تعريف التواضع لغة واصطلاحا
تعريف التواضع في اللغة
مفهوم التواضع
لغة يقال وضع فلان نفسه وضعا وضعه بالفتحة ووضوعا بالضمة أي أزل نفسه وتواضع الرجل تذلل ، ويقال خشوع وذل وقيل في الصحاح وضع الرجل بالضم يوضع ضعة ، بفتح الضاد وكسرها أي صار وضيعا [1] .
تعريف التواضع في الاصطلاح
فهو إظهار الخمول وترك الترؤس والزيادة في الإكرام وكراهية التعظيم ، ولا يقوم الفرد المتواضع بالمباه ويتحلى بالفضائل أو المفاخرة بالمال والجاه ، وأن يتجنب كل ما فيه الكبر والإعجاب .
وقيل في تعريفه أيضا بأنه إظهار التنزل عن المرتبة ، لمن يراد أن يعظم ويقال هو تعظيم من فوقه فضله ولكن لا يجب
المبالغة في التواضع
.
وقيل فيه رضا الفرد بمنزلة أقل مما يستحقه من منزلته وفضله ، وهو التوسط بين الضعة والكبر فالضعة وضع الإنسان بمكانة قد يزري نفسه به ، وقد يضيع حقه والكبر هو أن يرفع نفسه فوق قدرها .
التواضع في القرآن
فالتواضع من الصفات المحمودة وهي من الصفات التي ترضي الله تعالى عن العبد ، والتواضع من سنن الله تعالى الطبيعية في عباده، والمتواضع قد يرفعه الله تعالى ويكرمه جراءا له ولخلقه ونفسه المتواضعة [2] .
كما أن الله تعالى يذل جميع المتكبرين في الأرض ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام ( ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد الله عبد بعفو إلا عزا ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله) .
والذي يسير في طريق المتكبرين فقد يلاقي عاقبة ذلك السوء وقد قال تعالى في كتابه الكريم ( فبئس مثوى المتكبرين) أية رقم 27 سورة الزمر .
كما لن يرد التواضع في القران الكريم بنفس لفظه ، وإنما وردت مجموعة من الكلمات التي تشير له ، وتدلل عليه فيقول الله تعالى في القران الكريم في سورة الفرقان أية 63 ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا) .
ويقول الإمام القرطبي عن هونا الهون مصدر الهين ، ويدل على الوقار والسكينة وفي تفسيرها الذين يمشون متواضعين وفي اقتصاد ويقول ابن كثير يمشون بالسكينة دون استكبار وتجبر .
كما يقول الله تعالى في سورة الإسراء أية 37 ( ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا) ويقول الامام القرطبي عن ذلك فهو أمر بالتواضع ونهي عن الخيلاء .
وقال المرح هو شدة الفرح وقيل المشي بتكبر ، وأن يتجاوز الإنسان قدره كما أخبر القران عن قارون الذي خرج في قومه في زينته فخسف الله به وبداره الأرض .
ويقول تعالى في سورة لقمان أية 18 ( ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور) فيقول الإمام ابن كثير لا تحتقر عباد الله وتتكبر عليهم وتعرض وجهك عنهم .
أما عن الصعر فهو داء يأخذ في الإبل، في رؤوسها أو أعناقها ، فقد يؤدي أن تفلت أعناقها عن رؤوسها فشبه به الرجل الذي يتكبر ( ولا تمش في الأرض مرحا) .
أي عنيدا ومتكبرا ، وجبارا ، وعندما تفعل ذلك يبغضك الله تعالى ، فيقول الله تعالى ( إن الله لا يحب كل مختال فخور) أي معجب بنفسك ، فخور على غيرك من خلق الله حسبما ورد في تفسير القران الكريم .
فوائد التواضع
يمكن عمل
اذاعة مدرسية عن التواضع
وفوائده ومن أهم الفوائد :
- التواضع يسير مع الحق ويخضع له ويسير في طريقه ، كما أنه يرفع المرء في قدره كما أنه يعظم له شأنا ويزيده نبلا [3] .
- يعتبر التواضع هو المعنى الحقيقي للعزه ، كما أنه يتحقق به طاعة الله تعالى ، وقد يرفع الله تعالى مكانتك بين الناس بسبب تواضعك على عباده .
- يتحقق بالتواضع جميع سبل المصلحة في الدنيا والدين ، كما أنه قديريح صاحبه من عناء المفاخرة والمباه كما أنه يقضي على الشحناء بين الناس .
- يقوم التواضع بفتح جميع قلوب العباد على بعضها ، ويؤلف بينها كما يفتح القلوب المغلقة ويرفع مكانة أصحابه ويجعل الفرد جليل القدر .
- يقوم التواضع بتوريث الألفة والمحبة بين الناس ، كما يكسب أصحابه السلامة في جميع عواقب الأمور ، ويقضي على الكراهية والحقد بين العباد
- تكون ثمرة التواضع المحبة بين الناس ، ويكسب الفرد القناعة والرضا عن نفسه وورد عن النبي عليه الصلاة والسلام بان التواضع يزيد من شرف المؤمن ، وتكبر الوضيع قد يضيعه .
أنواع التواضع
التواضع لعظمة الله والامتثال لأمره
ويقول عنه الامام ابن القيم فراحة النفس هو التكلأ في أمره ، وأن تأبى التهرب من العبودية ، وأن لا تفعل ما نهاك ربك عنه ، وعندما تقوم بإتباع الأوامر وتجنب نواهيه ، فهنا يتحقق التواضع في العبودية [4] .
تواضع في المشية واللباس
فيقول ابن عمر رضي الله عنه وعن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة) رواه البخاري ومسلم ، وقيل عن التجلجل هو أن تمشي في الأرض متدافعا مضطربا .
تواضع لعزة الله تعالى وكبريائه
عند تشعر النفس بالتكبر فعليها أن تتذكر ، عظمة الخالق وأن التكبر يتفرد به الخالق وحده كما قال الامام ابن القيم ، وقد يكسب صاحبه غضب الله تعالى الشديد على صاحبه
ولكن على العبد أن ينكسر لعظمة الله تعالى ، ويخبت لسلطانه ويحقق بذلك غاية التواضع ، ومن أهم سبل التواضع للخالق هو أن تتبع أوامره وتجتنب نواهيه ، وبذلك تتواضع لعظمة ربك .
تواضع الرجل مع زوجته
فعن الأسود انه سئل السيدة عائشة رضي الله عنها وعن أبيها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته ، فقالت كان يكون في مهنة أهله خدمة أهله وإذا حضرت الصلاة خرج للصلاة) رواه البخاري .
ويقول الامام الحافظ ابن حجر عن ذلك ففي ذلك ترك التكبر ، وأن يقوم الرجل بخدمة أهله والترغيب والتحبيب في فضيلة التواضع .
التواضع مع الخدم والعبيد
عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال ( إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فلينا وله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين فإنه ولي حره وعلاجه) .
وقيل في معنى ولي حره وعلاجه أي عانى من المشقة في الطعام ، وعندما يقوم بتقديمه وقيل في روايه أخرى عن مسلم ولي دخانه وحره .
تواضعك مع الصغار
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يأنس الصبيان ، ويلاطفهم وكان ذلك من أشد الخلق الكريمة التي يتمتع به النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدل على كرم التواضع والشمائل .
فعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي كان أحسن الناس خلقا ، وكان له أخ يقال له أبو عمير قال أحسبه فطيما وكان إذا جاء قال يا أبا عمير ما فعل النغير .
حديث عن التواضع
هناك الكثير من الاحاديث و
اقوال عن التواضع
حيث ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنا سيد ولد ادم ولا فخر وبيدي لواء الحمد ولا فخر ، وما من نبي يومئذ ادم فمن سواه ، إلا تحت لوائي وأنا أول من تنشق عن الأرض ولا فخر) رواه الترمذي[4] .
وذكر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يقول ذلك ليس تفاخرا وتكبرا ، أو تعاظم على الناس بل كان كان يقول ذلك شكرا لنعم ربه عليه ، وتواضعا ولا تكبرا ، وسيرة النبي وأحاديثه الشريفة عطرة وتدعوا للتحلي بالتواضع .