التعرية البحرية في مصر

تمثل الشواطيء الواجهة بين اليابسة والماء، وهي توفر حماية للسواحل من العواصف البحرية والأعاصير، لكن مع ذلك فإن الدراسات تشير إلى تعرض معظم الشواطيء إلى التعرية البحرية بسبب عوامل مختلفة منها التغيرات المناخية التي حدثت نتيجة الاحتباس الحراري مؤخرًا.

وتتمتع جمهورية مصر بامتلاكها لشواطيء على البحرين الأحمر والمتوسط، وتوجد 11 محافظة مصرية تطل على السواحل وجميعها معرضة للأمواج البحرية ، لكن تشير الأبحاث إلى أن السواحل الشمالية لمصر المطلة على البحر الأبيض المتوسط تتعرض للتعرية الساحلية، وكما هو الحال في مناطق الدلتا الأخرى في جميع أنحاء العالم ، فإن دلتا النيل تخضع لتغيرات السواحل الناتجة عن التعرية والتراكم والهبوط وكذلك ارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة تغير المناخ.

ما هي التعرية البحرية

التعرية الساحلية هي تآكل مواد من الشريط الساحلي، وذلك بسبب عدم التوازن في توريد الرواسب من جهة معينة مثل الأنهار، وتحدث تلك الظاهرة بسبب إما الرياح القوية مع الأمواج العالية أو موجات المد والجزر العالية، ويسبب التآكل الساحلي حدوث

ظاهرات النحت البحري

مثل حدوث تجاويف في سفوح المنحدرات أو الكثبان الرملية أو الجرف البحري والذي يتشكل أساسًا بسبب النحت والترسيب على الشواطيء، ويعد من اهم ظاهرات النحت .

ويتم التعبير عن معدل التآكل الساحلي بالحجم والطول والوقت، وأحيانًا يتم التعبير عنه بالمسافة/ السنة، ويتم تقسيم التعرية الساحلية لعدة أنواع، منها : التعرية الهيدروليكية والتعرية الفيزيائية الكيميائية والتي تسمى أيضًا بالتحلل والاستنزاف.

ومن أسباب

التعرية البحرية

بوجه عام أسباب طبيعية وأسباب بشرية، وتشمل:

  • الأمواج وموجات المد والجزر المرتفعة التي ترتطم بالجروف البحرية وتسبب تآكلها وانزلاقها، وخاصة إذا تزامنت مع حدوث عواصف.
  • ومن خصائص الجروف البحرية واهميتها أنها إذا كانت تتكون من

    صخور صلبة ومقاومة فإنها تتآكل بسرعة أقل من الجروف التي تتكون من صخور لينة مثل الحجر الجيري والطباشير.
  • كما أن شكل الساحل وطوله ومساحته تؤثر على سرعة تآكله وتسمى الجيومورفولوجيا.
  • التدخل البشري بعدة طرق ساهم بشكل كبير انتشار ظاهرة التعرية الساحلية وتوسعها بشكل كبير في العقود الأخيرة بمختلف دول العالم.

أسباب التعرية البحرية في مصر

تشكل الأمواج أحد

عوامل التعرية الساحلية

في مصر وتعتبر مصر من الدول المحظوظة لعدم وجود عواصف على سواحلها، ومع ذلك هناك العديد من العوامل الأخرى، التي أدت لحدوث تلك الظاهرة، وفقًا للدراسات.

نقص إمدادات الرمال من نهر النيل

منذ إنشاء السد العالي في أسوان عام 1964 ، كان هناك قلق من أن الساحل المصري على طول البحر الأبيض المتوسط ​​سيعاني من تآكل متزايد، فقد  أوقف السد بشكل كبير إمداد الرواسب (الطمي) التي يحملها نهر النيل إلى البحر الأبيض المتوسط ​​، وبالتالي ترك الساحل دون قدرة على بناء الشاطئ. من خلال تحليل صور الأقمار الصناعية ، تمت دراسة قياس شكل الساحل على طول البحر الأبيض المتوسط ​​المصري.[1]

وقد تمت مقارنة الصور التي تم الحصول عليها في 1973 و 1978 و 1984 مع الخرائط الطبوغرافية من الثلاثينيات والمراجع التاريخية الأخرى للخط الساحلي، وعلى الرغم من أن تآكل السواحل يمثل مشكلة خطيرة على طول ساحل البحر المتوسط ​​المصري ، إلا أنه يتمركز في مناطق محددة، وقد شهدت هذه المناطق تآكلًا بطيئًا إلى معتدلًا منذ مطلع هذا القرن نتيجة الانخفاض الطبيعي في تدفق نهر النيل ونتيجة لزيادة عدد الهياكل الموجودة عبر النيل.

ففي مرحلة ما بعد السد العالي ، تآكلت هذه المناطق بمعدلات متسارعة (3-5 مرات من المعدلات قبل السد) ومع ذلك ، يبدو أن جزءًا كبيرًا من الساحل الشمالي قد نجا ولم يتغير بشكل جذري منذ إنشاء السد العالي، ومع ذلك هناك مناطق معينة على طول الساحل الشمالي قد تأثرت بالتعرية الساحلية.

فمنذ إنشاء السد العالي، وجد الباحثون أن معدل التعرية في مدينة الإسكندرية المصرية وصل لما يقرب من 13 متر / السنة، وفي مدينة رأس البر وصل إلى 15 متر/ السنة، وفي مدينة بلطيم وصل إلى 20.97متر/ السنة.

الاستصلاح الساحلي

يعد الاستصلاح الساحلي في مناطق الدلتا، من أهم أسباب التعرية الساحلية بها، حيث تضم المنطقة الساحلية الشمالية لدلتا النيل العديد من البحيرات الداخلية (مثل بحيرة المنزلة وبحيرة البرلس وبحيرة إدكو) وقد تم إجراء دراسة على تلك المناطق في عام 1990م كانت الكتلة المائية للمنطقة حوالي 1100 كيلومتر مربع والتي تشكل 17٪ من مساحة الأرض التي شملتها الدراسة، وقد لوحظ انخفضت الكتلة المائية بشكل ملحوظ إلى نصف هذه النسبة المئوية (9٪) في عام 2014.

وهذا الانكماش يمثل 7٪ من مساحة المنطقة التي تمت دراستها ؛ لكنها تشير إلى خسارة ما يقرب من 4883 كيلومتر مربع خلال فترة 25 سنة، وتعزى هذه الخسارة الواضحة بشكل رئيسي إلى التوسع المفرط في المزارع السمكية وأنشطة الاستزراع المائي الأخرى، كما تم تجفيف مناطق أخرى واستصلاحها للتطوير الزراعي (خاصة حول بحيرة المنزلة).

تدمير الكثبان الرملية الساحلية

تساعد الكثبان الرملية في المحافظة على توازن النظم الشاطئية، فهي تساعد في بنائها، وقد كانت المنطقة الساحلية لدلتا النيل محتلة في الأصل من خلال شريط من الكثبان الرملية الساحلية،  لكن بسبب تنمية بعض المناطق التي تحتوي على الكثبان ومد الطرق في مصر تم تدمير الكثير منها، وقد انخفضت مساحة الكثبان الرملية بنسبة حوالي 45% عن مساحتها في عام 1990م.

التغيرات المناخية

نشرت دراسة في مجلة Nature Climate Change ، توقع الباحثون أن تؤدي البحرية إلى تدمير 36،097 كيلومترًا ، أو 13.6٪ من الشواطئ الرملية حول العالم ، بما في ذلك الساحل المصري ، في غضون 30 عامًا، وقد ارتبط هذا التغير بشكل مباشر بتغير المناخ وتركيز الغازات الدفيئة، وقد اعتمد الباحثون في تلك الدراسة على مراقبة مستوى سطح البحر في 82 عام، منها تصوير بالأقمار الصناعية لمدة 35 عام.[2]

وتفترض الدراسة احتمالين لذوبان الجليد، وفقًا للاحتمال الأول ، إذا استمر العالم في انبعاث الكربون بالمعدل الحالي ، سيرتفع مستوى سطح البحر بنحو 80 سم ، مما يعني أن الخط الساحلي سينخفض ​​بمقدار 128.1 مترًا ، ويهدد بإغراق 131.745 كيلومترًا من الشواطئ، ووفقًا لأفضل الحالات ستخسر مصر ما بين 35.1٪ إلى 50.5٪ من شواطئها الرملية بسبب التعرية ، ما يعني تآكل ما يقرب  من ألف كيلومتر من الشواطئ في مصر .

كما أشارت دراسة سابقة للجمعية الجيولوجية الأمريكية تم نشرها في مايو 2017 ، إلى أن مصر من أكثر الدول تضررًا من تغير المناخ ، وأن ما بين 20 إلى 40 كيلومترًا من ساحل دلتا نهر النيل ستغمرها مياه البحر بحلول نهاية القرن ، بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر.

كيف تواجه مصر مشكلة التعرية البحرية

تقوم الحكومة المصرية بإقامة الحواجز الغاطسة على الشواطيء، وذلك لتقليل سرعة تعرية السواحل بفعل الأمواج، وهي عبارة عن حوائط خرسانية عمودية تستخدم لتثبيت التربة أو منعها من الانزلاق.

إن أحد أهم وسائل مواجهة تلك الظاهرة هو المساهمة الفعالة في الدعوات للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ، ومطالبة الدول الصناعية الكبرى المسؤولة عن المشكلة بالمساهمة بشكل أكثر فعالية في حل المشكلة من خلال زيادة المساهمات في مبادرات مثل صندوق المناخ الأخضر وتفعيل اتفاقية باريس للمناخ.[3]