قصص الجاسوسية والمخابرات

عالم الجاسوسية عالم مليء ب

الإثارة والغموض

، وفي الواقع فإن جذور عالم التجسس تعود للعصور القديمة، فقد كتب المحلل العسكري الشهير صن تزو في كتابه فن الحرب الذي ألفه حوالي عام 500 قبل الميلاد: ” من يعرف عدوه ويعرف نفسه لن يتعرض للخطر في مئات الاشتباكات”، وفي التاريخ الإغريقي والروماني هناك وثائق تؤكد أنهم استخدموا الجواسيس.

ودائما ما نربط دائمًا الجواسيس وبعض الصفات الخارقة، حيث تمثل لنا شخصيات مثل العميل البريطاني

جيمس بوند

الصورة التقليدية عن الجواسيس، لكن في الواقع

ما هي صفات الجاسوس

؟ إنها ليست مثالية على طريقة أفلام جيمس بوند حيث يتغلب العميل السري في نهاية الفيلم على الأشرار ثم يختفي دون أثر، فبجانب وجود كثير من قصص الجاسوسية الناجحة إلا أن بعض الجواسيس تم القبض عليهم وإعدامهم أو تعقبهم .

أشهر الجواسيس في التاريخ

السير فرانسيس والسينغهام

ينسب الكثير من المؤرخين بداية ظهور أساليب التجسس الحديث إلى السير فرانسيس والسينغهام، الذي كان سكرتيرًا للملكة إليزابيث الأولى، في مواجهة خطر العالم الكاثوليكي، حبث كان زالسينغهام بروتستانتيًا متحمسًا، فأنشأ جهاز خدمة سرية واستطاع كشف وتجنب العديد من المؤامرات ضد الملكة، وقام بتجميع شبكة جواسيس من فرنسا واسكتلندا وإيطاليا وحتى تركيا، واستخدم العملاء المزدوجين كما عين مجموعة من البراء لوضع رموز شفرات سرية.[1]

الزوجان يوليوس وإثيل روزنبرغ

في عام 1953م تم إعدام الزوجان روزتبرغ وكانوا من الشيوعيين الأمريكين بتهمة التجسس ونقل أسرار نووية للاتحاد السوفيتي، وقد دخل الزوجان عالم الجاسوسية في عام 1942م عند تم تجنيد يوليوس الذي كان يعمل في ذلك الوقت مهندس ومفتش في معامل فيلق إشارة

الجيش الأمريكي

بفورن مونماوث، وكانت مهمته كجاسوس هي إرسال تقارير وتصاميم رية إلى الكي جي بي.[2]

ومن بين المعلومات التي أرسلها للاتحاد السوفيتي تصميم صمامات الطائرة لوكهيد يو-2 التي اسقطها الاتحاد السوفيتي في عام 1960م.

واستطاع يوليوس تجنيد صهره ديفيد جرينجلاس والذي كان يعمل في مشروع منهاتن لتصميم القنبلة النووية الامريكية، وقد اعترف جرينجلاس فيما بعد أنه أرسل معلومات سرية عن المشروع للاتحاد السوفيتي عن طريق يوليوس وزوجته إيثيل.

كما استطاع يوليوس تجنيد عدد كبير أخر من العملاء لصالح

الاتحاد السوفيتي

وكان حجم المعلومات التي تلقاها الاتحاد منهم مذهلًا، ومن بين تلك المعلومات تفاصيل عن عمليات تصنيع

اليورانيوم

المستخدم في صنع الأسلحة، وقد سارت أمور عائلة روزنبرغ في عالم الجاسوسية كما ينبغي حتى عام 1950م.

حيث انزعج المسئولون الأمريكيون من السرعة التي وصل بها السوفيت لأول تجربة نووية أمريكية، وانتابهم الشك، فبدأت أنظار الأمريكيين تتجه لمشروع منهاتن، واكتشفوا أن عالم فيزياء ألماني من العاملين بالمشروع قام بإرسال معلومات عن المشروع للسوفيت عبر وسيط يسمى هاري جولد، وعند القبض على جولد اعترف أن جرينجلاس هو من جنده، ومن هنا بدأت الأمور تنهار بسرعة.

وفي حين أن درجة تورط الزوجة إيثيل في عمليات التجسس لم تكن مؤكدة حتى ذلك الوقت، إلا أن المحققون اعتقدوا أنهم إذا ورطوا إيثيل في القضية، فإن زوجها سوف ينهار ويعترف،وهذا لم يحدث قط.

فقد بدأت القضية المرفوعة ضدهما في عام 1951م، وآدين كلاهما بالتآمر لارتكاب التجسس وتم إعدامهما بواسطة الكرسي الكهربائي في سجن سينج سينج عام 1953م، وبذلك يكونا هم الأمريكيان الوحيدان اللذان تم إعدامهما بتهمة التجسس خلال الحرب الباردة بأكملها.

وفي عام 2016م طالبا ابنا إيثيل روزنبرغ الرئيس أوباما بتبرئة والدتهما من تهمة التجسس لعدم وجود أدلة كافية ضدها، وكان الشاهد الوحيد في القضية جرينجلاس قد صرح أنه في البداية لم يورط إيثيل في القضية، لكنه اضطر لفعل ذلك والكذب بشأن تورط إيثيل معهم حتى يصرف الشكوك عن زوجته.

ميليتا نوروود

تم الكشف عن تورط ميليتا في التجسس لصالح الاتحاد السوفيتي خلال بداياته عام 1999م بعد أن كشفت موظفة في مكتب محفوظات جهاز المخابرات السوفيتي كي جي بي تورطها، وفي ذلك الوقت كانت ميليتا جدة تبلغ من العمر 87 عامًا وتعيش في جنوب شرق لندن.[3]

وقد صرحت ميليتا للبي بي سي أنها بشكل عام لا توافق على فكرة التجسس ضد بلادها لكنها كانت متحمسة للنظام الشيوعي الجديد في روسيا، وأنها لم تفعل ذلك مقابل المال لكنها كانت تدافع عن نظام أراد توفير الطعام والأجور العادلة والتعليم والخدمات الصحية للناس.

بدأت نوروود مسيرتها في عالم التجسس في منتصف الثلاثينات حيث كانت تعمل سكرتيرة في الجمعية البريطانية لأبحاث المعادن غير الحديدية وكانت أيضًا تعمل لصالح المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية السوفيتية NKVD  حيث تم تجنيدها كعضوة في حلقة تابعة للمفوضية تسمى Woolwich Spy، وقد تم القبض على ثلاثة من أعضاء تلك المجموعة في لندن عام 1938م وحكم عليهم بالسجن من ثلاث إلى ستة سنوات، لكن ميليتا لم تكن من ضمنهم.

وقامت بنقل معلومات إلى الاتحاد السوفيتي حول أبحاث المعادن المستخدمة في تطوير القنابل الذرية، وتفيد التقارير أن رئيس ميلينا بالعمل قد ارتاب فيها بسبب ميولها الشيوعية، فكان حريص على عدم الكشف عن معلومات هامة أمامها، ومع ذلك في عام 1958م منحها السوفيت وسام الراية الحمراء للعمال.

لكن في عام 1965م حددت أجهزة الأمن البريطانية نوروود باعتبارها خطر أمني لكنهم امتنعوا عن القبض عليها حتى لا يكشفوا أساليبهم أمام السوفيت، وفي عام 1972م تقاعدت نوروود من العمل كعميلة للسوفيت .

كلاوس فوكس

كلاوس فوكس هو أحد أشر الجواسيس السوفيت، حيث كان عالم فيزيائيًا واستطاع إرسال معلومات حيوية وأسرار عن الأبحاث البريطانية والأمريكية إلى الاتحاد السوفيتي

كان فوكس ألماني المولد، حيث ولد في روسلسهايم عام 1911م، ودرس الفيزياء والرياضيات في جامعتي لايبزيج وكييل، وفي عام 1930م انضم للحزب الشيوعي الألماني، وبعد وصول النازيين للسلطة عام 1933م فر من ألمانيا وانتهى به المطاف في

بريطانيا العظمى

.

وفي بريطانيا درس في جامعة أدنبرة وحصل على الدكتوراة، وفي بداية الحرب العالمية الثانية تم احتجازه لفترة باعتباره ألمانيا، لكن سرعان ما أطلق سراحه بسبب موهبته الخاصة في الفيزياء، ليجري أبحاث حول القنبلة الذرية في جامعة برمنجهام، وفي عام 1942متم اعتباره مواطنًا بريطانيًا.

وعندما أدرك فوكس أهمية البحث الذي يشارك فيه قام بنقل أسراره إلى الاتحاد السوفيتي، وفي عام 1943م تم إرساله إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليعمل في مشروع القنبلة الذرية في لاس ألاموس وقد استطاع أن يحصل على فكرة شاملة عن تصميم ونظرية عمل القنبلة النووية ونقل تلك المعلومات إلى السوفييت، وقد تعاون مع هاري جولد وهو نفس الرجل الذي كان يرسل المعلومات لعائلة روزنبرج.

بعد الحرب عاد إلى إنجلترا وأصبح رئيسًا لقسم الفيزياء في مركز الأبحاث النووية البريطاني بهارويل، وفي عام 1950م اكتشف البريطانيين عمله لصالح الاتحاد السوفيتي وتم اعتقاله واعترف بما فعل، وحكم عليه بالسجن لمدة 14 عامًا، لكن تم إطلاق سراحه في عام 1959م، وبعدها انتقل إلى

ألمانيا الشرقية

وحصل على جنسيتها، وتم تعيينه نائبًا لمدير المعهد المركزي للأبحاث النووية ب روسندورف ، وظل شيوعيًا مخلصًا للحزب الشيوعي طوال حياته، وحصل على العديد من التكريمات من الحزب الشيوعي الألماني الشرقي والمؤسسة العلمية هناك.