ما هو النجش وتطبيقاته المعاصرة

مفهوم النجش


النجش

في اللغة فيقال نجش ونجشا وينجش وهو الزيادة في المهر أو السلعة ، وقال عنه أبو عبيد هو زيادة الرجل بثمن السلعة التي يرغب في شرائها [1] .

والنجش في اللغة يمكن حصره في الأتي هو الحث على شراء الشئ بالمواطأه ومدحه حتى يتغر الناس به ، وقد يكون المزايدة والتواطؤ في رفع سعره وإيقاع الغير من الناس به، وتنفير الناس عن شئ حتى يأتي لغيره .

وهناك تعريفات عديدة لفقهاء الأمة للنجش يمكن حصرها بالأتي ، وهو تسليم السلعة بثمن أزيد من قيمتها، ويكون ذلك بقصد إيقاع الغير بها  ، وليس بهدف شرائها والتعريف اللغوي للنجش يتفق مع التعريف الشرعي له .

الصور المعاصرة للنجش


التلاعب

فالتلاعب لغة هو لعبا ولعبا وتلعبا وتلاعب ويقال لكل من يعمل عملا فقد يجدي له النفع.

والتلاعب في الأقتصاد فهو عند العلماء الأقتصاديين فهو التلاعب في الأسواق المالية ، وتصرفت يقوم بها الأشخاص الذين يتداولون ، وقد يحدث منها فرق مقصود في أسعار الأوراق المالية ، والقيمة الخاصة بها ويهدف من ذلك للربح دون النظر لبقية أفراد التداول .

وهناك تعريف أخر للتلاعب في الأسواق المالية وهو نظام هيئة سوق المال ، ويقصد به القيام بإجراء وعمل يكون مضلل وغير صحيح في الأسعار أو السوق أو القيمة للورقة المالية ويهدف من هذا الإنطباع ، حث غير على الاكتتاب والبيع والشراء .

وهناك تعريف للتلاعب الذي هو من صور النجش من قبل هيئة الأوراق المالية ، بأنه سلوك متعمد بقصد التأثير على مجموعة من المتعاملين بطرق غير شرعي لحثهم على البيع والشراء للأوراق المالية .

أما عن الأسواق المالية التي يحدث بها التلاعب فهي لا ترادف مفهوم البورصة ، والبورصة هي مكان مخصص لتداول مجموعة الأوراق المالية، بينما الأسواق المالية لا تقتصر على البورصة بل تشمل سوق الإصدار ، ويمكن أن يمتد لأماكن خارج البورصة .


ألفاظ مشابهة للتلاعب ومن صور النجش


التغرير

وهو من التعريفات التي ذكرها فقهاء الشريعة الإسلامية، فهو في اللغة يقال غر الرجل وغرة وغرارة وغفل عنها، والمراد ، بذلك خداع الغير بالباطل وتطميعه وغر بنفسه وقد يراد به العرضة للهلكة .

ويمكن تقسيم التغرير إلى نوعين هما :


نوع أول:

تغرير بالقول والسعر وهو يحدث عندما يقول البائع للمشتري ، هذه السلعة تساوي قيمة كبيرة ولا يمكن أن تحصل عليها بسعر أقل من ذلك ، ومثلما تقول قد عرض علي سعر أكبر من ذلك وغيرها من الأمور الكاذبة .


النوع الثاني:

تغرير بالوصف والفعل ويكون ذلك عندما تقوم بوضع البضاعة الجيدة ، في الأماكن الظاهرة وتقوم بإخفاء الردئ من البضاعة بالأماكن غير ظاهرة ، وقد يكون ذلك عندما تغير عداد سيارتك لمسافة أقل حتى توهم من يشتريها بأنها مستعملة استعمال بسيط وهكذا على نحو ذلك .


التدليس

والتدليس باللغة هو الدلس بالتحريك أو الدلسة بالضم ، ومالي دلس واختلاط الظلام ، وهناك تدليس في البيع مثل ثمان عيب السلعة عن المشتري ، والتدليس بالإسناد هو أن تحدث عن الشيخ الأكبر بما سمعته عنه أو سمعته منه .

والجدير بالذكر بأن مصطلح التدليس عند علماء الشريعة الإسلامية في اللغة هو نفسه ، في تعريفه الاصطلاحي وقال عنه ابن قدامة دلس العيب أي كتمه عن من يقوم بشراء السلعة .


الاحتيال

وهو من صور التلاعب الذي يشبه النجش وله تعريف في اللغة فهو الحيلة ، والحيلة هي الحدق ودقة التصرف وقدرة وجودة النظر .

أما الاحتيال اصصطلاحا فله عدد من التعريفات العامة والخاصة ، وقال ابن القيم عنه ( هو سلوك يستخدم عدد من الطرق الخفية ، وتمكن الرجل من الوصول للغرض ، ولا يتفطن له إلا من قبل الفطرة والذكاء) .

وللاحتيال عدد من الوسائل العديدة التي قد يستخدمها الفرد ، عن طريق قيامه بطرق خفية يقوم بها ويسعى له حتى يصل من خلالها للوصول لغرضه .

النجش في بيع المزايدة

اختلف الفقهاء عن حكم بيع المزايدة وهناك ثلاثة من الأقوال عن ذلك .


  • قول أول

لجمهور الفقهاء من المالكية والحنفية والشافعية والحنابلة والظاهرية وأجازوا بيع المزايدة ، وقد قال الكاساني في بدائع الصنائع وهو أن يجنح البائع للمشتري بالثمن الذي طلبه ، فإن كان ذلك فلا بأس من المزايدة .

وقد جاء عن ابن الهمام بفتح القدير لا بأس بأن يبيع من يزيد، ، وهو أسلوب بيع له صفة في الدولة المصرية وقد جاء بمختصر الخليل بالتاج والإكليل ( هو ان البيع المنهي عنه هو بيع الرجل على بيع أخيه ، وقد قصر البيع بالنسبة للنهي في بيع المساومة لا المزايدة .

وقد قال المارودي بالحاوي الكبير ( فصورة سوم الرجل على سوم أخيه ويبذل في ثمن السلعة ثمن أكبر من المعروض فيها قبل البيع ، فإن كان ذلك جاز بيع المزايدة كما أن السوم لا يمنع الناس من طلب السلعة) .

وقال ابن حزم في المحلي ( فإن كان يوقف السلعة لطلب الزيادة، او ان يقصد الشراء ممن يبيع لا من شخص بعينه ، وكان محتاطا لنفسه فجازت المزايدة في تلك الحالة ، وكان غيره يساومه على مبلغ معين ، ووقف عليه فعليه أن يبلغ المشتري بأن هناك سعر أكبر من ذلك) .

وورد بكشاف القناع ( فأما المزايدة في المناداة فجائزة) والإجماع بأن المسلمين ما زالوا  يبتاعوا في أسواقهم بالمزايدة .


  • القول الثاني

وهو لاسحاق بن راهوية والأوزاعي وهم يرون عدم جواز البيع بالمزايدة ، ولا يكون ذلك إلا في الغنيمة والميراث وقال ابن بطال بأن الأوزاعي كان يكره المزايدة إلا في الغنيمة والميراث .


  • القول الثالث

وهو للننخعي ويرى الكراهة في بيع المزايدة ، واتفق معه في قوله عقبة ابن عامر وأبي أيوب وقد ورد عن هؤلاء الفقهاء بأنهم كرهوا بيع المزايدة وأستدل كل فريق بعدد من الأدلة التي تدعم رأيه .

النجش في المعاملات المالية

قد ورد عن النهي عن النجش عدد من الأحاديث الكثيرة منها ما رواه أبي هريرة ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع الحاضر للبائع ، ولا تناجشوا ولا يبيع الرجل على بيع أخيه ، ولا يخطب على خطبة أخيه، وتسأل المرأة أختها لتكفأ ما في إنائها) [2] .

والنجش عند بيع السلعة يكون الزيادة في ثمنها ، ليس بغرض الشراء ولكن لرغبة إيقاع غيره فيها وشرائها ، ويحقق من ذلك النفع للبائع بزيادة الثمن أو يوقع المشترى ويضر به بالثمن الزائد .

والصور له كثيرة ومنها أن يرغب شخص في شراء سلعة من غيره ، فيأتي أخر تابع للبائع ويزود في ثمن تلك السلعة بالتواطؤ مع البائع ويكون ذلك على غير ثمنها بأن يعرض فيها مائة وخمسين كقيمة مثلا ، وهي ثمنها مائة فقط  وهكذا على نحو ذلك .