الفرق بين المؤنث اللفظي والمعنوي

نشأة ظاهرة التأنيث

انقسمت الكائنات الحية لحكمة إلهية إلى قسمين المذكر والمؤنث، وحتى أسبغ الجنس على الحيوان والنبات والجماد، وقد انشغل اللغويين والنحويين بظاهرة التأنيث، حيث عملوا على وضع ضوابط لها، وربطوا أهمية معرفة المؤنث والمذكر بمعرفة الإعراب، وفهم النحو لهذا فإن النحويين قد وضعوا ضوابط للتأنيث، وعملوا اللغويون على اتباعهم وذلك بتأليف كتب لضبط المؤنث السماعي من جهة، ولتحديد قواعد للمؤنث القياسي من جهة أخرى.

أساليب تحديد المؤنث في اللغة العربية

  • نجد أن الجنس (المذكر والمؤنث) قد لفت نظر الإنسان وانعكس على لغته، فهو يفرق بينهما باستخدام الوسيلة اللغوية قبل أن تتواجد الوسيلة النحوية، مثال أب مذكر يقابلة الأم مؤنث، ولد مذكر يقابله بنت مؤنث وهكذا.
  • واستخدام الإنسان الجنس بالأسلوب اللغوي أدى إلى استسهال التمييز بين المذكر والمؤنث، وهناك بعض اللغات تقول أن هناك جنس ثالث غير المؤنث والمذكر وقد ذكره محمد بن أحمد بن الرشد عندما لخص كتاب الخطابة لأرسطو حيث يقول:”وقد يوجد في بعض الألسنة أسماء هي وسط بين المذكر والمؤنث وكذلك يوجد في اليونانية”، ولكن هذا القول غير صحيح، و يتجلى مقصده في الجماد والمعاني، فالموجودات تقوم على المونث والمذكر فقط لا ثالث لها.
  • نجد أن اللغة العربية حددت العاقل وغير العاقل، وعاملت غير العاقل المجموع كمعاملة المفرد المؤنث، مثل جبال.[1]

معنى التأنيث

إنها كلمة تتردد كثيراً في الاستعمال اللغوي، ويختلف معناها حسب ما تدل عليه، فهي كل اسم معرب يحتاج إلى علامة لظفية وتكون هذه العلامة إما ظاهرة أو مقدرة تزاد على الصيغة وتدل عليها، وتكون هذا العلامات:


  • ملفوظة

    مثل نعيم تتحول للمؤنث إلى نعيمة.

  • معنوية

    مثل أب ونقول أم في المؤنث.

ولهذا ممكن القول أن الأسماء الحقيقية المؤنثة إما تتميز بعلامتها الملفوظة أو علامتها الملحوظة ، ونجد أن التأنيث يكون فرع للتذكير، حيث أن يكون التذكير أصلاً، أما التأنيث فهو فرع له، لهذا السبب يحتاج إلى علامة، وممكن إغناء هذه المعلومة بأدلة:


  • الدليل الأول

    وهو أن ما من اسم مذكر أو مؤنث إلا نستطيع أن نطلق عليه كلمة تدل على المذكر مثل كلمة شيء، فهي مذكرة في مدلولها، ويمكن أن تكون مؤنثة بالرغم من أن لفظها مذكرة.

  • الدليل الثاني

    كل الأسماء المؤنثة تحتاج إلى علامة لتميزها عن المذكر.[1]

المؤنث من حيث دلالته

ينقسم المؤنث من حيث دلالته إلى :

مؤنث حقيقي

  • وهو اسم دال على المونث من الإنسان أوالحيوان، مثل كلمة هرة، واسم فاطمة، وكلمة  بنت، ونجد أن لكل من المؤنث والمذكر ضمائر وأسماء إشارة وأسماء موصولة خاصة بكل واحد منهما، ونجد أنه يلد ويتناسل، وتكون علامته مقدرة أو ظاهرة .
  • وسمي بالمؤنث الحقيقي، لأنه يتصل بالحقيقة والطبيعة، أما الأسماء والأشياء التي لم يلتسموا فيها صفة حقيقية لإنسان أو حيوان، فكانوا يعملوا على تأنيثه على المجاز، مثل نخلة، سماء ،فالمؤنث فيها لا مذكر له من النوع ذاته.

مونث مجازي

وهو اسم دال على مؤنث من الأشياء والتي لا تحتوي على مذكر ومؤنث، سواء كان لفظه منتهياً بعلامة تأنيث مقدرة مثل شمس، أو ظاهرة مثل سفينة وبعض الأمثلة التي تدل على مؤنث مجازي مثل كلمة دار ، صحيفة، وردة .[3]

ويخضع المؤنث المجازي لكثير من أحكام المؤنث الحقيقي في استعمالاته، فقد يكون خضوعاً واجباً أو خضوعاً جائزاً، مثل :

وجوب تأنيث الضمير العائد على المؤنث، مثل الدار اتسعت، ولكن يكون جائزاً عندما نقول اتسعت الدارُ، أو اتسع الدارُ.

ما هو الفرق بين المؤنث اللفظي والمعنوي

ينقسم المؤنث إلى ثلاثة أقسام حسب لفظه ومعناه وفيما يالي الفرق بينهم:

مونث معنوي

ويكون هذا الاسم خالي من علامات التأنيث، مهما كان نوعه إن كان حقيقياً أو مجازياً مثل اسم زينب وكلمة دار، والمجازي مثل عين، وبئر، ويجري عليه الكثير من أحكام المؤنث الحقيقي، مثلاً عند استخدام الضمائر وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة، يعامل معاملة المؤنث الحقيقي، وللمؤنث المعنوي مواضع واستخدامات مختلفة ومنها :

  • يستخدم في أعلام الإناث مثل: أمل، هند.
  • يستخدم في الصفات والأسماء الخاصة بالإناث، مثل: أم، حامل، مرضع.
  • يستخدم في أسماء القبائل والمدن والبلدان، مثل: مصر، سوريا، قريش.
  • يستخدم في أسماء بعض أعضاء جسم الإنسان وخاصة المزدوجة، مثل: عين، يد.[2]

مؤنث لفظي

وهو كل اسم يدل على مذكر ولكنه يحتوي على علامات التأنيث، ومن هذه العلامات التي تدل على التأنيث، وهي “التاء المربوطة، الألف المقصورة، الألف الممدودة”، وسندرج أسماء تدل على المؤنث اللفظي مثل: طلحة، بشرى، زكريا، ويعامل معاملة المذكر عند استخدام الضمائر وأسماء الإشارة وغيرها، وللمؤنث اللفظي أحكام وهي :

  • لا يؤنث فعله، فلا يصح أن نقول اشتهرت حمزة بالشجاعة.
  • ولا يعود عليه ضمير المؤنث، فلا يصح أن نقول حمزة اشتهرت بالشجاعة.
  • لا يجمع جمع مذكر سالم، فجمع حمزة هو حمزات.
  • يمنع من الصرف، نقول مررتُ بحمزة.
  • عندما يسبقه اسم العدد فيأتي مذكر، مثل ثلاث حمزات ولا نقول ثلاثة حمزات. [2]

مؤنث لفظي معنوي

وهو اسم دال على مؤنث حقيقي أو قد يكون مجازي، ويحتوي على علامة تأنيث، ويخضع لأحكام المؤنث اللفظي من جهة، وأحكام المؤنث المعنوي من جهة أخرى، أمثلة فاطمة، سيارة، ماسة، وننوه هنا أن هناك تداخل بين تقسميات المؤنث من حيث المعنى، لأننا نستطيع أن نضع الاسم تحت أكثر من نوع من هذه التقسيمات، مثلاً اسم فاطمة يعد مونثاً لفظياً ويندرج تحت قسم المؤنث الحقيقي والمعنوي أيضاً في آن واحد.[1]

تقسيم المؤنث من حيث ملابسات السياق

ينقسم المؤنث من حيث ملامسات السياق إلى:


  • مونث تأويلي

    ويكون لفظه مذكر في الأصل اللغوي، ولكنه يعامل معاملة المؤنث حسب وجوده في السياق وذلك لسبب بلاغي، مثل: أتتك كتابي، وإن هذا النوع من التأنيث لديه أحكام محددة منها: عند النعت والإشارة إلى المؤنث، يجب مراعاة تذكيرها اللفظي ، ويصح مراعاة المؤنث التأويلي بالمعنى الذي تؤول به، مثلاً امتلأت الكتاب بالسطور والمقصود هنا الورقة، لكن نفضل هنا أن نقتصر على صيغة اللفظ، منعاً للبس ، ونستطيع مراعاة صيغته اللفظية، من ناحية عدم تأنيثه.

  • مؤنث حكمي

    ويكون ذو صيغة مذكرة ولكن اكتسب التأنيث عندما نضيفه إلى مؤنث، مثال الآية الكريمة، قال تعالى:[وجاءتْ كُلُّ نَفْسٍ معها سائِق وشَهِيد] ،  ونجد أن كلمة كل فيها صيغة المذكر في أصلها، ولكن المضاف إليه الذي جاء بعدها وهو كلمة “نفس” قد أكسبها صيغة المؤنث.[3]

المعايير في تحليل الأسماء

ونلاحظ أن أغلب هذه التقسيمات خاضعة للقياس، لأنها تعتبر من وسائل الاستعمال اللغوي، بالإضافة إلى أنها السبل المنطقية التي تدخلنا إلى الظاهرة اللغوية، ونجد أن هناك معايير في تحليل الأسماء إلى مذكر ومؤنث أهمها:

  • معيار العلامة وهو الاسم الذي يُختم بأحد علامات التأنيث الثلاثة.
  • معيار المطابقة الحقيقية وهو معيار مهم جداً وهو الذي فرز مفهوم المؤنث الحقيقي مقابل المذكر، لأن المؤنث الحقيقي غالباً ما يتناسل، ولكن المذكر خلافه تماماً.
  • معيار الإشارة وهو اسم الإشارة المستخدم، فالمذكر يحتاج إلى اسم إشارة مذكر، وما يشار إليه باسم إشارة مؤنث فيكون الاسم مؤنث.

فوائد وتنبيهات على المؤنث اللفظي والمعنوي

  • هناك بعض  الأسماء المؤنثة التي لا يصح تذكيرها، ومن هذه الأسماء: البنصر، الضلع، اليد ، النصل.
  • هناك ألفاظ تأتي في لفظ التذكير والتأنيث في آن واحد منها: سكين، طريق، سوق، تمر،لسان.
  • من المعروف أن التاء المربوطة تعطي للاسم صفة دلالية مؤنثة، ولكن هذه التاء في اللغة العربية اتخذت سمة مغايرة حيث أنها ممكن أن تلحق بالأسماء المذكرة، مثل: طلحة، عبيدة، معاوية، حمزة، ونجد أنها لحقت بعض الحروف مثل ثمة، وربة ، ولكن لننتبه أن هذه التاء لم تكسب المفردات المذكرة تأنيث معنوي، وإنما أكسبتها فقط تأنيثاً لفظياً.[4]