موضوعات شعر الصعاليك

من هم الصعاليك

لعلك تتساءل


من هم الصعاليك


يطلق اسم الصعاليك على مجموعة من الأشخاص العرب في العصور التي تسبق الإسلام ، وتنتمي هذه المجموعة إلى عدة قبائل مختلفة ، وسبب تسميتهم بهذا الاسم هو تمردهم على سلطة قبائلهم ، ولا يعترفون بواجباتهم تجاه قبيلته ، لذلك خرجوا عن حكم القبيلة وتشردوا ليعيشوا بمفردهم في الجبال بدون قيود وقوانين ، وأغلب هذه الفئة شعراء مجيدين ، وتعتبر قصائدهم من أشهر ، وأجود القصائد في الشعر العربي ، وقضى الصعاليك حياتهم في الغارات وغزو القبائل الأخرى ، ولم يلتزمون بأي قوانين ، أو شروط ، أو معاهدات لذلك قام رؤساء قبائلهم بطردهم ، فعاشوا حياة الثورة ، والتمرد ،  ومحاربة الفقر ، والظلم ، والاضطهاد وسعوا إلى التحرر من القيود .

وتأثرت أشعارهم بنظرهم للحياة فجاءت أكثرها تحكي عن الشجاعة التي يتخلون بها ، والقدرة على تحدي المجتمع والوقوف ضد الاضطهاد والجور ، كما يمتاز شعرهم بعاطفة جياشة ، وخيال واسع مغلق بغلاف الحكمة . [1]

موضوعات شعر الصعاليك

لقد تطرق شعراء الصعاليك للمواضيع الشائعة من الشعر ، ولكن باختلاف واضح عن باقي الشعراء التي لم يتم دوا عن قبائلهم ، أي أنهم التزموا بالموضوعات الشائعة كغيرهم من الشعراء في العصر الجاهلي ، ولكن طغت لديهم بعض الموضوعات عن باقي الموضوعات الأخرى ، وتكثر


الظواهر الفنية في شعر الصعاليك


>

كما أنهم قاموا باستحداث موضوعات شعرية جديدة ، وتختلف


خصائص شعر الصعاليق


عن بقة أنواع الشعر الأخرى ، وسنسرد بعض الموضوعات المألوفة لديهم ، وأمثلة عليها والموضوعات التي قاموا باستحداثها ايضا :

موضوع الوصف

وكان الوصف أكثر الموضوعات انتشارا بين الصعاليك ، فقد لا نجد قصيدة من اشعارهم تخلو من الوصف ، فقد نجد قصيدة كاملة لا تحتوي على أي أهداف ماعدا وصف الصحراء مثلا ، وما تحتوي من نباتات وحيوانات مفترسة ، والمدافع وراء إكثار وصف الصحراء في شعرهم هو حبهم لها فهي من احتوتهم بعد طردهم من قبائلهم ، ولم تفرض عليهم أي قيود وقوانين ، فكانوا حريصين أن ينقلوا لنا تجربتهم وغزواتهم ، وغاراتهم على باقي القبائل المختلفة .

وذلك بسبب أن الصعاليك كانوا دائما يرون حالهم فئة مظلومة ، يعانون من الطرد والتشرد ، لذلك يقول أبطأ شرا عن تشرده وعزلته :

يَا مَنْ لِعَذَّالَةٍ خَذَّالَة نَشَبٍ.              خَدَّقْتِ بِاللَّوْمِ جِلْدِي أَيَّ تَخْرَاقِ

تـَقُولُ أَهْلَكْتَ مَالاً لَوْ ضَنِنْتَ بِهِ.       مِنْ ثـَوْبِ عِزِّ وَمِنْ بزٍّ وَأَعْلاَقِ

سَدِّدْ خٍلاَلَكَ مِنْ مَــــــــــالٍ تَجْمَعُهُ    حَتَّى تُلاَقِي مَا كُــــــــــــلُّ ُّامْرِئٍ لاَقِ

عَاذِلَتا إنَّ بـَعْضَ اللَّــــــــــــوْمِ مَعْتـَقَةٌ.   وَهَلْ مَتَاع وَإِنْ بـَقَّيْتُهُ بَــــــــــــــــــــــــاقِ

إِنِّي زَعِيمٌ لَئِنْ لَــــــمْ تـَتـْرُكْنِي عَذَلِي.      أن يسأل الحي على أهل الرفاق

ولم يتجاوز الصعاليك شيئا بدون وصفة ليقوموا بتدوين الحياة التي يعيشونها فذكر تأبط شرا أنه صادف ، وقابل الغول وقتله ووصف ذلك كالتالي :

تـَقُولُ سُلَيْمَى لِجـارَاتِهَا.                     أَرَى ثَابِتًا يـَفَنًا حَوْقَـلاَ

لَهَا الْوَيْلُ مَا وَجَدَتْ ثَابِتًا.                   ألَفَّ الْيَدَيْنِ وَلاَ زَمَّلاَ

ولا رَعْشَ السَّاقِ عِنْدَ الْجِرَاءِ.             إذا بَادَرَ الْحَمْلَةُ الْهَيْضَلا

يـَفُوتُ الْجِ يَادَ بِتـَقْريبه.                     وَيَكْسُو هَوَادِيهَا الْقَسْطلا

وَأَدْهَمَ قَدْ جُبْتُ جِلْبَابهَ                     كَمَا اجْتَابَتِ الْكَاعِبُ الْخَيـْعَلاَ

إِلَى أَنْ حَدَا الصُّبْحُ أَثـْنَاءَهُ.              وَمَزَّقَ جِلْبَابَهُ الأَْ لْيَلا

عَلَى شَيْمِ نَارٍ تـَنـَوَّرَتـْهَا                  فَبِتُّ لَهَا مُدْبِرًا مُقْبِلا

فَأَصْبَحْتُ وَالغُولُ لِي جَارَةٌ.            فـَيَا حَارَتَا أَنْتِ مَا أَهْولا

وَطَالَبْتـُهَا بُضْعَهَا فَالْتَوت.               بِوَجْهٍ تـَهَوَّلَ فَاسْتـَغْولا

فـَقُلْتُ لَهَا يَا انْظُرِي كَيْ تـَرَيْ.          فـَوَلَّتْ فَكُنْتُ لَهَا أَغْولا. [2]

الجبل والمرقبة

لقد ذكر الصعاليك ضمن حكاياتهم حكايات تربصهم الأعداء ، ومغامراتهم في أماكن مختلفة جغرافيا ، ولكنهم أطلقوا عليها اسم المراقب ، وتكون هذه المناطق على قمم الجبال ، وعليها يترقبون العدو ويخطط ن للهجوم عليه ، ووصف الشنفري في قصيدة له إحدى هذه المشاهد :

وَمَرْقَبَةٍ عَنْـقاءَ يَــقْصُرُ دونَها     أَخو الضِّرْوَةِ الرِّجْلُ الْحَفِيُّ الْمُـخَفَّـفُ

نَعَيْتُ إلى أَدْنـى ذُراها وَقَدْ دَنـا     مِنَ اللَّيْـلِ مُلْتَفُّ الْحَـــديقَةِ أَسْــدَفُ

فَبِتُّ على حَدِّ الذِّراعَيْن مُجْذِيًــا     كَما يَــتَطَوّى الأَرْقَــمُ الْمُتَعَـــطِّفُ

وَلَيْسَ جَهازي غَيْرُ نَعْلَيْن أَسْحَقَتْ   صُـدورُهــما مَخـْصورَةً لاتُــخَصَّف

وَضُنِّيَّةٍ، جُرْدٍ وَإخْلاقِ رَيْطــةٍ     إذا أَنْـــهَجَــتْ مِنْ جانِبٍ لا تُـكَفَّفُ.

الوحش

إن لجوء الصعاليك وإحتمائهم في الجبال أدى إلى مواجهتهم وحوش الصحراء المخيفة ، وهي الذئاب والضباع وغيرها فنوعوا في وصف هذه الوحوش ، وتسميتها بأسماء مختلفة في قصائدهم ، وبالرغم من الذعر الذي كانوا يعانون منه في بادئ الأمر إلى أنهم ألفوا هذه الحيوانات ، فيما بعد وتعودوا عليها وتفننوا في وصفها ، كما يقول الشنفري :

وَلي دونكم أَهْلون : سِيدٌ عَمَلَّسٌ     وَأرْقط زُهْلولٌ وَعَرْفاءُ جَيْأَلُ

كما أقر الشنفري على أنه يودع أسراره مع هذه الوحوش فقال:

هُمُ الأَهلُ لا مُستَوْدَعُ السِّرِ ذائع     لَـدَيْهِمْ، وَلا الْجاني بما جَـرَّ يُخْـذَلُ

كما قال تأبط شرا عن رؤيته للغول :

بيتُ بِمَغْـنى الْوَحْشِ حَتّى أَلِفْنَهُ     وَيُصْبَحُ لا يَحْمي لَها الدَّهْرَمَرْتَعـا

رَأَيْنَ فَتًى لا صَيْدُ وَحْشٍ يَهُمُّه     فَلوْ صافَحَتْ إِنْسًــا لَصافَحْنَهُ مـعا

وَلَكنَّ أَرْبابَ الْمَخاضِ يَشُفُّهـمْ     إذا اقْـتَفَـروهُ واحـدًا أو مُشَـيَّعَـا. [3]

كيف كانت تتمُّ حركة التصعلُك

  • أولا كان يتمرد الشخص على جماعته ، وقوانينها ، والظلم التي يعتريها ، وكان يفضل العيش في الصحراء عن هذه القيود ، وكانت هذه الظاهرة


    أبرز سمات العصر الجاهلي


    ، ويُصوِّر الشنفرى في لامية العرب هذه الخطوة الأولى حين يقول :

أقِيمُوا بني أُمِّي صُدُورَ مَطِيِّكُمْ    فإنِّي إلى قومٍ سُواكُم لأمْيَلُ

وفي الأرضِ منأًى لِلْكَريمِ عن الأذَى  وفيها لمنْ خاف القِلى مُتَعزَّلُ

لعَمْركَ ما بالأرضِ ضِيقٌ على امْرئٍ   سَرى راغِبًا أو راهِبًا وهْو يَعْقِلُ

ولي دُونَكُم أهلونَ: ذئب عَمَلَّس   وأرْقَطُ زُهْلُولٌ وعَرْفاءُ جَيْئَلُ

هم الأهلُ، لا مُسْتَودَعُ السِّرِّ ذائِعٌ  لديهم، ولا الجاني بما جَرَّ يُخْذَلُ

وكُلٌّ أبيٌّ باسِلٌ غير أنَّني      إذا عَرَضَتْ أولى الطَّرائدِ أبْسَلُ

  • ويأتي في الخطوة الثانية التعود على خشونة العيش بالصحراء وألفة الحيوانات ، وتعلم طرق مواجهة الحيوانات المختلفة ، مثال على محاربة أحد الشعراء للغول :

أَلَا مَنْ مُبْلِغٌ فِتْيانَ فَهْمٍ                بما لاقيْتُ عند رحى بطانِ

وإني قد لقيتُ الغُولَ تَهْوي       بِسُهْبٍ كالصَّحيفةِ صَحْصَحانِ

فقلْتُ لها: كِلانا نِضْوُ أيْنٍ          أخُو سَفَرٍ فخلِّي لي مكاني

فشدَّتْ شدَّةً نحْوي، فأهْوى          لها كفِّي بمصْقُولٍ يمَاني

فأضْرِبُها بلا دَهَشٍ، فخَرَّتْ        صَريعًا لليدَينِ ولِلْجِرانِ

فقالتْ: عُدْ، فقلْتُ لها: رُوَيْدًا        مكانَكِ إنَّني ثَبْتُ الجَنان

فلم أنفكَّ مُتِّكئًا عليها                لأنْظُرَ مُصْبِحًا ماذا أتاني

إذا عينانِ في رأسٍ قبيحٍ          كرأسِ الهرِّ، مشقُوقِ اللِّسانِ

وساقا مُخْدَجٍ، وشَوَاةُ كلْبٍ         وثَوْبٌ من عَباءٍ أو شِنانِ

  • ثم يجب الآن على الصعلوك أن يصنع ثروة له ليأكل ويشرب فيقوم بغزو القبائل المجاورة، وتأتي أبيات عروة بن الورد الخالدة:

ذريني للغِنى أسْعَى فإنِّي        رأيتُ الناسَ شَرُّهمُ الفقيرُ

وأبعدهم وأهْونهم عليهم          وإن أمْسى له حَسَبٌ وفيرُ

يُباعِدُه القريبُ، وتَزْدَرِيه.         حَلِيلتُه، ويَقْهرُه الصغيرُ

ويلقى ذو الغِنى وله جَلالٌ         يكادُ فؤادُ لاقيهِ يطيرُ

قليلٌ ذَنْبُه، والذَّنْبُ جَمٌّ             ولكن للغِنى ربٌّ غفورُ[4]

وتختلف خصائص شعر الصعاليك عن


الخصائص اللفظية للشعر الجاهلي


.