دور الايمان في ضمان الصحة النفسية
مفهوم الإيمان
الإيمان لغةً هو التصديق ، وهو مصدر آمَنَ، ومنه قوله تعالى : ” قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ”، والإيمان اصطلاحا له عدة مفاهيم اختلف فيها العلماء ، فقال بعض العلماء أن الإيمان ، هو تصديق القلب ، وعمل
الجوارح
، وإقرار اللسان ، ويشمل الإيمان أعمال الإنسان الظاهرة من صوم ، وصلاة ، وزكاة ، وأعمال باطنة كالذكر ، والاستغفار ، وأعمال الخفاء ، و
قيام الليل
وغيرها . [1]
دور الايمان في ضمان الصحة النفسية
من المؤكد أن الإيمان بالله تعالى له دور كبير ، وهام في تحقيق الصحة النفسية للإنسان ، ويرجع مقدار الصحة النفسية التي يشعر بها الإنسان إلى مقدار إيمانه ، فكلما زاد إيمان الشخص زاد شعوره بالأمان النفسي ، والعكس فكلما قل إيمان الشخص أيضا زاد خوفه وقلقه ، وآثار الإيمان بالله على النفس عديدة سنتناول بعض منها فهيا بنا نتعلم ما هي
اهمية الايمان في حياة الإنسان
.
الشعور بالأمن والطمأنينة
شعور بالأمن والطمأنينة للإنسان فتحصنه من هفوات ، ومصائب خطيرة ، ومعسكرات للحياة متعددة يقول تعالى : ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82].
فقد حكم الله تعالى للمؤمنين بالأمن التام والهداية ، خاصة أن هذه الآية جاءت بعد قوله تعالى : ﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ﴾ .
الحياة الطيبة
يوفر الإيمان بالله تعالى للإنسان حياة كريمة طيبة خالية من منغصات السعادة ، والقلق ، والاضطراب الروحي ، ففطرة الإنسان طيبة وبسيطة وهادئة ، ويحيط الله تعالى الإنسان الذي يحبه بالأمن ، والسكينة ، والهدوء ، يقول تعالى : ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل:97].
تزكية النفوس
وتكمن
علاقة الايمان بالصحة النفسية
في تزكية النفوس ، يزكي الإيمان بالله تعالى نفس الإنسان ويطهرها ، ويغسلها من الذنوب ، والكبائر ، حيث أن تلك الذنوب تؤذي روح الإنسان ، وتجعل النفس هشة وضعيفة ، ولا تقدر على مقاومة وساوس الشياطين ، فالنفس الصالحة المؤمنة تقوى بالله على مقاومة ،
وساوس الشيطان
والنفس الأمارة بالسوء.
الهداية للخير
يهدي الإيمان بالله النفس البشرية للخير ، فعند حلول المصيبة لا يستطيع الإنسان تقويم أفعاله ، وكلماته ، وأفكاره ، ولكن الإنسان المؤمن يستطيع الصبر ويهديه الإيمان بالله إلى الخير ، والسيطرة على كل فعل سيء من الصدور منه ، وتزيده المصيبة خيرا فوق خير الإيمان بالله ، كما نعلم تأثير الابتلاءات في تهذيب النفوس وتمحيصها، قال تعالى : ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾.
وفي الحديث المتفق عليه : “عجبًا للمؤمن ، لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرًا له ، إن أصابته ضَرَّاء صبر فكان خيرًا له ، وإن أصابته سَرَّاء شكر فكان خيرًا له ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ” .
يفتح أبواب الخير
يجلب الإيمان بالله خيرا كثيرا للإنسان ، ويفتح له أبواب الرزق ، والبركة السماوية ، والروحية ، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96].
ويدل هذا على أن الله يجزي العبد الصالح المؤمن بالمعيشة الطيبة في الدنيا والآخرة .
حماية الله تعالى لعبده
يظل الإنسان المؤمن تحت رعاية الله تعالى وعنايته ، ومن يصبح تحت رعاية الله ، وحمايته لن يضيع الله ، مما يورث العبد المؤمن شعور بالسكن والاطمئنان وراحة البال ، قال تعالى :﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾.
كما قال تعالى : ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ [الزمر:36 ] وقال : ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3].
صلاح القلب والعقل
يصلح الإيمان بالله تعالى قلب الإنسان وعقله ، ويصلح باله، قال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾ .
وإصلاح القلب والعقل يعقبهم إصلاح النفس بأكملها ، فالإنسان يتصرف بحسب ما يمليه عليه قلبه وعقله ، فإذا كان العقل والقلب مؤمنين بالله سيدفع بالإنسان إلى عمل الخير والابتعاد عن الضلال .
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾. الأحقاف . [2]
ما هي شروط واركان الايمان والاسلام
- شروط الإيمان هي :
1- العقل والإدراك : يلزم أن يكون الإنسان المؤمن عاقلا بالغا حتى يدرك معاني الإيمان ومفاهيم ، وأركان ويستطيع العمل به .
2- الحرية : فيلزم أن يختار الإنسان أن يكون مؤمنا ، فلا إكراه في الدين .
3- الكفر بالطاغوت : فلا يستطيع الإنسان أن يحمل في قلبه ، وعقله شيئان متناقضان ، فالكفر عكس الإيمان فإن أنكر الإنسان الكفر فهو مؤمن
- أما أركان الإيمان فهي :
1- الإيمان بالله تعالى ، وتوحيد أسمائه ، وصفاته ، وتوحيد ألوهية ، وتوحيد ربوبيته .
2- الإيمان بالملائكة الكرام الذين ذكرهم الله في كتبه ، وعلى لسان رسله .
3- الايمان بالكتب السماوية ، التي أنزلها الله تعالى على رسله ، وقد ذكرت في القرآن .
4- الإيمان بالرسل الكرام ، وخاتمهم محمد -عليهم السلام.
5- الإيمان باليوم الآخر ، وعذاب القبر ، والحساب ، والجزاء ، والجنة ، والنار .
6- الإيمان بالقدر خيره وشره من الله تعالى .
كما ذكر في حديث جبريل عليه السلام ، عندما جاء إلى محمد صلى الله عليه وسلم في صورة رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ليعلم المسلمين أمور دينهم ، وقال له ” أخبرني عن الإيمان ” قال : (أن تؤمن بالله وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره ) ، قال : “صدقت” ثم قال علمني ما الإسلام قال أن تشهد أن
لا إله إلا الله
، وأن تقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ، فقال له (صدقت) . (صحيح رواه مسلم) [3]