مقارنة بين الفلسفة المثالية والطبيعية والبراجماتية

المقارنات بين الفلسفة المثالية والطبيعية والبراجماتية

تتطرق الفلسفة إلى عدة جوانب من الحياة حيث أننا نجد أن الفلسفة التربوية هي التي تحتل المركز الأول في العملية التربوية، فهي دراسات غربية، فمن هذه النظريات الفلسفية الغربية(المثالية- الواقعية – الطبيعية – البراجماتية) وهناك أيضاً النظرية الوجودية وطريقة دالتون وطريقة منتسوري وطريقة المشروع وغيرها من النظريات التي تطرقت إلى العملية التعليمية وإلى الوجود الإنساني وغيرها من المواضيع وهناك أيضاً

الفرق بين الفلسفة المثالية والاسلامية

، فهنا سنستعرض بعض هذه النظريات الغربية وسنقارن بموضوعية بينها من محاور مختلفة.

محور التعليم في المعلم والمتعلم


في

الفلسفة المثالية


نجد أن المعلم هو المحور الأساسي ويحتل مكانة عظمى في العملية التعليمية، ويكون المعلم هو المرشد والمسؤول، يالإضافة إلى أنه يعتبر قدوة حسنة وناصح حكيم، ويتصف بالقيادة وأن تكون شخصيته جذابة، فهو الواسطة بين مخزن المعرفة وعقل التلميذ، وهو المسؤول مسؤولية كاملة عن إيجاد بيئة نشطة بالإضافة إلى أنه يختار المنهج الذي يناسبه  أما التلميذ في هذه الفلسفة فهو :

  • تابع للمعلم وعليه أن يطيعه ويلتزم بتعليماته وإرشاداته.
  • وأن يكون جديراً بالاحترام.
  • وعلى الطالب أن ينفذ وصايا المعلم دون اعتراض.
  • بالإضافة إلى أن التلاميذ جميعهم يخضعون لمقررات دراسية واحدة مشتركة للجميع.
  • ويتم تقييم الطلاب بحيث أن الطالب الضعيف يرسب في السنة الدراسية ويتم إعادة المواد التي رسب فيها.
  • وتكون العلاقة رسمية جداً  بين المعلم والتلاميذ.
  • هذه النظرية تعمل على تقييد التلاميذ حيث أن أدوارهم موحدة للجميع ويتجلى دورهم في استقبال المعلومات والعمل على تخزينها في الذاكرة، مما أدى إلى تعزيز روح السلبية بين التلاميذ.
  • لم تتطرق هذه النظرية إلى التوازن بين كفايات الخريجين مما أدى إلى هدر تربوي، وعدم مراعاة الاحتياجات الأساسية لسوق العمل.


في الفلسفة الطبيعية

فيبرز هنا كمحور أساسي في العملية التعليمية هو الطبيعة ودورها، حيث أن المتعلم يتفاعل معها مباشرة، مع وجود التحييد الكامل للأدوار التربوية المهمة الأخرى.


في

الفلسفة البراجماتية


عملت هذه الفلسفة على تعزيز دور المعلم وجعلته هو محور العملية التعليمية، وأن يكون هو المسهل والمرشد لها، ويجب على المعلم البراجماتي أن يحضر الاجتماعات التي تعقد بين المعلمين والمتعلمين ويقع على عاتقه أيضاً أن يعلم المتعلمين صنع القوانين وليس القوانين فقط، فهو قدوة ومثال لطلابه ولا يوجد أية حواجز بينه وبين طلابه، بالإضافة إلى أن هذه النظرية ركزت على تعزيز الجانب الاجتماعي للمتعلم، وأعطته الحرية اللازمة ولكن في الوقت ذاته لم تتركه لأهوائه في اختيار الكتب ففي بعض الجوانب عملت على تحديد حريته، فمطالب من المتعلم في هذه النظرية أن يتصف:

  • بصفة التعاون مع الآخرين ولتعزيز الجانب الاجتماعي.
  • أن يكون قادراً على الابتكار بأساليب جديدة حتى تتشكل لديه القدرة على حل المشكلات الجديدة التي يمكن أن تواجهه.
  • أن يكون نشيطاً في العملية التعليمية وبالتالي يتفاعل معها.
  • أن يكون قادراً على الإبداع والابتكار.[1]

محور التعليم في المنهج


في الفلسفة المثالية

تعتمد هذه الفلسفة على منهاج ثابت ليس قابل للتطوير أبداً ويتم نقله من جيل إلى آخر، بالإضافة إلى أن مواده الدراسية تكون منفصلة، واهتمت هذه النظرية بمنهجها بالعقل وأعطته مركزية واهتمت به بشكل أنه يقوم على نظرية التدريب الشكلي، ولكن من سلبيات منهج الفلسفة المثالية أنه معزول عن الاهتمام باحتياجات المتعلمين، حيث أنه اعتبر الأدب والعلوم والتاريخ عناصر أساسية في المنهج، واهتم بالرياضيات لأن هدفها تربية العقل وتدريبه، وتم استخدام الأنشطة المرافقة للمنهج مثل النشاطات الصفية أو النوادي المدرسية، ولكنه في الوقت ذاته أهمل الأنشطة اللاصفية لاعتقادهم أنها لا تخدم العقل أو التفكير.


في الفلسفة الطبيعية

فيعتبر المنهاج في هذه الفلسفة بأن الطبيعة المفتوحة هي المنهج الشامل الذي ينهل منه المتعلم، ويكون هذا المنهج بعيداً كل البعد عن أي مؤثرات بيئية أو وسائط خارجية.[2]


في الفلسفة البراجماتية

يكون المنهج فيها غير مبني على أساس ملئ العقل بالحقائق الثابتة المطلقة، بل يعتمد على أساس البناء والتنظيم للخبرات الجديدة التي ستضاف إلى الخبرات السابقة، ويركز على الأسلوب العلمي الذي اقتبس من التجارب والخبرات العلمية التي ترتبط بالتغير المطرد للحقائق، وتكون محاور المنهج في الفلسفة البراجماتية كما يلي:

  • المنهج يتصف بالمرونة فهو قابل للتغير والنمو.
  • يكون متكامل بحيث أنه لا يفصل بين العلوم الطبيعية والإنسانية.
  • يعتبر منهج متمركز حول الفرد ويتم ذلك في ضوء تحديد اهتماماته واحتياجاته، لهذا فإن محتوى المنهج من هذه الخبرات لا يحدد مسبقاً، وإنما يتم تحديده أثناء عملية التعلم.
  • تتم عملية التقويم فيه من خلال مهام أداء حقيقية واقعية، بشرط أن يشارك الفرد في تقويم ذاته، وفي الوقت ذاته أن يكون بشكل تعاوني مع معلمه.

محور التعليم في طريقة التدريس


في الفلسفة المثالية

فتعتمد في التدريس على النشاطات الذهنية التصويرية بالإضافة إلى التخيلية، ولا تهتم في الوقت ذاته بالوسائل التعليمية، لأنها تعمل على التشكيك بقيمة الحواس، وتعتبرها مصدر من مصادر المعرفة الحقيقية.


في الفلسفة الطبيعية

فتعد التجربة أساساً للتدريس الذي يهتم بالتفاعل المباشر بين المتعلم والطبيعة، وخصوصاً في الأنشطة اللاصفية.


في الفلسفة البراجماتية

فهي تركز على العالم المتغير، وتهتم بالمختبرات والمعامل وبجميع الأنشطة اللاصفية.[2]

محور الوجود والكون


في الفلسفة المثالية

فهي تقوم وتعتقد أن العالم الذي نعيش فيه ما هو إلا صور ناتجة وأمثلة ذهنية لعالم آخر علوي فيه كل الكماليات والفضائل، وإن الكائن البشري يتطلع ليرتقي إلى الكمال الذي كان يعيش فيه في العالم العلوي، فهذه الفلسفة تعتبر أن الوجود يشمل الكون كله المادي والمعنوي المحسوس وأيضاً الغير محسوس، فهي تعترف بوجود عالم روحاني بجانب العالم المادي، وإن الروح هي أعلى درجات الفلسفة المثالية، واعتمد الوجود فيها على العقل.


في الفلسفة الطبيعية

فهي تعتبر أن مفتاح الحياة والحقيقة في العالم هي الطبيعة، وهي المصدر الوحيد لجميع التشريعات والقوانين.


في الفلسفة البراجماتية

فهي تقوم على أن العالم هو عالم غير ثابت وبالتالي فهو نسبي، وهو في حالة تغير مستمر، ويخضع هذا العالم للبحث العلمي والتجربة، وتعتقد هذه النظرية أن من المستحيل أن يصل الإنسان إلى حقيقة ثابتة غير متغيرة في حدود العالم الذي يعيش فيه، وتنكر الفلسفة البراجماتية الثنائية في تكوين الكون، فهم لا يؤمنون بوجود جانب غير مرئي، فهو في وجهة نظرهم متعين وليس مجرد.[2]

مشكلة الفلسفة المثالية

تتجلى مشكلة المذهب المثالي في معرض التعارض بين الحقيقة والمظهر فهي تفترض أن إذا كان الكون هو تجسد للذهن أو تجسد للعقل فكيف تكشف لهم التجربة مما هو لا مفهوم ولا معقول وما الغاية العاقلة التي يفترض أنها تكمن وراءه، فلو كان الله ذا قدرة شاملة وحكمة ولكن ليس ذا خير شامل لأمكنهم فهم وجود مثل هذا العالم الموجود والذي يعيشوبن به ولكن يتساءلوا كيف يستطيعون أن يوفقوا بين وجود إله لا متناه وبين حقيقة الشر.

فيجيب المثالي المؤمن بأن المشكلة تكمن بضرورة وجود تحليلاً مطولاً لطبيعة الإلوهية بالإضافة إلى وجود تحليلاً للعلاقات بين الله والكون الذي خلقه، ويُجيب أيضاً أن زمان الله هو الأفضل فالله يعلم ما هو أفضل لمخلوقاته ولعالمه، ومن الشيء البديهي أن أساليبه ليست أساليبنا، ففي نهاية المطاف عندما يكون كل شيء مفهوماً وعندما نرى الأشياء بحقائقها، فستظهر المظاهر التي خدعتنا أما الحقيقة فبدت معقولة ومفهومة فالمشكلة تلخصت في التمييز بين المظهر والحقيقة.