكلاسيكية ، ويتضح هذا بالمقارنة بينهم ، حيث أن :
- الادب الكلاسيكي كان عقلاني ، بينما الادب الرومانسي كان عاطفي.
- الكلاسيكيون اتبعوا القدماء ، بينما أنكر الرومانسيون كل ما هو قديم.
- الادب الكلاسيكي كان دائم البحث عن الحقيقة ، بينما بحث الادب الرومانسي عن الجمال.
-
كان من مظاهر الادب الكلاسيكي الغاية الخلقية ، بينما كان من
خصائص المدرسة الرومانسية في الأدب العربي
هو ، أن الفن للفن فقط.
فإن كان الادب الكلاسيكي أدبا موضوعيا ، يهتم بالملاحم ، وما تثيره في النفس من بطولات ، ويعالج المسرحية كعمل نبيل ، فإن الادب الرومانسي عبارة عن أدب ذاتي ،وعرض للذات.
مقارنة بين المدرسة الكلاسيكية والرومانسية
كما ذكرنا أن المدرسة الرومانسية جاءت معارضة للمدرسة الكلاسيكية بكل ما تحمله ، ويظهر ذلك في المقارنة بينهم فيما يلي : [1]
العقل والعاطفة
لقد اعتمد الادب الكلاسيكي على العقل كمبدأ له ، فهو ادب عقلي ، وذلك لا يعني أنه لا يهتم بالعاطفة ، فهناك مسرحيات في الادب الكلاسيكي وقامت بتحليل العواطف تحليلا يفوق التحليل الرومانسي ، ولكن العقل كان يهيمن على المشاعر الكلاسيكية.
واعتمد الادب الرومانسي على العاطفة ، مبعدا سيطرة العقل على عواطفه ، فكان الخيال بالنسبة للرومانسيين هو المكان الذي يولد الصور ، والتي تكون وسيلة لتحسين المشاعر ، والأفكار ، فقد كانت لغة للرومانسيين شعورية ، تصويرية.
اتباع القدماء
لقد اتخذ الكلاسيكيون من أرسطو مثالا لهم ، واتبعوا القواعد التي سنها ، حيث أنه كان يعتمد على سلطان العقل ، فلقد كان الكلاسيكيون يستنيرون بنور العقل ، مما أدى إلى إضعاف الشعر الغنائي إلى أن ظهرت الرومانسية.
بينما كان الرومانسيون يجحدون سلطان العقل ، ويستسلمون للعاطفة ، والشعور ، حيث يرون أن القلب هو موطن الشعور ، ومنبع الإلهام.
الحقيقة والجمال
دائما ما كانت المدرسة الكلاسيكية تبحث عن الحقيقة ، وتتجنب متاهات النفس البشرية ، حيث أن الأدب الكلاسيكي يعتبر ادب معتدل ، ويرون بأن الحقيقة وحدها جديرة بالمحبة ، فقد عالج الكلاسيكيون الحالات المألوفة التي تنطبق على الإنسان في كل عصر ، ومكان.
في حين كانت غاية الرومانسيون هي ، البحث عن الجمال ، حيث ينظرون إلى الجمال على أنه وحده يمثل مرآة الحقيقة ، لذلك فقد هاموا بجمال النفس ، فقد بكوا على ما أصاب البشر من أعمال وحشية في مختلف المجتمعات ، بسبب الاستعمار والحرب.
فقد هاجمت المدرسة الرومانسية ، الجمود ، واشتدت بالحياة الواعدة ، الجميلة ، والساخنة ، حيث أن الحقيقة التي ينشدها الرومانسيون تكون أسيرة لخيال الكاتب ، وعاطفته.
غاية الادب
لقد اشتد الكلاسيكيون بالغاية الخلقية في أعمالهم ، حيث أن الشعر الكلاسيكي كان موجه تجاه الفضيلة ، والعمل النبيل ، يعمل على إصلاح الاخلاق ، وتقويمها ، فإن قام صراع بين الواجب والعاطفة ، انتصر الواجب.
في حين أن الشعر الرومانسي كانت غايته ، أن الفن للفن فقط ، لا يدعو إلى غاية خلقية ، او تربوية ، وهو كان مأخذا على هذه المدرسة.
العاطفة
لقد كان الادب الكلاسيكي يصور العاطفة المسئولة للناس من أجل أن ينفروا منها ، لا لأجل أن يتبعوها ، وكان الشاعر الكلاسيكي يحسب البكاء ، والتحسر من الضعف.
بينما كانت العاطفة عند الرومانسيين ملاذا يلوذ به ، فيبكي ، ويتحسر أمام المناظر المريعة.
المثل الأعلى
لقد كان الادب الكلاسيكي يرى مثله الأعلى في الآداب اليونانية ، والرومانية ، فقد كان تقليدا لها في الكثير من المعاني.
في حين أن الرومانسيين تنكروا لكل ما هو قديم ،وتحرروا من نسير الاداب القديمة.
اغراض الادب
لقد هام الرومانسيون بجمال الطبيعة ، ووصف مناظرها ، واللجوء إليها هربا من الظروف المحيطة ، كما أنهم مجدول الألم ، والوحدة والانفراد.
في حين أن الكلاسيكيون قلما كانوا يصفون الطبيعة ، وإذا قاموا بغرض الألم ، فإنه يكون شيء عابر ،لا يهتمون بمسبباته ، ولا تأثيراته في النفس.
المدرسة الكلاسيكية
لقد كانت المدرسة الكلاسيكية حركة نشأت في أروبا ضد افكار الكنيسة ، ورجالها ، حيث أنهم كانوا يتحكمون في كل شؤون الحياة الاجتماعية ، والثقافية ، والعلمية.
وبعد أن سقطت عاصمة القسطنطينية على أيدي الخليفة العثماني ، فقد قام الأدباء والمثقفين بترك تعليم الكنيسة ، والاهتمام بالفنون الأدبية اليونانية.
وقد تأثر الادب الكلاسيكي من الأدب الأوروبي ، كما تأثر بأفكار أرسطو ، وديكارت ، واهتم بفصاحة الكلمات ، والصياغة اللغوية ،كما استمد تقاليده من الأدب الروماني والاغريقي.
ويعتبر من أهم زعماء الادب الكلاسيكي العربي ؛ الشيخ حسن العطار ، وحسن عطاء ، وناصيف اليازجي ، ومن أمثلة الشعر للشيخ حسن العطار ؛
عن المحب ثناك عنه وجيبه
أم قد دعاك إلى البعاد رقيبه
هجر الكرى لما هجر وواصلته
شجونه وازداد فيك نحيبه
لم يكن ذنبا في هواك وانما
قد كان بالهجران منك نصيبه
افقرته من حسن وصلك بعدما
جادت عليك دموعه ونسيبه
مدرسة الاحياء والبعث
ولقد نشأت هذه المدرسة على يد محمود سامي البارودي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي ، احياء للأدب الكلاسيكي ، ويعتبر ممثلي هذه الحركة هم ؛ احمد شوقي ، وحافظ إبراهيم.
فلقد أضاف شعراء حركة الاحياء في امتدادها ، أغراض الشعر التقليدي مع العناية بالامور الوطنية ، والإنسانية ، والقومية ، والاجتماعية ، كما تطورت حركة الاحياء متأثرة بالتجارب الذاتية ، والاطلاع على الشعر الغربي.
ونجد في الاشعار ألفاظ بسيطة ، وسهلة ذات دلالات شعورية ، وعلى سبيل المثال قصيدة امير الشعراء احمد السوقي ، فيقول :
اختلاف النهار والليل ينسي * تذكرت لي الصبا وايام أنسي
وصفات لي ملاوة من شباب * صورت من تصورات ومس
عصفت كالصبا اللعوب ومرت * سنة حلوة ولذة خلس
وسلا مصر هل سلا القلب عنها * او أسى جرحه الزمان المؤسي