روايات فريدريش دورينمات

نبذة عن حياة فريدريش دورينمات

ولد فريدريش دورينمات في 5 يناير 1921م بكونولفينجن بسويسرا وكان والده قسًا بروتستانتيًا، وكان جده أولريش سياسيًا وكان كاتب ساخر معروف، وقد بدأ دراسته في عام 1941م بجامعة زيورخ وبرن، وقد اهتم بالكتابة وخاصة في الأدب والفلسفة، وقد اهتم بموضوع العدالة وكان يتحدث عنها في كتاباته بأسلوب منطقي وكان يعتقد أن الكاتب يجب أن ينظر للحياة بكل وضوح ويعبر عنها بشكل صريح لا يرحم.

وكان دائمًا ما يعيد صياغة كتاباته عدة مرات حتى بعد مرور سنوات من كتابتها، وقد أطلق على عملية إعادة الصياغة اسم إعادة تعليم، وقال” إن

المسرح

دائمًا معلم المؤلف ويستطيع أن يتعلم منه”.

تخللت فترة دراسة دورينمات سلسلة من الانقطاعات منها حين انتقلت العائلة في عام 1935 إلى مدينة برن ، حيث تم تعيين والد دورنمات راعيًا لمستشفى سالم، التحق دورنمات بـ Freies Gymnasium ، وهي مدرسة ثانوية مسيحية ، حيث استمر عامين ونصف العام قبل أن دعوه للمغادرة، فانتقل انتقل إلى مدرسة خاصة أقل صرامة وكان يتغيب عنها بانتظام، لأنه كثيرًا ما كان يحضر مسرح مدينة برن ، حيث كان لعمه المسئول الحكومي مقعد محجوز باسمه في المسرح.[1]

بعد التخرج من المدرسة الثانوية رفضه معهد الفنون فالتحق بجامعة زيورخ ودرس الفلسفة والأدب والعلوم الطبيعية لمدة فصل دراسي واحد، ثم درس حيث درس

اللغة اليونانية

واللاتينية بجامعة برن، ولكنه توقف أيضًا عن الدراسة بسبب طلبه لأداء الخدمة العسكرية.

عندما كان فريدريش في السادسة والعشرين من عمره ظهرت مسرحيته الأولى للنور وكانت تحمل عنوان “as it is written” وقد أثارت جدلًا كبيرًا ، وتدور قصة المسرحية حول معركة بشعة بين شخص ساخر يميل لتغليب الإحساس في كل حياته، وشخص أخر متعصب ديني يأخذ تعاليم الكتاب المقدس بشكل حرفي، وفي ظل هذا الصراع كانت مدينتهم ترزخ تحت الحصار.

وقد استمر فريدريش في استخدام الفكرة من وراء تلك المسرحية في معظم كتاباته التالية، وهي أن الأول في مرة قد يكون الأخير وقد يصبح الأخير” وأن محاولة خلق الجنة على الأرض فإن المدينة بذلك ستقضي على نفسها، وأن الكنيسة تبدو ضعيفة عند مواجهة أي سؤال أخلاقي حقيقي.

وقد تسببت ليلة افتتاح تلك المسرحية في احتجاجات ومعارك بين الجمهور، وقد آثار ذلك الرضا في نفس دورينمات ، والذي صرح قائلًا ” أنا بروتستانتي، أنا احتج”.

وفي تلك المسرحية تأثر دزرنمات بشكل كبير بتقنيات المسرح الملحمية لبيرتولت بريخت وثورنتون وايلدر، وقد تضمنت تلك المسرحية العديد من المؤثرات البصرية المثيرة وتغييرات في المشهد ووميض وظهور عناوين مكتوبة قبل كل مشهد.

على الرغم من أن دورينمات عمل بشكل كبير في كتابة

الروايات البوليسية

للإذاعة، إلا أنه كان كاتبًا مسرحيًا بارزًا، فكتب مسرحياته الخاصة، وأعاد صياغة بعض مسرحيات شكسبير لكنها لم تكن ناجحة عند عرضها على الجمهور، أعلن دورنمات قراره بالتخلي عن المسرح عام 1988م، وبعد عامين توفي في منزله ، في 14 ديسمبر 1990.

روايات فريدريش دورينمات

مسرحية رومولوس العظيم

وكان أول نجاح كبير لدورينمات هي مسرحية رومولوس العظيم التي تدور أحداثها في عام 476م وتكشف الأيام الأخيرة للإمبراطورية الرومانية.

وكان البطل رومولوس في المسرحية يكره روما حيث ثبت أن الإمبراطورية فاسدة ومفسدة تمامًا، ويظهر المشهد الأول في المسرحية بلاط روما مثل فناء يحلق حوله الدجاج، ورومولوس هو الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يرى الحالة الحقيقية للعالم، وبينما يشعر الجميع بالثقة من قوة الإمبراطورية تقول إحدى الشخصيات في المسرحية ” إن منظمة هائلة مثل الإمبراطورية الرومانية لا يمكن ببساطة أن تنهار”، بينما يرى رومولوس الحقيقة ويعمل على إيال الإمبراطورية إلى نهايتها المنقية وهي الدمار.

الزيارة

مسرحية هي من

روايات عالمية مشهورة

التي تم عرضها في عدد من المسارح العالمية، “الشعور بالإنسانية أيها السادة مرتبط بمال المليونير” عرضت قصة مسرحية الزيارة لأول مرة في فيلم تحت اسم”زيارة السيدة العجوز” عام 1956م، عندما كان دورينمات في الخامسة والثلاثين من عمره، وحققت نجاحًا كبيرًا وتم إنتاجها عدة مرات في دول أخرى مثل إنجلترا وأمريكا خلال العامين التاليين لعرضها الأول.

وقد وصف دورينمات تلك القصة بأنها”كوميديا مأساوية” أكثر من أي مسرحية أخرى ألفها، وهي تروي قصة سيدة عجوز تعود لبلدتها القديمة لتنتقم من حبيبها السابق، وخلال القصة نرى الكوميديا والمأساة يدعمان بعضهم البعض في كل مشهد تقريبًا.

وتضم المسرحية ثلاثة شخصيات رئيسية ، وهم السيدة العجوز كليرزاكاناسيان، وحبيبها السابق ألفريد ليل وأهالي بلدة جولين الذين يشكلون تمثيل مركب للمجتمع.

وخلال أحداث المسرحية تعرض كلير على سكان القرية مبلغ مليار مارك مقابل حياة ألفريد، لكنهم يرفضون في البداية، فتجيب كلير بكل ثقة”سأنتظر”، وتصور كلير نفسها بالباحثة عن العدالة، لكنها قد استغلت فقر وخوف سكان القرية للانتقام منهم جميعًا.[2]

الوعد

كان دورينمات يعتمد على كتابة الروايات البوليسية للعروض الإذاعية كمصدر أساسي لدخل أسرته، والوعد هي رواية جريمة كتبها فريدريش دورينمات في عام 1958م، بعد أن شعر أن نص فيلمه السابق الذي يحمل عنوان”حدث في وضح النهار” لم تكن نهايته واقعية، فقد كتبها للتليفزيون وكان مطلوب منه كتابة قصة بوليسية نموذجية، وكان دورينمات لا يحب هذا النوع من الأدب وينقده، لذلك شرع في كتابة رواية الوعد كنوع من النقد للسيناريو الذي كتبه بنفسه.

وتروي قصة الوعد على لسان مفتش الشرطة المتقاعد الدكتور هـ، والذي يروى قصة أحد المفتشين السابقين ويدعى ماتاي، يجد نفسه في أخر يوم له في القسم يستدعى للتحقيق في قضية قتل مجموعة من الأطفال، لكنه يدرك أن الشص الذي اعترف بارتكاب الجريمة ليس هو الفاعل الحقيقي لكنه اعترف تحت التعذيب، وبعد أن تقرر وحدة الشرطة تقديم الرجل للعدالة وغلق التحقيق في القضية، يقرر ماتاي أن يتخلى عن خطط تقاعده، ويعد والدي أحد الفتيات المقتولات بالبحث عن القاتل الحقيقي.

وبعد أن قضى ماتاي وقت في البحث والتحري بحثه البوليسي وتوصل للقاتل واتفق مع أحد الفتيات على تحديد موعد للقاء القاتل حتى يتمكن من القبض عليه، لم يصل الرجل واقتنع الجميع أن ماتاي مهووس ولا يوجد قاتل حقيقي، وبعد مرور عدة سنوات وكان ماتاي قد تحول لإدمان الكحول بسبب فشله ثبتت صحة نظريته، لكن القاتل الحقيقي لم يصل في موعده ببساطة لأنه قتل في حادث سيارة قبل أن يصل.

القاضي والجلاد

نشرت رواية القاضي والجلاد لأول مرة عام 1950م، وترجمت للإنجليزية عام 1950م، وهي رواية بوليسية أيضًا، حيث يتوجب على مفوض الشرطة برلاخ المصاب بالسرطان أن يحل قضية مقتل أفضل ضباطه ، الملازم أولريش شميد، ويساعده في حل القضية الضابط والتر تشانز، والذي يتضح في النهاية أنه هو نفسه القاتل، بعد أن راهن برلاخ منذ زمن بعيد أنه يستطيع ارتكاب الجريمة المثالية، بحيث حتى إذا شهدها المحقق بعينه لن يستطيع إثبات أن الجاني مذنب.

مسرحية زواج السيد ميسيسيبي

كتب فريدريش دورينمات مسرحية زواج السيد ميسيبي عام 1950م، واستمر في مراجعتها كعادته حتى عام 1980م، وعرضت على المسرح لأول مرة في ميونخ عام 1952م، وتم تحويلها لفيلم سينمائي عام 1961م، وبالمسرحية أربعة شخصيات رئيسية، وهم مستر ميسيسيبي الذي يؤمن بالنظم

الرأسمالي

وأنه رفاهية الإنسان تكمن في الامتثال لهذا النظام.

القديس كلود الذي يؤكد على أن العدالة يمكن أن تتحقق فقط من خلال انتصار الحزب الشيوعي، والطبيب المخلص الذي تبرع بكل ثروته للفقراء لأنه فاعل خير حقيقي، أما الشخصية الأنثوية الوحيدة في المسرحية فهي أنثيسيا التي تمثل شخصًا لا يؤمن بأي مبدأ، ولا تعطي أي أهمية للضمير أو الأخلاق فهي تكذب وتخدع وتغير وجهها باستمرار، وفي النهاية لم ينجح أي شخص من أبطال الرواية في اتجاهه الفكري المثالي، على العكس كانوا هم الأكثر انغماسًا في المتعة واستهلاكًا من هؤلاء الذين لا يؤمنون بأي مبدأ.[3]