الشعر الاندلسي في عصر الموحدين
الحضارة الأندلسية
ظل الإسلام ساطعا كالشمس في الأندلس ما يقرب من ثمانية قرون ، واستطاع المسلمون خلال هذه السنوات أن يشيدوا صرح كبير من الحضارة الفريدة ، التي امتزجت فيها بعض مؤثرات الشرق بمؤثرات الغرب ، و تميزت أيضا حضارة الأندلس بالابتكار ، والتجديد في مجالات كثيرة ، وقد نشأ الأدب الأندلسي في ظل هذه الحضارة يستمد جذوره ، وأصوله من بلاد المشرق ، ويلتقط أنفاسه في أجواء البيئة الأندلسية المرهفة ، وعلى الرغم من الاهتمام الزائد من الاندلسيين بدراسة الأدب الأندلسي في الأعوام الأخيرة ، إلا أن هذا الأدب الأندلسي مازال بمثابة ، حتى وقتنا هذا ميدانا بكرا للكثير من الدراسات ، والأبحاث ، كما يوجد هناك جوانب كثيرة لم تحظ باهتمام الدارسين ، والباحثين ، مما أدى إلى
سقوط دولة الموحدين
. [1]
الشعر الأندلسي في عصر الموحدين
تميزت الأندلس بالتهجين الثقافي وروح الانفتاح ، واستقطبت العلماء ، والتجار بالتوابل من الهند والصين ، وأغاني من العراق وسوريا ، ساعدت ترجمة الأعمال الفلسفية اليونانية التي طال إهمالها على إرساء الأسس الفكرية لعصر النهضة ، وجعلت الأندلس العاصمة الثقافية ، لأوروبا لأكثر من 300 عام .
فلقد تأسست
دولة الموحدين
على أساس عقائدي يدعو للتمسك بجوهر الدين الإسلامي ، والرجوع إلى السريعة وأصولها ، وتطبيق أحكامها ، وكانت الفكرة التي نادي بها محمد بن عبد الله بن تومرت (ت 524هـ) ، زعيم الموحدين قائمة على الإيمان بالمهدي المنتظر ، وذلك استشهاد بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو لم يبق من الدنيا إلاَّ يوم لطول الله ذلك اليوم ، حتى يبعث رجُلاً من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً) ، ونظرا لأن الطابع الديني لهذه الدولة كان قائما على الممارسة الدينية ، وكان كتاب (أعز ما نطلب) هو بمثابة الأساس الروحي الذي قام عليه الموحدين ، ليصبح هذا الكتاب المرجع ، والأساس الديني والدنيوي ، ويؤكد ابن خلدون على هذه الفكرة في مقدمة الكتاب ، ويقول أن عامة القوم وبسطاهم َيقصد بكلامهم انه المهدي المنتظر ، كما بقول أيضا أنّ أغلب الأشخاص المتصوفة في زمانِنا يشيرون إلى ظهور منتظر يجدد الطاعة، وقد تم وضع أكثر من
تعريف الشعر الأندلسي
في هذا العصر . [1]
أغراض الشعر الأندلسي في عصر الموحدين
تعددت
أغراض الشعر الأندلسي
فدخل فيها المدح ، والرثاء ، والغزل ، والهجاء ، وكانت سهولة الألفاظ هي أهم ما يميز الشعر الأندلسي ، فكان سهل الفهم والتداول وسريع الحفظ ، ونظرا لحب الأدباء الأندلسيين إلى التطوير، فابتكروا غرض جديد من أغراض الشعر الأندلسي ، وهو المرشحات وسنتناوله بشيء من التفصيل في السطور القادمة مع باقي الأغراض الشعرية للشعر الأندلسي :
ومن أهم هذه الأغراض :
- المدح
يعد المدح من أهم وأشهر أغراض الشعر الأندلسي والشعر العربي أيضا ، وتوافر العديد من قصائد المدح للشعراء الأندلسيين، ويعزى انتشار غرض المدح إلى رغد العيش ، والرفاء الذي عاشته الأندلس في الفترة الماضية .
- الرثاء
ويعد الرثاء أيضا كأحد
الفنون المستحدثة في الشعر الأندلسي
،
ولا يقتصر على نوع واحد بل يتنوع الرثاء ما بين رثاء الأماكن ، ورثاء الأشخاص ، ورثاء الوطن وكان هذا يحدث مع الأشخاص الذي لا يستطيعون العودة إلى أوطانهم .
وبذلك نجد أن
الرثاء في الشعر الأندلسي
تعددت أغراضه .
- الغزل
وينتشر الغزل في جميع العثور نظرا لغريزة الإنسان الطبيعية التي تدفعه للتعليق بشخص أخر ورؤية محاسنة ومدحها ، كما أيضا يكون الغزل عبارة عن وصف المحبوبة ، وكان الشاعر ابن زهير الإشبيلي هو أشهر من كتب في الغزل .
مثال:
شقيقَ الرُّوحِ منْ جَسَدي أهوىً بي منك أم لَمَمُ؟ ضِعْتَ بين العَذْلِ والعَذَلِ وأنـا وَحْـدي على خَبـَلِ ما أرى قلبـي بمُحْتـَمـِلِ ما يريـدُ البـَيـْنُ من خَـلَدي وهو لا خَـصْـمٌ ولا حَـكَـمُ أيـها الظَّـبْيُ الذي شرَدَا تَرَكَـتْني مُـقْـلَتاك سُـدى زَعَـمـوا أنّي أراكَ غـدا وأظـنُّ الـمـوتَ دونَ غـدِ د أينَ منِّي اليومَ ما زعموا ؟
- الهجاء
لم ينتشر الهجاء بصورة كبيرة بين شعراء الأندلس ، ضمن
اتجاهات الشعر الأندلسي
، فقد كان قاصرا على من يدفع المال مقابل هجاء شخص آخر .
- الموشحات الدينية
وتعتبر الموشحات فن من
فنون الشعر الأندلسي
، الذي انفرد به الأدباء الأندلسيون ، وحققت الموشحات الدينية رواجا عاليا ، وكانت قد انتشرت الموشحات في عهد الأمير عبدالله بن محمد ، خلال فترة حكمه ، وقد اختلف مفهوم الموشحات عن باقي فروع الأدب الأندلسي .
و الموشح كفرع من الشعر العربي هو من دون شك شكل يرتبط حصرا مع الوقت الأندلس ، أو اسبانيا الإسلامية ومع ذلك ، لا يوجد اتفاق بين العلماء على أصل هذا النوع من الشعر ، والواضح أن الموشح الوحيد المسجل يعود إلى الأندلس وحدها ، والشعراء الأندلسيين ، هذا لا يعني أن الموشح منفصل تمامًا عن تقليد الشعر العربي قبل الأندلس على العكس من ذلك ، فإن العلاقة بين القصيدة الكلاسيكية العربية ، والمعروفة باسم قصيدة ، والموشح أمر ضروري ، يعتمد الشكل الجديد بصريًا ومترًا على كسر البنية التقليدية للقصيدة وأهم وحداتها البيت ، ينقسم خط القصيدة إلى جزأين مصنوعين من نفس النمط المتري ، في نهاية كل سطر في القصيدة ، يكرر الشاعر نفس القافية ما دامت القصيدة من ناحية أخرى ، يستخدم الموشح العدادات العربية كطريقة لتوجيه القصيدة موسيقيًا ، لكن دون قيود القافية والخط في القصيدة ، يمكن لشاعر الموشح أن يأخذ النمط القياسي الأساسي في القصيدة ، ويعيد ترتيبها بالطريقة التي يراها مناسبة ، أيضا شاعر الموشح يمكن اختيار نمط القافية باستخدام العديد من القوافي بدلاً من القافية الواحدة للقصيدة العربية الكلاسيكية ، وتعتبر الموشحات أحد
مظاهر التجديد في الشعر الأندلسي
.
مثال:
أنتِ دائي وفي يديكِ دوائي يا شفائي منَ الجوى وبلائي إنَّ قلبي يُحِبُّ مَنْ لا أُسَمِّي في عناءٍ، أعظِم بهِ منْ عناءِ! كيفَ لا، كيفَ أنْ ألذَّ بعيشِ؟ ماتَ صبري بهِ وماتَ عزائي! أَيُّها اللاَّئِمونَ ماذا عَلَيْكمْ أنْ تعيشوا، وأنْ أموتَ بدائي؟
[1]
ومثلما تعددت أغراض الشعر الأندلسي في عهد الموحدين تعدد أيضاً أغراض واتجاهات
الشعر الأندلسي في عصر الطوائف
.
أسباب تطور الشعر الأندلسي
-
كان
الشعر الأندلسي
راقي بدرجة كبيرة ، ومتنوع في الأغراض والأشكال، فكانت معظم ألفاظه جديد ، ولم يتقنها العرب . - كان الاستقرار ذات تأثير مهم على الأشخاص ، ومساعدتهم الرفاهية أيضا على الإلهام ، والابتكار وسمي هذا العصر نظرا لورثته وجماله .
- سمي أيضا الأندلسيون الشعر عصر الرخاء هذا بالعصر الذهبي . [3]