ما هو صريح الايمان
معنى الإيمان
يعني الإيمان في اللغة كما جاء في المعجم أن الإيمانُ هو التَّصدِيق والإقرار. [1]
والإيمانُ شَرعاً هو التصديق بالقَلْب، والإِقرار باللّسان، وهو ما دلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة وإجماع السلف الصالح من الأمَّة فهو قولٌ باللسان، واعتقادٌ وعمل بالجَنان، يزيدُ بالطاعة وينقُص بالعِصيان، في ذلك قال الله عز وجل (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 3] [2]
ما هو صريح الإيمان
ورد مصطلح صريح الإيمان في حديث للنبي صلى الله عليه وسلم واصفا به من تعرض الشبهات على قلبه فيراها عظيمة وينكرها ويرفضها ويأبى حتى من ان يذكرها او يصرح بها.
والقصد من صريح الإيمان هو كون أمر معين (المقصود به هنا التساؤلات حول الله) أمر شديد على نفس المؤمن أن يتكلم فيه، ويمنع نفسه وقلبه من قبول ما ينزغ الشيطان به في صدره ولولا صريح الإيمان لما وجد المسلم في نفسه أن هذا الأمر، وشدته عظيم عليه ولما أنكره، والمعنى هنا ليس أن الوسوسة في حد ذاتها هي صريح الإيمان، وإنما هي من نزغات الشيطان وكيده، لكن ما هي نوع تلك الوساوس إن تلك الوساوس تنصب على ذات الله وصفاته وأفعاله، فلا ذنب من ورودها على القلب، والذهن وصرفها أما أن يستعظم القلب ذكرها، ويراه أمر عظيم منكر فهذا ما يسمى صريح الإيمان، وبمعنى آخر فإن صريح الإيمان هو أن يجد الشخص في نفسه إنكار عظيم لما ينزغه الشيطان في قلبه من نزغات، وتساؤلات عن الله، وعن ذات الله، وغيرها من الأمور التي تدور في النفس، وتنكرها النفوس السوية.
قد يجد المسلم في نفسه وسوسة تتردد، وبها تساؤلات منكرة مثل من خلق الله كيف هو علم الله بكل شئ، والبعض تعرض على نفسه ما هو أسوأ، وأكثر من ذلك من التجاوز في حق الله، وذات الله، و التفكير بما لا يليق بجلاله جل وعلا، وغيرها من الأسئلة، والوسوسة التي ما أن تجوب في خاطر المسلم بينه وبين نفسه حتى يشعر بالسوء، وعظم ما دار بداخله، وينكره، ويرفضه، ويتبرأ منه، ويوقفه ولا يسترسل فيه معارضا له مستغفرا لله هنا يكن له صريح الإيمان كما في الحديث. [3]
أحاديث في صريح الإيمان
-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: “وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟” قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: “ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ”. رواه مسلم.
-
في حديث عَبْدِ اللّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، عَنِ الْوَسْوَسَةِ. قَالَ: “تِلْكَ مَحْضُ الإِيمَانِ”. رواه مسلم.
-
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: “لاَ يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ: هذَا، خَلَقَ الله الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللّهِ؟ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذلِكَ شَيْئا فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللّهِ”، وفي رواية: ” آمَنْتُ بِاللّهِ وَرُسُلِه ” رواه مسلم.
-
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: “يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا، وَكَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ لَهُ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَ ذلِكَ فَلْيَسْتَعِذْ بِالله وَلِيَنْتَهِ “.
-
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قال “قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ يَزَالُونَ يَقُولُونَ: مَا كَذَا؟ مَا كَذَا؟ حَتَّى يَقُولُوا: هذَا اللّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ. فَمَنْ خَلَقَ اللّهَ؟”.
-
أما رواية البخاري فمن قول النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: “لن يَبرَحَ الناسُ يتساءَلون حتى يقولوا”.
علامات صريح الإيمان
-
الذي يدل على صحة الإيمان هو اعتبار أن هذه الوساوس أمر عظيم وردها، وأن عدم رؤيتها عظيمة شديدة، والسماح للنفس والاسترسال فيها هو ما يخالف صريح الإيمان.
-
إنكار ما يجول في الخاطر أو يوسوس به الشيطان النفوس عن الله.
-
التوقف، وعدم الانسياق في هذه الوساوس.
الوسواس القهري وصريح الإيمان
علاقة الوسواس القهري بصريح الإيمان تتضح في مدى قبول، أو رفض الشخص لهذه الوساوس، فإن الوساوس التي تعرض على القلب قد تكون شديدة عظيمة تتعرض لما يستنكره كل مؤمن، ولا يرضى بها مسلم فلو قبل القلب هذه الوساوس فقد فقد صفة صريح الإيمان التي تفصل بين من يوافق، ومن يرفض هذه الوساوس لأن رفضها هو صريح الإيمان، وقبولها قد يخرج صاحبها من زمرة المؤمنين، والوساوس أنواع نوضحها فيما يلي:
-
النوع الأول
وساوس المعاصي، والذنوب وهذه الوساوس قد تعرض على القلب من النفس أو من شياطين الإنس أو الجن. ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ * مَلِكِ النّاسِ * إِلَهِ النّاسِ * مِن شَرّ الْوَسْوَاسِ الْخَنّاسِ * الّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ * مِنَ الْجِنّةِ وَالنّاس ﴾.
-
النوع الثاني
الوساوس، والخواطر التي تعرض على النفس.
واختلف أهل العلم في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ذاك صريح الإيمان، وقوله صلى الله عليه وسلم (تلك محض الإيمان) ، ومصطلح الصريح، والمحض من الإيمان هو المعنى الخالص، وقد اختلفوا في هذا الأمر على أكثر من رأي وهم:
-
الرأي الأول
يرى أن وجود الوسوسة تعد دليل على صريح الإيمان، وكان دليلهم في ذلك حديث ابن مسعود -رضي الله عنه حيث سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال (تلك محض الإيمان)
-
الرأي الثاني
قالوا أن القلوب الفارغة من الإيمان لا توسوس أصلاً حتى يتمكن الشيطان منها، بخلاف القلوب المؤمنة.
-
الرأي الثالث
يرى أن حدوث الوسوسة في حد ذاتها ليس دليل على مقياس الإيمان وقوته ولا على ضعفه.
الوساوس الالحادية وصريح الإيمان
إن الإلحاد أمر جديد على البشرية وهو نزعة فردية على صاحبها تجذب المرء الضعيف وتوهمه بالتميز عن غيره من الناس رغبة من الشخص في الشعور بالاختلاف ومخالفة الأصل مثل بعض من يأتي بما يخالف العرف والدين لمجرد الرغبة في أن يذكر اسمه بالاختلاف عن من حوله.
هنا تأتي الآيات لترد على كل عاقل توضح لكل ذي لب بالدليل والبرهان على وجود الله ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) الحج/46.
حين تعرض الشبهات الالحادية على القلب ولا تجد لها مكان هنا يظهر بوضوح معنى صريح الإيمان وبالمقابل يعني قبولها قبول الإلحاد.
صريح الإيمان في القرآن
يظهر من الآيات كيف أن علم الله شامل كل شئ حتى ما يدور في نفس الإنسان وهذا يعني أن شرط الإيمان الصريح الذي جاء في حديث النبي لا يخرج عن علم الله ، (وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُۥۖ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَیۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِیدِ) (ق ١٢-٢٢).
كذلك فإن وساوس الشيطان التي يقذف بها في قلوب العباد كلها يعلم بها الله ولا تخفى عليه ، ﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ﴾.
ضعف الإيمان وصريح الإيمان والفرق بينهما
صريح الإيمان كما وضح سابقاً هو رفض الشبهات التي تعرض على القلب وتعظيمها في القلب وبالمقابل يكون ضعف الإيمان هو قبول ما يعرض على القلب من شبهات أو وساوس وغيرها مما لا يقبله مؤمن مسلم ذو قلب وعقل سليم.[4]