لماذا الدم لا تمتصه الأرض

لماذا لا تمتص الارض الدماء

كثيراً ما يتساءل المرء لماذا الأرض لا تمتص الدم, أليس هو سائل؟ لماذا إذاً  لا تشربه الأرض. فيأتي الجواب ما بين العلم والدين.

وأما كون الأرض لا تتشرب الدم ؛ فإنها متى كان الدم سائلا ، قبل أن يتجلط ، فإنها تتشربه ، كما هو الواقع . لكن إذا تجلط الدم ، فلم يبق سائلا ، لا يمكن الأرض أن تتشربه ، وهكذا كل شيء كان في صورة الدم المتجلط ، لا تتشربه الأرض ؛ لا خصوصية للدم إذاً في ذلك. [1]

يتكون الدم من الماء والأجسام الكبيرة العالقة في الماء, وستمتص الأرض الماء, ولكن بشكل عام ستبقى الأجسام الأكبر على السطح وذلك  لأن الدم  سميك مثله مثل العسل والدهون.

فهو يحتوي على خلايا تكون عادة في صورة سائلة, ولكن إذا لامست سطحاً خشناً, فإنها تبدأ في الاتصال ببعضها البعض وتصبح صلبة هذا  ما يجعله  يشكل مادة هلامية. الغرض من هذه العملية هو سد الجروح: فعندما يظهر الجرح, يتكاثف الدم عند الحافة, ويغلق الجرح ببطء وهذا ما يسمى بالتخثر.

وهذا من الناحية العلمية أما من الناحية الدينبة فيعود ذلك لقصة قايين وهابيل حيث لاحقاً سيتبين أن الدين لا علاقة له بامتصاص الأرض للدم.

والسؤال هو

لماذا الأرض لا تمتص الدماء

؟ هناك سببين :أحدهما علمي والآخر ديني.

لماذا الدم لا تمتصه الأرض علميا

أما السبب العلمي فيعود إلى جزيئات الدم التي تكون أكبر من المسام الموجودة في الأرض فيسبب هذا تجلط للدم وجزيئاته المقصود بها الصفائح الدموية تتخثر ويصعب على مسامات الأرض امتصاصها.

يوجد أسباب متعددة في ذلك الشأن قام بتقديمها العلماء في هذا الموضوع: لماذا لا تمتص الأرض الدم؟ لماذا لازالت تتواجد على الأرض؟ وبعد الكثير من الأبحاث العلمية والدينية وجد بأن تفسير تلك الظاهرة راجع إلى أمرين هامين الأول علمي والذي يوضح سبب حدوث تلك الظاهرة والثاني ديني.

من الأمور التي تثير الجدل والدهشة أيضًا هو عند الحديث عن الأرض التي لا تمتص الدم على الرغم من أنها تقوم بامتصاص المياه والسوائل الأخرى بطريقة سهلة وبدون أي تعقيدات، أما بالنسبة للدم فالعكس هو الأمر الغير مألوف عليه بعدم امتصاص الأرض للدم بشكل سهل وتظل بقع الدم متواجدة بصورة ملاحظة على الأرض ولا تذهب وقد تمر السنون ولا تزال تلك البقع موجودة وهذه من الظواهر الغير طبيعية والغريبة على العقل البشري.

لكي نستطيع القول بأن سبب عدم امتصاص الأرض للدم سببًا علميًا لابد وأن نتعرف أولًا على امتصاص الأرض لجميع السوائل. وأيضًا التعرف على بعض الأمور العامة في طبيعة الدم بالنسبة للأرض، عند التطرق إلى السبب العلمي بأن الأرض لا تمتص الدم وتقوم بامتصاص السوائل التي تحدث عن طريق خلايا الأرض، والتي تقارن بخلايا موجودة في السوائل التي من شأنها أن تمتصها الأرض وهذا بسبب أن الأرض ما هي إلا خلايا كبيرة بصورة بالغة وبشكل خاص.

وتقوم على امتصاص كل خلايا السوائل وبشكل كامل. ولكن الدم عند احتكاكه أو اصطدامه بجسم صلب تكون جزيئات الدم حينها بالتماسك بشكل كبير مع بعضها البعض ما يجعل تلك الجزيئات أكبر من خلايا الأرض. ولذلك تحدث الصعوبة في أن تقوم الأرض بامتصاص الدم، لهذا نرى بأن الأرض يمكنها أن تمتص كمية كبيرة من المياه الموجودة في الدم من خلال الخلايا الأرضية، وأيضًا لا تكون قادرة على أن تمتص كل الجزيئات المتبقية على الأرض والتي تكون بها جزيئات أكبر بصورة بالغة.

عوامل امتصاص الارض للسوائل

وبالمقابل من الخطأ الاعتقاد بأن الأرض أو التربة لا تمتص الدم، فامتصاص أي سائل يتعلق بعاملين هما:

  1. نوع السائل: فكلما كان السائل أكثر كثافة، يتم امتصاصه بشكلٍ أبطأ.
  2. نفاذية التربة: هناك عدة أنواع من التربة التي تختلف نفاذيتها، فبعض الأنواع تكون ذات نفاذية عالية، فيما لا تسمح أنواع أخرى بنفاذ أي سائل عبرها بما في ذلك الماء، وهذه النوع من التربة يعد مشكلة كبيرة والعديد من الدول تصرف المليارات لحل هذه المشكلة.

الإجابة هي نعم بكل تأكيد، فالدم يتكون بنسبة 92% من الماء، هذا يعني أن معظم الدم سيتم امتصاصه وينفذ عبر التربة، حتى كريات الدم الحمراء والبيضاء ستنفذ معظمها من الفتحات الموجودة بين جزيئات التربة، وقد يبقى القليل من الخلايا والبروتينات على السطح.

لماذا الدم لا تمتصه الأرض دينيا

أما السبب الديني فهو عندما قتل قابيل أخاه هابيل ودفنه, فجاء سيدنا آدم وسأل على ابنه هابيل فقالوا له أن أخاه قد قتله فقال اين دمه, قال لقد شربته الأرض فدعا قائلاً لعن الله أرضاً شربت من دم ابن آدم  ومنذ  ذلك الحين ومحرم على الأرض أن تشرب أي دم.

وقد جاء على لسان بن إبراهيم وروى عن الإمام علي بن الحسين رضي الله عنه بأن حين قام قابيل بقتل أخيه هابيل لم يعلم كيف يقتله إلى أن أتاه الشيطان اللعين، وذكر عليه حين قال له قم بوضع رأسه بين الحجرين ثم اقتله.

ولما فعل ذلك لم يعلم ماذا يفعل بعد ذلك، حينها جاءه غرابان وقاما بالقتال معًا حتى قتل واحد منهما وقام الآخر بعمل حفرة بمخالبه وقام بدفن المقتول حينها قال قابيل ياويلتي عجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي.

فقام بعمل الحفرة ودفنه فيها، وعاد قابيل إلى آدم عليه السلام ولم يكن هابيل معه فقال آدم أين وضعت ابني قال له قابيل جعلتني عليه وصيًا فقال أذهب معي حيث مكان القربان.

وشعر آدم بما فعله قابيل ولما علم مكان القربان عرف بأنه قتل، وحينها لعن آدم عليه السلام الأرض التي شربت من دم ابنه، ولهذا تم تحريم الأرض بأن تشرب الدم.

ولكن بالحقيقة لعنة سيدنا آدم على الأرض لا يوجد  لها أصل  لأن أغلب الظن أنها من الاسرائيليات وقال صلى الله عليه وسلم (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج).

لذلك ما يذكر من أن الأرض لا تشرب الدم منذ قتل ابن آدم أخاه لا أصل له. وإنما هو شيء يرويه بعض أهل التاريخ ولعله مأخوذ عن أهل الكتاب وما أكثر الأكاذيب فيما يحكونه.

روى ابن قتيبة في “غريب الحديث” (2/14)، ومن طريقه ابن عساكر في “تاريخه” (64/6) من طريق عبد الْمُنعم بن إدريس عَن أَبِيه عَن وهب بن منبه قال : ” إن الأَرْض نشفت دم ابْن آدم الْمَقْتُول، فلعن آدم الأَرْض، فَمن أجل ذَلِك لَا تنشف الأَرْض دَمًا بعد دم هابيل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة “.

وهذا باطل، عبد المنعم بن إدريس متروك متهم ، قال الذهبي :

مشهور قصاص، ليس يعتمد عليه. تركه غير واحد، وأفصح أحمد بن حنبل فقال: كان يكذب على وهب بن منبه، وقال البخاري: ذاهب الحديث.

قال ابن حبان: يضع الحديث على أبيه وعلى غيره “.

ولو ثبت هذا ، فالظاهر أنه مما أخذه وهب بن منبه من كتب أهل الكتاب .

ومثل هذا لا يعتد به ، ولا يعول عليه ، لأن أهل الكتاب يكذبون على الله وعلى أنبياء الله ورسله، فلا نحكي عن أنبياء الله ما تفرد بذكره أهل الكتاب، وخاصة ما كانت أمارات الوضع والكذب عليه واضحة، مما تمجه العقول ، وتنبو عن سماعه الآذان .

وفي هذا الخبر أن آدم عليه السلام لعن الأرض ، وليس للأرض ذنب يوجب لعنها . [2]

وقد روى أبو داود عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : ” أَنَّ رَجُلًا لَعَنَ الرِّيحَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

لَا تَلْعَنْهَا، فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ، وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ

وصححه الألباني في “صحيح أبي داود”.