أسباب ورود القيم في الشعر الجاهلي
أسباب ورود القيم في الشعر الجاهلي
كان العرب قبل الإسلام مزيجًا مدهشًا يثير التأمل من أفضل الأخلاق والأخلاق السيئة في نفس الوقت ، كل الأفراد يتدرجون في دار الالتزام بالأخلاق ، وقد يحمل نفس الرجل بعض الصفات الجيدة جدًا وبعض الصفات السيئة في نفس الوقت ، وكان العرب قبل الإسلام لديهم ذوق وعقل جيد في تصنيف الجيد والفاسد من الأخلاق ، ومن
قيم الشعر الجاهلي
التي تمتعوا به وتغنوا بها في شعرهم :
-
صفة الكرم
لم يكن هناك خلق يقدرونه أكثر من الكرم ومساعدة المحتاجين ، وذلك بسبب ظروف جفاف البلاد وقلة الذات في كثير من الأوقات ، بين صفة الكرم وإطعام الطعام يكون لها أكبر التقدير ، فكثيرًا ما ظهر في شعرهم التحدث عن الأغنياء الذين يقومون بذبح الإبل في سنين القحط ، وأخبار قصص الكرم عند العرب كثيرة وليست مقتصرة على حاتم الطائي الذي ذكر كلما ذكرت صفة الكرم ، كما جاء في معلقة لبيد بن ربيعة الذي قال أنه يذبح للفقراء والمساكين والنساء التي تتقطع بهن السبل ، والذين يؤوون إلى خيمته الفسيحة ، ويأكلون كما يشاؤون ، قال لبيد في معلقته :
فالضيف والجار الغريب كأنما هبطا تبالة مخصبا أهضامها
تأوي إلى الأطناب كل رذيلة مثل البلية قالص أهدامها
نحن في المشتاة ندعو الجفلى لا ترى الآدب فينا ينتقر
-
صفة الشجاعة
كان العرب يحبون
الرجل الشجاع
ويمتدحون شجاعته ويقدرونها ، والشجاعة هي شدة القلب عند الخطر ، وهي صفة تمكن الإنسان من عبور المواقف الصعبة ، ومن المعتاد في الشعر الجاهلي أن يصف الشاعر نفسه بأنه شجاع وقوي البأس ولا يبالي بالموت ، وقد فرضت طبيعة الحرب الدائمة هذا الأمر على الرجال الشجعان والشرفاء ، فهذا من ضروريات حماية الأهل والنساء ، أي على وجه الخصوص من الهجمات التي لاتتوقف من القبائل الأخرى وإبعادن لهن عن ذل السبي ، قال عنترة بن شداد يذم الجبن ويمدح الشجاعة :
وإذا الجبان نهاك يوم كريهة خوفا عليك من ازدحام الجحفل
فاعص مقالته ولا تحفل بها واقدم إذا حق اللقا في الأول
-
إغاثة الملهوف وحب الخير
وبالطبع المزيج الذي ينتج عن الكرم والشجاعة هو إغاثة الملهوف وحب الخير ، أما إغاثة الملهوف فهو مساعدة الخائف الواقع في ورطة ، ويرى العربي أن هذا الخلق هو نوع من المروءة والشهامة العربية ، وهذه هي صفات الرجولة والرفعة عندهم ، وردت كثيرًا في الشعر الجاهلي ، ومن أهم ما قال عنه الشاعر طرفة بن العبد في معلقته ، حيث جعلها واحدة من أهداف حياته عندما قال :
وكري إذا نادى المضاف محنبا كسيد الغضا نبهته المتورد
-
إعطاء حق الجوار والمحافظة على العهد
إذا تعهد الرجل للرجل بأن يجميه ويحافظ عليه ويدافع عن أهله ، ومن أشهر القصص في ذلك عندما تعهد هانئ بن مسعود الشيباني إلى الملك نعمان بن المنذر أن يدافع عن بنات النعمان كما يدافع عن بناته ، وكذلك كان يمتدحون الصبر على الشدائد والأيام الصعبة وما أكثرها في حياة العربي قبل الإسلام ، ومن أهم ماقيل في ذلك
أديم مطال الجوع حتى أميته وأضرب عنه الذكر صفحا فأذهل
-
العفة والتسامي عن النقائص
فكثيرًا من العرب كانوا يتعففون عن الأمور التي يفعلها غيرهم من شرب الخمر والزنا والهجوم على النساء ، ويعتبرونها أنها علامات نقص عند الرجل الذي لا يستطيع مقاومة شهوته ، ومن أجمل ما قيل في هذا قول عنترة أنه لا ينظر إلى جاراته لأنه رجل يتعالى بأخلاقه وليس عبدًا لشهواته ، يقول :
وأغض طرفي مابدت لي جاراتي حتى يواري جاراتي مأواها
إني امرؤ سمح الخليقة ماجد لا أتبع النفس اللجوج هواها
-
ترك الغيبة والنميمة
فكان يرى العرب أن هذه الصفات ليست من صفات الرجل العربي الكريم صاحب المروءة ، يقول الشاعر المُثقب العبدي في هذا :
لا تراني راتعا في مجلسٍ
في لحومِ الناس كالسبع الضر
-
حسن معاملة الأسرى
على الرغم من كثرة الحروب في الجاهلية ، إلا أنهم كانوا ي لايسيئون للأسرى ، ومدح الشعراء هذا الخلق ، قال تأبط شرا عن جابربن ثابت :
وجدتُ ابن كرزٍ تستهلُ يمينه
و يُطلق أغلال الأسيرِ المُكبلِ
-
رعاية الأرامل والأيتام
في الجاهلية إذا تم مدح الرجل تم وصفه بأنه مأوى للأرامل والأيتام ، ومدح زهير مدح زهير هرم بن سنان قائلًا
أليس بفيّاض يداه غمامة ثمال اليتامى في السنين محمد
مكارم الأخلاق في الشعر الجاهلي
تمتع العرب في الجاهلية بمكارم الأخلاق وقد جاء الإسلام وتممها ، ولهذا قال رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ: ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ، أي لأكمل الكريم من الأخلاق الموجودة ، فقد كان كثير منها ، كما كانت لهم أخلاق ذميمة أنكرها الإسلام وعمل على محوها
ومن أهم هذه القيم الأخلاقية : الصدق والوفاء والنجدة والعفة واحترام الجار والجرأة والشجاعة وحماية الذمار وجاء على رأس هذه القيم الأخلاقية الكرم ، وظهر كثيرًا في شعرهم الفخر والحماسة و الاعتزاز بالفضائل الحميدة التي يتحلى بها الشاعر أو تتحلى بها قبيلته والصفات التي يفتخر بها الشاعر هو الشجاعة والنجدة ومساعدة المحتاج ، وتوجد قصيدة سويد بن أبي كاهل ضم فيها ملخصًا لأهم أخلاق العرب :
بسط الأيدي إذا ما سئلوا نفع النائل إن شئ نفع
من أناس ليس من أخلاقهم عاجل الفحش ولا سوء الجزع
عرف للحق ما نعيا به عند مر الأمر ، ما فينا خرع
وإذا هبت شمالًا أطعموا في قدور مشبعات لم تجع
أغراض الشعر الجاهلي
كان الشعر هو
أبرز سمات العصر الجاهلي
، الغرض الأساسي من القصيدة ( المدح – الهجاء – الفخر ) ، وكانت القصيدة تبدأ بالغزل والبكاء على الأطلال ، الوصف ( وصف الرحلة – وصف معالم الطريق – الحيوانات ) ، وتختتم القصيدة بالحكم .
تعددت الأغراض الشعرية في ذلك إلى أن الحياة العربي كلها كانت ترحال وعدم استقرار وكثرة الحروب ، وبالتالي هو يعيش أحداثًا كثيرة ، ويشاهد أماكن متعددة ، وينشد كل مايره ويشعر به ، تميل
الخصائص اللفظية في الشعر الجاهلي
إلى جودة استعمالها في معانيها ، ومن أهم أغراض الشعر الجاهلي :
الغزل
: يكاد الغزل يستأثر بالنصيب الأوفى من أغراض الشعر في العصر الجاهلي ، ذلك لأنه أعلق الفنون الشعرية بالأفئدة ، وأقربها إلى النفس ، ومن أبرز المعاني التي تفنن بها شعراء الغزل في الجاهلية ، هو التعلق بالمرأة والسعي إلى مودتها ووصف مفاتنها الحسية ، وإمام الشعراء في ذلك ” إمرؤ القيس” الذي قضى شبابه في اللهو وشرب الخمر ، وهو من
ابرز شعراء العصر الجاهلي
.
الهجاء
: ظهر الهجاء في الشعر الجاهلي بسبب كثرة الحروب والنازعات والعصبيات القبلية ، وكان مهذبًا خاليًا من السب والشتائم .
المدح
: هو ذكر الصفات الحسنة للرجل ، وعادة مايكون الممدوح هذا أميرًا أو شخصًا مهمًا في قومه أو قبيلته ، ويمكن أن يكون رجلًا غنيًا ، وقد سلك شعراء الجاهلية في المدح طريقين الأول طريق الإعجاب والشعور بالصداقة ، وقدحمل لواء هذا الشعر هو زهير بن أبي سلمى ، والثاني طريق التكسب والاحتراف ورائد هذا الاتجاه النابغة الذبياني .