الفنون المستحدثة في الشعر الأندلسي

الفنون المستحدثة في الشعر الأندلسي

الموشحات الأندلسية  والزجل الأندلسي ،  ازدهر هذان الشكلان في البلاط الأندلسي لكنهما لم يعرفا في الشرق العربي إلا بعد قرنين من الزمان ،  يعتقد بعض العلماء أن هذين التطورين الشعريين الأندلسيين لهما جذور في التطور الشعري للمخماس والمسمعات في القرن التاسع عشر في عباصيد بغداد ، بخلاف ذلك ، فإن التنافس مع الشعر العباسي في محاولة لتمييز نفسه كان علامة على التطور العام للشعر في الأندلس ، كان أحد جوانب هذا المسعى هو إدخال الخارجة ، وهي مقطع ختامي للموشح كمخرج ترفيهي لجلسة غنائية.

الموشحات الأندلسية

الموشح هو أحد

فنون الشعر الاندلسي

المستحدثة في الشعر الأندلسي  ، كان الموشح شكلاً جديدًا من أشكال القصائد الغنائية ، الأندلسية بالكامل ، والذي يعني حرفيًا التطريز ، أو ما يربط اللؤلؤة بجانب الأخرى في العقد ، سمي هذا الفن بالموشح لما فيه من ترصييع وتزيين وتناظر وصنعة ، فكأنهم شبهوه بوشاح المرأة المرصع باللؤلؤ والجوهر ، خلال العصر الذهبي للحضارة العربية وحتى القرن الثاني عشر ، تطور هذا التمثيل الشعري وامتد إلى القاهرة وحلب.


نشأة الموشح

يعود أصلها إلى القرن الثالث الهجري ، وأقدم ما وصلنا إلينا من نصوصه هو لا يعود إلى أكثر من القرن الخامس ، وأن النظم فيه بلغ الذروة في القرنين السابع والثامن للهجرة ، ينسبها البعض إلى زيراب ، والبعض الآخر للشاعر مقدم بن موفع القبري لأعمى ، بالقرب من قرطبة ، في عهد الأمير عبد الله بن محمد (ت 912) .


تعريف الموشح

عرفه ابن سناء الملك: „الموشح كلام منظوم على وزن مخصوص“ ، ويقول ” الموشح نظم تشهد العين أنه نثر ، ويشهد الذوق أنه نظم ” .


أغراض الموشحات

ومن أهم أغراض الموشحات  الغزل هو الشائع بين أغراض شعر الموشح لكن هناك أغراض تعرض لها مثل ( الوصف- الرثاء – المدح – الهجاء )  ، وكان المدح الهدف منه الحصول على المكافات المالية .


عوامل ازدهار الموشحات

ومن أهم العوامل التي ساعدت في ازدهار وابتكار فن الموشحات :

  • الطبيعة الخلابة التي اتسمت بها بلاد الأندلس ، حتى أطلق عليها جنة الله في الأرض .
  • حياة الطرب واللهو .
  • النهضة الغنائية وازدهار الموسيقى .


أوزان الموشحات

يمكن تقسيم

أوزان الموشحات

إلى قسمين :

  • هناك من جاء على الأوزان الشعرية المتعارف عليها عند العرب .
  • مالا وزن فيها ولا إلمام له بها .


أقسام الموشحات الأندلسية

فن شعري مستحدث ظهر في الأندلس ، يختلف عن أنواع الشعر الغنائية الأخرى في عدة أمور ، كما أنه لا يتبع الأوزان العربية المعروفة في الشعر ، إضافة إلى أنه يستعمل اللغة الدارجة أو العامية في خرجته ، ثم باتصاله القوي بالغناء ،  ويمكننا القول بأنه شعر مغنى ، ويختلف بناء الموشح عن القصائد العربية ، حيث يتألف الموشح من أجزاء مختلفة يكوّن مجموعها بناء الموشح الكامل ، وهذه الأجزء هي (المطلع -القفل – الدور – البيت – الخارجة ) ، ويتم شرحها على النحو التالي :

  • المطلع : وهو أول شطر من القصيدة في الموشحات الأندلسية .
  • القفل : هو عبارة عن مجموعة من الأشطر التي يجب أن تتطابق مع المطلع من ناحية القافية .
  • الدور : وهي الأشطر المخالفة للمطلع من حيث القافية  ، يتكون الدور من غصن وهو مجموعة من الأبيات التي يتكون منها الدور ، وتكون لها قافية خاصة بها .
  • البيت : وهو الدور والقفل .
  • الخارجة : وهي آخر قفل في الموشح ،  ويسمى لازمة وبعدها يتم اختتامه  .


خصائص الموشحات الأندلسية

  • هي عبارة عن قصائد مغناة  ، تميزت بالجمع بين الفصحى والعامية
  • مواضيعها تدور في الغرام والفروسية .
  • غير محكمة الوزن ومختلفة القافية  ، واستعراض أوزان وقوافي جديدة تكسر ملل القصائد ، ويمكن تلحين الموشح على أي وزن موسيقي ، لكن عرفت لها موازين خاصة ،  غير معتادة في القصائد وأشكال الغناء الأخرى .


شعراء الموشحات

ومن أهم شعراء الموشحات هو ابن زهر الأشبيلي يعد قائد فن الموشحات في عصره وقد تنوعت  اغراضه بين الغزل والخمرة والطبيعة، والحكمة احيانا، غير انه دأب على المزج بينهما، وتميزت موشحاته بالآتي :

  • بساطة المعنى .
  • البعد عن العمق والغموض والمبالغة .
  • جمال الصور وقوة التأثير على النفوس .
  • العبارات لينة ناعمة سلسة ورقيقة .
  • الموسيقى التصويرية الراقصة .
  • عدم الجري وراء المعاني المبتكرة والمنتقاه .

ومن الأمثلة على ذلك ما قاله الشاعر  لسان الدين محمد بن عبدالله بن الخطيب, ولقبه “الحركي” ذي الوزارتين ، متحدثًا عن الأندلس ومظاهر  الطبيعة فيها :

جادك الغيـث إذا الغيـث همـى   يـا زمـان الوصـل بالأنـدلـس

لـم يكـن وصـلـك إلا حلـمـا   في الكرى أو خلسـة المختلـس

إذ يقـود الدهـر أشتـات المنـى   ننقـل الخطـو علـى ماتـرسـم

زمـرا بـيـن فُــرادى وثـنـا   مثلمـا يدعـو الحجيـج الموسـم

والحيا قد جلـل الـروض سنـا   فثغـور الزهـر فـيـه تبـسـم

وروى النعمان عن مـاء السمـاء  كيف يـروي مالـكٌ عـن أنـس

فكسـاه الحسـن ثوبـاً مُعلـمـاً   يزد َ هـي منـه بأبهـى ملبـس  [1]

الأزجال الأندلسية

الزجل  هو من الفنون السبعة في الأدب العربي ، وهو أحد أنواع الفنون التي استحدثها الأندلسيون ، مثال على التهجين بين الثقافات ،   ظهر في وقت مبكر من القرن التاسع أو قبل ذلك في القرن السابع ، ويمكن تعريفه على أنه موشحات تقال بلغة عامية ، لا يتقيد بقواعد اللغة العربية ، وخاصة في حالتي الإعراب وصيغ المفردات  ،تشبه الموشح في بنائها وأوزانها ، الزجل يتكون من أدوار ، وكل دور يتكون من مطلع أو مركز .

والأسباب الرئيسية لظهور الزجل هو اختلاط الثقافة العربية بالثقافة اللاتينية الأسبانية ، فالزجل عبارة عن خليط من اللغة العربية والرومانية  وديوان ابن قزمان أفضل دليل على هذا المزيج ، وقد وشاع في البلاد ظاهرة الشاعر المتجول ، وانتشر الزجل ليرضى عنهم من يتحدث بهذا المزيج من اللغة  ، وساعد على انتشار الزجل هو أنه جاء تعبيرًا عن خواطرهم ، وعالجوا الزجالين العديد من أغراض الشعر في الزجل مثل الغزل والوصف والمدح والرثاء والفخر .


تعريف الزجل لغة

هو اللعب والجلبة ورفع الصوت وخاصة فى الطرب .


نشأة الزجل

على يد هو محمد بن عيسى بن عبد الملك بن عيسى الزُّهري القرطبيُّ، أبو بكر، المعروف بابن قُزْمان ، هو إمام الزجالين ، لأنه أول من استحدث هذا الفن وأبدع فيه ، ومن ثم تبعه الكثير من الشعراء أمثال أبي عمرو الزاهد ، يقول ابن قزمان في وصـف الطبيعة:

الربيــع ينشـــــر عــلام مثـل ســــــلطانًا مـؤيـد

والثمـار تـنـثـــر حليــــه بثيــاب بحـــل زبرجــد

والريــاض تلبــس غلالا من نبـات فحــل زمــرد

والبهــار مـع البـنـفسـج يا جمال أبيض في أزرق


أوزان الأزجال

يتفق الزجل مع القصيدة في الوزن والقافية الواحدة والمطلع .

أما من حيث اللغة فيعد اللغة أبسط وعفوية أكثر لدرجة الاستغناء عن الإعراب من أجل اللحن .

من حيث الشكل يتفق الزجل مع الموشحات في المطلع والغصن والقفل والدور والخرج .


أقسام الأزجال الأندلسية

يتم تقسيمه إلى  أربعة أقسام :

  • وفقا للمضمون، فالنوع الأول يضم الغزل والخمر والوصف .
  • والثانى يضم الهزل والخلاعة .
  • والثالث يضم الهجاء والإقذاع .
  • والرابع يضم المواعظ والحكم.
  • سمات لغة الزجل
  • اللغة العامية الدارجة
  • الألفاظ السهلة

ومن أمثلة أزجال ابن قزمان الأندلسى أمير الزجالين قوله :

إلى متى الحب يتبعنى أفنيت عمرى على الملاح

مُرّ الهوى مُرّ مُرّ عنــى لعل نرقد ونستـــراح

ومن أمثلته أيضا قوله :

إذا عشقت المليــح أصبر على دَلّــو

ترضى يا مولى الملاح بذا العذاب كُلّو  [1] [2]

أغراض الشعر الأندلسي

يعد

الرثاء في الشعر الاندلسي

من

أغراض الشعر الأندلسي

، و كذلك الغزل  ، كان كل شئ في بيئة الأندلس الجميلة يغري بالحب ويدعو إلى الغزل ، فانقادت القلوب الشاعرة لعواطفها ، فأحبت وتغزلت وتركت ورائها فيضًا من شعر الغزل الرائع الجميل .


سمات شعر الغزل الأندلسي

  • الرقة .
  • الكثرة حتى يكاد يكون أكثر  الأغراض رواجًا وأوسعها انتشارًا عند الأندلسين .
  • امتزاجه بالطبيعة .
  • أنه غزل يعني بالجانب الحسي في المحبوبة شأن الغزل المشرقي ، ويقف غالبا عند حدود الوصف المادي ، لما يتعشقه الشاعر في محبوبته  فالوجه قمر ، والشعر ليل أو ذهب ، والأنامل سوسن ، ولا يتعمق في تصوير خلجات نفس المحبوبة  ، بعض الشعراء وظفوا الحوار القصصي أسوة  بعمر بن ربيعة مثل أبي العباس أحمد الإشبيلي
  • بعض الشعراء هجروا ذكر البادية  ومكابدة الأهوال في سبيل الوصول إلى الحبيب ، وحلقوا في أجواء جديدة ، فتحدثوا عن حبهم ، وخلواتهم ومجالسهم ، في انطلاق يقود أحيانًا إلى الفحش والتهتك .


اتجاهات شعر الغزل


الغزل طريق إلى اللهو والمتعة

، كقول أبو بكر يحيي الأندلسي القرطبي :

ومشمولة في الكأس تحسب أنها سماء عقيق رصعت بالكواكب

بَنت كعبة اللذّات في حرم الصفا فحج إليها الحظ من كل جانب!

وهو صاحب الموشح الذي أوله:

عبث الشوق بقلبي فاشتكى ألم الوجد فلبت أدمعي


الغزل العفيف

كقول ابن فراج الجياني :

وطائعة الوصال عففت عنها وما الشيطان فيها بالمطاع

بدت في اليل سافرة فابتت دياجي الليل سافرة القناع

ومامن لحظةٍ إلا وفيهــــــا إلى فتن القلوب لهــا دواع

فملكت النهى جمحات شوقي لأجري في العفاف على طباعي

وبت بها مبيت السقب يظما فيمنعه الكعام من الرضاع

كذك الروض مافيه لمثلي سوى نظرٍ وشم من متــــاع

ولست من السوائم مهملات فأتخذ الرياض من المراعي


الغزل بالنصرنيات

وفيه ذكر القساوسة والرهبان والكنائس والصلبان ، كغزل ابن حداد في نويرة النصرانية :

عَسَاكِ بِحَقِّ عِيسَاكِ

مُرِيحَةً قَلْبِيَ الشَّاكِي

فَإِنّ الحُسْنَ قـَدْ وَلاَّ

كِ إِحْيَائِي وَإِهْلاكِي

وَأَوْلَعـَنِي بِصُلْبـَانٍ

وَرُهْبـَانٍ وَنُسـَّاكِ

وَلَمْ آتِ الكَنَائِسَ عَنْ

هَوًى فِيهِـنَّ لَوْلاكِ


الغزل بالمذكر

وكانوا مقلدين فيه لبعض الشعراء العباسيين ، ولكنه لم يسفوا فيه ويفحشوا كما فعل الشعراء المشارقة ، وابن سهيل الإسرائيلي أكثر شعراء الاندلس غزلا بالمذكر  .

ورغم رقة الغزل في الشعر الأندلسي إلا  أن العاطفة فيه ضعيفة ، ويبقى عشق ابن زيدون لولادة بنت المستكفي من أكثر قصص الحب إثارة ، وشعره فيها نسجه التوق والحرمان فجأة متأججا ممزوجا باللوعة

أَضحى التَنائي بَديلاً مِن تَدانينا

وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا

أَلّا وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ صَبَّحَنا

حَينٌ فَقامَ بِنا لِلحَينِ ناعينا

مَن مُبلِغُ المُلبِسينا بِاِنتِزاحِهِمُ

حُزناً مَعَ الدَهرِ لا يَبلى وَيُبلينا

أَنَّ الزَمانَ الَّذي مازالَ يُضحِكُنا

أُنساً بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا

غيظَ العِدا مِن تَساقينا الهَوى فَدَعَوا

بِأَن نَغَصَّ فَقالَ الدَهرُ آمينا

معلومات عن الشعر الاندلسي


الشعر الأندلسي

يطلق على ذات الفن الشعري المنبثق عن الحضارة الأندلسية في  الشعر في الأندلس امتداد للشعر العربي في الشرق ، وقد مر الشعر الأندلسي بمرحلتين متميزتين ، هما مرحلة التقليد والمحاكاة ومرحلة التجديد والابتكار ، وانقضى عهد الحكام ، وشبه الشعر صورة لنظيرتها في الشرق أبرزها جرير والفرزدق .

فلما جاء العهد العباسي  ، عهد الاستقرار اختلف الوضع ، فقد توفر للشعراء الأسباب لتحقيق النهضة في الشعر ، فجاء الشعر جامعًا بين الأصالة ورقة الحضارة  وبين التقليد والتجديد ، وكان من

اتجاهات الشعر الأندلسي

هو الاتجاه المحافظ  وكان أحد الأغراض التقليدية ، الذي كان يهتم بالموضوعات التقليدية سائرًا على منهج الأقدمين في بناء القصيده ، وفي تجميع صورها من عالم البادية ، وتأليف أسلوبها في لغة تستوحي التراث أكثر مما تستوحي الواقع .

وكان التجديد في الأغراض والموضوعات من

مظاهر التجديد في الشعر الأندلسي

،  فقد وجد الشعر الأندلسي كثيرًا من المعاني المبتكرة  والأفكار المخترعة ، لم يك للشعر العربي عهد بها ، مثل ذلك قول ابن المنشي في تصوير من عمى بصره

ولي مقلة ٌ أفضتْ بھا لحظاتھا. إلى عَبَرَاتٍ جَمةٍ وكرىً نَزْرِ وكان حراماً أن تجودَ بدمعةٍ  وقد تركتْھا الحادثات بلا شفر  ولكنْ حداھا الحُزْنُ فاستوسقتْ بھ. واكبرُ ما یُعِطي البخیلُ على قسرِ

جاءت الألفاظ في الشعر الأندلسي سهلة ورقيقة وعذبة خالية من الغرابة والخشونة ، أما التراكيب فجاءت سلسلة محكمة الصياغة بعيدة عن التعقيد ، لايظهر فيها أثر الغموض أو الالتواء أو خلل لأنهم لم يحملوا التراكيب مالاتطيق من المعاني المزدحمة فجاء أكثر شعرهم جاريًا مع الطبع من غير تكلف أو تصنع  ، ومن الأمثلة على ذلك

قصيدة ابو البقاء الرندي في رثاء الاندلس

لِـكُلِّ شَـيْءٍ إِذَا مَـا تَـمَّ نُقْصَانُ

فَـلَا يُـغَرُّ بِـطِيبِ الْعَيْشِ إِنْسَانُ

هِـيَ الْأُمُـورُ كَـمَا شَاهَدْتُهَا دُوَلٌ

مَـنْ سَـرَّهُ زَمَـنٌ سَاءَتْهُ أَزْمَانُ

وَهَـذِهِ الـدَّارُ لَا تُـبْقِي عَلَى أَحَدٍ

وَلَا يَـدُومُ عَـلَى حَـالٍ لَهَا شَانُ

أَيْـنَ الْمُلُوكُ ذَوُو التِّيجَانِ مِن يَمَنٍ

وَأَيْـنَ مِـنْهُمْ أَكَـالِيلٌ وَتِيجَانُ؟