دعاء التعار من الليل وفوائده
معنى التعار
معنى تعار في اللغة كما جاء في المعجم تَعَارَّ فلانٌ أي أَرِقَ وتقلَّبَ في فراشه ليْلا مع كلامٍ وصوْتٍ. [1]
دعاء التعار من الليل
التعار من الليل هو الاستيقاظ بالليل و قيل فيه أيضا الاستيقاظ مع صوت كلام ، وزاد البعض ان يكون كلام ذكر ، الخلاصة هنا أن التعار أساسه الاستيقاظ من حالة النوم في الليل ، ولأن الإسلام لم يترك كبيرة ، ولا صغيرة إلا و أتى بما يخصها ، وربط الحياة وسلوكيات الناس فيها بالدعاء ، والصلاة والعبادات تحقيقا لقول الله تعالى في آياته (قُلۡ إِنَّ صَلَاتِی وَنُسُكِی وَمَحۡیَایَ وَمَمَاتِی لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ١٦٢ لَا شَرِیكَ لَهُۥۖ وَبِذَ ٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ ١٦٣﴾ [الأنعام ١٦٢-١٦٣] .
فقد كان للنوم والاستيقاظ ، والأرق في منتصف ساعات النوم نصيب من الذكر ، في الإسلام ومن ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ ، قَالَ حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ ، حَدَّثَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ، أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ ، وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ ، من هذا الحديث الشريف يتضح لنا أن دعاء التعار هو :
-
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي. [2]
فوائد دعاء التعار
الدعاء عبادة إسلامية ذات قدر عال فهي تقرب العبد من ربه ، وتغفر ذنوبه وترفع درجاته ، وتجيب حاجاته بل إن المسلم مطالب بالدعاء ، والإلحاح فيه ، والتحري لأوقات استجابة الدعاء ، وقد ورد في دعاء التعار بعض الفوائد التي تعود على المسلم إذا أخذ بالدعاء وهي :
-
تمام الدين وكماله الذي ما ترك شيئاً فيه منفعة للمسلم في دنياه أو آخرته إلا تعرض لها ، وحث على الخير منها ، وبينها فكان من ذلك قوله سبحانه وتعالى (ٱلۡیَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِینَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ نِعۡمَتِی وَرَضِیتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَـٰمَ دِینࣰاۚ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ فِی مَخۡمَصَةٍ غَیۡرَ مُتَجَانِفࣲ لِّإِثۡمࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ﴾ [المائدة ٣].
-
فضل الصلاة في جوف الليل وقيامه ، ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى (وَٱلَّذِینَ یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمۡ سُجَّدࣰا وَقِیَـٰمࣰا) (الفرقان ٦٤)
-
فائدة الدعاء التي ذكرت في أحاديث النبي إما أن يستجيب الله له دعوته، وإما أن يؤخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء نثلما دعا، وذلك ما ورد في حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ : إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا . قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ . قَالَ : اللهُ أَكْثَرُ ) ، رواه أحمد في ” المسند
شروط دعاء التعار
-
أن ينام المسلم على طهارة ، وفي ذلك ورد في حديث للنبي صلى الله عليه و سلم ، ما من عبدٍ باتَ على طُهورٍ ، ثمَّ تعارَّ منَ اللَّيلِ ، فسألَ اللَّهَ شيئًا من أمرِ الدُّنيا ، أو من أمرِ الآخرةِ إلَّا أعطاهُ.
-
النوم على ذكر لله، ويكون ذلك آخر قوله.
-
أن يقوم من الليل يذكر الله ، ولا يتكلم بشئ قبل ترديد دعاء التعار. [3]
صيغة دعاء التعار
وردت ثلاث من الصيغ لدعاء التعار بحسب الراوي ، واحدة في صحيح البخاري والثانية لأبن ماجه ، والثالثة صححها الألباني.
-
الصيغة الأولى في صحيح البخاري
“لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله”.
-
الصيغة الثانية لأبن ماجه
وهي “لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليِّ العظيم”.
-
الصيغة الثالثة للألباني
وهي “لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليِّ العظيم ، حْيِي ويميتُ، بيدِهِ الخيرُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قديرٌ”.
الصلاة لمن تعار الليل
إن الصلاة والقيام من الليل لها شأن عظيم في الإسلام ، فهي أحد أسباب الفوز بالجنة ، وهي طريق العباد الشاكرين لأنعم الله وفضله عليهم ، التقرب إلى الله ونيل رضوانه، ومغفرة الذنوب ، ورفع الدرجات، والتعرض للنفخات الإلهيه لأن الله يتنزل إلى السماء الدنيا ليجيب الدعاء ويغفر الذنوب ، وهو يرفع عن العباد صفة الغفلة لما يحصل من ذكر وقيام.
وقد ورد في فضل الصلاة في الليل بشكل عام ، وتشمل كذلك من تعار من الليل وقال
دعاء التعار
لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ ، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا، كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتِ. وهو من فضل الله عظيم أجر الصلاة في الليل.
أذكار النوم والاستيقاظ
لما كان التعار من الليل يشترط منه النوم على ذكر ، والاستيقاظ على ذكر ، نوضح بعض أذكار النوم ، والاستيقاظ التي تحقق شروط التعار من الليل:
أذكار النوم
-
اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الأَرْضِ ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شيءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شر كُلِّ شيءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصيتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شيءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ.
-
بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ.
أذكار الاستيقاظ
-
وفي حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا استيقظ من الليل يمسح النوم عن وجهه بيده ، ثم ينظر إلى السماء ، ويقرأ العشر آيات الخواتم من سورة آل عمران: إن في خلق السماوات والأرض… الآيات. رواه مسلم.
-
الحَمْـدُ لِلّهِ الّذي أَحْـيانا بَعْـدَ ما أَماتَـنا ، وَإليه النُّـشور ، الحمدُ للهِ الذي عافاني في جَسَدي ، وَرَدّ عَليّ روحي وَأَذِنَ لي بِذِكْرِه.[4]
وبهذا يكن على من أراد النوم أن ينام طاهراً ذاكراً لله فإذا استيقظ أو تعار من الليل لا يذكر شئ قبل ذكر الله ودعاء التعار ثم يصلي ما شاء من قيام الليل ليحصل بذلك على فوائد هذا الدعاء وفضله