خصائص شعر ابن عبد ربه الأندلسي
من هو ابن عبد ربه الاندلسي
هو أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حُدَير بن سالم، او أبو عمر . هو أديب وإمام صاحب كتاب العقد الفريد. وهو من قرطبة. كان جده الاكبر (سالم) مولى لهشام بن عبد الرحمن بن معاوية. وكان ابن عبد ربه شاعر ذكر اسمه في اغلب الاعمال الخاصة بأخبار الأدب وجمعها. له شعر عديد ، منه ما سميَ (الممحَّصات) وهي قصائد ومقاطيع في اتجاه المواعظ والزهد، وبهذه القصائد وجه نقد لكل ما قاله في شبابه من الغزل والنسيب. وكانت له في عصره شهرة واسعة . وهو أحد الذين اغنوا بأدبهم بعد الفقر الادبي . أما كتابه (العقد الفريد) فمن ابرز كتب الأدب. وقد سماه بالعقد) وأضاف النساخ المتأخرون كلمة الفريد . ويملك أرجوزة تاريخية قال فيها الخلفاء وكان معاوية رابعهم ولم يذكر علي ضمنهم . وقد قام بطباعة ديوانه (خمس قصائد) وأصيب قبل وفاته بأيام . [3]
خصائص شعر ابن عبد ربه الأندلسي
- لم تكون القصيدةُ عند ابن عبد ربه مختلفة عن القصائد العربية في بناء هيكَلها واسلوب بنائها، فهو كان شاعراً تقليدياً يسعل لاقتفاء أثرِ سابقيه دون اي اختلاف ، وإن كانت له لماساته الخاصةُ في الإطار العام السابق للقصيدة، وقد تناول ابن عبد ربه طريق اسلافه ،واعتمد في تمييزه عن غيره على التَّصريع الذي غلب على قصائده .
- فمعظم شعر عبد ربه قد ضاع، وما وصل الآن من قصائده في معظمه مقطوعات، وكذلك اخذت المقدمةَ الَّتي شرع بها القدماء، وفضل التخلُّصِ عنده وحسن الانتقال بين الموضوعات، منفذاً على ذلك بشواهد داخل شعره. [1]
- وهذا يقوم على مطالعِ ابنِ عبد ربه في العديد من قصائده واستخدام أساليبِ الَّتي يقول عنها بقولِه عن المطلعِ ” و يستحسن ان يقدم في صدرِ المصراعِ ما يكون لطيفًا محركاً بالنسبة إلى غرضِ الكَلامِ كالمناجاة و التَذَكُّرِ في النَّسيبِ، أو قَرن ذلك بمعنى من المعاني الَّتي هي معبرة عن الإنسان مثل: التَعجبِ أو التشكك او الحسرة.
- كما يلاحظ القارئ إشارته إلى ابن عبد ربه إلى المؤرخرين بالأدب وكيف أنهم من خلال التطور الزمني أكثر توسع ومعرفة بما اضاف إلى الأدب والثقافة من المتقدمين، وهو المعاني التي كررها في موضوعات أخرى من الكتاب، عن سبب اسم كتابه الشهير «العقد الفريد»، فيقول: «وسمّيته كتاب العقد الفريد لما فيه من مختلف جواهر الكلام، مع دقة المسلك وحسن النظام».
- كما يلاحظ أيضا تأثر هذا الكتاب إلى درجة كبيرة بشخصية الشاعر ، حتى أنه قيل عن هذا الكتاب في إحدى طبعات «العقد الفريد»: «والحق إن شخصية المؤلف في العقد أوضح من شخصيات المؤلفين في البيان والتبيين، والكامل، والأمالي، وعيون الأخبار، فمؤلف العقد مختار ومنشئ معا، فهو يقدم الباب بمقدمة لطيفة الأسلوب جيدة المعاني، وهو يتبع الباب بما ينشئه من شعره، وهو يشيع في الكتاب آراءه في نقد ما ينقل، ينقد رأي ابن قتيبة في الشعوبية…وله آراء جليلة في النقد الأدبي شائعة في الكتاب». [2]
قصائد ابن عبد ربه الأندلسي
- يالؤلؤ يسبي العقـول أنيقــا ، ورشاً بتقطيع القلـوب رفيقــا . ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ، درأ يعــود من الحـياء عقيقـا ، وإذا نظرت الى محاسن وجهه .أبصرت وجهـك في سناه غريقا ، يامن تقطع خصره من رقـــة ، ما بــال قلبك لا يكـون رقيقا.
-
اتقتلني ظلماً وتجحدني فضلي ، وقد قام من عينيك لي شاهدا عدل . أطلاب ذحلي ليس بي غير شادن ، بعينية سحر فاطلبوا عنده ذحلي . أغار على قلبي فلما أتيته ، أطالبه فيـه أغــار على عقلي . بنفسي التي ضنت بردّ سلامها ، ولو سألت قتلي وهبت لها قتلـي. اذا جئتها صدت حياء بوجها ، فتهجرني هجـراً ألذ من الوصل .اقول لقلبي كلما ضامه الأسى ، اذا ما اتيت العز فاصبر على الذل . برأيك لا رأيي تعرضت للهوى ، وأمرك لا أمري وفعلك لا فعلي .وجدت الهوى نصلاً من الموت مغمداً ، فجردتــه ثم أتكات على النصل . فان كنت مقتولاً على غير ريبة
فأنت الذي عرضت نفسك للقتل. [4] - ياعاجزاً ليس يعفو حين يقتدر ، ولايقضّى له مـن عيشــه وطر . عاين بقلبك ان العين غافلــة ، عن الحقيقة واعلم أنهــا سقـر . سوداء تزفر من غيظ اذا سعرت ، للظالمـــين فلا تبقــي ولاتذر . إن الذين اشتروا دنيا بآخــرة ، وشقــوة بنعيــم ساء ماتجروا .انت المقول لـه ما قلت مبتدئا ، هلا ابتكرت لبين ما كنت مبتكر .
- يامن يضن بصوت الطائر الغرد ، ما كنت أحسب هذا الضـــن من أحد . لو ان أسماع أهل الارض قاطبة ، أصغت الى الصوت لم ينقص ولم يـــزد . لولا اتقائي شهابا منك يحرقني ، بنـــاره لأسترقـت السمـع من بعد .
الزهد عند ابن عبد ربه
كان لابن عبد ربه اتجاه زهدي في الشعر العربي بشكل واضح من حيث التناسق و الأداء في عديد من النماذج الشعرية التي وصلت للقراء حالياً ، و قد بقيت هذه الأشكال تأخذ مجالها في كل هدف بما يتماشى مع أفكار قد رسمها الشاعر أو الأجواء التي رغب أن يحاط بها هدفه ، أو الادلة التي كانت تتواجد في ضوء المعاني و الألفاظ و الصور، و قد شرع أن يصبح الزهد طريقا معروف ، أو شكلا منتشر ، و اتساقا محددا داخل الشعر، لأنه يوضح في عديد من صيغه بهذه الأشكال، و يؤكد في العديد من جوانبه هذه الأفكار. فالموضوع الذي يلجأ إليه الشاعر لرسم أبعاد في ذهنه رسما موضح ، و تمددت طريقه من خلال تعابيراته و ألفاظه تحديدا واضح ، و اخذت اقاويله الصيغ التي وضعت لها. [5]
تحليل قصائد ابن عبد ربه
- برغم أنه عاش حياة من اللهو في الفترة الأولى من حياته، فإنه سريعاً ما عدَل طريقه للاهتمام بالشعر والأدب والفقه ورواية الحديث النبوي الشريف .
- ويمتاز في كل ذلك بسعة الاطلاع والمصادر المتنوعة ، ثم شرع بعد تلك الفترة التي عاشها متعلماً، يكتب الشعر في المواعظ والزهد وكتب بابداع مجموعة أشعار سمّاها «الممحصات»، وربما كانت نوعاً من رد الفعل الثقافي على أشعاره التي قام بها في بداية حياته، والتي كان طابعها المجون واللهو والغزل.
- كان يكسب من الشعر وقتًا من خلال مدحه للأمراء ، فأصبح بذلك أحد الذين أغنوا بأدبهم بعد الفقر، كما كان من الرواد في نشر فن الموشحات الأندلسية المشهورة.
- إلا من أعظم أعماله وأكثرها شهرة، وارتباطاً باسمه وربما تعريفاً له هو كتابه المشار إليه آنفاً «العقد الفريد»، الذي يعتبر موسوعة ثقافية توضح أحوال الحضارة الإسلامية في عصره، واخذ في أبوابه الخمسة والعشرين مجموعة موضوعات ترتبط بالسياسة والسلطة، والحروب ، وايضاً الأمثال والحكم والمواعظ، و المراثي، وكلام الأعراب وخطبهم وأنسابهم وعلومهم وآدابهم وأيامهم، وأخبار ابرز الخلفاء وواشهر قائدي الفترة ، وقد شمل كتابه قدراً كبيراً من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وعديداً من الأشعار والأخبار التاريخية، وقد شمل الكتاب ما يزيد عن عشرة آلاف بيت من الشعر لاكبر من مئتي شاعر من العصر الجاهلي والأموي والعباسي.
- وقد خطي الكتاب بشهرة نادرة وتناوله العديد من النقاد في العصر الحالي بالدراسة والتحليل، ويمتاز فيه ابن عبد ربه لارفع مستوى المحتوى، بل حتى ارتقى لمستوى التبويب، فقد صاغت أبوابه على هيئة جواهر تنتظم في تراتبية رائعة كعقد فريد، واطلق تسميته على الجواهر وحددها بتدرجاتها الجمالية . ثم توفي ابن عبد ربه في 18 جمادى الأولى 328 ه،، ودُفن في قرطبة. [6]