كيف يمكن الجمع بين الخوف والرجاء

معنى الخوف

يعتبر الخوف من غضب الله ، وعقابه واحدا من انواع العبادة لله سبحانه وتعالى ، فيجب أن يخاف الإنسان ربه فلا يفعل ما حرم الله ، ويتجنب الفواحش ، ويجب أن يحمله خوفه من ربه على أداء واجباته تجاه ربه ودينه.

ويعد الخوف من الله تعالى ، من صفات المؤمن الحق ، والمتقي ربه في كل ما يصدر منه ، تقربا لله عز وجل ، وطمعا في دخول جنته.

وإن خاف المؤمن ربه ، وامتلأ قلبه بخشية ربه ، فلا مكان فيه للشهوات ، وتفضيل الدنيا ، وحب ما حرم الله ، ومن فقد سمة الخوف من الله تعالى ، دخل له الشيطان من حيث لا يدري ، واوقعه في كل ما حرم الله تعالى من منكر ، وحب للشهوات ، وارتكاب الكبائر ، فلا تتأثر القلوب بالمواعظ ، واقدم الإنسان على الدنيا ، ونسي الآخرة.

فالخائف كما وصفه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، هو الصائم ، والمتصدق ، والمصلي لله تعالى ، وفيه قلبه خوف من أن لا يتقبله الله تعالى ، فيسارع لفعل الخير. [3]

معنى الرجاء

وعندما نتأمل في

الفرق بين الخوف والرجاء

، نجد أن الرجاء هو انتظار نتيجة الأعمال الخيّرة التي فعلها الإنسان ، وهو واجب على المسلم ، حيث أنه يكون بين ذنب يرجو أن يغفره الله له ، ومعصية يتمنى أن يبعده الله عنها ، وأعمال صالحة يتمنى أن يقبلها الله ، ويعد الرجاء احد الأسباب التي تدفع المسلم للثبات على عبادة ربه ، والتقرب منه عز وجل بالأعمال الصالحة.

والرجاء يعتبر عكس اليأس ، ولذلك يعد من شروط الايمان بالله تعالى ، فاليأس يعد من الكبائر ، والكفر بالله عز وجل كما ذكر في القرآن الكريم.

وذكر أنعم الله على عباده في الدين والدنيا والجسد ، وكرم الله تعالى ، ورحمته التي تسبق غضبه ، كل هذه الأشياء تعد من درجات الرجاء.

والرجاء عكس التمني ، والرجاء هو انتظار الثواب على الأعمال ، أما التمني ، فهو انتظار ما يُطلب ، ولذلك فإن المسلم يقوم بالطاعات ، والمداومة على العبادات ، وانتظار رحمة الله وفضله.

فالإنسان الراجي ، هو من يواظب على الطاعة ،ويدعو الله عز وجل أن يتقبل منه ، ويضاعف اجره وثوابه ، ويقبل دعواه بدخول الجنة مع ذويه من الاخيار.

والرجاء مثل الدواء الذي يطيب الجراح ، لمن يأس من رحمة الله تعالى ، حتى اصابه السفن ، ومن غلبه خوفه ، الذي أودى بحياته وحياة من حوله. [4]

فضل الجمع بين الخوف والرجاء

إن الخوف والرجاء ، اثنان من شروط الايمان ، فعلى المسلم أن يجمع بينهم دائما في حدود المعقول ، حتى لا يغلب أحدهما على الإنسان ، فيكفر بأنعم ربه ، وكلامه جل وعلا.

فإن غلب الخوف على المسلم ، كفر بربه ، وأصبح من الخوارج الذين هم أصحاب النار ، وان غلب الرجاء على المسلم ، أصبح متكلا على الله تعالى ، ومتمنيا دون عمل الصالحات ، والمقللين من شأن الأعمال التي وقربهم لله عز وجل ، كما أن التمني أو الاعتماد على الرجاء يعتبر آمن من مكر الله كما ذكر في القرآن الكريم. [1] ، [2]

الجمع بين الخوف والرجاء امر من عند الله

والجمع بين الخوف والرجاء ، أمر من عند الله ، واتباع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فقد كان رسولنا الكريم ، وانبياء الله تعالى يسارعون في فعل الخير ، ويرجون الله بأن يتقبل منهم ، ويتوبون إلى ربهم ، ويخافون الا يتقبل الله تعالى منهم

وعدم الجمع بين الخوف والرجاء يؤدي إلى اليأس من رحمة الله تعالى ، والقنوط ، فلا بيئة من رحمته الا العاصين ، فالله يقبل التائبين ، والراجين رحمته ، ويغفر الذنوب جميعا ، إلا أن يُشرك به ، وفي اليأس ، شرك بالله.

الجمع بين الخوف والرجاء يثمر العمل الصالح

الجمع بين الخوف والرجاء ، يؤدي إلى زيادة الحسنات ، والأعمال الصالحة ، فالخوف من الله تعالى وخشيته ، تؤدي إلى عمل الخيرات ، والتصدق لوجه الله تعالى ، والرجاء أن يتقبل الله ، يؤدي الى التوبة ، والابتعاد عن الشهوات.

فعدم الخوف يؤدي إلى الامن من الله ، ولا يأمن مكر الله الا الكافرين ، والبعد عن الرجاء والتقرب لله تعالى ، يؤدي إلى القنوط ، واليأس من رحمة الله تعالى ، وكلاهما حائرات الدنيا ، والآخرة.

إنه لمن الضروري والواجب على المؤمن الحق أن يجمع بين الخوف والرجاء ، في عبادته لله تعالى ، فيخاف بسبب ذنوبه ، ويرجو رحمة الله عز وجل له. [2]

وخوف المؤمن من ذنوبه يدفعه إلى التوبة لله تعالى ، ويبعده عنها ، وعن كافة المعاصي من حوله ، وعن أصحاب السوء كذلك.

ورجاء المؤمن رحمة الله جل وعلا ، يدفع قلبه إلى التعلق بالله تعالى وبعده عن القنوط من رحمته ، والثبات على الاستقامة في العبادات ، وحسن الظن به ، والله عند ظن عبده به.

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه ما اجتمع الخوف والرجاء في قلب مؤمن الا ودخل الجنة ، فالخوف يحمل المسلم على ترك المعاصي ، والرجاء يجعله يحسن الظن بالله ، والجانبين يكملان بعضهما البعض ، ويعتبر أن أساس الايمان بالله ، ورحمته ، ومغفرته ، ووجوده جل وعلا.

الجمع بين الخوف والرجاء في القرآن الكريم

جاء فضل الخوف والرجاء ، والجمع بينهم في القرآن الكريم في العديد من الآيات القرآنية ، كما يلي :

  • يقول سبحانه وتعالى : ” فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ “
  • يقول سبحانه وتعالى : ” إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ “
  • يقول سبحانه وتعالى : ” إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ “
  • يقول الله سبحانه وتعالى : ” إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا رغبًا “

وفي كل هذه الآيات القرآنية وغيرها من الآيات ، والأحاديث النبوية الشريفة ، يدعونا الله تعالى ، ورسوله الكريم ، بالخوف مع فعل الخيرات ، والأعمال التي تقربنا إلى الله تعالى ، والرجاء أن يتقبلها الله ، ويتقبلنا.