الدروس المستفادة من قصة قارون
عوقب قارون بعقاب في الدنيا هو
جعل الله تعالى المال من الأمور المحببة في الدنيا، وقد وصل المال عند بعض عباد الله إلى حد الفتنة، ولكن يجب على من حصُل على المال أن يعلم أنه شيء مستخلف فيه، حيث إذا استوعب العبد الحقيقة وراء ما استخلفه الله فيه سوف يقوم بإنفاقه في أمور الصدقات، الخير، والطاعة، وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بالتحذير من خطورة المال على الأمة وفتنته لهم، ومن الأمثال التي وضحها الله للمسلمين عن الذي أعطاه الكثير من المال فخسره في الدنيا والآخرة هو قارون الذي كان من قوم النبي موسى عليه السلام، فقد منحه الله كنوزًا كثيرة فوضعها في خزائن تُقفل بمفاتيح، وكل مفتاح يتم وضعه مع مجموعة من الرجال نتيجة كبر حجمه، وقد استعمل قارون ماله من أجل البطش بالناس والتكبر والتجبر عليهم، ولم يستطع قوم موسى تحذيره من الإفساد في الأرض، ولكن
بماذا عاقب الله قارون
؟، حيث إن العقاب كان كالآتي:
- خرج قارون في يوم من الأيام وهو متزين بالكامل، وكان يستعرض جاهه أمام الناس.
- وبالرغم من ذلك كان أمر الله أعظم منه ومن ماله الذي أعطاه الله له، فخسف الله به وبداره الأرض، فهو يتجلل بها إلى يوم القيامة.
الدروس المستفادة من قصة قارون
قصة قارون من القصص التي يخرج منها الناس بالعديد من المواعظ الهامة، والتي يقوم الآباء بتعليم أبنائهم عدم التكبر والتباهي بما أعطاهم الله من مال من خلال تلك القصة، حيث قال الله تعالى: “
فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ” [القصص: 79- 82، كما أنه هناك الكثير من الدروس المستفادة من
قصة قارون
وهي كالتالي: [1]
- أن الله تعالى لا يحب أن يكون عباده مغرورين وفرحين بالدنيا وزينتها.
- في بداية الأحداث قد وصف الله عز وجل قارون بأنه رجل قام بالبغي على قومه، كما أنه بالرغم من ذلك قد منحه من الكنوز ما لا يستطيع رجال شداد حمله، كنوع من الاختبار له.
- من الدروس أيضًا أنه من أحسن الله إليه، يجب عليه أن يتعامل بإحسان مع خلق الله، وأن يتصرف بإحسان فيما منحه الله ولا يبارزه بنعمه.
- ميزان العدل الذي وضعه الله في الإسلام لا يمنع المسلم من أن يأخذ مما أعطاه الله في الدنيا، وعدم ترك نصيبه منها، ولكن يجب عليه أن لا يبتغي وجه الله وأن يعمل لآخرته، وأن لا تجعله الدنيا ينسى ذلك.
- منع الله عز وجل العباد من الفساد في الأرض، وقد أخبرهم بكل وضوح أنه لا يحب من يغتر ويفسد بما وصل إليه من أموال، مناصب، جمال، أو قوة.
- قد استعمل قارون فتنة العين وإغراء الناس عند رؤيتهم لزينته، فقد كان يخرج في كامل زينته ليفتن الناس ويلهيهم عن النبي موسى عليه السلام، وبالفعل بدأت طائفة في تمني ما يمتلكه قارون.
-
من الدروس التي يجب على البشر تعلمها هي الغرور الذي قد ينسى صاحبه فضل الله عليه بسببه، ولكن الذي يجدر الأخذ به في الوقت الحالي هو
أين كنوز قارون
الأن، حيث إن كل شي زائل في الدنيا. - مهما طال الوقت الذي يترك فيه الله المستكبرين ستأتي اللحظة التي يتم فيها العقاب، فهو يترك الكافر حتى حينما يأخذه لن يفلت.
قصة قارون مع موسى
الله تعالى قص على عباده العديد من القصص في القرآن الكريم، وذلك حتى تكون عبرة لأخذ منها الكثير من الدروس التي تساعد في الحياة، حيث قال الله تعالى: “نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ” [يوسف: 3]، إذ أنه في تلك القصة يخبر الله عز وجل عن حال قارون وما قام به وما فعل الله به، حيث إنه كان من بني إسرائيل الذين فضلهم الله على العالمين، ولكنه طغى بما تم منحه من أموال كثيرة، فكانت مفاتيح خزائنه لا يقدر على حملها إلا جماعة قوية، ومن ثم أخبره قومه أن لا يفرح بتلك الدنيا العظيمة ويُغر بها، لأن الله لا يحب الفرحين، ومن ثم أوضحوا له أنهم لا يطلبون منه إنفاق كل ماله في الصدقات وإنما ينفق البعض منه لآخرته، والبعض الآخر لدنياه، فكان رد قارون عل قوم موسى أن قال لهم {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}، أي أنه حصل على تلك الأموال بمعرفته وكسبه، فكان رد الله عليه أنه خرج في يوم ما بكامل زينته وأحسن هيئة حيث قال الله عز وجل: ” قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ” [القصص: 79-80]، فخسف الله به الأرض وبداره فلم يكن له جنود أو جماعة ينصرونه، ومن ثم استوعب الذين تمنوا أن يكونوا في مكانه ما هو عند رؤية
مكان خسف قارون
، وأن الله هو المتحكم في رزق العباد يبسطه لمن يشاء ويضيقه على من يشاء. [2]
قصة قارون
في أي سورة
لقد ذُكرت قصة قارون في سورة القصص، كما أن قارون ورد في أكثر من موضع في القرآن الكريم وهم أربعة مواضع منها اثنين في تلك السورة وهما الآية (76)، و(79)، وكذلك موضع في سورة العنكبوت في الآية (39)، وآخر في سورة غافر في الآية (24)، [3] وقد وردت في سورة القصص في قول الله تعالى: “إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ، وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّـهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّـهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ، قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّـهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ، فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ، وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّـهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ، فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّـهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ”.